كتابة :
آخر تحديث: 02/04/2022

أضرار إلقاء اللوم في العلاقات وطرق تجاوزها لإنجاح العلاقة

نجاح العلاقات لا يأتي بمحض الصدفة أو الحظ، بل هو نتاج مجهودات مشتركة للطرفين معاً، وفي العلاقة الناجحة لا مكان للعبة اللوم فيها، فكل طرف يكون مسؤولاً عن أخطائه وتجاوزاته. يمكن اعتبار اللوم في العلاقات أحد المعيقات التي تحُول دون نجاح العلاقة، بل ويعتبر أحد المعايير التي تجعلنا نحكم على العلاقة بأنها سامة. صحيح أن اللوم نزعة طبيعية لدى البشر عند حدوث شيء ما، لكن في العلاقة الناجحة التي يشوبها الصدق يصبح إلقاء اللوم سلوكا ساماً وجب تجاوزه. وفي هذا الإطار يلقي موقع مفاهيم الضوء على هذا الموضوع ليجرد أسبابه وأضراره وطرق تجاوزه.

أسباب إلقاء اللوم في العلاقات

تبادل اللوم بين طرفي العلاقة قد يكون وسيلة سيئة يلجأ لها أحد الأطراف للتهرب من المسؤولية، والتملص من عواقب ونتائج فعل أو قول ما، في هذه الحالة تكون العلاقة سامة ولا جدوى فيها للدخول على خط تبادل اللوم والمنافسة على من سيجد أوراق أكثر ليستعملها ضد الآخر.

معطى آخر قد يقف وراء تبادل اللوم في العلاقة وهو "خطأ الإسناد الأساسي"، هذا المصطلح، وحسب علم النفس الاجتماعي، يعني أن الشخص في حال حدوث أمر لم يعجبه يُرجِح كفة النية السيئة أكثر. على سبيل المثال، إذا تأخر الشريك عن موعد العشاء لن يفكر الطرف الآخر في أن مشكلة ما سببت تأخره بل سيلومه بداعي عدم الاهتمام، في هذه الحالة يكون الحوار السليم هو الحل لتجاوز تلك الملابسات.

اللوم قد يكون وسيلة للهجوم على الطرف الآخر، لكنه يكون في بعض الحالات وسيلة دفاعية لنيل اهتمام الطرف الآخر، فحين لا تُجدي جميع محاولات لفت الانتباه يبقى إلقاء اللوم هو السلاح لكسب بعض الانتباه.

اللوم قد يقف وراءه كذلك حاجة مخفية للتعبير عن حاجة لا تتم تلبيتها من الطرف الآخر، فعندما يلوم الرجل مثلا شريكته بالقول أنها لا تحترمه، فهو ضمنياً يعبر عن رغبته في تلقي ذلك الاحترام الذي لا يتلقاه منها بالطريقة التي يريدها هو.

أضرار إلقاء اللوم في العلاقات

دعنا نتفق بأن اللوم، كيفما كان السبب الكامن وراءه، لا يمكن تبريره أو اعتباره عذراً متجاوزاً لأن أضراره مدمرة للعلاقة:

  • الإساءة العاطفية: أن ترمي باللوم إلى الطرف الآخر سواء كان مبررا أو لا بمثابة عنف لفظي وإساءة عاطفية، لما لذلك من تأثير سام على العلاقة وعلى الطرف الآخر. أضرار هذه الإساءة العاطفية لا يتشاركها فقط العشاق بل كذلك بين أفراد الأسرة والأصدقاء. لا أحد سيتحمل أن يكون مستقبلا دائماً لتلك الإساءة العاطفية السامة.
  • الشعور الملازم بالذنب: تلَقي اللوم في إطار العلاقات الأسرية سيؤدي إلى تطوير مشاعر سلبية تجاه الذات، كالشعور الدائم بالذنب على شيء فعلته أو لم تفعله، وجلد الذات واحتقارها وفقدان الثقة بالنفس. لا تستصغر كلمات اللوم وإن لم تكن بنية سيئة، لأنها قد تدمر ذات الآخر من الداخل.
  • انطفاء شعلة الحب: مهما بلغت درجات الحب بين العشاق لا يمكن أن تمر فواصل اللوم المتكررة دون أن تٌحدث أضراراً على العلاقة، حيث تطفئ شعلة الألفة وتقضي على الحماسة في الدخول في أي حوار لمعرفته المسبقة أنه لن يسلم من سهام اللوم على ما فعله وما لم يفعله.

كما أن اللوم سيفهمه الطرف الآخر في العلاقة على أنه تكتيك للهروب وبالتالي يدخل الطرفان في دوامات من الاتهامات والمشاحنات.

طرق تجاوز اللوم في العلاقات

بعض الأشخاص والعلاقات قد تستحق المحاولة لإيصالها لبر الأمان بعيدا عن أمواج اللوم العاتية، ولذلك نقترح أدناه مجموعة من الطرق لتجاوز اللوم في العلاقة ووضع حد له:

وضع النفس مكان الطرف الآخر

تناسينا لما قد يشعر به الآخر لحظة وضعه في وجه مدفع اللوم هي التي تجعل الشخص يتمادى ولا يتوقف عن اللوم، ولعلاج ذلك ينصح بوضع نفسك مكان الشريك وهو تحت وطأة اللوم والعتاب، هل ستكون سعيدا بذلك؟ هل ستريد أن تلام على الأمور حتى لو فعلتها؟ طبعا سيكون الجواب لا. هذا التذكير سيكون كافياً للتحكم بالنفس وتجنب لغة اللوم.

يجب دائما ترجيح كفة الأعذار عند قيام طرف في العلاقة بأمر لم يُعجبك، وتفادي الاعتماد الفوري على اللوم. استباق النوايا الحسنة والأعذار سيجنب العلاقة نقاشات مصاحبة للوم.

الحوار

معظم المشاكل في العلاقات إن لم نقل كلها، ناتجة عن انعدام الحوار أو حضوره لكن في أسوأ أوجهه، بدل الشجار وإعداد لائحة من الأمور لتلوم بها الآخر، الحوار أداة لن تكلفك الكثير وستوفر عليك الجهد والطاقة التي يستنزفها اللوم.

اجلس مع الشريك وحاوره بكل هدوء عن الأمور التي فعلها وأزعجتك، واترك له الفرصة ليوضح لك ويشرح لك، الأمر سيكون أكثر إنتاجية.

الاستماع للطرف الآخر

أحد مشاكل التواصل الأخرى التي قد تزيد من حدة أضرار إلقاء اللوم هو أن الأطراف في العلاقة لا يستمعون لبعضهم البعض، أي أن كل شخص وبدل الاستماع لما يقوله الآخر يفكر فيما سيرد به عليه، وهنا تكمن المشكلة خاصة عندما يدخل اللوم والعتاب على الخط.

احرص على الاستماع لما لدى شريكك أن يقوله قبل أي عتاب أو لوم.

تحمل المسؤولية

تحمل مسؤولية الأفعال وردود الأفعال وهذا ينطبق على كلا الطرفين، كما قلنا سابقا اللوم قد يكون هو سبيل البعض للتنصل من أفعاله وأقواله، ولكي لا يفهمها طرف العلاقة الآخر كذلك يوصى بالتركيز على كيفية تحسين العلاقة وليس الإسراع في وضع الأصبع على مكمن الخطأ.

ضبط المشاعر والانفعالات

إلقاء اللوم يدخل ضمن خانة الانفعالات العاطفية، حيث يضع الشخص الناطق بالعتاب نفسه في دور الضحية، والتخلص من هذا الشعور سيتأتى عن طريق ضبط الانفعالات والمشاعر خاصة في لحظة الغضب، لأن الحديث في حالة الانفعال ستؤدي بالعلاقة إلى نقاشات لا معنى لها، ولعب دور الضحية باستمرار سيولد نوعا من الملل عند الطرف الآخر.

الاستشارة النفسية

في بعض الحالات يجد أحد الأطراف نفسه فاقدا للسيطرة على لعبة اللوم، حيث يصبح أي فعل أو قول من الشريك فرصة له لإفراغ اللوم والعتاب، هذه الحالة تستدعي مساعدة واستشارة نفسية يخوضها طرفي العلاقة معاً ليكتشفا مصدر الخلل والأسباب التي تجعل اللوم ملازما للعلاقة، كما سيزودهم المعالج بحلول تناسب حالتهم.

وقفة مع الذات

أحيانا حين تكون كل الطرق لا تؤدي سوى إلى اللوم ومشاكله، يجب التوقف والتفكير واتخاذ القرار إما بالمضي والإستحمال أو وضع حد للعلاقة وإنهائها. خذ وقفة مع الذات وراجع مستوى العلاقة وما إن كان هناك أمل في تجاوز الأمر أو لا، وكن صريحا مع الشريك عند أي قرار تم اتخاذه.

الحفاظ على علاقتك صحية وخالية من الأمور التي تعكر صفو مشاعرها يبدأ بالتخلص من اللوم في العلاقات والذي يعيق التواصل ويؤدي لفشل العلاقة وتحويلها لعلاقة سامة تنهك الطرفين معاً. اختر دائما بدائل صحية ومفيدة للعلاقة كالحوار بدل اللوم والعتاب، وإيجاد أعذار للطرف لآخر قبل الحكم عليه ولومه، وفي حال لم يُجد ذلك نفعاً، لك وحدك يرجع القرار.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ