كتابة : مي مجدي
آخر تحديث: 01/07/2019

الحدوتة.. تأثيرات إيجابية على نفسية الطفل لا تختزل فى الفكاهة

"كان ياما كان، في قديم الزمان، ولا يحلو الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة وأزكى السلام"، بهذه العبارة تبدأ الأم فى سرد القصص لأبنها الذى ينتظر كل ليلة لكي يستمع إلى قصة جديدة ومشوقة تسرح بخياله إلى عالم آخر، ولاشك أن تأثير الحدوتة على الطفل كبير سواء من ناحية التربية أو النشأة، لكن مع التطور التكنولوجي الذى نعيش فيه اندثرت القصص من عالم الأطفال ليحل محلها الأفلام والمسلسلات الكرتونية وكذلك الألعاب الإلكترونية التى لا تخلو من يد أي طفل.

الحدوتة.. تأثيرات إيجابية على نفسية الطفل لا تختزل فى الفكاهة

أهمية الحدوتة

عندما تجلس الأم بجانب طفلها فى فراشه لكي تحكي له الحدوتة يشعر الطفل حينها بالأمان والحنان، بالإضافة إلى الاسترخاء والمتعة، فهي ليست للترفيه فقط، ولكنها تنمي عقله، بل وتعتبر وسيلة تربوية علمية من شأنها أن تغرس القيم الأخلاقية فى الطفل منذ الصغر، كما أنها تزيد من ارتباط الطفل بوالدته، فتقوم الأم بتخصيص جزء من وقتها تقضيه مع طفلها لكي تسرد له قصة مفيدة، كذلك الأب عليه أن يشارك فى قراءة حدوتة قبل النوم حتى يقوي العلاقة بينه وبين طفله، حيث وجد التربويون وعلماء النفس والاجتماع، أن اختفاء حدوتة قبل النوم واندثارها يدل على تأثير التقنيات والتكونولجيا بشكل سلبي على حياة الفرد، لكونها حرمته من التواصل الاجتماعي والإنساني بين الأشخاص الذين حوله، بل وأنها دليل على تأثير التكنولوجيا على أهم رباط فى العلاقات وهي تلك التى تربط بين الأبناء والأهل والتواصل بين أفراد الأسرة.

رأى علماء النفس

طالب علماء النفس فى العالم، الأم بالعودة إلى حدوتة قبل النوم التى ترويها بصوتها الحنون بدلا من الاعتماد على ما يعرض على شاشة التليفزيون من برامج كرتونية وأجهزة "التابلت"، لأن وجود الأم بجانب طفلها قبل النوم يشعره بالقوة والأمان بل ويقوي العلاقة بينهما، ويبعده عن أي نوع من المخاوف التى قد تصيبه أثناء النوم، أو شعوره بالضيق، كما أنها تمنع أى أحلام مزعجة أو كوابيس أثناء النوم، فهى تساعده على الدخول في نوم هادئ، وتعطيه نصائح غير مباشرة من خلال الأحداث التى تدور فى القصة دون إلزام أو إجبار، لأن الطفل عادة لا يحب أن يأخذ أوامر حتى ولو كانت من والديه، لذلك تكون القصة بمثابة الموجه له دون أمر، كما أنه تشجعه على القراءة منذ الصغر فيكبر على ذلك وتوسع أفقه ومفاهيمه.

تأثير الحدوتة على نفسية الطفل

الحواديت سواء كانت تاريخية أو حديثة لها تأثير كبير على نفسية الأطفال، لأنها تجعلهم يكونون منهج معرفي عن شئ معين دون مرجعية ثقافية أو فكرية، معتمدين بشكل أساسي على ما يتم سماعه فى القصص من قبل الأم، مشيرا إلى أنها تتفق مع مبدأ توجيه النصح والإرشاد إلى الأطفال لكن بصورة غير مباشرة وهذا يعتبر أكثر فاعلية وقبول من جانب الأطفال الذين لا يفضلون التوجيه المباشر، والقصص تنقسم إلى نوعين، الأول يتمثل فى تلك التي تعلم الأطفال القيم الحميدة مثل الصدق والأمانة والعدل والخير وحب الناس، والثانية تعتمد على التخويف والتشويق، والتى تستعمل من أجل تخويف الأطفال وإبعادهم عن فعل شئ معين، ومثل هذه القصص من شأنها أن تزرع الخوف والرعب لدى الطفل منذ الصغر، لذلك نجد أن الأفلام الكرتونية تجنبت تلك الأنواع، لأن الطفل يعلم جيدا أن القصة ستنتهي بانتهاء الفيلم لذلك لا تنتقل إلى نفسه مشاعر الخوف والرعب.

تأثير حواديت الرعب

حواديت الرعب من شأنها أن تؤثر بشكل سلبي على نفسية الطفل، لأن الطفل يكون خائفا، وتؤثر هذه القصص عليه من خلال إصابته بالانطوائية والقلق ويكون غير قادر على التعامل مع الآخرين، فيصبح شخص ليس اجتماعيا، لكن القصص التى تعتمد على توعية الطفل وإرشاده وتحليه بالأخلاق والصفات الحميدة تولد داخله ثقة كبيرة بالنفس وتجعله شخصا سويا، وتعتبر الحدوتة من الأشياء المهمة فى تربية الطفل منذ الصغر والتى لا يمكن الاستغناء عنها وإحلال بدائل آخرى بدلا منها، فلقد مرت الحدوتة بتطورات عديدة ففى البداية كانت مسموعة فقط من الأم، واصطحبت بعد ذلك بالصور، وفى وقتنا الحالي أصبحت تعتمد على الصوت والصورة متمثلا فى أفلام الكرتون واختفى دور الأم فى السرد.

طريقة حكاية الحدوتة

حدوتة قبل النوم على نفسية الطفل بمثابة المفعول السحري، وهناك أهمية أن تكون الحدوتة مبهجة وتحمل انفعالات هادئة ومشاعر طيبة، تؤثر بشكل إيجابي على الطفل، وعلى الأم أيضا أن ترويها بشكل من البساطة والهدوء والسكون، فى وجود ضوء خافت، وعلى الأم أن تغير نبرات صوتها وتعبيرات وجهها لكي تحدث مؤثرات عن الأشياء التى ترويها فى الحكاية، ولأن ذلك يخلق نوعا من الإثارة والتشويق لدى الطفل وتجعله فى حالة من الاستمتاع والمرح، وقد وجد الإحصائيات أن الطفل يقضي في المدرسة حوالي 600 ساعة سنويا فى مقابل الطفل في البلاد المتقدمة الذي يقضي 1183 ساعة سنويا، يقرأ في تلك المرحلة 1300 كتاب، بينما لا تزيد قراءة الطفل فى الدول النامية على 300 كتاب فقط، فالأرقام مفزعة بالمقارنة بين الدول، لذلك لابد أن نبذل الكثير من الجهد لتشجيع الطفل على القراءة فى مجالات أكثر والابتعاد عن البرامج التليفزيونية التى تؤثر بشكل سلبي على تربية الطفل ونشأته بل يمكن الاعتماد على البرامج السوية وبرامج إذاعية مدروسة ومشوقة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ
ذات صلة من مقال

الحدوتة.. تأثيرات إيجابية على نفسية الطفل لا تختزل فى الفكاهة