منزل والد الزعيم جمال عبد الناصر
داخل الممر الصغير في المنطقة الشعبية وشوارعها الضيقة التي تتسع بحب أهلها، بمنطقة باكوس في الإسكندرية، وتحديدا شارع القنواتي، تنظر يمينا ويسارا في المباني العتيقة القديمة، ولكن مهلا ترقب قليلا ودقق النظر، إنك الآن أمام منزل والد الزعيم جمال عبد الناصر.
ذلك المنزل الذي تربي فيه الزعيم وتحول إلى مكتبه تعلوه صورته الشامخة، ويتميز بالبساطة التي تعود عليها في حياته، وقربه الشديد من عامة الشعب والطبقات الفقيرة.
المنزل البسيط اشتراه والده عبد الناصر حسين، الذي كان يعمل في مصلحة البريد بالإسكندرية، ليكون شاهدا على مولد أهم رؤساء مصر، حتى اِنتقل الوالد إلى القاهرة، وباع الأب المنزل لأسرة"الصاوي"، وتعاقبت السنوات وأمر الرئيس السادات بإخلاء المنزل لتحويله لمتحف.
و انتهت أعمال تطوير المنزل إلى مكتبة في عهد حلمي النمنم، وزير الثقافة، منذ أغسطس 2016، بحضور أبناء الزعيم وقيادات الإسكندرية، والمواطنين العاشقين لسيرته.
داخل منزل الزعيم
المنزل عبارة عن طابق واحد ذو مساحة متوسطة له أكثر من غرفة، في الوهلة الأولى تجد مكان مخصص للحراسة على أبواب المنزل ثم مكتب للإستعلامات فارغا، وتسلل شيئا فشيئا حتى وجدنا السيدة مايسة تجلس وبجوارها كتبا تجردها وترتبها.
في البداية سألناها "هل تجلسين وحدك هنا، نظرت في ترقب قائلة:"نعم ولكن ليس كل الوقت بل هناك باحثين يأتون للمكان لدراسة التاريخ وإنجاز الرسائل العلمية"
سألت الضيفة الوحيدة في منزل الزعيم: "من أين أبدأ "فأجابت أن كل الكتب الموجودة تخص حياته وسيرته وهمت بالمساعدة دون كلل أو ملل بالرغم من كونها بمفردها، إلا أنها تعتبر بيت والد الزعيم بمثابة قطعة من جسدها.
وتبدأ مواعيد العمل داخل المكتبة من العاشرة صباحا وحتى الثانية ظهرا، والتي تلتزم بها السيدة الوحيدة داخل المنزل، الذي يمتلأ بكنوزا حقيقة لا تقدر بثمن عن حياة الزعيم عبد الناصر، ولاتجد لها قارئا، حتى الحاصلين على درجة الليسانس في التاريخ والباحثين في درجتي الماجستير والدكتوراه.
ولم يهل على المكتبة منذ جلوسنا سوي رجل واحد من أبناء المنطقة، ليسأل عن إمكانية قيامه بالإشتراك مدفوع الأجر للقراءة ، إلا أن الإجابة كانت "تفضل هنا للقراءة بدون إشتراك".
مايسة حاصلة على درجة الماجستير وعينت في وزارة الثقافة، والتحقت بالعمل في مركز الحرية للإبداع بعد مسابقة طاحنة، إلا أنها لم تيئس حتى تدرجت في الوظائف الحكومية والتحقت بالعمل في منزل والد الزعيم جمال عبد الناصر.
وأعربت عن حبها الجم لوظيفتها الجديدة، كما أنها لم تشعر بكلل أو ملل من ترتيب الكتب وتنظيفها، وجلوسها تفكر دائما كيف تطور من المكتبة حتى تستقطب القارئين، والأطفال الصغار أيضا لتعليم الكمبيوتر والمهارات.
الغرف الخاوية في منزل الزعيم
غرفتين في المنزل خاويتان تحلم مايسة أن يكون هناك أجهزة كمبيوتر وورش رسم وكورال وتعليم موسيقى للأطفال، إلا أن الروتين الحكومي الذي يتسم بالملل والرتابة منعها من مواصلة الحلم إلا أنها لم تيئس ومازالت تحاول وتسعى لذلك.
ثلاثة شهور قضتها في إتصال مع وزارة الثقافة، لجلب الأجهزة وعمل الورش للأطفال الصغار فهي ترى أنهم المستقبل لمصر،وقامت بإحضار مدربة خاصة لكورال الأطفال إلا أنها لم تستكمل عملها بسبب الميزانية.
وهناك أيضا مدرب للخط العربي إلا أنه متبرع بوقته من أجل أطفال المنطقة، وتعتبر أن مجهودها في المكتبة ليس تفضل أو منحة وإنما هو واجب عليها إذ تعتبره "واجب وطني"،لإن القراءة والمعرفة أهم من الطعام والشراب.
حياة جمال عبد الناصر
سيرته التاريخية جميعها داخل المكتبة منها كتبا أعدتها ابنته الدكتورة هدى عبد الناصر، 60 عاما على ثورة يوليو الأوراق الخاصة، عبد الناصر واليسار المصري للدكتور فؤاد زكريا.
ومجموعة أخرى عن عبد الناصر والسياسة الخارجية دكتور محمد عبد الوهاب، أربعون عاما علي حرب الإستنزاف، معركة بناء السد العالي وتأثيره الإقتصادي، عبد الناصر والشيوعية للدكتور عبد العظيم رمضان، الزعيم في قلوب الشعراء جمع وتحقيق حسن توفيق.
جمال عبد الناصر من القرية إلى الوطن العربي الكبير، جمال عبد الناصر في عيون الصحافة، وسجل حافل لصور من حياة الزعيم منذ طفولته وحتى وصوله إلى رئاسة مصر.
ولكن مكتبة والد الزعيم أصبحت كتبا ومقاعد خاوية، تنتظر من يقرئها ويتعمق في تاريخ مصر ويعرف أكثر ، خاصة وأن الكتب لايوجد مثيلاتها حتى في مكتبة الإسكندرية، كما تنتظر دعما ماديا أكثر لتزويدها بأجهزة الكمبيوتر، وإستقطاب معلمي المهارات للأطفال.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_438