آخر تحديث: 29/07/2023
بحث حول الفلسفة الوضعية عند أوجست كونت، وما هو رأي الإسلام بها؟
يمكننا الإشارة بشكل مبسط إلى مفهوم الفلسفة الوضعية بأنها عبارة عن نظام فلسفي يستبعد منه الميتافيزيقية أو التكهنات المسبقة ولكنها تنحصر فقط ببيانات التجربة، ويعد المؤسس الأول لتلك الفلسفة هو الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت، وهو أيضًا من أطلق على مصطلح علم الاجتماع هذا الاسم حتى الوقت الحالي، ومن ثم استمدت الوضعية صفاتها وخصائصها حتى تطورت إلى عدة مراحل منها التجريبية ثم الوضعية المنطقية ومن ثم التجريبية المنطقية إلى أن تمكنت من الاندماج خلال منتصف القرن العشرين حتى عرفت بمصطلح الفلسفة التحليلية، ومن خلال مفاهيم نتعرف على معنى الوضعية وأصل تلك الفلسفة وخصائصها بشكل مفصل وأهداف هذا المنهج العلمي الهام.
ما هو معنى الفلسفة الوضعية؟
- ما هي الفلسفه الوضعيه المنطقيه؟ المقصود من الفلسفة الوضعية بأنها هي إحدى أنواع فلسفات العلوم، والتي تعتمد في مفهومها وأفكارها وميولها وكذلك اتجاهاتها على الرأي الذي يقول بأن مجال العلوم الاجتماعية يتشابه تماماً مع مجال العلوم الطبيعية من حيث أن، كل منهما يحتاج إلى دلائل واقعية مقنعة يمكن للجميع الاستناد إليها.
- كما أن الفلسفة الوضعية تنظر إلى مختلف الأمور وتقيم صحتها بعد أن تصل إلى المعرفة الحقيقية لتلك الأمور، وهي المعرفة التي تستند إلى البيانات، وتلك البيانات مستمدة من التجربة الحسية، وبالتالي تحتاج إلى المعالجات المنطقية والرياضية لإثبات صحتها.
من هو أوغست كونت؟
- هو مؤسس حركة الوضعية، وهي عبارة عن حركة فلسفة سياسية تمتعت بسيط واسع خلال النصف الثاني من القرن 19، ثم طواها النسيان بشكل كامل بداية من القرن العشرين، وساعد في حجبها تماماً نظرية الوضعية المحدثة.
- وعلى الرغم من ذلك إلا أن قرار كونت بتطوير فلسفة الفيزياء والرياضيات والكيمياء والبيولوجيا وغيرها من العلوم، جعله هو أول فيلسوف للعلوم الحديثة، كما أنه اهتم بالبعد الاجتماعي لتلك العلوم مما أدى إلى ترك صداه في نواحي متعددة لدى وجهات النظر الحالية، وفيما يتعلق بفلسفة السياسة من ناحية أخرى فكانت أقل شهرة بسبب اختلافها جوهرياً عن الفلسفة السياسية الكلاسيكية.
أهم أعماله
- دروس الفلسفه الوضعيه The Course on Positive philosophy.
- نظام السياسة الوضعية The System of Positive Polity.
- الكتابات الباكرة The Early Writings.
نشأة ومبادئ الفلسفة الوضعية
- تعرفنا على من هو مؤسس الفلسفة الوضعية؟ وهو أوغست كونت والذي بدأ بوضع هذا المصطلح في بداية القرن 19 ومنذ ذلك الحين اعتقد في قرارة نفسه أن العالم في وقت ما سيصل إلى مرحلة متطورة من الثقافة والفكر والعلم تساعد على انتفاء كافة العلوم والقضايا الغيبية والدينية والفلسفية.
- خاصة وأن النظرية الوضعية المنطقية وأقسامها تعد هي النقيض الأول لكافة علوم اللاهوت والميتافيزيقا والغيبيات وكافة علوم ما وراء الطبيعة وغيرها من الأمور البديهية، سواء كانت تراثية أو دينية اعتقدها الناس منذ قديم الأزل.
- كما أكد العالم الكبير في مختلف أفكاره وكتاباته بأن القضايا العلمية هي فقط التي ستبقى لأنها قضايا مثبتة بالجوارح والحواس والعلم والخبرات الواقعية وغيرها، اعتقاداً منه أنه عند حدوث ذلك سيتم محو الدين من ساحة المجتمعات البشرية.
- وبالتالي يسعى الجميع للاهتمام فقط بالعلوم الحقيقية التي نعيشها من حولنا، وأن كافة الظواهر الطبيعية لا تعتمد على السمع والتراثيات وما ورد في كتب دينية وسماوية، في حين أن المجتمع سيصبح أكثر نضجًا وتحضرًا.
خصائص الفَلسفة الوضعية
في ما يلي نشير إلى ما هي خصائص الفلسفة الوضعية؟ والذي يتميز بالعديد من الخصائص التي أكسبته صفات فريدة عن غيره من التوجهات الفلسفية التي تشابه، ومنها:
- العلم والمنطق هما المرجع الوحيد للمعرفة الحقيقية وبالتالي للوضعيه.
- كافة الحقائق هي الأصل في العلوم كلها.
- الفلسفة لا تختلف عن العلوم التطبيقية من حيث الوسائل والأدوات والمصداقية المستخدمة للوصول في النهاية للحقيقة.
- الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه تلك الفلسفة بمختلف مجالاتها هو الحصول على مبادئ ومفاهيم منطقية مشتركة بين مختلف العلوم التي تساهم في تقدم وإرشاد البشرية، وبالتالي هي قاعدة متينة لأساسيات المجتمع البشري.
- النظرية الوضعية ترفض كافة العلوم المبنية على التكهنات والحدس والمعرفة الميتافيزيقية.
أشهر رواد الفلسفة الوضعية
من أهم رواد المدرسة الوضعية؟ ما يلي:
- كان أول ظهور واضح لمصطلح الوضعية وكذلك الفلسفة الوضعية في عصر الفيلسوف كلود هنري عام 1760 حتى 1825، حيث أوضحها على أنها توجه علمي يسعى لفهم حقائق الكون.
- ثم تطورت بعد ذلك إلى مفهوم أعمق في عصر الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت عام 1789 حتى 1857، حيث كان تلميذاً لكلود وساهم بشكل كبير في وضع الأسس المنهجية لهذا المصطلح الخاص بتلك الفلسفة.
- ثم جاء الفيلسوف هيبوليت تاين عام 1828 حتى 1893 ومعه لونجست ايميل عام 1801 وحتى 1881، وكانوا يناديان ويدعما توجه كلا من الفلاسفة كونت وكلود وذلك في النصف الثاني من القرن 19.
- ثم بدأت المساهمة الكبرى لانتشار هذا المفهوم على يد الفيلسوف فيين سيركل، حيث ساعد في جمع شتات المبادئ التي وضعها كافة الفلاسفة الذين سبقوه، وذلك في منهج وصيغة واحدة هي الصيغة الحالية والحاضرة المعروفة للوضعيه.
نقد الفلسفة الوضعية
على الرغم من أنه للوهلة الأولى منطق النظرية الوضعية تبدو واضحة، إلا أنها في النهاية لها عدة انتقادات ومنها، ما يلي:
- تصبح عاجزة تماماً عن تفسير كافة الظواهر الكونية من حولنا بشكل منطقي وكامل، وذلك في الواقع أدى إلى أن مختلف رواد هذه المدرسة يضمحل شيئا فشيئاً، مما أدى إلى أن ذلك التوجه الفلسفي أصبح في الوقت الحاضر مهمشاً إلى حد كبير ولم تعد له قاعدة جماهيرية واسعة مثل التي كان يحظى بها في الماضي.
- ومن الأمثلة البسيطة جداً التي لا يمكن لمنطق تلك الفلسفة وضع حل راسخ لها هي الشخص الكاذب، فإن معضلة هذا الشخص في الواقع على رغم من بساطتها إلا أنها كانت رقماً صعباً للغاية في منهج تلك المنطقية وما نادت به،
- حيث تقوم على أنه في حال قال شخص لنا جملة "أنا كاذب"، ولكن تلك الجملة على الرغم من بساطتها إلا أنها تطرح تساؤلات متعددة، هل هذا الشخص كاذب أم صادق، وهو سؤال بسيط ومنطقي، ولكن الجواب له إذا كان صادق فبالتالي جملته جملة صحيحة وهذا الشخص كاذب، وان كان كاذباً فإن جملته غير صحيحة ولكنه صادق، تلك معضلة بسيطة تبين أن منطق المنهج الوضعي غير مفسر لكل شيء حتى الأمور البسيطة فيجعلها معقدة وصعبة الفهم.
رأي الإسلام في الفلسفه الوضعيه
- يقوم الدين الإسلامي بشكل عام على كافة المعتقدات الغيبية، وهي وجود إله ورسل وجنة ونار وملائكة وحساب وعقاب وميزان وصراط وغيرها من الأمور، وكافة الأمور الغيبية في مجملها تختلف بشكل كبير مع مبادئ نظرية الفلسفة الوضعية، حيث تلغي كل الغيبيات غير المنطقية.
- ومن هذا المنطلق بدأ كافة العلماء المسلمين يصدرون فتاوى وآراء متعددة ترفض تلك النظرية، واعتبروا أن كافة الفلاسفة المؤيدين للوضعية المنطقية هم عبارة عن متطرفين وملحدين ومناهضين للأديان، خاصة الدين الإسلامي الذي يدعو إلى القيم الحميدة والأخلاق، في حين أن تلك النظرية لا تعترف بالغيبيات.
بعد أن تعرفنا على أفكار وتوجهات أوغست في الفلسفة الوضعية وأشرنا إلى كافة التفاصيل التي تتعلق بهذا المنهج الوضعي الذي يختلف عن كافة الميادين الاجتماعية الإنسانية، ورأي الدين الإسلامي والشرع في هذا النوع من الفلسفة والذي يرفضها بشكل كامل، لأنها أصبحت في النهاية عاجزة عن تفسير مختلف الظواهر من حولنا ولم تنجح في أن تغدو توجه فلسفي مطلق يجمع بين العلوم ويوحد مفاهيم المجتمع.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_20243
تم النسخ
لم يتم النسخ