كتابة :
آخر تحديث: 08/07/2025

متى كان العصر الميوسيني ومميزاته وخصائصه؟

يُعد العصر الميوسيني من العصور الجيولوجية البارزة في تاريخ الأرض، حيث مثّل مرحلة انتقالية في تطور الكائنات الحية والمناخ. ويمتد هذا العصر ضمن حقبة الحياة الحديثة (السينوزوي) ويأتي بعد العصر الأوليغوسيني وقبل العصر البليوسيني. في هذا المقال في موقع مفاهيم نستعرض متى كان العصر الميوسيني ومتى انتهى، بالإضافة إلى أبرز ملامحه الزمنية والجيولوجية.
متى كان العصر الميوسيني ومميزاته وخصائصه؟

جدول المحتويات

العصر الميوسيني

العصر الميوسيني (Miocene Epoch) هو أحد العصور الجيولوجية التابعة لعصر النيوجين (Neogene)، وامتد من حوالي 23.03 إلى 5.33 مليون سنة مضت. يأتي بعد العصر الأوليغوسيني (Oligocene) وقبل العصر البليوسيني (Pliocene)، ومن أبرز خصائص ومميزات هذا العصر ما يلي:

1. تطور الحياة الحيوانية:

  • ازدهار الثدييات الحديثة (مثل الخيول، والغزلان، والفيلة، والقرود).
  • ظهور أولى أنواع القردة العليا، ويُعتقد أن بعض أسلاف الإنسان تعود لهذا العصر.
  • نشاط كبير في تنوع الحيوانات البحرية مثل الفقمات والدلافين.

2. تطور النباتات:

  • انتشار الأراضي العشبية (Grasslands) بدلاً من الغابات الكثيفة.
  • ظهور نباتات أكثر تكيفًا مع المناخ الجاف.

3. الجيولوجيا والصفائح:

  • استمرار حركة الصفائح التكتونية وتشكّل جبال كالهيمالايا والألب.
  • تشكّل الممرات بين القارات مما سمح بهجرة الحيوانات.

4. الحدث الجيولوجي الأبرز:

  • أزمة الملوحة الميسينية (Messinian Salinity Crisis): انحصر البحر الأبيض المتوسط عن المحيط الأطلسي، وجفّ جزئيًا، مما أثر في الكائنات البحرية والأنظمة البيئية.

العصر الميوسيني شكّل حلقة انتقالية مهمة في تطور الأرض من بيئة دافئة وغابية إلى بيئة أكثر جفافًا وانفتاحًا، وهو العصر الذي ظهرت فيه البدايات الحقيقية لتطور القردة العليا وأسلاف الإنسان.

متى كان العصر الميوسيني؟

امتد العصر الميوسيني من حوالي 5.333 إلى 2.58 مليون سنة مضت لمدة 2.753 مليون سنة تقريبُا.

يقسم إلى ثلاث مراحل رئيسية:

  • الميوسيني المبكر (Early Miocene): 23–16 م.س
  • الميوسيني الأوسط (Middle Miocene): 16–11.6 م.س
  • الميوسيني المتأخر (Late Miocene): 11.6–5.3 م.س

مراحل العصر الميوسيني

إليك مراحل العصر الميوسيني (Miocene Epoch) بالتفصيل، وهي مقسّمة إلى ثلاث فترات رئيسية تتضمن ست مراحل زمنية فرعية وفقًا للتقسيم الجيولوجي الدولي:

أولًا: الميوسيني المبكر (Early Miocene)

الأكويتاني (Aquitanian)

  • من 23.03 إلى 20.43 مليون سنة مضت
  • يتميّز بانتشار الغابات الدافئة وظهور أنواع مبكرة من الثدييات والقردة.

البورديغالي (Burdigalian)

  1. من 20.43 إلى 15.97 مليون سنة مضت
  2. شهد توسعًا كبيرًا في الثدييات وتنوع الكائنات البحرية.

ثانيًا: الميوسيني الأوسط (Middle Miocene)

اللانجياني (Langhian)

  • من 15.97 إلى 13.82 مليون سنة مضت
  • ارتفعت فيه درجات الحرارة مؤقتًا وازدهرت الشعاب المرجانية.

السيرافالي (Serravallian)

  • من 13.82 إلى 11.63 مليون سنة مضت
  • بداية انخفاض درجات الحرارة وظهور تغيرات مناخية كبيرة.

ثالثًا: الميوسيني المتأخر (Late Miocene)

التورتوني (Tortonian)

  • من 11.63 إلى 7.25 مليون سنة مضت
  • شهد بداية التحول إلى مناخ أكثر جفافًا، وظهور السافانا.

المسيني (Messinian)

  • من 7.25 إلى 5.33 مليون سنة مضت
  • أبرز ما يميّزه: أزمة الملوحة الميسينية التي أدت إلى شبه جفاف البحر الأبيض المتوسط.

أزمة الملوحة الميسينية

أزمة الملوحة الميسينية (Messinian Salinity Crisis) هي واحدة من أهم الأحداث الجيولوجية في تاريخ البحر الأبيض المتوسط، وقد وقعت في أواخر العصر الميوسيني، قبل حوالي 5.96 إلى 5.33 مليون سنة مضت.

ما هي أزمة الملوحة الميسينية؟

هي فترة جفاف شبه كامل للبحر الأبيض المتوسط نتيجة انقطاع الاتصال بينه وبين المحيط الأطلسي عبر مضيق جبل طارق، مما أدى إلى:

  • انخفاض كبير في مستوى مياه البحر.
  • تبخر كميات ضخمة من المياه.
  • ترسب كميات هائلة من الأملاح والمعادن.

أسباب الأزمة:

  1. ارتفاع القارات المحيطة وانخفاض المحيطات.
  2. حركة الصفائح التكتونية التي أغلقت مضيق جبل طارق.
  3. تغيّرات في مستوى البحار عالميًا.

نتائج الأزمة:

  • تبخرت المياه بشكل كبير، وخلّفت خلفها رواسب من الملح والجبس بسمك مئات الأمتار.
  • تكونت أحواض ملحية في قاع البحر.
  • ماتت كائنات بحرية كثيرة بسبب التغيرات المفاجئة في درجة الملوحة والحرارة.
  • أثرت في المناخ المحلي، وأدت إلى تغير النظم البيئية في حوض البحر المتوسط.

نهاية الأزمة:

  • حدث فيضان ضخم يُعرف بـ الطوفان الزانكلي (Zanclean Flood) عندما انفتح مضيق جبل طارق مجددًا.
  • تدفقت مياه المحيط الأطلسي إلى الحوض الجاف، وأعاد ملء البحر الأبيض المتوسط خلال وقت قصير نسبيًا.

أين نجد أدلة الأزمة اليوم؟

  • في رواسب الملح والجبس الموجودة في قاع البحر الأبيض المتوسط.
  • في دراسة الأخاديد العميقة تحت سطح البحر (مثل دلتا نهر النيل القديمة).

العصر الميوسيني والنباتات

شهد كوكب الأرض تحولات كبيرة في الغطاء النباتي، تأثرت بتغير المناخ وتطور الأنظمة البيئية. وكان لهذه التغيرات دورٌ حاسم في تشكيل المناظر الطبيعية الحديثة، ومن خصائص هذا العصر النباتية، ما يلي:

1. انتشار النباتات العشبية (Grasslands):

  • واحدة من أبرز سمات العصر الميوسيني هي الانتقال من بيئات الغابات الكثيفة إلى الأراضي العشبية المفتوحة.
  • ظهرت أنواع كثيرة من النجيليات (Grasses)، مثل:
  • الحشائش الطويلة.
  • النباتات المزهرة المعمرة.
  • أسهم هذا في دعم تطور الحيوانات آكلة العشب مثل الأحصنة والغزلان.

2. تراجع الغابات الاستوائية:

  • نتيجة الانخفاض التدريجي في درجات الحرارة، تراجعت الغابات الاستوائية نحو المناطق المدارية.
  • أفسح هذا المجال لبيئات أكثر انفتاحًا مثل السافانا والغابات المتناثرة.

3. ظهور النباتات المتأقلمة مع الجفاف:

  • ازدهرت النباتات المقاومة للجفاف مثل النباتات ذات الأوراق الشمعية والسميكة (xerophytes).
  • انتشرت نباتات البحر الأبيض المتوسط التي تعيش في مناخات معتدلة دافئة وجافة.

4. التطور المشترك مع الحيوانات:

  • تطورت النباتات مع الحيوانات التي ترعاها؛ فمع انتشار الحشائش، ظهرت أسنان الحيوانات القادرة على طحنها بكفاءة (مثل الخيول المجترّة)، وأدي هذا التطور إلى:
  • أدى هذا التغير في النبات إلى إعادة تشكيل النظم البيئية.
  • أسهم في ظهور أنواع جديدة من الحيوانات والنباتات.
  • مهّد لبيئة السافانا التي ارتبطت لاحقًا بنشوء أوائل الإنسان في أفريقيا.

أين نجد دلائل على هذه النباتات؟

  • في الأحافير النباتية والرواسب العضوية.
  • في حبوب اللقاح المحفوظة في الصخور الرسوبية.
  • في آثار التربة القديمة (paleosols) التي تدل على الغطاء النباتي آنذاك.

ظهور القردة في العصر الميوسيني

شهد العصر الميوسيني نقطة تحوّل كبرى في تاريخ تطور الرئيسيات، حيث كان العصر الذهبي لظهور وتنوّع القردة العليا (Apes)، بما فيهم أسلاف الإنسان الأوائل، ويتمثل ظهور القردة في العصر الميوسيني، فيما يلي:

1. بداية القردة العليا (Hominoidea):

  • في أوائل العصر الميوسيني، ظهرت أنواع مبكرة من القردة في أفريقيا، مثل:
  • Proconsul: يُعد أحد أقدم القردة العليا المكتشفة، عاش قبل حوالي 20 مليون سنة، وكانت له خصائص تجمع بين القردة القديمة والقردة الحديثة.

2. الهجرة من أفريقيا:

  • خلال الميوسيني الأوسط، بدأت القردة بالانتقال من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا عبر ممرات اليابسة، مما أدى إلى تنوعها جغرافيًا وتطوريًا.

3. تنوع القردة في أوروبا وآسيا:

  • ظهرت أجناس جديدة، مثل:
  • Dryopithecus في أوروبا.
  • Sivapithecus في جنوب آسيا (الهند وباكستان).
  • Ouranopithecus في اليونان، ويُعتقد أنه قريب من سلف الإنسان.

4. التكيّف البيئي:

  • تحوّلت موائل القردة من الغابات الكثيفة إلى بيئات أكثر انفتاحًا (مثل السافانا والغابات المتفرقة).
  • تطور قدراتها على المشي على الأرض، جزئيًا، إلى جانب مهارات التسلق.

هل القردة البشرية ظهرت في هذا العصر؟

نعم، يُعتقد أن الأسلاف المشتركة بين الإنسان والشمبانزي قد عاشوا في أواخر العصر الميوسيني، بعض العلماء يرجّحون أن Sahelanthropus tchadensis (عُثر عليه في تشاد) عاش قبل 7 ملايين سنة، أي في نهاية الميوسيني، وقد يكون أقدم سلف معروف للإنسان.

أهمية العصر الميوسيني في التطور البشري:

  • هو المرحلة الحاسمة التي بدأت فيها القردة العليا تتمايز تدريجيًا.
  • وضع الأساس لتطور الإنسان في العصور اللاحقة (البليوسيني وما بعده).
  • سجل الأحافير خلال هذا العصر وفير جدًا ويُستخدم في رسم شجرة تطور الإنسان.

العصر الميوسيني والمناخ

العصر الميوسيني شهد تغيرات مناخية كبرى أثرت على تطور وتوزيع الكائنات الحية، خاصة الثدييات والنباتات، ومن أهم خصائص المناخ خلال العصر الميوسيني، ما يلي:

1. في بدايته:

  • دافئ ورطب، وانتشرت الغابات الكثيفة في أفريقيا وأوروبا.
  • ازدهرت الكائنات الحية، خصوصًا القردة والثدييات الكبيرة.

2. منتصف العصر:

  • بدأ انخفاض تدريجي في درجات الحرارة.
  • تشكّل الجليد في القطب الجنوبي، وتراجعت مستويات البحر.
  • تحولت بعض الغابات إلى أراضٍ عشبية وسافانا.

3. في نهايته:

  • أصبح المناخ أكثر جفافًا وبرودة.
  • تصحّرت مناطق واسعة، وظهرت بيئات منفتحة ساعدت في تطور القردة العليا وأسلاف الإنسان.

أثر المناخ على الحياة:

  • النباتات: تحوّلت الغابات إلى نباتات مقاومة للجفاف وانتشرت الأراضي العشبية.
  • الحيوانات: ازدهرت آكلات العشب وتكيّفت القردة العليا مع البيئات الجديدة.
  • الإنسان الأول: مهدت هذه التغيرات الطريق للسلوك الأرضي عند أسلاف الإنسان.

أحفوريات العصر الميوسيني

بعد معرفة متى كان العصر الميوسيني، تعد أحفوريات العصر الميوسيني من أغنى الأدلة الجيولوجية والبيولوجية التي تُستخدم لفهم تطور الحياة على الأرض، وخاصة تطور الثدييات، والنباتات، والقردة، وحتى أسلاف الإنسان. وقد وُجدت هذه الأحافير في عدة قارات، مما يدل على انتشار وتنوع الكائنات الحية في هذا العصر.

ما هي أحفوريات العصر الميوسيني؟

هي بقايا متحجرة لكائنات عاشت خلال العصر الميوسيني، وتشمل:

1. أحافير الثدييات الكبيرة:

  • الخيول المبكرة مثل Merychippus: بدأت تظهر خصائص الأسنان عالية التاج، نتيجة تطورها في بيئات عشبية.
  • الأفيال القديمة مثل Gomphotherium: امتلكت أنيابًا طويلة وظهرت في أفريقيا وآسيا وأمريكا.
  • القطط ذات الأسنان السيفية (Sabertooth cats): مثل Machairodus، وكانت من أبرز المفترسات في هذا العصر.
  • الظباء، الغزلان، الخنازير البرية: تطورت وتوسعت مع تزايد المساحات العشبية.

2. أحافير القردة العليا (Hominoids):

  • Proconsul (في كينيا): من أوائل القردة العليا، له أهمية كبرى في دراسة تطور الإنسان.
  • Dryopithecus (في أوروبا): شبيه بالقردة الحديثة، وقد يكون سلفًا مشتركًا للإنسان والشمبانزي.
  • Sivapithecus (في الهند وباكستان): قريب وراثيًا من إنسان الغاب (orangutan).
  • Ouranopithecus (في اليونان): يُعتقد أنه من أوائل القردة الشبيهة بالإنسان في أوروبا.

3. أحافير النباتات:

  • حفريات حبوب اللقاح (pollen) من الأعشاب والشجيرات والنخيل.
  • رواسب أوراق الأشجار والفحم النباتي، تعكس تغيرات المناخ من غابات إلى أراضٍ عشبية.
  • أنواع نباتات مقاومة للجفاف كانت موجودة بكثرة في البيئات القارية.

4. أحافير الكائنات البحرية:

  • الرخويات والقواقع والأسماك المتحجرة في أحواض البحر الأبيض المتوسط قبل "أزمة الملوحة الميسينية".
  • أسماك قرش عملاقة مثل Carcharocles megalodon التي ربما ظهرت في أواخر الميوسيني.

أماكن مشهورة باكتشاف أحفوريات الميوسيني:

  • شرق أفريقيا (كينيا، إثيوبيا، أوغندا)
  • أوروبا (فرنسا، اليونان، ألمانيا)
  • آسيا (الهند، باكستان)
  • أمريكا الشمالية (نبراسكا، فلوريدا)
  • البحر الأبيض المتوسط (رواسب الأزمة الملحية)

أهمية أحفوريات الميوسيني:

  • توضح مسار تطور الثدييات والبيئة المحيطة بها.
  • تُساعد في رسم شجرة تطور الإنسان.
  • تسجّل التحولات المناخية الكبرى وتأثيرها على الحياة.
بعد معرفة متى كان العصر الميوسيني، اختُتم العصر الميوسيني قبل أكثر من 5 ملايين سنة، لكنه ترك بصمة واضحة في سجل الأحافير والمناخ والتنوع البيولوجي. فقد شهد هذا العصر تطور القردة العليا وتغيرات مناخية كبيرة، بالإضافة إلى ظواهر جيولوجية مدهشة مثل أزمة الملوحة في البحر الأبيض المتوسط، مما يجعله فترة محورية في تاريخ الأرض.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ