كتابة :
آخر تحديث: 19/04/2025

على ماذا يستند اليهود في مزاعمهم؟

لطالما شكّلت قضية فلسطين محورًا للصراعات السياسية والدينية عبر العصور، ويأتي اليهود في طليعة من يزعمون أن لهم "حقًا تاريخيًا" في هذه الأرض المقدسة. لكن... على ماذا يستند اليهود في مزاعمهم؟ وهل تسعفهم الأدلة التاريخية أو الدينية أو القانونية في تثبيت هذا الادعاء؟ هذا ما سنكشفه في السطور القادمة في موقعكم مفاهيم، بعيدًا عن العاطفة، وبميزان المنطق والواقع.
على ماذا يستند اليهود في مزاعمهم؟

على ماذا يستند اليهود في مزاعمهم؟

اليهود في مزاعمهم حول "أحقّيتهم" في فلسطين أو "أرض الميعاد" يستندون إلى مجموعة من النصوص الدينية والتفسيرات التاريخية والسياسية، وتُعتبر هذه المزاعم محورًا للصراع العربي الإسرائيلي، إليكِ أبرز ما يستندون إليه:

أولًا: الأساس الديني (من التوراة والعهد القديم)

  • وعد الله لإبراهيم: يدّعي اليهود أن الله وعد النبي إبراهيم ونسله بأرض كنعان (فلسطين حاليًا) كما ورد في التوراة: "لنسلك أعطي هذه الأرض" (سفر التكوين 12:7)
  • تحديد جغرافي مزعوم: في التوراة، يُذكر أن الله وعد إبراهيم بالأرض "من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات" (تكوين 15:18)، وهو ما فسّره بعضهم على أنه يشمل أجزاء من مصر وسوريا والعراق!
  • الهيكل وسليمان: يُعتقد أن جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف الآن) كان موقع "الهيكل الأول" الذي بناه النبي سليمان، وهذا من مبرراتهم للسيطرة على القدس.

ثانيًا: الأساس التاريخي (الادعاء بوجود قديم لهم في فلسطين)

  • المملكة اليهودية القديمة: يزعمون أنهم أقاموا مملكتي يهوذا وإسرائيل في أجزاء من فلسطين في العصور القديمة (قرابة 1000 سنة قبل الميلاد).
  • الشتات اليهودي: بعد دمار الهيكل الثاني عام 70م على يد الرومان، تم طرد اليهود من فلسطين، ويدّعون أنهم احتُفِظ لهم بحق "العودة".

ثالثًا: الأساس السياسي الحديث

  • وعد بلفور (1917): وعد أصدرته بريطانيا بإقامة "وطن قومي لليهود" في فلسطين، رغم أن بريطانيا لم تكن تملك الحق في ذلك.
  • قرار تقسيم فلسطين 1947: الأمم المتحدة أصدرت القرار رقم 181، والذي يقضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين (عربية ويهودية)، رغم رفض العرب لذلك.
  • دولة إسرائيل (1948): أعلن اليهود قيام دولة إسرائيل، مستندين إلى الدعم الغربي والمزاعم التاريخية والدينية.

الرد على هذه المزاعم:

  • الدين لا يُؤسّس حقًا قانونيًا: الأرض لا تُورَّث بوعد ديني، خاصة أن الإسلام والمسيحية لهما روايات أخرى.
  • الوجود التاريخي لا يعطي ملكية دائمة: أمم كثيرة عاشت في فلسطين (الكنعانيون، الفلسطينيون القدماء، الرومان، المسلمون...) ولا أحد يحتكر التاريخ.
  • الواقع السياسي نشأ بالاستعمار والاحتلال: إقامة إسرائيل تم بدعم من القوى الغربية وعلى حساب سكان الأرض الأصليين.
  • الأنبياء ليسوا حكرًا على اليهود: إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء، وهو ليس يهوديًا، كما قال الله: ﴿ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً﴾ – آل عمران: 67
  • الوجود المؤقت لا يُكسب ملكية أبدية: عاش في فلسطين الكنعانيون، اليبوسيون، الفلسطينيون، العرب، والمسلمون فترات طويلة. فهل كل من سكن الأرض يملكها للأبد؟!
  • الحق التاريخي لا يعطي شرعية حالية: كثير من الأمم كانت تملك أراضٍ ثم فقدتها، مثل الرومان، الفراعنة، المغول... ولا يطالب أحد بإعادتها لهم الآن.
  • الوجود الإسلامي أطول وأعمق: المسلمون سيطروا على فلسطين منذ عهد عمر بن الخطاب (638م) حتى قيام الكيان الصهيوني (1948م)، أي أكثر من 1300 سنة.

لماذا جمع الله اليهود في فلسطين؟

القرآن لم يذكر أن الله أراد جمع اليهود في فلسطين في العصر الحديث، بل ورد في سياق التحذير من فسادهم وبيان سنن الله فيهم، ومن منظور إسلامي، وجودهم في فلسطين لا يعني أنهم على حق، بل العكس تمامًا:

أولا: من الزاوية الدينية

  • هم "أُخرجوا من ديارهم ظلمًا"، وتم "جمعهم" للتمهيد لنهاية ظلمهم.
  • كثير من العلماء يربطون هذا الجمع بــ وعد الآخرة المذكور في سورة الإسراء.

﴿وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيرا﴾ (الإسراء: 4)

  • بعض المفسرين قالوا إن هذه الآية قد تشير إلى جمعهم للعقاب وليس للتكريم. أي أن الله قدّر أن يُجمَعوا في مكان واحد – فلسطين – ليكون ذلك جزءًا من سنته في معاقبة الظالمين.
  • خلاصة التفسير: إذا حصل "جمع" لليهود، فهو ليس تشريفًا لهم، بل ربما يكون تمهيدًا لزوال ظلمهم وفسادهم كما وعد الله في نهاية سورة الإسراء.

ثانيًا: من الزاوية السياسية والتاريخية (الواقع الحالي)

اليهود تم جمعهم في فلسطين عبر خطط بشرية واستعمارية، وهذه أبرز الأسباب:

  • الصهيونية العالمية: حركة ظهرت في أواخر القرن 19 دعت إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
  • دعم الدول الاستعمارية: خصوصًا بريطانيا (وعد بلفور 1917)، ثم دعم أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية.
  • الحروب والاضطهاد في أوروبا: مثل المحرقة النازية، دفعت الكثير من اليهود للهجرة إلى فلسطين.
  • إقامة دولة إسرائيل 1948: أعلنوا الدولة بدعم دولي، وبدأ التهجير القسري للفلسطينيين.

هل وعد الله اليهود بأرض فلسطين في القرآن؟

الإجابة باختصار: لا، لم يعد الله اليهود بأرض فلسطين وعدًا أبديًا في القرآن الكريم، وإليكِ التفصيل بالأدلة:

أولاً: ما معنى "كتبها الله لهم"؟

في قوله تعالى: ﴿يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم﴾ (المائدة: 21)

  • "كتب الله لكم" لا تعني وعدًا دائمًا، بل تعني: قدّرها الله لكم في هذا الوقت إن أطعتموه. لكن بني إسرائيل عصوا الله ورفضوا الدخول، فقالوا: ﴿إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها﴾ (المائدة: 24)

فما كان من الله إلا أن عاقبهم بحرمانها:

﴿فإنها محرمة عليهم أربعين سنة﴾ (المائدة: 26)

  • الخلاصة: الأرض لم تُعطَ لهم وعدًا مطلقًا، بل بشروط الطاعة، وحُرِموا منها حين عصوا.

ثانيًا: لمن تكون الأرض؟

في سورة الأنبياء: ﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ (الأنبياء: 105)

  • هذه آية عظيمة تُبيّن أن وراثة الأرض ليست لقومٍ معينين، بل لمن؟ "عبادي الصالحون"، أي كل من اتبع هدى الله، بغض النظر عن قوميته أو نسبه.

ثالثًا: هل جمعهم الله في فلسطين تكريمًا لهم؟

﴿وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين... فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفًا﴾(الإسراء: 4–104)

  • هذه الآية تتكلم عن جمعهم في الأرض المقدسة لا تكريمًا، بل تمهيدًا لهلاكهم بعد فسادهم.
  • وهي ما يسمى في التفسير بـ وعد الآخرة، حيث تكون نهايتهم.
  • إذًا، لا يوجد وعد إلهي دائم لليهود بفلسطين في القرآن.
  • الأرض كانت لهم مشروطة بالطاعة.
  • حُرِموا منها بالعصيان والفساد.
  • القرآن يُبيّن أن الأرض للصالحين من عباد الله، لا لفئة قومية محددة.

هل لليهود حق في فلسطين؟

"هل لليهود حق في فلسطين؟ تختلف الإجابة عليه حسب الزاوية التي يُنظر منها سواء كان شرعيًا، تاريخيًا، وقانونيًا. وتتمثل فيما يلي:

1. من الناحية الشرعية (الإسلامية):

  • لا، ليس لليهود حق شرعي في فلسطين. القرآن الكريم يبيّن أن تمليكهم الأرض في وقت معين كان مشروطًا بالطاعة، ولما عصوا وفسدوا، حُرِموا منها:

﴿فإنها محرمة عليهم أربعين سنة﴾ – (المائدة: 26)

والله يقول: ﴿أن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ – (الأنبياء: 105)

  • أي أن الأرض المباركة تكون لمن يتق الله ويصلح، وليس لجنس أو عرق.

2. من الناحية التاريخية:

اليهود سكنوا فلسطين لفترات قصيرة جدًا عبر التاريخ، أبرزها:

  • زمن داود وسليمان عليهما السلام (حوالي 1000 ق.م – 922 ق.م).
  • بعد ذلك تم تدمير ممالكهم وتشريدهم من الأرض.
  • بينما الكنعانيون، اليبوسيون، العرب، والفلسطينيون الأصليون سكنوا الأرض لآلاف السنين قبلهم وبعدهم، وبالتاريخ: ليس لليهود وجود طويل أو متصل يبرر ملكية فلسطين.

3. من الناحية القانونية (الحديثة):

  • الاحتلال الصهيوني لا يستند إلى شرعية قانونية حقيقية.
  • قرار تقسيم فلسطين 1947 (181) لم يُنفَّذ كما خُطِّط له، والصهاينة أعلنوا دولتهم بالقوة.
  • 1948: تم تهجير 750,000 فلسطيني قسرًا فيما عُرف بـ"النكبة".
  • الاحتلال عام 1967 للأراضي (الضفة، القدس، غزة) أدانه المجتمع الدولي، وما زالت الأمم المتحدة تعتبره غير شرعي.
  • مثال: قرار مجلس الأمن 242 يطالب بانسحاب "إسرائيل" من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
في الختام بعد التعرف على ماذا يستند اليهود في مزاعمهم، يمكن القول أن مزاعم اليهود بالحق في فلسطين تتهاوى أمام التحليل العميق للتاريخ والدين والقانون. فما بُني على أساطير وانتقائية في الروايات، لا يمكن أن يقف في وجه شعب عريق له جذوره في الأرض، وحقه ثابت لا يسقط بالتقادم. ففلسطين ليست مسألة جغرافيا فقط، بل قضية هوية وعدالة، لا تزول بزيف الادعاءات.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ