كتابة :
آخر تحديث: 29/04/2021

الأمن القومي وعلاقته بأنواع الحروب وتطورها

يعتقد البعض أن مفهوم الأمن القومي يقتصر على حدود الدولة السياسية وحمايتها من أخطار الهجمات العسكرية من الدول المجاورة.
لكن الحقيقة أن هذا الأمن مفهومه أشمل وأكبر من ذلك بكثير، فله علاقة وثيقة بكافة أنشطة الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، وغيرها من أنواع النشاط المختلفة التي تؤثر بشكل كبير على كافة نواحي الحياة، فقد أصبح مفهوم الأمن أكبر وأعمق بكثير من السنوات الفائتة.
الأمن القومي وعلاقته بأنواع الحروب وتطورها

تبسيط لفكرة الأمن القومي

هناك أجهزة في كل دولة تختص بمتابعة هذا الأمن الخاص بالبلاد، حيث أن هذا الأمن يختص في المقام الأول بحماية المعلومات عن أي نشاط من أنشطة الدولة من الوصول للجهات المعادية لاستغلالها بشكل ضار بمصالح البلاد العليا.

ففي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن المعلومات المهمة في أي دولة تكون عن أماكن المنشآت العسكرية وطريقة التسليح وعدد الطائرات وأنواعها، فقد أثبتت أنواع طرق وأنواع الحروب في تطوراتها المختلفة أن تلك المعلومات ليست الوحيدة التي يمكن ضرب مصالح الدولة العليا من خلالها، ولكن هناك معلومات أخرى يجب حمايتها حتى لا يتم ضرب الأمن القومي للبلاد من خلالها بأي شكل من الأشكال.

أنواع الحروب المختلفة من الجيل الأول للجيل الرابع وعلاقتها بالأمن القومي

قديماً كانت الحروب تعتمد على الجيوش واستعداداتها العسكرية، وكانت قوة كل دولة تحسب بحسب قدرتها على تعبئة جيوشها وتدريبها بأفضل وسائل التدريب.

حروب الجيل الأول

مع تطور وسائل الحروب بين الدول والحضارات وظهور وسائل أخرى للحروب، أطلق عليها اسم حروب الجيل الأول.

  • كانت الوسائل المستخدمة بدائية، كالسيوف والخيول وغيرها من الوسائل البدائية في الحروب.
  • والأمن هنا في تلك الحروب يعتمد على معرفة عدد الشباب ومستوى تعليمهم ومستوى تدريبهم على خوض الحروب، ولا علاقة لها بالأمور الاقتصادية والاجتماعية على الإطلاق.

حروب الجيل الثاني

بدأ الإنسان في تلك المرحلة في استخدام أسلحة أكثر تطوراً ومؤثرة بشكل كبير في حسم الحروب لصالح من يمتلكها، فلم يعد الأمر معتمداً على الجانب البشري فقط، ولكن أصبح يتصل بعدد العجلات الحربية والمجانيق وهي آلة من آلات الحروب قديماً.

  • ثم في العصر الحديث تطورت إلى الطائرات ووسائل النقل الحديثة التي تستخدم في الحروب سواء براً أو بحراً أو جواً.
  • فمن يمتلك القدرة على شراء أو تصنيع تلك الأسلحة يستطيع أن يحسم المعركة لصالحه في أغلب الأحوال.
  • وفي تلك الحالة دخلت المعلومات الاقتصادية ضمن الأمن الخاص بالدولة، حيث معرفة مدى وفرة الاقتصاد القومي وقدرته على تحمل شراء تلك الآلات الحديثة حيث أنها باهظة الثمن.
  • ولا يقتصر مفهوم الاقتصاد على ميزانية الحكومات، ولكن مفهوم الاقتصاد يمتد ليشمل كل فرد من أفراد المجتمع، فوجود أثرياء في المجتمع ولديهم مخزون اقتصادي يؤمنهم، يجعلهم قادرين على التبرع للجيش بأي أموال في حالة احتياج الدولة لتلك التبرعات.
  • فأصبحت المعلومات الاقتصادية أشمل من ذي قبل، وأصبحت المعلومات الاقتصادية من ضمن المعلومات التي تتصل بالأمن القومي ويجب حمايتها من الوصول للدول المعادية.
  • ومن هذا المنطلق فإن أي معلومة اقتصادية مهما كانت بسيطة عن دولة ما لها أهميتها الكبرى في اهتمامات دولة أخرى، ذلك لأنها تدخل في تحليلات علمية توصل في النهاية لمدى قدرة الدول على استثمار مقدراتها التجارية ونجاحها في استثمارها على الوجه الأمثل.

حروب الجيل الثالث

وهي حروب من نوع أكثر تطوراً، تهدف منها الدول إلى تحقيق أهدافها العسكرية بغير الطرق التقليدية، حيث أن الطرق التقليدية أصبحت أكثر كلفة وتدفع فيها الدول الكبرى ثمناً كبيراً جداً سواء في الجانب الاقتصادي أو الجانب البشري، مثل الثمن الذي دفعته الولايات المتحدة الأمريكية في حرب فيتنام والتي تكبدت فيها الكثير من الأموال وفقدت فيها العديد من جنودها وخيرة شبابها.

  • فلجأت بعض الدول إلى استغلال النزاعات بين الدول والشعوب لتحقيق مصالحها، ففي تلك الحالة نشأن مصطلح الحرب بالوكالة وهي حرب لا تكلف الدول الكبرى سوى المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي تدفعها لدولة أخرى، لتقوم تلك الدولة الأخرى بالحرب على جارتها لتحقيق المصالح المشتركة.
  • وهنا تقوم الدول الكبرى بتقديم المساعدات لدولة أو لجماعة من الجماعات التي تقوم بدورها في تحقيق مصالح الدول الكبرى في القضاء على قوة دولة أخرى أو الحد من نفوذها في منطقة معينة.
  • وهنا يصبح مفهوم الأمن القومي أكثر تطوراً حيث أن المعلومات التي يجب حمايتها في تلك الحالة تكون أكثر تفصيلاً عن تاريخ النزاعات بين الدول وعن تاريخ صراع المصالح الاقتصادية والسياسية في تلك الدولة.
  • كذلك فإن الحكمة في علاج النزاعات تكون أكثر أهمية، فهناك بعض النزاعات يمكن استغلالها لإشعال الحروب، وبعد سنوات من الصراع والخسارة على الطرفين يكتشف الطرفان أنهم تم الإيقاع بهم في خوض حرب لصالح مصالح دول أخرى هدفت لاستنزاف القوى العسكرية والبشرية في كلا الدولتين.

حروب الجيل الرابع

وتعد حروب الجيل الرابع من الحروب الأكثر تطوراً والأقل تكلفة على الدول الكبرى أو الدول التي تستخدمها، فهي حروب تعتمد على ضرب القوى البشرية للمجتمع، تلك القوى البشرية التي يتكون منها الجيش وتقوم عليها أنشطة البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

  • فعند ضرب العلاقات بين أفراد المجتمع فسيقوم أفراد المجتمع بتدمير أنفسهم ذاتياً من خلال الحروب والنزاعات الداخلية، وحينها لا حاجة إلى استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لضرب الدولة.
  • وهنا تجدر الإشارة إلى أن المعلومات المتصلة بالأمن القومي في تلك النوعية من الحروب، أصبحت أكثر تفصيلاً وأكثر تشعباً في كل أنشطة الدولة، فالعلاقات بين المجتمع وبعضه وتاريخ كل جماعة من الجماعات المنتمي لها أفراد المجتمع والمعلومات المتصلة بها تساعد الدول المعادية على استثمارها لإشعال النزاعات المختلفة بينهم من خلال دفع أفكار مسمومة في وسائل الإعلام المختلفة.
  • فالمجتمعات المكونة من عدة قبائل مختلفة يمكن تدميرها من خلال إشعال الخلافات التاريخية الموجودة بين تلك القبائل.
  • والمجتمعات المكونة من عناصر مختلفة كوجود أكثر من دين في المجتمع يمكن تدميره من خلال إشعال نار الفتنة بين أصحاب الأديان المختلفة، وذلك من خلال وسائل الإعلام ووسائل أخرى عديدة.
وأخيراً.. فإن الأمن القومي لأي مجتمع هو مسؤولية أفراد المجتمع وليس مسؤولية النخبة فقط، وذلك حتى تتحقق الحماية الحقيقية على المدى الطويل.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ