كتابة : نور حامد
آخر تحديث: 04/10/2022

الفلسفة الرواقية وطريق الوصول إلى السعادة

الفلسفة الرواقية واحدة من مدارس الفلسفة الشهيرة، التي بدأت منذ قرون بعيدة في أثينا التي تعرف بأنها أم الفلسفة والعلوم. وتؤكد الفلسفة الرواقية من خلال مبادئها المنوعة، على أهمية ممارسة الفضيلة حتى نتمكن من بناء حياة جيدة مزدهرة وقائمة على الأخلاق الحميدة. وحتى نتعرف أكثر على هذا النوع من الفلسفة، سنأخذكم معنا في هذا المقال عبر مفاهيم، لنتعرف بصورة أقرب على الرواقية ومبادئها وأشهر الشخصيات التي تنتمي إليها.
الفلسفة الرواقية وطريق الوصول إلى السعادة

ما هي الفلسفة أو المدرسة الرواقية؟

يمكن أن نختصر الفكرة الأساسية من مدرسة الفلسفة الرواقية، هي:

  • أن الفضيلة هي الخير الوحيد في الحياة. وأن كل الأمور المادية والثانوية التي نقوم بها غير خاضعة لمقياس الجيد والسيء، إنما يمكن اعتبارها أمورًا مادية لتحقيق الفضيلة. وعليه يجب أن نفهم الطريقة التي يعمل بها نظامنا الطبيعي.
  • إذ يعتقد الرواقيون أن كل ما نعيشه منحدر من الطبيعة. ويؤمن متبعو المدرسة الرواقية أنه يمكن الحكم على الفرد فيما إذا كان شخصًا جيدًا أم سيئًا،من خلال تصرفاته وأعماله، بعيدًا عما يقوله أو يفكر به.
  • من ناحية أخرى، تعتبر المدرسة الرواقية أنه من الضروري أن يتسم الفرد بالمرونة عند مواجهة المشاكل والمحن. إذ تنبع هذه الفكرة من إيمان الرواقيين بأهمية الفضيلة، التي يعتبرونها كافية لتحقيق السعادة في الحياة.
  • وتجدر الإشارة إلى ازدهار المدرسة الرواقية حتى القرن الثالث ميلادي، في كل أنحاء العالم الروماني واليوناني.

حقائق عن المدرسة الرواقية

أنشأ الفيلسوف اليوناني زينون السيشومي المدرسة الرواقية في القرن الثالث قبل الميلاد

  • المدرسة الرواقية من أسمى الفلسفات التي مرت في الحضارة الغربية
  • يهدف الرواقيون إلى توفير حياة تتسم بالهدوء والعقلانية عند مواجهة المشاكل والتحديات
  • العقلانية هي السمة والوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها تحقيق كل شيء خارج الذات
  • يعتقد الرواقيون أن العالم يتكون من أمور مادية في حين يعد العقل العنصر الوحيد غير القابل للاختزال
  • هدف الإنسان حسب أتباع الفلسفة الرواقية هو العيش كما تملي الطبيعة عليه
  • إن أبرز المبادئ الرواقية هي العدالة والعقلانية والقيمة الأخلاقية والواجب
  • ساهمت المدرسة الرواقية في إعادة تشكيل وتقيم تاريخ المنطق

تاريخ مدرسة الرواقية

يعود ظهور الفلسفة الرواقية إلى عام 301 قبل الميلاد، على يد الفيلسوف اليوناني زينون السيشومي. الذي اختار أن يدرس هذا النوع من الفلسفة في أماكن عامة، وتحديدًا رواق عام في أثينا، ومنها اشتق اسم الفلسفة الرواقية.

  • حرص زينون وأتباعه على الترويج لأفكارهم وتدريسها، وكان أبرزها العيش بانسجام داخل الكون الذي لا نستطيع كأفراد أن نتحكم فيه بصورة مباشرة.
  • ومنذ ذلك الوقت أصبحت هذه الفلسفة من أكثر أنواع الفلسفة شيوعًا وشعبيةً خاصةً بين طبقة النخبة والمثقفين في الإمبراطورية الرومانية. وتشير المعلومات إلى اتباع الغالبية العظمى من خلفاء الإسكندر مذهب وأفكار المدرسة الرواقية.

السعادة من وجهة نظر الرواقية

بحثت الرواقية في موضوع السعادة، وعليه حدد الرواقيون مجموعة منوعة من المبادئ الأساسية، التي يمكن العمل عليها حتى نتمكن من الوصول إلى السعادة. وفيما يلي نظرة أقرب على أبرز تلك المبادئ:

  1. القدرة على رؤية أنفسنا والعالم بصورة موضوعية لنتقبل طبيعتنا.
  2. الانضباط لمنع أنفسنا من سيطرة الرغبة أو الخوف من المعاناة والألم.
  3. القدرة على التصرف بالفضيلة الرواقية وهي الحكمة والاعتدال والعدالة والشجاعة.
  4. التمييز بين ما يمكننا أن نؤثر فيه وبين الأمور الخارجة عن أرادنا، وبالتالي اتخاذ خطواتنا بناء على ذلك.

كيف تساعد المدرسة الرواقية في تخطي المحن؟

يؤمن الرواقيون أننا لا نستطيع التحكم فيما يحدث في الكون، ولا يمكن أن نمنع حدوث المشاكل والتحديات والحوادث، إلا أنه يمكن القيام بالآتي:

  • تدريب أنفسنا على الاستجابة لها بصورة أفضل. والحقيقة أنه لو فكرنا قليلًا في تلك الأفكار نجدها هامة ومريحة لعدة أسباب. إذ يعد الاستعداد لمواجهة المشكلة بصورة أفضل من مقاومتها هو الأمر الذي يأخذنا إلى حلها.
  • فتشعر بمسؤولية صناعة سعادتنا، بدلًا من أن نلقي اللوم على مَن حولنا أو على الظروف والضغوطات المحيطة بنا أو حتى على الحظ.
  • من ناحية أخرى، إن اتباع مبادئ المدرسة الرواقية يساعدنا على تقسيم المواقف ما بين تلك التي يمكننا السيطرة عليها، والأخرى التي نستطيع مواجهتها وتغيرها.

أشهر الشخصيات الذين اتبعوا المدرسة الرواقية

  • على الرغم من شيوع الفلسفة الرواقية بين أبناء الطبقة المخملية، إلا أن ذلك لم يمنع أن تضم المدرسة الرواقية طيفًا واسعًا من الناس الذين ينتمون إلى مختلف طبقات المجتمع.
  • ولعل القاسم المشترك بين هؤلاء جميعًا كان اتباعهم لمبادئ الفلسفة الرواقية بإخلاص وصدق، من خلال تركيزهم الكامل على كل ما يمكنهم التحكم به، من أفكارهم ومعتقداتهم إلى ردود أفعالهم تجاه المشكلات المختلفة.
  • وفي طبيعة الحال يوجد مجموعة من الشخصيات الذين أثروا في المدرسة الرواقية وأضافوا لها الكثير، سنتعرف عليهم بالتفصيل فيما يلي.

الإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس

  • يمكن أن نعتبر الإمبراطور الروماني الشهير ماركوس أوريليوس، واحدًا من أشهر متبعي وزعماء المدرسة الرواقية. ولد في القرن الأول ميلادي وعرف في شبابه بحبه الشديد للمصارعة والصيد والملاكمة، وقد بدأ عهده في حكم الإمبراطورية الرومانية في عام 161 ميلادي.
  • حكم الرجل الإمبراطورية العظيمة لمدة قرنين من الزمن، ويمكن القول أن سنين حكمه كانت قاسية ولم تخلو من الحروب الكبيرة، مثل حروب الإمبراطورية البارثية وتغلغل المسيحية في أوروبا وكذلك انتشار مرض الطاعون القاتل.
  • ونظرًا لاتباع أوريليوس المدرسة الرواقية وإيمانه الكبير في مبادئها، عرفت فترة حكمه بفترة الفضيلة والحكمة رغم الصعوبات التي مرت بها. كما يعده المؤرخون من أباطرة روما الصالحين وهم خمسة فقط.

وتجدر الإشارة إلى أنه آخرهم. أما أكثر مقولة خالدة تركها في تأملاته هي: "لا تضيع المزيد من الوقت في مناقشة ما يجب أن يكون عليه الرجل الصالح،فقط كن ذلك الرجل."

الكاتب المسرحي الروماني لوكيوس أنّايوس سينيك المعروف بسينكا

  • يعد سينيكا أبرز رواقي إسباني نشأ وتعلم في روما، عمل في السياسة وأصبح واحدًا من أكثر الكتاب المرموقين في تلك الفترة. وتشير الكتب التاريخية إلى تعرض سينكا إلى الكثير من المشاكل في حياته، أبرزها هي حادثة نفيه إلى جزيرة كورسيكا بسبب الزنا المفترض مع ابنة أخت الإمبراطور الذي كان حينها كلوديوس، وذلك عام 41 ميلادي.
  • وعلى الرغم من ذلك، بقيت الرواقية ملازمة للرجل، ليترك وراءه إرثًا فلسفيًا من الرسائل الرواقية التي يهتم بها أتباع هذه المدرسة.
  • إذ تناول في رسائله نصائح فلسفية خالدة حول الحزن والثروة والسلطة والدين والحياة. ولعل أبرز رسالة من رسائله هي: "صدقني أنه من الأفضل فهم الميزانية العمومية لحياة المرء بدلاً من تجارة الذرة".

إبيكتيتوس الذي كان عبدًا لدى أسرة ثرية في باموكالي الحالية في تركيا

  • ولد إبيكتيتوس في مدينة هيرابوليس أو مدينة باموكالي حاليًا في تركيا، وقد كان عبدًا لأسرة غنية هناك. وعندما كبر سمح له "مالكه" في متابعة دراسته وعندها اكتشف الفلسفة.
  • وبعد موت الإمبراطور نيرون أخذ الرجل حريته وبدأ مسيرته في تعليم الفلسفة لمدة 25 سنة. أما أبرز أقواله وأكثرها تأثيرًا كان: " لكي تصبح شخصاً جيداً، عليك أولاً أن تعترف أنك سيئ".
وختامًا، أثرت الفلسفة الرواقية على نمط حياة ملايين الناس منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا. كما أنها قدمت للعالم معانٍ سامية وطرق عقلانية، يمكن من خلالها الوصول إلى السعادة بالفضيلة والخير.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ

المراجع