كتابة : سميرة
آخر تحديث: 23/03/2022

ما دلالة قوله تعالى "المال والبنون زينة الحياة الدنيا"؟

لماذا اعتبر الله تعالى أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وما الحكمة من تقديم المال على البنين في هذه الآية وما دلالتها؟
كل هذه الأسئلة سوف نجاوب عليها بالتفصيل من خلال هذا المقال على موقعكم مفاهيم، وسبب نزول هذه الآية وما الحكمة من تقديم المال على البنين فيها، فتابعوا معنا...
ما دلالة قوله تعالى

معنى المال والبنون زينة الحياة الدنيا

قال الله تعالى في كتابه العزيز" الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا" أراد الله في هذه الآية أن يخبر الناس بأن:

  • المال والبنون الذين يقومون بالتفاخر به والتكبر به على غيرهم ما هما إلا أشياء تستخدم للتزين بها في الحياة الدنيا ولا فائدة منها في الآخرة، حيث لا ينظر الله لهما في محاسبة العبد.
  • فالذي ينظر إليه يوم القيامة هو ما قدمه الإنسان من طاعة خالصة لله عز وجل، والدعاء الذي تضرع بها إلى خالقه من أجل إرادة النظر إلى وجهة الكريم يوم القيامة الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم خالي من الحقد والشوائب.
  • فالذي يبقى للإنسان هو عمله الصالح الذي قد أقدم على عمله في حياته الدنيا ليكون له ذخرا في الاخرة.
  • ففي هذه الآية يخاطب الله تعالى حبيبه سيدنا محمد ويقول له يا محمد أن الأعمال الصالحة خير عند ربك من المال وخير من البنين الذي يستعمله الناس كوسيلة من وسائل التفاخر على خلق الله.
  • وهذه الأشياء ليست باقية لأصحابها يوم الموقف العظيم والذي يبقى هو الباقيات الصالحات التي اختلف علماء التفسير في تفسيرها.

حيث أن منهم قال إن الباقيات الصالحات هي:

  • قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله الله والله أكبر وهناك آخرون من العلماء رأوا أن الباقيات الصالحات هي الصلوات الخمس.
  • وهناك من رأى أن الباقيات الصالحات هي الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى خالقه لينال به جنة الله ورضوانه في الآخرة.
  • ومنهم من ذهب إلى أن الباقيات الصالحات هي عبارة عن الجزاء وخير ما يأمله الإنسان من الله تعالى.

ما الحكمة من تقديم المال على البنين في قوله تعالى؟

لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن سبب تقديم المال على البنون في قوله تعالى المال والبنون زينة الحياة، ولكن كثير من العلماء اجتهدوا في تفسيرها وتوصلوا إلى استنتاجات، ومن أبرز هذه الاستنتاجات:

  • أنه قد قدم الله تعالى المال على البنين لأن المال يعد في زينته أعم من الأبناء، ولذلك فإن المال شامل لجميع الأفراد وكافة الأوقات.
  • بالإضافة إلى إنه يعد سببا في بقاء النفس على عكس زينة البنون التي تعد زينة حصرية، فهي مقتصرة على آباء الأبناء فقط، وذلك بعد وصول هؤلاء الآباء إلى صفة الأبوة ويعد البنات سبب في بقاء النوع.
  • كما أن المال تكون حاجته أكثر من الحاجة إلى الأبناء ويعد المال زينة بحد ذاته، أما زينة البنين لا تكون زينة بالمعنى العام للزينة.
  • إذا لم يتوفر المال الذي يجعل الحياة هنيئة، حيث أن وجود الأبناء مع عدم وجود المال أو قلة وجوده هو ضيق في الحال.

سبب نزول قوله تعالى المال والبنون زينة الحياة

تعدد أقوال علماء التفسير في سبب نزول هذه الآية حيث أن بعض من علماء التفسير قال:

  • أن هذه الآية قد نزلت في عيينة بن حصن والأقرع بن حابس والأفراد الذين شابههم، حيث أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو أبعدت هؤلاء عن نفسك لجالسناك، فرائحتهم الكريهة تؤذينا.
  • وكان مقصدهم من هؤلاء هم الفقراء من المسلمين والذين منهم عمار بن ياسر وسلمان الفارسي، فأنزل الله تعالى الوحي على نبيه بقوله تعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ).
  • والآيات التي بعدها قد بين الله تعالى فيها سوء عاقبة الظالمين الذين كانوا يتكبرون على الفقراء وحسن الآخرة للمؤمنين الذين كانوا يتقربون إلى الله تعالى بخالص الدعاء بالأعمال الصالحة طمعا في الحصول على رضوان الله تعالى وجنته في الآخرة.
  • ثم ضرب الله تعالى بعد ذلك مثل الرجلين والجنتين وما حدث لهما، حيث ذكر الله تعالى قوله (المال والبنون زينة الحياة) على اعتبار أن المال والبنون زينة الحياة الفاني.
  • وأن الباقيات الصالحات هي التي تستحق أن يتنافس عليها الجميع، وذلك بهدف الانتفاع بها في الآخرة.
  • وهناك رأي آخر في سبب نزول هذه الآية أن هذه الآية قد نزلت في شخصين من مشركي قريش، قد خاطب الرسول في المدينة وعابوا عليه بملازمة الفقراء، ويعد هذا الرأي هو الرأي الراجح على اعتبار أن السورة مكية،د.

دلالات قوله تعالى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}

  • افتتح الإمام ابن عاشور رحمه الله تفسيره لهذه الآية بأن المراد منها هو العبرة والموعظة للمؤمنين.
  • حيث بين الله في هذه الآية أن ما فيه المشركون من نعم قد منحها الله تعالى لهم، التي تمثل في المال والبنون ما هو إلا زينة في الحياة الزائلة، وأن ما أعده الله تعالى للمؤمنين في الآخرة هو أفضل ما يأمله الفرد من ربه.

ثم قال الله تعالى "والباقيات الصالحات هي خير عند ربك":

  • فكلمة الباقيات الصالحات هي عبارة عن صفة لموصوف محذوف أي إن الأعمال الصالحات الباقيات، هذه الأعمال باقية لا زوال لخيرها، حيث أن ثوابها خالدا مهما طال الزمن.
  • فهذه الأعمال الصالحة هي خير من زينة الدنيا التي هي غير باقية، وقد قدم الله تعالى كلمة الباقيات على كلمة صالحات، وذلك للتنبيه على ما قبله، حيث أن المال والبنون من الأشياء الغير باقية ولا نفع منها يوم الآخرة.
  • وقد وضحا الإمام ابن عاشور أن سر تقديم المال على البنون في هذه الآية، لأنه المال اسبق إلى أذهان الناس، وذلك أنه من الأشياء التي يرغب في الحصول عليها الكبير والصغير ومن له الأولاد ومن ليس له.
  • واختتم تفسيره لهذه الآية بقوله تعالى (وخير أملا)، حيث أن أمل الفرد الذي يرغب في الحصول على المال والبنون، إنما يكون هذا الأمل أمر مشكوك في حصوله، وذلك لأنه مقتصر على المدة أم الفرد الذي يأمل في نيل ثواب الأعمال الصالحة من خالقه.
  • فهو يأمل في الحصول على أمر قد وعده الله تعالى به، بالإضافة إلى تحصيل المنفعة منه في الدنيا وفي الآخرة، أما المال والبنون فإن منفعتهم قد اقتصرت على المتعة الدنيوية التي لا فائدة منها في الآخرة.
ختاما نود أن تكون تعرفت عزيزي القارئ على معنى المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وما سبب نزول هذه الآية، وما دلالاتها، والحكمة من تقديم المال على البنون.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ