الصحابي سحبان بن وائل والخطابة.. الخطابة ودورها في العصر الجاهلي
جدول المحتويات
- نبذة مختصرة عن سحبان بن وائل والخطابة
- مواقف سحبان بن وائل مع سفيان
- عصور وحضارات عاصرها سحبان بن وائل
- أثر الترحال على حياة سحبان بن وائل وخطبه
- مميزات سحبان بن وائل الخطابة
- خطبة سحبان بن وائل
- شرح وصية سحبان بن وائل أن الدنيا دار بلاغ
- الخطبة الشوهاء لسحبان وائل
- الخطابة ودورها في العصر الجاهلي
- أهمية الخطابة والشعر في عصور الإسلام الأولى
نبذة مختصرة عن سحبان بن وائل والخطابة
- هو وائل بن معد بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار الوائلي، لقد عاصر سحبان كل من عصر الجاهلية والإسلام،ولقد دخل سحبان الإسلام لاقتناعه التام بالدين وتعاليمه، ولكن لم تسنح له الفرصة أن يجتمع مع النبي.
- وقد اشتهر سبحان ببلاغة أسلوبه وقدرته الفائقة على الخطابة بشكل مؤثر في الآخرين ولفترات طويلة، حيث كان يخطب في الناس لساعات طويلة حتى يصب وجه عرقا، ويستمر في الخطابة.
- وقد عاش سحبان مع معاوية بن سفيان في دمشق مدة طويلة، وهو من الشخصيات المشهورة عند الخاصة أكثر من العامة، ومن عاداته عند إلقاء الخطابة أن يمسك بالعصا.
- هناك من ربط بين باقل وين سحبان، وهما شخصيان عربيتنان متناقضاتنان، إد اشتهر باقل بالسفاهة والغباء، وميز سحبان بالفصاحة وقوة البينان وسرعة البديهة.
- لقد توفي سحبان بن وائل في خلافة معاوية بن أبي سفيان بعد عام الخمسين هجريا.
مواقف سحبان بن وائل مع سفيان
يعتبر من أشهر المواقف التي اشتهر بها وائل في البلاغة والخطابة، حيث إن سحبان ظل يخطب من الظهر حتى العصر، حتى أدهش كل الحاضرين في تلك الخطبة التي حضرها سفيان، وتتمثل مواقفه فيما يلي:
- أراد معاوية بن أبي سفيان من وائل أن يخطب، فطلب منه سحبان عصا، فقيل له وما تفعل بالعصا في حضرة أمير المؤمنين؟ فرد وقال، وما كان يصنع موسى وعصاه في يده؟ فضحك معاوية وقال، هاتوا العصا، فقام فتكلم من صلاة الظهر إلى صلاة العصر، فما توقف وما تنحنح، وما سأل، وما عاد كلمة، ولا بدأ في معنى دون أن يتمه.
عصور وحضارات عاصرها سحبان بن وائل
سحبان بن وائل والخطابة هو خطيب له من الشأن العظيم بحيث أنه يضرب به المثل وعاصر العديد من العصور، ومنها:
- من عهد النبي إلى عهد بعض الخلفاء الراشدين، فهو خطيب مخضرم، فكان إسلامه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن يذكر المؤرخين أنه تقابل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كانت حياته مليئة بالأحداث، فبدأها بعيشته عند معاوية بن أبي سفيان بدمشق "بدولة سوريا حاليا"، ويذكر أن حياته كانت طويلة، فقد عاش بما يتجاوز المائة وثمانين سنة.
- وكان من علاماته التي اشتهر بها أنه يستخدم عصا في أثناء إلقائه لخطبه، حتى إنه قيل فيمن يبلغ في الخطابة "أبلغ من سحبان وائل".
- ومن علاماته المميزة في الخطابة أنه كان لا يطيل العبارات، بل كان يصل للمعنى بعبارات قصيرة جداً، مع تضمين خطبه عبارات رائعة وحكم بليغة.
أثر الترحال على حياة سحبان بن وائل وخطبه
تمتد حياته ما بين الجاهلية والإسلام، ولكن حياته كانت زاخرة بالتنقل بين العديد من البلدان، ويبدوا أن هذا ما أثرى ثقافته بالعديد من الحضارات التي انتقل بينها، وبرز ذلك فيما يلي:
- في التنقل نجد سحبان قد جمع العيد والعديد من الحكم والحكايات والروايات التي تجعل من خطبه دروساً لا يمكن الاستغناء عنها.
- ومن أشهر خطبه "الخطبة الشوهاء" وتعني أنها الخطب التي لا يصلى فيها على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- كما أن حياة بن وائل الطويلة ساهمت في نمو معلوماته عبر العصور التي عاشها بين تلك البلدان، فكان سحبان يعتبر من المعمرين في عصره بما سمح له للوصول لما لم يصل له غيره في زمنه من معلومات قيمة وحكم جليلة لا يمكن لغيره جمعها في هذا الزمن الذي تقل فيه وسائل المواصلات.
- فكان الإنسان في هذا العصر يقوم بالسفر بين البلدان في شهور على الجمال أو في السفن وغيرها، الأمر الذي يختلف كثيراً عن وسائل النقل والتواصل في زماننا.
مميزات سحبان بن وائل الخطابة
سَحبان بن وائل هو واحد من أشهر خطباء العرب في الجاهلية. اشتهر بفصاحته وبلاغته في الخطابة، حتى أنه لقب بـ"سحبان وائل" وصار هذا الاسم يُستخدم للإشارة إلى كل من كان بليغًا في الخطابة. وأبرز ما يميز سحبان بن وائل:
- البلاغة والفصاحة: كان سحبان معروفًا بقدرته الكبيرة على التأثير بالكلمات وبتركيب الجمل بشكل بديع. كان يحسن استخدام المحسنات البديعية ويختار الكلمات بعناية لتكون مؤثرة.
- الارتجال: اشتهر بقدرته على إلقاء الخطبة دون تحضير مسبق، وكان قادرًا على التحدث لساعات طويلة دون أن يكرر نفسه أو يتلعثم.
- قوة التأثير: كان سحبان بن وائل قادرًا على إقناع مستمعيه بأفكاره وآرائه، ويُقال إنه ألقى خطبًا في مواقف مصيرية كان لها تأثير كبير في اتخاذ القرارات.
من أشهر مواقفه:
- قيل إنه وقف يومًا بين يدي النعمان بن المنذر (أحد ملوك الحيرة) ليترافع في قضية لأحد القوم، فخطب خطبة بليغة جدًا حتى ذُكر أنه لم يتوقف عن الكلام ولم يكرر نفسه، وهو ما جعل النعمان يقدره بشكل كبير.
خطبة سحبان بن وائل
لقد روى الجاحظ العديد من عبارات سحبان بن وائل والخطابة، ومن هذه العبارات ما يلي:
شر خليطيك السؤوم المُحزم، لأن السؤوم لا يصبر، وإنما التفاضل بالصبر. والمحزم صعب لا يعرف ما يراد منه، وليس الحزم إلا بالتجارب وبأن يكون عقل الغريزة سلما إلى عقل التجربة.
- إلى جانب خطبة الشوهاء عند معاوية بن سفيان، وقد قيل عنها شوهاء، نظرا لحسنها، وجمال أسلوبها وبراعة التعبير.
- سحبان وائل شعر، لم يحظى الشعر باهتمام كبير لسحبان، ورغم ذلك هناك بعض الأبيات الشعرية القليلة لسحبان في الأدب العربي.
شرح وصية سحبان بن وائل أن الدنيا دار بلاغ
تتمثل وصية سحبان بن وائل والخطابة عن الدنيا دار بلاغ ما يلي:
"إن الدنيا دار بلاغ، والآخرة دار قرار، أيها الناس، فخذوا من دار ممركم، لدار مقركم، ولا تهتكوا أستاركم، عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم، قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففيها حييتم ولغيرها خلقتم، إن الرجل إذا هلك قال الناس، ما ترك، وقالت الملائكة ما قدم، فقدموا بعضا يكون لكم".
أما شرح الوصية يتمثل فيما يلي:
- تشتمل خطبة سحبان على العديد من المواعظ والحكم، التي تدل على أن الحياة ما هي إلا مرحلة انتقالية يعيش فيها الإنسان وما يفعله فيها من أفعال وتصرفات هي ما تقود إلى مصيره النهائي في الآخرة، فإن من أحسن في الدنيا ينتقل إلى مقام رفيع في الجنة والآخرة، والعكس صحيح.
- وتوجه بالنصح أن الإنسان لا يتبع شهوات نفسه وقلبه، وإن يفعل الخير دون أن ينتظر ثوابه من العباد، ويتكتفي برضا الرحمن، ومغفرته له، لأن جسد الإنسان يفنى ولا يبقى منه إلا عمله في الدنيا والآخرة، والسيرة الحسنة التي يتحدث عنها الناس بعد مماته، وتتباهى الملائكة بأفعاله.
الخطبة الشوهاء لسحبان وائل
تتمثل كلمات الخطبة الشوهاء لسحبان بن وائل، ما يلي:
- "أيها الناس، إنكم الآن في زمنٍ قد ظهرت فيه كلّ مساوئ الدنيا، وقلت فيه الأخلاق، وفسدت القلوب، وظهرت فيه الأمراض الاجتماعية. إن القوم الذين عاشوا قبلكم كانوا يعيشون على قيم الفطرة وفضائل الأخلاق، ولكنكم قد جئتم بعدهم وأصبحتم غارقين في متاهات الفساد والضعف.
- إنكم قد ضيعتم أوقاتكم في غير طائل، وغرقتم في شهوات الدنيا حتى شغلتكم عن العمل والجد. إن الأمور التي كانت تصرفكم عن الفساد لم تُجد نفعاً، والأخلاق التي كنتم تظنون أنها ستصونكم أصبحت ضعيفة، وأصبحتم تسيرون نحو الخراب.
- أيها الناس، إن التفاخر بالمظاهر والمال لا يُجدي نفعاً، فالمال زائل والمظاهر خادعة. إن الفلاح لا يكون إلا بالأخلاق الصالحة والعمل الجاد. اتقوا الله في أنفسكم، وعليكم بالإصلاح والعمل، فليس لنا سوى العمل والجد في هذه الحياة، وإصلاح الذات هو الطريق إلى الفلاح."
فيما يلي بعض الأفكار التي تتضمنها الخطبة:
- النقد الاجتماعي: يعبّر سحبان وائل عن انتقاده لبعض عادات وتقاليد المجتمع الجاهلي، مع التركيز على السلبيات التي يراها في تلك الفترة.
- التأمل في القيم: يتناول سحبان وائل قضايا تتعلق بالأخلاق والقيم الإنسانية، مُشيرًا إلى ضرورة التغيير والتحسين.
- الأسلوب البلاغي: الخطبة مكتوبة بأسلوب بلاغي قوي، يعكس مهارات سحبان وائل في التعبير عن آرائه وإقناع الآخرين.
الخطابة ودورها في العصر الجاهلي
كان للخطابة دورها البارز في العصر الجاهلي، وذلك يرجع إلى:
- حيث إنها تعتبر من أهم الأدوات المؤثرة في الإنسان الذي كان يعيش في هذا العصر وعصور الإسلام الأولى، حيث إنها كانت تحل محل وزارات الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة في عصرنا الحديث.
- ولنا أن نتخيل دور الشعر والخطابة في هذا العصر إذا ما قام شاعر بإهانة قبيلة من القبائل في شعره يمكن أن تشعل الحروب بسبب كلمة في بيت شعر أو كلمة في خطبة يلقيها خطيب.
- إن الخطابة والشعر كان لهم سوق في الجاهلية، بحيث يتبارز كل شاعر بما لديه من شعر، وكل خطيب بما لديه من فصاحة، حتى إن الشعر الذي وصل للمؤرخين عن هذا العصر لا يعد شعراً عادياً، بل كان حاوياً لكل معلومات هذا العصر.
- ففي الشعر والخطابة في هذا العصر يمكننا معرفة أساليب التفكير وأساليب الحياة بكافة صورها، بل وكيفية صياغة المشاعر في هذا العصر.
- فمن الممكن أن نعرف أن المرأة البدينة في هذا العصر هي رمز الجمال، وأن المرأة قليلة الوزن كانت أقل شأناً من غيرها، فهل تتصور عزيزي القارئ تلك المعلومات؟
- ولعل الداعي لمعرفة الجيل الجديد بشخوص مثل سحبان بن وائل يتأكد عندما نشاهد الجيل الجديد يضع له أبطالاً من غير العرب يظنون أنهم أصل العلم والأدب والفن في العصر الحديث.
- فكان معرفتهم بالشخصيات الرائعة في العصور السابقة مؤكداً على أصالة المعدن العربي الذي قدم للعالم العديد والعديد من النماذج الرائعة في كل المجالات الأدبية والعلمية على حد سواء.
أهمية الخطابة والشعر في عصور الإسلام الأولى
كما أن الخطابة والشعر في عصور الإسلام الأولى لم تكن أقل أهمية بل زادت، بحيث أن الشعراء المنتسبين لخصوم الإسلام كانوا يقومون بكتابة الشعر والخطابة ضد المسلمين، وذلك لتوجيه الإهانات لهم حتى لا يتبعهم الناس، هدا ما أدى إلى الآتي:
- كانوا المسلمين لا يملكون الخطباء والشعراء الذين يقومون بالرد على الهجمات المعادية لهم في الشعر والأدب والخطابة، بحيث أن النصر دائماً كانت لأبناء الإسلام بما يملكونه من براعة وبارعين في هذا المجال ومنهم سحبان بن وائل.
- ورغم أن سحبان عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لم يقابله، ولكن سحبان كان له أكبر الأثر طوال حياته التي جاوزت المائة عام في نصرة الإسلام والمسلمين وحث المسلمين على الزهد والتقوى.
- ولعل من أهم ما ساهم في زيادة الثقة والثراء لدى المسلمين في الشعر والأدب والخطابة وجود معجزة القرآن الكريم في شعرهم وأدبهم وخطبهم.
- فالقرآن الكريم بما يضم بين جنباته من آيات معجزة ساهمت في سمو ورقي الحس الفني لدى الشعراء والخطباء بشكل كبير، ويكفي شرفاً للعرب أن القرآن نزل عربياً حتى يؤثر في اللغة التي يتحدث بها العرب لا في عهد العصور الأولى للإسلام، بل في كل زمان ومكان حتى قيام الساعة.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_17662