الكورونا في مختبر علم الاجتماع
جدول المحتويات
الكورونا في مختبر علم الاجتماع
يتسائل العديد من علماء النفس عن مصطلح الكورونا في مختبر علم الاجتماع حيث يركزون على تأثير كورونا على الجانب الاجتماعي:
علم الاجتماع، مثل العلوم الطبيعية والبكتريولوجية وغيرها من العلوم الحقيقية، ترص التحولات الاجتماعية الناتجة إما عن التغيرات في نمط الإنتاج أو التغيرات في نظام الحكم.
مما أدى إلى ظهور الطبقات الاجتماعية و أنظمة الحكم وانهيار الآخرين، أو أيضًا بسبب الكوارث الطبيعية، أو الكوارث التي سببها العلم نفسه، مثل فيروس كورونا.
منذ إعلان منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا جائحة، سعى الأساتذة وعلماء الاجتماع إلى فهم جائحة كورونا كظاهرة اجتماعية، وتحليل تأثيره المحتمل على الأفراد والمجتمع، ودراسة تأثير الأزمة العالمية التي تسببها انتشار فيروس كورونا.
خلص عالم الاجتماع الفرنسي آلان تورين إلى أن "العالم لم يعد كما كان عليه من قبل، كما هو اليوم".
مضيفًا أنهناك غياب الفاعلين، قلة المعنى، غياب الأفكار وحتى المصالح، الواضح الآن هو تفضيل فيروس (كورونا) لاستهداف كبار السن، والأسلحة التي لدينا ضعيفة، ولا يمكننا التواصل مع بعضنا البعض، والأهم أن نبقى في المنزل.
وكتب الأستاذ الجامعي التونسي، من نفس منفذ العزلة والتفرقة دخل فيروس كورونا إلى مختبر علم الاجتماع على وجه التحديد لأنه أجبر سكان العالم المتصل على إعادة العلاقات الاجتماعية.
بل أجبر فيروس كورونا على تغيير شكل التواصل الاجتماعي، وأجبرنا على الابتعاد عن الاتصال الجسدي، وبالتالي تغيير أشكال التواصل الاجتماعي وبناء روابطها من جديد.
وذكر الباحث التونسي في بحثه عن فيروس كورونا، واصفًا المجتمع بالمجتمع الوبائي، ولكن هذا لا يتعلق بتفشي فيروس كورونا فقط.
بل لأنه بحسب قوله "عشنا منذ عقود مع وباء ينتشر في العديد من جوانب الحياة والظواهر والممارسات والمشاعر والعواطف ".
ويضيف الباحث التونسي في وصفه للمجتمع الوبائي بأنه مجتمع "يقسم نفسه فيما يتعلق بالوباء نفسه، بين الوعد بالبقاء والمحكوم عليه بالكارثة، وفيما يتعلق بالتعامل معه بين الرعاة الصحيين والمضاربين بالموت.
أيضًا في نفس الدراسة التي ركزت على المجتمع التونسي يركز الباحث في علم الاجتماع "ماهر حنين" على مصطلح "المجتمع المهمش" حيث يركز على الجزء المهمش من المجتمع التونسي، وكيف تفاعلوا مع فيروس كورونا.
أيضًا عكست مدى فقر المحتمع التونسي، حيث أظهرت الدراسة أن أكثر من مليون تونسي يصلهم مساعدات شهرية تقل عن 100 دولاء، وهذا الهامش يمثل تقريبًا أكثر من 20% من الشعب التونسي.
والبحث أيضًا يركز على قدرة المجتمعات التونسية بشكل خاص والعربية بشكل عام على مواجهة مثل هذه الأزمات، كما كشفت على القاعدة الاجتماعية التي أظهرتها فيروس كورونا، وهي الهشاشة الاقتصادية، والاجتماعية والنفسية.
حيث يوجد في تونس حوالي 700 ألف عاطل عن العمل، بجانب 285 ألف عائلة محتاجة، و 622 ألف عائلة ذات دخل محدود، وهذا دون النظر إلى المتقاعدين عن العمل.
الأوبئة الاجتماعية الناتج عن فيروس كورونا
كان لفيروس كورونا دورًا هامًا في ظهور العديد من الأوبئة الاجتماعية التي نعاصرها الآن، والتي تعد أخطر من وباء كورونا نفسه.
ومن منظور الوباء الاجتماعي فإن الشيء المثير للاهتمام حول هذه الأوبئة النفسية الاجتماعية هو أنها لديها القدرة على إصابة كل شخص في المجتمع تقريبًا، وإليك الأوبئة الاجتماعية الناتجة عن فيروس كورونا:
-
وباء الخوف
في بداية هذا الوباء وعندما اقتصر على مقاطعة ووهان في الصين، كان هناك تخوف بين الناس من أن الوباء سيصيبهم، ولوباء الخوف العديد من الخصائص المميزة:
أولاً- الخوف هو رد فعل على تهديد محسوس، وطاعون الخوف مزيج من القلق والشك، هناك خوف من إصابة شخص بالفيروس والاشتباه في إصابته بالفعل، ومع زيادة عدد الحالات المؤكدة، يزداد القلق العام الذي يغذيه الشعور بالعجز والضعف.
والسمة الثانية لوباء الخوف هو العادات المفرطة لتجنب الوباء مثل الغسل المتكرر لليدين، والعزلة الاجتماعية، وتجنب المصافحة والتقبيل.
السمة الثالثة البارزة هي الطريقة التي ينفصل فيها الخوف والشك تمامًا عن حقيقة الوباء بسبب دور الإعلام في نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة.
-
وباء وصمة العار والأخلاق
وصمة العار وكراهية الأجانب هما جانبان مهمما عن تأثير فيروس كورونا على المجتمع، ولفهم هذا يجب أن نشير إلى مفهوم في علم النفس يسمى "جهاز المناعة السلوكي".
حيث يعتمد هذا المفهوم على فكرة أن نظام المناعة البيولوجي لدينا لا يكفي لمساعدتنا على تجنب العدوى، لذلك يبدأ الخوف من القادمين الجدد في الظهور.
كما هناك العديد من الأمثلة في أوروبا، على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، كان هناك وصم متزايد للأشخاص المنحدرين من أصل صيني وآسيوي بشكل عام، وتم وصم الصين سياسيًا من خلال تصوير الوباء على أنه الفيروس الصيني.
ومع ذلك بدأت الحركات المضادة في الظهور، عندما بدأ النشطاء يتدفقون على شعارات محاربة الأوبئة بدلاً من محاربة البشر وفهم الحقائق والعلم، لم تفرق الفيروسات بين البشر.
أما أخلاقيًا ودينيًا هناك توجه متزايدن وخاصة في الأوساط الدينية إلى إعطاء فيروس كورونا معنى ديني وإلهى أكثر.
فمثلًا القس الإنجيلي المفضل لدى ترامب روبرت جيفرز هو: هل فيروس كورونا اختبار من الله؟ الجواب: فيروس كورونا ليس من الأوبئة.
لكنه يحذر من أن "كل الكوارث الطبيعية يمكن إرجاعها في النهاية إلى الخطيئة"، وفي نفس المجال، قال رجل الدين الشيعي هادي المدرسي المقيم في مدينة قم الإيرانية، إن انتشار فيروس كورونا بلا شك عقاب الله على الشعب الصيني على عدم احترام المسلمين والإسلام.
-
وباء الفعل ورد الفعل التكيفي
ظهرت ثقافات وردود الفعل على فيروس كورونا حول العالم لمواجهة القيود المفروضة على الحياة اليومية والعزلة المملة للحجر الصحي والبقاء في المنزل.
في إيران، انتشرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي للعاملين الصحيين وهم يرقصون ويغنون في محاولة للحفاظ على معنوياتهم بينما تواجه البلاد أسوأ انتشار لفيروس كورونا خارج الصين.
أما بالنسبة لأوروبا فقد بدأ الإيطاليون والفرنسيون، المحاصرون في شققهم، يشعرون بقيود حريتهم الشخصية، لذلك يفتحون نوافذهم ويغنون، واجتماعيًا يميل البشر إلى أن يكونوا أكثر تعاونًا وحبًا من أجل البقاء.
ومع ذلك، في معظم البلدان، لا يزال انعدام الثقة بين الجمهور والحكومة يلعب دورًا في زيادة صعوبة التعامل مع تفشي المرض.
إن عدم المساواة المتجذر، وانعدام المساءلة والشفافية، كلها طرق تزيد من انعدام الثقة والخوف والذعر في حالات الأزمات، ولسوء الحظ،لا يمكن تبديد انعدام الثقة الناتج بسهولة.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_14766