كتابة :
آخر تحديث: 29/06/2025

لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام؟

الشهادة في الإسلام لها ضوابط وشروط دقيقة تتعلق بعدالة الشاهد وسلوكه وسُمعته في المجتمع. ومن المسائل التي أثارها الفقهاء عبر القرون مسألة شهادة مربي الحمام، والتي ورد في شأنها أقوال بعدم قبولها في بعض الحالات. ويعود ذلك لا إلى طبيعة تربية الحمام ذاتها، بل إلى السلوكيات المرتبطة بها قديماً، كالصعود للأسطح وكشف البيوت واللهو المفرط، مما قد يقدح في مروءة الشاهد ويؤثر في عدالته، وهي شرط لقبول الشهادة شرعًا، وفي هذا المقال في موقع مفاهيم نتعرف على لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام؟
لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام؟

لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام في المحكمة؟

سُؤال "لماذا لا تُقبل شهادة مربي الحمام؟" يعود إلى موقف فقهي قديم ورد في بعض كتب الفقه الإسلامي، ويحتاج إلى توضيح دقيق من منظور فقه السلف وليس من باب التعميم أو الانتقاص، وأصل المسألة هو:

ورد في بعض كتب الفقه عند الحنفية والمالكية وغيرهم أن:

شهادة مربي الحمام لا تُقبل إذا كان معروفًا باللهو أو التهمة أو مخالفة المروءة.

  • في العصور القديمة، كان تطيير الحمام يُمارس أحيانًا للهو المفرط أو يُستغل في التجسس على البيوت أو السرقة (لأن الحمام يعود إلى صاحبه ويمكن تتبعه).
  • لذا، فإن مربي الحمام إذا عُرف بتضييع الوقت، أو بمخالطة السفهاء، أو بممارسة ما يُخلّ بالمروءة، رُفضت شهادته.

لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام ابن قدامه؟

قال ابن قدامة في المغني:

"وإن اتخذ الحمام لطلب فراخها، أو لحمل الكتب، أو للأنس بها من غير أذى يتعدى إلى الناس، لم تُرد شهادته." المغني، لابن قدامة، ج10، باب الشهادات.

ابن قدامة يفرّق بين حالتين لمربي الحمام:

  • إن كان يربيها لغرض شرعي أو مباح: مثل: طلب فراخها (التكاثر) - حمل الرسائل (كما كان يُستخدم قديمًا) - الأنس بها أو الترفيه الخفيف، ولا يتعدى بذلك على الناس ولا يُخلّ بمروءته ⇒ فتُقبل شهادته.
  • أما إذا اتخذها لهوًا، واعتاد الصعود للأسطح، وكشف البيوت، ومجالسة السفهاء، أو التهمة في سلوكه ⇒ فتُرد شهادته لأنه فاقد للمروءة، وهي شرط من شروط قبول الشهادة.

"ومَن كان يلعب بالحمام، أو يطيرها، لم تُقبل شهادته، لأنه فعلٌ لا يُليق بأهل المروءة."

ليس كل من يربي الحمام اليوم تُرد شهادته، بل:

  • إذا كان معتدلًا، ذا مروءة، لا يُعرف عنه التهمة أو اللهو الفاحش، فشهادته تُقبل.
  • الحكم متعلق بــ العدالة والمروءة، لا بالمهنة بحد ذاتها.

لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام الشيخ السدلان؟

ورد عن الشيخ الدكتور صالح السدلان – رحمه الله – يُعبّر عن رأي فقهي تقليدي مستند إلى اجتهادات سلفية، وقد صرح به في مقابلة مع صحيفة "عكاظ"، وملخص ما قاله الشيخ السدلان:

1. شهادة مربي الحمام غير مقبولة شرعًا إذا كان عمله:

  • فيه تشبه بأفعال قوم لوط – وهو استنباط فقهي وارد في بعض أقوال السلف.
  • فيه صعود إلى أسطح المنازل وكشف عورات البيوت، وهو مما يخل بالمروءة.
  • فيه لهو وإضاعة للوقت أو يُعرف عنه السفه أو الطيش.

2. لكنه استثنى وقال:

"إن تربية الحمام للاستثمار شيء طبيعي ولا غضاضة فيها".

3. وكذلك أشار إلى أنه إذا كان الغرض من الحمام:

  • أخذ الفراخ أو نقل الرسائل (كما كان قديمًا) أو مجرد الأنس والراحة النفسية فلا تُرد الشهادة إن لم يصاحب ذلك أذى للناس أو خرق للمروءة.

لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام بن باز؟

الشيخ ابن باز رحمه الله لم يُفرد فتوى مستقلة مشهورة بعنوان "لماذا لا تُقبل شهادة مربي الحمام"، ولكن المسألة تعود إلى أصل فقهي عام ناقشه العلماء، بمن فيهم ابن باز، وهو: ردّ شهادة من يخلّ بالمروءة، ويُعرف بأعمال اللهو أو ما يُثير الريبة.

في فتاويه المتعددة، كان يربط قبول الشهادة بـ:

  1. العدالة في الدين (أي عدم ارتكاب الكبائر أو الإصرار على الصغائر).
  2. المروءة، وهي أن يكون الشخص محترمًا في سلوكه، لا يُعرف باللهو أو السفاهة.

وبناءً عليه، فإن الشيخ ابن باز يرى – تبعًا للفقهاء – أن:

"من كان مشتهرًا بتطيير الحمام، وملازماً للأسطح، ومتهماً بكشف العورات أو باللهو الفاحش، فشهادته لا تُقبل، لأن ذلك يخلّ بالمروءة."

  • لكن: إذا كان يربي الحمام لغرض مشروع (كالزينة، أو التجارة، أو الأنس)، دون خرق للمروءة أو إضرار بالناس، فلا مانع من قبول شهادته.

لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام ابن عثيمين؟

في شرح "بلوغ المرام" وغيره من كتبه، بيّن الشيخ ابن عثيمين أن من شروط قبول الشهادة:

"أن يكون الشاهد عدلاً، أي: مستقيمًا في دينه، محافظًا على المروءة، غير متهمٍ بكذب أو لهو أو سفه."

ووفق هذا الضابط، فإن:

"من عُرف بتضييع المروءة، أو ملازمة ما يخلّ بها، كالمقام في السطوح لتطيير الحمام، أو اللهو المعروف، فإن شهادته لا تُقبل؛ لأنه فاقد للمروءة."

لكن هل مربي الحمام مرفوض على الإطلاق؟ لا.

الشيخ ابن عثيمين كان دقيقًا جدًا في التفريق، فكان يقول:

"إذا كان الإنسان يربي الحمام لأجل الأنس أو التجارة أو غيرها من المقاصد المباحة، دون أن يُخلّ بمروءته، فليس في ذلك شيء، ولا تُرد شهادته."

بعد التعرف على إجابة سؤال لماذا لا تقبل شهادة مربي الحمام، خلاصة القول أن تربية الحمام لا تُفسد الشهادة بذاتها، بل يُنظر إلى حال صاحبها؛ فإن كان معروفًا بالاستقامة وحسن السلوك ولم يُعرف عنه ما يخلّ بالمروءة، قُبلت شهادته. أما إذا كان يُكثر اللهو، أو يعتلي الأسطح ويُسيء الجوار أو يُتهم بكشف العورات، رُفضت شهادته لكونه قدح في شرط "المروءة"، وهو أصل شرعي في باب الشهادات. وهكذا يُبيّن الإسلام دقته في اختيار الشهود حفظًا للحقوق ومنعًا للريبة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ