كتابة : حوريه
آخر تحديث: 24/04/2021

تطور أنواع وسائل الاتصال عبر الزمن وآثارها على المجتمعات

أنواع وسائل الاتصال تختلف من زمان لآخر، ومن مكان لآخر، ومن بيئة لأخرى، فما من مجتمع يجتمع أفراده في مكان معين إلا وكانوا في حاجة إلى تواصل بينهم.
فعندما نتحدث عن أنواع وسائل التواصل قديماً، نجد أنها كانت تعتمد على الاتصال المباشر في المقام الأول، فالمقابلات المباشرة والأحاديث التي تتناقلها الألسن والروايات التي تنتشر في بيئة معينة كانت هي وسيلة التواصل الأولى، ثم جاءت المراسلة بالحمام الزاجل أو حمل رسالة مع رسول، ولكن مع تطور النشاط الإنساني كانت هناك تطورات أكثر أهمية في هذا المجال.
تطور أنواع وسائل الاتصال عبر الزمن وآثارها على المجتمعات

أنواع وسائل الاتصال وعلاقتها بجغرافيا المكان

قديماً كانت تتأثر البلدان المختلفة بسرعة التواصل فيما بينها وبين البلاد الأخرى تبعاً للموقع الجغرافي الخاص بها.

  • فكانت البلاد التي تمتلك سواحل على البحر أو أنهار طويلة لها ميزة تمكنها من التنقل بينها وبين باقي البلاد المجاورة لتتواصل معها.
  • أما البلاد التي تحدها الجبال من جميع الجهات وتتسم بصعوبة الانتقال فكان التواصل فيما بينها وبين جيرانها أصعب بكثير.
  • ولكن لا يمكن أن يعيش أي إنسان بدون تواصل مع من حوله، ولا تستطيع أي دولة أن تعيش بدون تواصل مع من حولها لتتبادل معها التجارة البينية التي تمد تلك البلدان بما تحتاجه من مأكل ومشرب وغير ذلك.

وسائل الاتصال وعلاقتها بثقافة المجتمع

إن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فهو لا يستطيع أن يعيش بدون تواصل مع مجتمعه، والانعزال عن المجتمع يعتبر من الأمراض النفسية والمجتمعية التي يجب علاجها بأقصى سرعة.

  • وهناك فارق كبير في أنواع التواصل بين أفراد المجتمع المنفتح وبين أنواع التواصل في المجتمع المنغلق.
  • فالمجتمع المنغلق مثل مجتمع القبيلة الصحراوية يميل في تواصله بطريقة الاتصال المباشر مع أفراد القبيلة وشيخ القبيلة.
  • بينما في المجتمع المنفتح، مثل المجتمع الساحلي بتلك البلاد التي تمتلك سواحل على البحر فإن الاتصال الخارجي والميل لتبادل الثقافات مع الزائرين لها يسمح لها بتطور وتغير كبير في ثقافاتها وأساليب معيشتها، كما أنها تتسم بقبول كبير للآخر ومعتقداته وتقبل للاختلافات بين الثقافات المختلفة.

تطور وسائل الاتصال عبر الزمن

كما ذكرنا فإن وسائل التواصل بين أفراد المجتمع الواحد تطورت بشكل كبير، فأصبح تنقل المعلومات مرهون بمستوى تطور وسائل النقل والمواصلات وتطور وسائل الاتصال الحديثة.

  • مع اكتشاف الوقود واستخداماته المختلفة واختراع وسائل نقل سريعة، مثل القطارات والطائرات بعد ذلك، أسهم ذلك في سرعة تناقل الرسائل البريدية سواء عن طريق القطار أو عن طريق الطيران.
  • ثم مع دخول عصر الإنترنت والبريد الإلكتروني فقد شكل ثورة كبيرة في نقل المعلومات حيث أصبح الاتصال لا يستغرق إلا بضع ثوانٍ لتنتقل الرسالة من مكان لآخر.
  • ثم انتقلنا إلى عصر أصبحت فيه وسائل الاتصال لا تقتصر على الرسائل النصية فقط، ولكن مع دخول عصر وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية، مثل الفيسبوك وغيرها من برامج التواصل، أصبحت الرسائل المتناقلة تحمل الرسائل المرئية والمسموعة بخلاف المقروءة.

والسؤال هل ساهمت وسائل الاتصال الحديثة في صنع روابط قوية بين أفراد المجتمع الواحد من جهة؟ وبين المجتمعات المختلفة من جهة أخرى؟!

تأثير وسائل الاتصال الحديثة على العلاقات الإنسانية

هناك حاجة كبيرة للأفراد للتواصل فيما بينهم، فعلاوة على أهمية التواصل بين الأفراد لتناقل الخبرات وعمل تفريغ نفسي آمن فيما بينهم يحققون فيه التوازن النفسي والاجتماعي، وكذلك يحققون فيه تواصل الأجيال من الجيل القديم إلى الجيل الأحدث.

فهناك حاجة كبيرة للتواصل بين المجتمعات لتحقيق التكامل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي فيما بينهم، فتبادل السلع والخدمات والمعاملات التجارية أمر له أهميته الكبيرة لتطور المجتمعات وتقدمها.

إلا أن التجربة أثبتت أن التقدم المذهل في وسائل التواصل بين المجتمعات له تأثيراته السلبية الكبيرة جداً، بنفس الدرجة التي نتمتع فيها بتأثيراته الإيجابية.

التأثير السلبي لتقدم وسائل التواصل الحديثة

يعتقد البعض أن سرعة وسائل الاتصال يؤدي إلى آثار إيجابية فقط، مثل سرعة إنجاز الاتفاقات التجارية، وسرعة الحصول على المعلومات الفورية في كافة العلوم والتخصصات، وسهولة التعلم والحصول على شهادات معتمدة من دورات تعليمية عبر الإنترنت.

إلا أن التأثيرات السلبية لتقدم وسائل التواصل لها آثارها المهمة أيضاً، حيث أن الفرد أصبح مطلع على ثقافات وأفكار غير مقتصرة على أطراف معينة، مثل الآباء والأجداد والمدرسة والمؤسسات الدينية، فربما كان تواصله بأفراد في مجتمعات أخرى أقوى بكثير من الروابط التي تربطه بالشخصيات الوالدية والمؤسسات المجتمعية.

خطورة التواصل غير الآمن على الفرد والمجتمع

  • وخطورة هذا التواصل أن الإنسان قد لا يكون مستعداً لفهم أبعاد وعمق المعلومات التي يستقبلها من ذلك التواصل، فهناك مفاهيم خاطئة يمكن أن تؤثر على أفكار الإنسان ومعتقداته.
  • لذا يجب تزويد أفراد المجتمعات بالمعلومات التي ترسخ القيم المجتمعية والأخلاقية باستمرار حتى يكون الإنسان مستعداً لصد الأفكار الهدامة إذا ما استقبلها عبر وسائل التواصل الحديثة.
  • وهنا يجب على الإنسان عرض ما يصل إليه من معلومات على أهل التخصص في هذا العلم لكي يتعلم منهم الأبعاد الحقيقية لتلك المعلومات.
  • وهنا حرصت الدول على تسهيل التواصل بين أفراد المجتمع وبين المؤسسات المختصة المختلفة، مثل وجود مواقع الكترونية وأرقام اتصال سريعة للتواصل مع المؤسسات الدينية والتعليمية للرد على استفسارات أفراد المجتمع فيما يشاهدونه ويستقبلونه من معلومات عبر وسائل التواصل المختلفة.

هل وسائل التواصل الإلكترونية تعد بديلاً عن الاتصال المباشر؟

في البداية انبهر الإنسان بالثورة التكنولوجية الخاصة بسرعة تنقل البيانات من البريد الإلكتروني حتى الوقت الراهن، وظن أن سرعة نقل المعلومات ستسهم في نقله إيجابية نوعية لحياة الإنسان ورقيه.

  • ولكن التجربة أثبتت أن الاتصال عبر وسائل التواصل الالكترونية سببت الكثير والكثير من الآثار السلبية التي لا يمكن تجاهلها بأي شكل من الأشكال ولا يمكن التغاضي عنها في مقابل الإيجابيات التي اكتسبناها من سرعة نقل البيانات.
  • فالأوقات التي يقضيها الإنسان مع تلك الوسائل أصبحت تمثل نسبة لا تقل عن تسعين في المائة من وقت اليوم لدى البعض، بما لا يسمح بوجود أي نوع من أنواع التواصل الإنساني المباشر بينه وبين أفراد عائلته أو أصدقاؤه.
  • ولنا أن نتخيل إنساناً لا يستمد أفكاره من بيئته الطبيعية، ولا يستمدها من الشخصيات الوالدية أو المؤسسات المجتمعية، بل يستمدها من مواقع مجهولة الهوية أو غير آمنة، فنرى من آثار ذلك انتشار الجريمة بصور جديدة لم تكن مألوفة من قبل في بعض المجتمعات.
  • وتجرأ الابن على قتل أمه وتجرأ الأب على قتل أولاده، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على ضعف الروابط التي تربط الإنسان بمجتمعه وأسرته وبيئته الطبيعية بسبب وسائل التواصل المختلفة.
  • لذا وجب التنبيه على أن وسائل التواصل الالكترونية لا تعد بديلاً بأي حال من الأحوال عن التواصل المباشر بين أفراد المجتمع الواحد، ولا أفراد الأسرة الواحدة التي قد تجمعهم غرفة واحدة ولكن يبعدون بأفكارهم وعاداتهم عن بعضهم لآلاف السنوات.
وأخيراً..فإن آثار أنواع وسائل الاتصالالحديثة على الإنسان والمجتمع آثار لا يمكن حصرها في سطور قليلة بل يجب على كل إنسان أن يسعى جاهداً لدراسة آثارها بكافة الجوانب.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ