التغيرات السياسية.. مفهومها أبعادها وأنماطها
مفهوم التغيرات السياسية وعواملها
ارتبط مفهوم التغيرات السياسية بأطروحات جديدة تنتقد فكرة توحيد نظريات التنمية السياسية، حيث يجب أن يكون المفهوم أكثر حيادية، وإليك التعريف من حيث اللغة والاصطلاح:
أولًا: التعريف الاصطلاحي
- يتم تعريف التغيير السياسي اصطلاحيًا على النحو التالي: "مجمل التحولات التي تحدث عن أي أو كل الهياكل السياسية في المجتمع، وطبيعة العملية السياسية، بجانب التفاعل بين القوى السياسية وأهدافها، وما يعنيه هذا كله يؤثر على مراكز القوة، بحيث تكون القوة والتأثير معاد توزيعها داخل الدولة نفسها، أو بين البلدان."
- كذلك يعرّف غابرييل أ. ألموند "التغيير السياسي" بأنه "اكتساب النظام السياسي لقدرات جديدة، والتغييرات المصاحبة لتلك القدرة في الثقافة السياسية والبنية" المرتبطة بالنظام السياسي.
ثانيًا: التعريف اللغوي
- يتم تعريف مصطلح "التغيير" لغويًا في المعجم الوسيط على النحو التالي: "صنع شيئًا مختلفًا عما كان عليه من قبل." فالتغيير هو مصدر يكشف عن صيغة مبالغ فيها مشتقة من فعل "غيّر" شيء ما، وجعله مختلفًا عن السابق، والتغيير: التحويل والتبديل.
ثالثًا: الفرق بين التغيير والتغير
- يعد مصطلح "التغير" من المصطلحات القريبة جدًا من مصطلح "التغيير" ولكن من الناحية اللغوية فهما يختلفان عن بعضها البعض.
- فالتغير يحدث بشكل غير إرادي، عكس التغيير الذي يحدث إراديًا، ونفهم من هذا أن التغيير سلوك واعٍ.
- أما في العلوم الاجتماعي فمصطلح "التغير الاجتماعي" يشير إلى التحولات التي تطرأ على البنية المجتمعية خلال فترة زمنية ما، فيحدث على إثرها تغير في الوظائف والقيم وأنماط العلاقات والأعراف أيضًا.
عوامل التغيير السياسي
بناءً على هذا يأتي التغيير السياسي بسبب عدة عوامل، ولعل أهمها التالي:
- الرأي العام، أو المطالب الفردية للنظام السياسي، لكن هذه المطالب لن تتحول غالبًا إلى مخرجات إذا لم يتم تبنيها من قبل الأحزاب وجماعات المصالح والضغط.
- التغيرات في نفوذ وسلطة بعض الحركات والأحزاب وجماعات المصالح، مما يعني تحول الأهداف الحزبية أو الشخصية من إطار حزبي إلى إطار دولة.
- تداول السلطة، في حالات الديمقراطية، أو إعادة توزيع الأدوار في حالات أخرى، مثل الانقلاب، يعني تلقائيًا أن حياة سياسية جديدة تبدأ في التبلور، وفقًا لمنطق القيادة الجديدة.
- الضغوط والمطالب الخارجية، من قبل دول أو منظمات، وتأخذ هذه الضغوط أشكالاً عديدة، سياسية واقتصادية وعسكرية.
- التحولات الخارجية في البيئة الإقليمية أو في طبيعة التوازن الدولي والتي قد تؤثر على صياغة السياسات الداخلية والخارجية في سياق مواجهة مدخلات جديدة في السياسة الدولية.
أبعاد التغيرات السياسية
التغيير في السياق يعني بشكل عام الحركة وعدم الاستقرار، والعكس هو الركود، ولكن في التفاصيل والمناهج لا يوجد إجماع، بحيث تنبثق مختلف المدارس المعنية بالتغيير من أهدافها أو أسسها أو حتى مناهجها وطرقها، ولكن هناك نقاط اختلاف في أي عملية تغيير والتي تشكل أبعاد التغيرات السياسية، وهي كالتالي:
1. الغرض من التغيير
- الاختلاف فيه أمر طبيعي، وهو أمر يسير جنباً إلى جنب مع التنوّع واختلاف وجهات النظر بين القوى التي يتألف منها أي مجتمع.
- فالتغيير كطريقة تتبعها القوى الفاعلة في المجتمع لتحقيق أفكارهم ومبادئهم، سوف تنعكس الاختلافات في الأهداف على أساس تنوع الرؤى في المجتمع في جهود التغيير فيه.
2. قاعدة التغيير
- يقصد بها المجال الذي تنطلق منه قوى التغيير في مشروعها، ومن أهم الأسس: القاعدة الاقتصادية، والقاعدة السياسية، والقاعدة الأخلاقية والتعليمية والتربوية، والقاعدة القانونية، والقاعدة الفكرية.
3. طريقة التغيير
- هل يكون التغيير ثوري أو غير ثوري، هل هو سلمي أم عنفي، هل يتم التغير بقوى داخلية أو خارجية، وهل هو تغيير تدريجي أم لا.
- بالإضافة إلى العديد من الأساليب والمقاربات التي تأتي غالبًا كنتاج طبيعي لتفكير ومبادئ القوى الساعية للتغيير، وطبيعة حالة المرحلة.
- لذلك فإن الخلافات بين مدارس التغيير تتطلب معالجة المشكلة من حيث التشابه بين وجهات النظر المختلفة.
- وعلى هذا الأساس يكشف التغيير عن حركة مجتمعية ترفض واقعها أو جزء منه، وتسعى إلى دفعها نحو اتجاه جديد.
- المرحلة التي تمثل هدف عملية التغيير أو عملية تحليل الماضي لاشتقاق السلوك الحالي المطلوب للمستقبل، ويشمل ذلك الانتقال من الحالة الحالية إلى الحالة الانتقالية حتى نصل إلى الحالة المنشودة في المستقبل.
- يتضمن هذا التعريف المرن والعام للتغيير العديد من التشعبات التي تكشف عن وجهات نظر مختلفة.
- فالجزء الأول من التعريف يعتبر التغيير إطارًا للوسائل، ويمكن أن تكون الوسائل مختلفة ومتنوعة، وهو ما يدل عليه تنوعها حسب الطريقة.
- كما يكشف عن الحراك المجتمعي بدرجاته المتفاوتة، مثل الحراك بين القوى السياسية، والنخب، والأفراد.
- لذا تظهر الحركة الاجتماعية الواردة في التعريف كرفض للواقع أو أجزائه السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وفي جميع جوانب الحياة.
- بحيث تحقق القوى الراغبة والقائمة على التغيير الأهداف التي تم تحديدها في الجانب الموضوعي لعملية التغيير.
أنماط التغيير السياسي
كما ذكرنا سابقًا أن طريقة التغيير تختلف باختلاف الهدف منها، لذا في هذه الفقرة سنركز على أنماط التغيير السياسي:
أولًا: التغيير الإصلاحي
- إن طبيعة "التغيير السياسي" موحّدة ومحددة بطابع هذا التغيير، فإذا كان التغيير إيجابياً ومحموداً يهدف إلى محاربة الفساد والقضاء عليه وتحقيق الإصلاح، ينطبق عليه نفس تعريف "الإصلاح السياسي".
- ولكن إذا لم يؤد إلى أي من هذه الأشياء، فهذا يعني تغيير فقط بغض النظر عن الغرض المشروع المنشود منه.
- من ناحية أخرى يُنظر إلى "التطور السياسي" على أنه أسلوب تحديث أو تغيير سياسي يتضمن معنى السلام والتدرج ويعمل من خلال المؤسسات القائمة.
- أي التغييرات القانونية والسلمية التي تحدث وفقًا للقوانين والمؤسسات القائمة في المجتمع، وهي أيضًا تغييرات تدريجية لا تشمل تغييرات جذرية في وقت محدد.
- بدلاً من ذلك يحدث التغيير نتيجة التراكم البطيء للتغيير الجزئي على مدى فترة طويلة من الزمن.
- كما أنه عنصر مهم في التمييز بين الأساليب الثورية والطرق التطورية، فبينما يسعى الأول إلى تقصير عامل الوقت وتسريع عملية التحديث، فإن الأخير يترك الوقت لفرصة كاملة.
ثانيًا: التغيير الثوري
- "التغيير الثوري" هو نمط خاص ومختلف من التغيير الاجتماعي؛ لأنه يتطلب إدخال العنف في العلاقات الاجتماعية.
- ويشمل ذلك عددًا من أبعاد التغيير الثوري، بما في ذلك: تغيير الهياكل الاجتماعية، وتغيير قيم ومعتقدات الناس، وتغيير المؤسسات، وتغيير هيكل القيادة وقاعدتها الطبقية، وتغيير النظام القانوني، واستخدام العنف في الأحداث.
- لذا فإن التغيير الثوري لا يقتصر على البعد السياسي فقط، وإنما هي صيغة تشمل التغيير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي أيضًا، ولكن يظل العنصر المميز هو استخدام العنف فيها.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_14576