كتابة :
آخر تحديث: 29/06/2019

تاريخ النقود من المقايضة إلى العملة الرقمية

دائما ما سعى الإنسان لتلبية احتياجاته المادية من أجل البقاء ومع ازدياد هذه الاحتياجات كان لابد للمجتمع البشري أن يجد طريقة للاكتفاء الذاتي، المال هو أهم اختراع في التاريخ رغم كونه مجرد قطعة معدنية أو ورقة إلا أن قيمته المعنوية هي من أسست أول خطوات الحضارة البشرية، لقد كان المال جزءا من تاريخ البشرية منذ 3000 عام على الأقل، في هذه المرحلة عرف المال تطورا كبيرا واشكال متنوعة وفي هذا المقال سنعود بالذاكرة إلى الوراء لنتعرف على تاريخ النقود من المقايضة إلى العملة الافتراضية.
تاريخ النقود من المقايضة إلى العملة الرقمية

تعريف النقود

النقود هي وحدة تبادل تجاري، ولقد أتت لتكون بديلا عن نظام المقايضة الذي كان يستعمل قبل اعتماد النقود المعدنية أو الورقية، هذه الأخيرة تستمد قيمتها من كونها وسيطا للتبادل ووحدة قياس متفق عليها ومضمونة من طرف أول سلطة في المجتمع، وبالتالي فالمال ذو قيمة فقط لأن الجميع يعلم أن أي شخص آخر سيقبله كشكل من أشكال الدفع. هذه الثقة التجارية المتبادلة بين أطراف المجتمع تخلق دورة اقتصادية تتيح للناس تداول السلع والخدمات بشكل غير مباشر.

مراحل تطور تاريخ النقود

المقايضة

استعمل البشر المقايضة منذ بداية التاريخ حوالي 9000 سنة قبل الميلاد وهي عبارة عن تبادل مباشر للسلع أو الخدمات مقابل سلع أو خدمات أخرى، ولكي تتم عملية المقايضة بشكل صحيح يجب أن تتوفر شروط كثيرة، انتشر نظام المقايضة في جميع أنحاء العالم ولايزال قائما حتى اليوم في بعض أنحاء العالم إلا أنه كان يبطئ عملية البيع والشراء.

السلع المالية الاسيوية

لقد انتشرت أنواع متعددة من السلع استعملت كنقود في عصور ما قبل التاريخ كجلود الحيوانات والملح والأسلحة والتبغ والشاي والأحجار الكريمة..، كانت تستعمل هذه السلع للتبادل التجاري وسميت بالسلع المالية، ونظرا لصعوبة استعمال هذه السلع كوسيلة تبادل انتقل الصينيون لاستخدام نسخ مصغرة لنفس الأدوات، وبمرور الوقت تم التخلي عن هذه النسخ المصغرة التي تكون مؤدية أحيانا وطور الصينيون نقودا جديدة على شكل دائرات معدنية صغيرة يسهل استعمالها وهذا كان أول استعمال للعملات المعدنية.

العملة المعدنية

أدى ضعف نضام المقايضة والسلع المالية إلى ضرورة تطوير نضام جديد موحد لعملية البيع والشراء، وقد قام ملك ليديا {ألياتس} بسك العملة الرسمية الأولى من نوعها عام 600 قبل الميلاد، صنعت من مزيج من الذهب والفضة أو ما يسمى بالإلكتروم وقد تميزت هذه القطع المعدنية بصور مختومة على ظهرها الأمر الذي وحد العملة وقاد المملكة نحو ازدهار تجاري داخلي وخارجي حيث أصبحت أغنى دول آسيا الصغرى،

العملة الورقية

  • العملة الورقية الصينية: حوالي عام 700 قبل الميلاد ظهر نوع جديد من العملات في الصين عبارة ورقة ( العملات الورقية).
  • العملة الورقية البنكية : و في الجهة الغربية للكرة الأرضية كان الأوروبيون لا يزالون يستخدمون العملات المعدنية حيث ساعدت حملة الاستعمار التي نظمتها معظم دول أوروبا الغربية آنذاك على الاستحواذ على المعادن النفيسة و ثروات المستعمرات و بالتالي ازدهار الاقتصاد الأوروبي و الحفاظ على فائض الثروة ، حتى القرن السادس عشر حين بدأت البنوك في استخدام الأوراق النقدية للمودعين أو المقترضين ليستعملوها بدل العملات المعدنية لقد كان الأمر عبارة عن دورة كاملة يلعب فبها البنك دور الضامن بحيث يضع المودعين أموالهم ( عملة ذهبية) في البنك مقابل ورقة تحتوي على الاسم و الزمن و المكان و مقدار المال المودع و بالتالي فالمودعين بإمكانهم العودة في أي وقت من أجل استرجاع أموالهم النقدية، و لكن كانت البنوك هي الراعي الرسمي لهذه الأوراق النقدية و لم تكن تحت وصاية الدولة .
  • العملات الورقية الحكومية: صدرت أول عملة ورقية في أمريكا الشمالية من قبل الحكومات الاستعمارية بسبب وشوك فائض الذهب المسلوب من المستعمرات على الانتهاء قررت الحكومات الاستعمارية استعمال سندات دين وتم تداولها كعملة بدل الرجوع لنضام المقايضة، المثال الأول كان في كندا التي كانت مستعمرة فرنسية آنذاك وفي عام 1685م تم إصدار أوراق نقدية موقعة من طرف الحاكم واستخدمت كأموال بدل العملات النقدية في فرنسا.

أموال الائتمان

أدى تطور النظام المالي العالمي وبداية استعمال عملات ورقية في أوروبا إلى زيادة حجم التجارة الدولية، نشأت أول سوق عملات حين بدأت البنوك والطبقات الحاكمة في شراء العملات من دول أخرى الأمر الذي زاد من المنافسة الدولية ومع زيادة حجم المعاملات بدأت العملة الورقية تصبح عائقا بسبب الوقت وعدم الأمان ولهذا تم إنشاء نضام دفع جديد عبارة عن شيكات، مسودات، سندات صرف وبطاقات ائتمان... قدمت أول بطاقة ائتمان عام 1946م وأصبحت بطاقات السحب الآلي شائعة وهكذا أصبح النظام البنكي لتدوير الأموال أهم أشكال التبادلات المالية.

العملة الافتراضية

العملة الرقمية هي عملة مجهولة معماة (مشفرة) لا مركزية و نضام دفع عالمي، تعود فكرة النقود الرقمية لعام 1860م حين أجرت WESTERN UNION أول تحويل إلكتروني للأموال، و في عام 1998م تم إنشاء B-money من قبل عالم الكومبيوتر Wei Dei و تعتبر اقدم أسلاف عملة البيتكوين الشهيرة التي نعرفها اليوم اخترع ساتوشي ناكاماتو العملة الافتراضية البيتكوين عام 2007م و تمت أول معاملة للبيتكوين عام 2010م. تتمحور جاذبية هذا النوع من العملات في كونها توفر وعدا في تخفيض رسوم المعاملات مقارنة بآليات الدفع التقليدية عبر الإنترنيت ويتم تشغيلها من قبل سلطة لا مركزية عكس العملات الصادرة من الحكومات.

لقد تطورت وسائل الدفع التي يعتمدها البشر منذ التاريخ وعرفت أشكال مختلفة من الذهب الفعلي إلى الذهب الرقمي، منذ حوالي 3000 سنة صمد المال واتخذ العديد من الأشكال ولازال المال يتطور بحيث نشهد تطور عملات مشفرة كل يوم في العديد من الصناعات الحديثة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ