فوائد من خطبة حجة الوداع
خطبة الوداع
قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أيها الناس، اسمعوا مني أبيِّن لكم، فإني لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا، في مَوقفي هذا.
أيها الناس:
إن دماءكم، وأموالَكم، حرامٌ عليكم إلى أن تَلقَوْا ربَّكم، كحرمةِ يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغتُ، اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة، فليؤدِّها إلى من ائتمنه عليها.
إن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربًا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبدالمطلب، وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث، وإن مآثر الجاهلية موضوعة، غيرَ السِّدانة والسقاية، والعَمْد قَوَدٌ وشِبْهُ العَمد ما قُتِلَ بالعصا والحَجَر، وفيه مائة بعير، فمن زاد، فهو من أهل الجاهلية.
أيها الناس:
إنَّ الشيطان قد يئسَ أن يُعبدَ في أرضكم، ولكنه قد رضي أن يُطاعَ فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم.
أيها الناس:
إن النسيء زيادةٌ في الكفر، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدةَ الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، منها أربعةٌ حُرم: ثَلاثٌ متواليات، وواحدٌ فرد، ألا هل بلَّغت، اللهم فاشهد.
أيها الناس:
إن لنسائكم عليكم حقًّا، ولكم عليهن حقٌّ؛ ألا يُوطِئنَ فُرُشَكم غيرَكم، ولا يُدخِلنَ أحدًا تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم، ولا يأتِينَ بفاحشةٍ، فإذا فعلنَ ذلك، فإنَّ الله أذِنَ لكم أن تَهجروهُنَّ في المضاجع، وتَضربوهُنَّ ضربًا غير مُبَرِّحٍ، فإن انتهينَ وأطعنكم، فعليكم رزقهُنَّ وكِسوتهُنَّ بالمعروف.
وإنما النساء عوانٍ عندكم ولا يَملكنَ لأنفسهِنَّ شيئًا، أخذتموهُنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجَهنَّ بكلمة الله، فاتقوا الله في النساء، واستوصوا بهنَّ خيرًا، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
أيها الناس:
إنما المؤمنون إخوة، ولا يَحلُّ لامرئٍ مالُ أخيه إلا عن طيب نفسٍ منه، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد، فلا ترجعوا بعدي كفَّارًا يَضرب بعضُكم رقابَ بعض، فإني قد تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده؛ كتاب الله.
أيها الناس:
إن ربَّكم واحدٌ، وإن أباكم واحد، كلكم لآدمَ، وآدمُ من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عَجمي إلا بالتقوى، ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
أيها الناس:
إنَّ الله قد قسم لكلِّ وارثٍ نصيبَه من الميراث، ولا تَجوز لوارثٍ وصيَّةٌ، ولا تَجوز وصيَّة في أكثر من الثُّلثِ، والولد للفراش، وللعاهر الحجر، من ادَّعى لغير أبيه، أو تَولَّى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يَقبلُ الله منه صرفًا ولا عدلاً)
هذه خطبته التي أقام بها الحُجَّة على العالمين، فقد سألهم بعد الانتهاء منها قائلاً: ((وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟))، قالوا: نشهد أنك قد بلغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعه السبَّابة يَرفعها إلى السماء، ويَنكُتُها إلى الناس: ((اللهم اشهَدْ، اللهم اشهد، اللهم اشهد))؛ مسلم
فوائد من حجة الوداع
لقد تضمنت خطبة الوداع مبادئ وأسس عظيمة لبناء الدولة الأسلامية فهي بمثابة قنديل ينير الدرب للمسلمين للمضى قدما نحو حياة إنسانية سليمة حيث تعتبر الخطبة بمثابة دستور تستند إليه الانسانية في سن قوانين الكون وقد تضمنت الخطبة مبادئ مهمة وهي
لقد حث الرسول (ص) المسلمين على ضرورة المؤاخاة بين المسلمين وغيرهم وأكد أن تجمع المسلمين على كلمة الإسلام تش تجعلهم كالبنيان القوي الذي يتصدى للعواصف بكل قوة.
كما أكد على ضرورة التمسك بدستور الأمة وهو القرأن الكريم الذي بمثابة مرجع قوى للأمة في كافة مناحي الحياة (وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ،كتاب الله).
كما حذرنا الرسول (ص) من الربا واكد (ص) أن من مهلكات الأمة وعلينا تجنبه التعامل بالحلال وتجنب أكل أموال الناس بالباطل لأنه فيه هلاك للانسانية .
كما أكد الرسول على ضرورة ترسيخ العدل بين المسلمين وتطبيق مبدأ المساواة وأن المفاضلة بين الناس في التقوى والعمل الصالح والناس جميعا سواسية كأسنان المشط.
كما حث المؤمنين على نشر دعوة الإسلام بين الناس والدعوة لله لوجه الله والعمل بشكل جماعي والتعاون بين المسلمين يأتي بنتائج مبهرة.
لقد ناقش الرسول (ص) قضية المرأة بشكل دقيق وأكد على مكانتها في المجتمع وحث الرجال بضرورة معاملة المرأة معاملة طيبة وعدم إضاعة حقوق المرأة كما حث على معاشرتهن بالمعروف وصرح على أن المرأة تظل تحت حكم الزوج وهو المسئول الأول عنها في كافة الشئون المتعلقة بها.
كما حث النساء على طاعة الزوج والامتثال لأوامره وعدم إدخال أجانب للبيت بدون علم زوجها وفي حالة مخالفة المرأة لذلك يقوم الزوج بمعاقبتها "فاضربوهن ضربا غير مبرح"وبذلك حقق العدالة في المعاملة الحسنة والعقاب الخفيف الذي يقوم سلوك المرأة .
كما حرص الرسول على ضرورة إشهاد الأمة على تبليغ رسالته لأنه من واجبات الرسول في قوله " اللهم أشهد " ثلاث مرات.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: "يا أمير المؤمنين، آيةٌ في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشرَ اليهود نزلتْ، لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أيُّ آية؟ قال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وهو قائم بعرفة يوم جمعة"؛ مُتفقق
من المعجزات التي حدثت أثناء الخطبة أن رغم حضور ألف وأربعمائة وعشرون ألف نفس في الحج وسماع خطبة الوداع فأن الجميع سماعها بدون مكبر صوت.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_3553