كتابة : نور حامد
آخر تحديث: 20/09/2022

النظام الرأسمالي بين الآثار السلبية والإيجابية

لا تهم مدى معرفتك بالأنظمة الاقتصادية أو عالم الأعمال والاقتصاد بشكل عام. فسواء كنت من المهتمين أو الخبراء أو من الأشخاص الذين لا يزالون اهتمامًا المجالات الاقتصادية، فقد سمعت بكل تأكيد عن النظام الرأسمالي. كما أننا نعيش اليوم في عالم يحكمه هذا النظام الاقتصادي الذي يلقى الكثير من المعارضة، لا تقل نسبتها عن مؤيديه والمستفيدين منه. ولهذا السبب سنتعرف مع بعضنا البعض على النظام الرأسمالي بصورة واضحة ومبسطة عبر مفاهيم. وسنتطرق إلى معرفة أركانه وقواعده، أسباب معارضته وكذلك أطيافه وتاريخ ظهوره.
النظام الرأسمالي بين الآثار السلبية والإيجابية

تعريف النظام الرأسمالي

يعرف النظام الرأسمالي على أنه:

  • نظام اقتصادي يمتلك فيه الأفراد أو الشركات سلعًا رأسمالية. كما يستخدم أصحاب الأعمال وهم الرأسماليون، العمال لتحقيق مصالحهم مقابل أجور مادية.
  • كما يعتمد إنتاج السلع والخدمات في النظام الرأسمالي، على مبدأ العرض والطلب في السوق وهو ما يعرف باسم اقتصاد السوق، بدلاً من الاعتماد على الاقتصاد المركزي الموجه أو المخطط له.
  • من ناحية أخرى تعد السمة الرئيسية للأنظمة الرأسمالية، هي تحقيق الربح. إذ يمكن أن تكون الأصول الرأسمالية المختلفة مثل المصانع والمناجم وغيرها، مملوكة من القطاع الخاص ومراقبة منه.
  • وتأتي الأنظمة الرأسمالية معاكسًا للنظام الاشتراكي في عالم الاقتصاد. إذ تمتلك الدولة حسب النظام الأخير وسائل الإنتاج، وتسعى الشركات المملوكة للدولة إلى تعظيم المنفعة الاجتماعية بدلاً من الأرباح.

ركائز الأنظمة الرأسمالية

تقوم الرأسمالية على عدة ركائز أساسية معروفة ومتوافق عليها في كل مكان في العالم، تساهم في تحديد أشكال الرأسمالية المختلفة التي تسود عالمنا الحالي، وهي ما يلي:

الملكية الخاصة

  • يشير مصطلح الملكية الخاصة إلى السماح للأفراد بامتلاك الأصول الملموسة مثل العقارات والأراضي وغيرها، إلى جانب امتلاك الأصول غير الملموسة مثل الأسهم والسندات والأوراق النقدية.

المصلحة الذاتية

  • تقوم الأنظمة الرأسمالية على مبدأ اللهم نفسي، إذ يمكن للأفراد السعي لتحقيق مصالحهم الشخصية دون اعتبار الظروف والضغوطات السياسية والاجتماعية وغيرها.

المنافسة

  • تساهم المنافسة في زيادة الرفاهية الاجتماعية لكل من المنتجين والمستهلكين. من خلال حرية دخول الشركات المختلفة إلى سوق العمل وخروجها منه، ما يسبب تعدد الخيارات المتاحة أمام الناس.

اللامركزية

  • تشير اللامركزية إلى تحديد الأسعار من خلال التفاعلات بين المشترين والبائعين. في المقابل تخصص الموارد التي تسعى بطبيعة الحال إلى الحصول على أعلى عائد، ليس فقط للسلع والخدمات ولكن للأجور في طبيعة الحال.

محدودية دور الحكومة

  • إذ يشكل دور الحكومة في الاقتصادات الرأسمالية نسبة صغيرة ومحدودة للغاية. وذلك بهدف حماية حقوق المواطنين والحفاظ على بيئة منظمة تسهل الأداء السليم للأسواق.

تاريخ ظهور الأنظمة الرأسمالية

يعود ظهور الأنظمة الرأسمالية إلى القرن السادس عشر، تحديدًا في الفترة التي شهدت انهيار الأنظمة البريطانية بعد تفشي مرض الموت الأسود، الذي قتل ما يصل إلى 60٪ من سكان قارة أوروبا بشكل كامل. فظهرت في تلك الفترة مجموعة من التجار عملت على الآتي:

  • تعزيز التجارة مع الدول الأجنبية، الأمر الذي سبب ضررًا في طبيعة الحال للاقتصاد المحلي. إذ ظهر إملاء الإنتاج وسياسات التسعير الإجمالي للسلع، إلى جانب انتشار مظاهر الاستعمار والعبودية والإمبريالية.
  • كما أن موت الإقطاع - وهو نظام هرمي يُنظر إليه غالبًا على أنه قمعي أبقى الفقراء مرتبطين بأرض أسيادهم ، والتي كانوا يزرعونها مقابل مكان للعيش والحماية العسكرية - ترك الفلاحين البريطانيين الريفيين بلا منازل ولا عمل. الأمر الذي وجههم إلى العمل في المناطق الحضرية، مقابل أجور قليلة تحت حكم الرأسمالية.
  • ومع حلول القرن الثامن عشر وتحول بريطانيا إلى دولة صناعية، ازدهرت الرأسمالية وصقلت أفكارها وقيمها. وبحلول عام 1776 ميلادي نشر الاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث أطروحته، تحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الأمم، والتي تعتبر حجر الأساس الذي تقوم عليه الرأسمالية الحديثة، وعليه يعرف آدم سميث بأبو الرأسمالية.

أنواع الأنظمة الرأسمالية

يوجد عدة أنواع للنظام الرأسمالي، سنتعرف فيما يلي على أبرزها:

الرأسمالية القلة

  • تعرف الرأسمالية القلة باسم الرأسمالية (الأوليغارشية) التي قوة القلة المشتقة من اللغة اليونانية. وتعرف بأنها عكس الديمقراطية التي هي حكم الأكثرية.

الرأسمالية الموجهة من الدولة

  • يتم التحكم في الاقتصاد من قبل عدد قليل من الأفراد من أجل مصلحتهم الخاصة، ويحدث ذلك في الغالب من قبل الدولة أو الحكومة.

رأسمالية الشركات

  • تشير رأسمالية الشركات إلى نظام اقتصادي تتمتع فيه الشركات الكبرى بمركز مسيطر في السوق. تتمتع المصالح الخاصة هنا بأكبر قدر من القوة، لكن تلك المصالح مؤسساتية تديرها الشركات وليس الأفراد.

رأسمالية ريادة الأعمال

  • تقوم رأسمالية ريادة الأعمال على عمل رواد الأعمال في السوق الحرة. وتعرف بأنها شركات صغيرة لها مالك واحد أو عدة موظفين. وعليه يقلل ذلك من فرص حصول شركة واحدة على ميزة غير عادلة مثل الاحتكار.

رأسمالية Laissez-faire

  • يستند هذا النوع على السماح للناس بفعل ما يريدون، بأقل تدخل من الدولة. إذ يفترض هذا النوع أن ظهور الأسواق الحرة أمر طبيعي وعفوي لا يحتاج إلى تدخل الحكومة.

الآثار المختلفة للأنظمة الرأسمالية

لا يمكن أن يكون تأثير الأنظمة الرأسمالية على حياتك نفسه في حال كنت صاحب عمل أو عامل، ويتمثل تأثيرها فيما يلي:

  • ففي حال كنت صاحب عمل تمتلك مكان يعمل فيه الناس لصالحك، سواء كان شركة أو معمل أو أي نوع من تلك الأصول، سيكون تأثير النظام الرأسمالي إيجابيًا على حياتك. فزيادة الأرباح يعني زيادة الموارد وبالتالي تحسين مستوى الجميع.
  • إلا أن الحقيقة تختلف قليلًا، فنجد أن أغلب الرأسمالين لا يجيدون تقاسم الثروة، وعليه تصبح الأنظمة الرأسمالية محركًا أساسيًا لعدم المساواة على الأصعدة المختلفة.
  • من ناحية أخرى، تتقاطع مبادئ وركائز الأنظمة الرأسمالية بصورة كبيرة مع مفهوم الجشع وهو أمر غير محبب إلا عند الرأسمالين. إذ يرى المستفيدون من الأنظمة الرأسمالية والمؤمنون به، أن الجشع يؤدي إلى المزيد من الأرباح وبالتالي المزيد من الابتكار.
  • وهذا أمر يقسم المجتمع إلى طبقات غير متكافئة، ويحرك كل الأمور لتحقيق مصالح وأهداف الطبقات الغنية. وهو أمر شديد الوضوح في عالمنا الحالي، إذ تسود هذه المظاهر التي تتسم بالوحشية والاستغلال والعنصرية وعدم الإنسانية، ولا يمكن أن نعفي الأنظمة الرأسمالية من هذه المظاهر.

أنصار الأنظمة الرأسمالية

على الرغم مما ذكرناه في الفقرات السابقة عن الآثار السلبية التي سببتها الأنظمة الرأسمالية، عدا عما نعيشه اليوم ونواجهه في ميادين الحياة عامة والعمل بشكل خاص، يظهر أنصار النظام الرأسمالي ويدافعون عنه من عدة جوانب، ومنها:

  • إذ يرى معظمهم أن النظام الرأسمالي هو الطريق إلى الحرية الاقتصادية، وبالتالي الطريق إلى الحرية السياسية.
  • من ناحية أخرى، يقول أنصار الأنظمة الرأسمالية أنه من الطرق التي يمكن من خلالها تنظيم المجتمع. كما يرون أن المنافسة بين الشركات هامة للمستهلكين، إذ توفر لهم فيضًا من المنتجات المختلفة بأسعار معقولة.
وفي الختام، لكل نظام سواء كان اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي آثار سلبية وأخرى إيجابية. إلا أن كل ما نأمل حدوثه هو وجود نظام عادل وإنساني، يوازن بين حاجات الفرد ومصالحه بطريقة إنسانية ومنطقية قدر الإمكان. حتى نعيش في عالم أفضل يسمح لكل منا أن يمارس دوره بشكل صحي وصحيح.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ