القرآن الكريم وعلاقته بالنص الديني لغةً واصطلاحًا
القرآن الكريم هو كتاب الله - عز وجل - المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان المبارك في غار حراء ،عن طريق ملك الوحي سيدنا جبريل عليه السلام ، بلسان عربي مبين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ويهديهم إلى الصراط المستقيم ، وهو الكتاب العظيم الذي يتعبد المسلمون بتلاوته في الصلاة، قال تعالى: "وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ " (الشعراء 194:192) ،و قد تكفل الله تعالى بحفظ كتابه إلى قيام الساعة (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر : 9 ، فهو نور ويقين، وهو منهج الصالحين، فيه أخبار الأولين من الأنبياء والصالحين، وفيه آيات تحكي معجزات الله وقدرته في هذا الكون المتين، وفيه بيان لأصل هذا المخلوق الذي كان من ماء مهين، وفيه أحكام العقيدة التي يجب أن ينطوي عليها كل قلب مستكين، وفيه أحكام الشريعة التي تبين المباح من الحلال و الحرام، وفيه بيان معاد يوم الدين إما إلى نار، وإما إلى جنة ذات مقام أمين .
محتويات
المقصود بالنص الديني
وقبل الدخول في معنى القرآن من حيث اللغة والاصطلاح علينا بداية توضيح أن النص الديني يقصد به القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف معًا، يقول ابن منظور في تعريف النص لغة: النَّصُّ رفعُك الشيء، نَصَّ الحديث يَنُصُّه نصّاً:رَفَعَه، ويقال نصَّ الحديث إلى فلان أي رفعَه.
ويرى الزمخشري أن النص هو الرفع أيضا، فيذكر في كتابه أساس البلاغة أن "الماشطة تنُصُ العروس فتقعدها على المِنَصّةِ، وهي تنص عليها أي ترفعها، وبذلك نرى أن النص يعني في اللغة الظهور، والوضوح.
فالنص أخص من كلمة كتاب، فالكتاب هو ما أدى إلى وجود هذا النص ومنحه وظائفه ، والكتاب هنا المقصود به القرآن الكريم.
وإذا بحثنا عن كلمة نص في الاصطلاح وجدنا قول إمام الحرمين الجويني: "والنص ما لا يحتمل إلا معنى واحدًا. وعرفه أبو حامد الغزالي :" بأنه هو الذي لا يحتمل التأويل والدال على معنى بين لا يتطرق إليه احتمال أصلاً"، إذن كل مادل على معنى واحد يطلق عليه نص، فالنص ما ازداد وضوحًا على الظاهر لمعنى في المتكلم.
إذا فالقرآن الكريم، والسنة الصحيحة الثابتة يمثلان النص الديني، فهو المركز لأن أصوله الثوابت الدينية ، أما الفقه والتفسير وأضرابهما من العلوم التي قامت على الأصلين (القرآن والسنة)، يمثلان فهمًا للنص الديني، ولايمكننا أن نخلط بين الأمرين لاختلافهما الشديد.
النص عند الفقهاء
ونجد أن النص عند الأصوليين والفقهاء يقصد به أيضًا القرآن والسنة، ونجد هنا أن النص له معانٍ عدة منها:
- كل ملفوظ من الكتاب والسنة .
- مالا يتطرق إليه تأويل أي تفسير.
- القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.
- الظهور والارتفاع، أي الوضوح.
وهناك أبحاث تؤكد أن مصدر العقيدة في الإسلام ليس إلا مصدرًا واحدًا، وهو القرآن الصريح الحاسم في معناه، ولكن نجد هنا رأي مخالف لهذا الأبحاث، فيقول الإمام الأكبر محمد شلتوت في كتابه" الإسلام عقيدة وشريعة": إنا نقرر أن مصدر الشريعة أوسع نطاقا من ذلك، فهي تؤخذ :
- من القرآن، نصه ومحتمله.
- من السنة، وهي أقوال الرسول وأفعاله وتقريراته التشريعية بشرط صحة نقلها عنه عليه الصلاة والسلام.
- من الرأي عن طريق النظر في محتمل القرآن والسنة.ومن هنا يتبين أن مصادر التشريع في الإسلام ثلاثة: القرآن، والسنة، والرأي.
تعريف القرآن في اللغة
لفظ القرآن مصدر مشتق من الفعل ( قرأ ) يقال قرأ ، يقرأ اء،قرة ، وقرآناً، ومنه قوله تعالى{ إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} "
ونجد أن كلمة قرآن تُشتق من المصدر "قرأ"، وأصله من "القرء" بمعنى الجمع والضم، وسمى قرآنًا لأنه يجمع الآيات والسور ويضم بعضها إلى بعض.
تباين أقوال أهل العلم في لفظ "القرآن" من ناحية اللغة،حول أشكال مختلفة هي:
من حيث كونه مهموزا أو غير مهموز مثل قرآن أو قرآن .
من حيث الاشتقاق وعدمه, أي كون لفظ القرآن مشتقا من كلمة أخرى، أو كونه اسما علما مرتجلا غير مشتق من شئ آخر.
من حيث المصدرية والوصفية، بمعنى هل لفظ القرآن مصدر أو أنه صفة.
من حيث التعريف والتنكير أي لفظ "القرآن وقرآن".
تعريف القرآن في الاصطلاح
هو كلام الله المنزل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، المعجز بلفظه ، المتعبد بتلاوته ، المنقول بالتواتر ، المكتوب في المصاحف ، بداية من بسورة الفاتحة منتهيًا بسورة الناس ،فالقرآن الكريم ينص على أحكام العقائد، و أحكام العبادات كالصوم والزكاة والحج، وفيه أحكام المعاملات من بيع وشراء وزواج وطلاق وميراث، كما أن فيه أحكام الأخلاق والآداب.
للقرآن الكريم أسماء كثيره أورده لنفسه في مواطن عدة من الآيات ومنها: الفرقان- الكتاب- النور- التنزيل- الكلام- الحديث- الهادي- الحق- البيان- المنير- الشفاء- العظيم- الكريم- المجيد- الرحمة- الروح- المهيمن- الحكم- الذّكر- السراج- البشير- النذير- التبيان- العدل- المنادي- الشافي- الذكرى- الحكيم.
مراحل جمع القرآن الكريم
في عهد النبي محمد صلّى الله عليه وسلم؛ كان عبارة عن كتابة الآيات بين عسب وعظام وحجارة ونحو ذلك حسبما تتيسر أدوات الكتابة، وفي عهد الصحابي الجليل أبو بكر الصديق؛ كان عبارة عن نقل القرآن وكتابته في صحف مرتبة الآيات دون ترتيب السور.
وعلى الرغم من المحاولات في العهود السابقة للمحافظة على القرآن الكريم إلا أن الخليفة عثمان بن عفان؛ كان أول من جمع القرآن الكريم في مصحف واحد، حيث بدأ بنقل ما في تلك الصحف المجمعة في عهد الصديق أبي بكر وجمعها إلى مصحف واحد مع ترتيب الآيات والسور، ومن هنا كان عثمان رضي الله عنه وأرضاه أول من جمع الصحف وعندها سمّي بالمصحف.
وللقرآن الكريم أثرًا عظيمًا في حياة المسلم بوجه خاص والحياة البشرية بوجه عام؛ فهو غذاء للروح والقلب والعقل، فلا وجود للإنسان بغير الروح والقلب والعقل ،ولا حياة له ولا قيمة له بغير كتاب الله؛ فهو حياة وشفاء؛ لأن به كل ما يحتاجه المسلم في حياته العامة والخاصة ،والدين والدنيا.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_228