كتابة :
آخر تحديث: 02/05/2020

قوة الصين

تمتد الصين بساكنتها الضخمة على حوالي خمس مساحة آسيا في أقصى الشرق، انتقلت منذ 1949 بفعل اعتماد التوجه الشيوعي وتأسيس الصين الشعبية من حالة التخلف إلى حالة النمو الاقتصادي السريع، لتصبح مع بداية القرن 21 في مصاف القوى العالمية الكبرى. فما مظاهر قوة الصين اقتصاديا؟ وما أبرز تجلياته على المستوى العالمي؟ وما أسس ومؤهلات هذه القوة الاقتصادية الصاعدة؟ وما خصائص الاقتصاد الصيني؟ وأين تكمن بعض مشاكله؟ كل هذا وأكثر، نتعرف عليه فيما يلي. قراءة ممتعة!
قوة الصين

مظاهر قوة الصين الاقتصادية

مظاهر النمو الاقتصادي الصيني

برزت منذ سنة 1978 واقترنت بجملة من الإصلاحات المتميزة بنهج اقتصاد مختلط والانفتاح على الاقتصاد الرأسمالي، من خلال السماح باستثمارات القطاع الخاص في ميادين الإنتاج والمبادلات. وقد ساهم ذلك في ارتفاع نسبة النمو وارتفاع معدل الدخل الأسري وتقليص نسبة الفقر. ومكنت البلاد من الاندماج في منظومة الاقتصاد العالمي، واحتلال مكانة متقدمة ضمن القوى الاقتصادية العالمية.

مكانة الصين في الاقتصاد العالمي

حقق الاقتصاد الصيني نموا سريعا ومتواصلا بمعدل 9.5% سنويا متفوقا بذلك على مختلف القوى الاقتصادية العالمية. وتبوأت الصين مراتب عالمية متميزة من حيث الناتج الوطني الخام (الرتبة السادسة)، وقيمة مداخل الصادرات (الرتبة السادسة) وحجم الاستثمارات الخارجية (الرتبة الرابعة).

أسس ومؤهلات قوة الصين الاقتصادية

الخصائص الطبيعية

يمكن تقسيم الصين إلى أربع مناطق طبيعية هي:

  1. المنطقة المعتدلة: في الشمال الغربي وهي مجال امتداد سهول منشوريا الخصبة التي تستفيد في جزئها الجنوبي من نهر "هوانغ هوا".
  2. المناطق المدارية: في الجنوب الشرقي المتميزة بتنوع تضاريسها وأهمية ثرواتها المائية المستمدة بالخصوص من نهر "صانغ جيانغ" ونهر" يانغ ميين يانغ".
  3. المنطقة القاحلة: في الشمال والغرب وهي مجال لصحاري كوبي وصحراء ملكان.
  4. ـ منطقة هضاب اليبت وجبال الهمالايا: في الجنوب الغربي، وساهم هذا التنوع في تنوع أشكال استغلال الأرض وأهمية نوعية وكمية الإنتاج بالرغم من امتداد الصحاري والهضاب والجبال.

المقومات البشرية

يقدر عدد سكان الصين حوالي ملليار و300 مليون نسمة، معظمهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و65 سنة، وأقدمت الدولة على فرض سياسة الطفل الواحد لتقليص معدل الخصوبة، والتحكم في نسبة النمو الديموغرافي.

وتعتبر المناطق الشرقية أكثر كثافة وازدحاما حيث تتواجد بها أعداد كثيرة من المدن المليونية أضخمها شنغهاي وبكين وهونغ كونغ. ولهذه الطاقات البشرية أدوار مهمة جدا في توفير اليد العاملة الكثيرة، والأطر المتنوعة وضمان سوق استهلاكية واسعة وقاعدة طلب عريضة.

المقومات التنظيمية

مرت هذه المقومات عبر مرحلتين أساسيتين، الأولى هي مرحلة البناء الاشتراكي، حكم خلالها ماوتسي تون (1949 ـ 1976)، وعرفت إجراءات أهمها القضاء على النظام الاقطاعي في الصين وتأهيل وسائل الانتاج، ونهج سياسة التخطيط الاقتصادي إضافة إلى سياسة القفزة الكبرى إلى الأمام. وإعادة تنظيم الفلاحة في إطار تعاونيات كبرى معروفة بالكومونات الشعبية.

وتتميز المرحلة الثانية بكونها مرحلة الانفتاح على العالم الرأسمالي، والتي قام فيها دينغ كيسياو بينغ منذ سنة 1978، بإجراءات عدة هدفت إلى إدخال المقاولات الخاصة في قطاعات الفلاحة والصناعة والتجارة وتخفيف احتكار الدولة لهذه القطاعات، والعمل على استيراد التكنولوجيا الغربية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية.

أهم خصائص الاقتصاد الصيني

القطاع الفلاحي

يشغل القطاع الفلاحي نسبة مهمة من السكان النشيطين، ويحتل مكانة مهمة في الاقتصاد الصيني ويرتكز أساسا على زراعة الأرز في المناطق المدارية والجنوبية في المناطق المعتدلة، وتربية المواشي في المناطق الصحراوية والجبلية، وبفعل الإصلاحات ارتفع المردود لانتاج الهكتار الواحد وتزايد الإنتاج بشكل كبير، ومكن ذلك الصين من احتلال مراتب عالمية متقدمة تتراوح بين الأولى والثالثة في العديد من المنتجات الفلاحية الأساسية مثل الأرز والقمح والذرة والقن والشاي وقصب السكر فضلا عن الأغنام والخنازير والأبقار.

القطاع الصناعي

يساهم القطاع الصناعي بأزيد من نصف الناتج الداخلي الخام، ويتميز بتنوع وضخامة الإنتاج خاصة في المناطق الشرقية حيث تتواجد العديد من المراكز الموروثة عن الفترة الشيوعية والتي تم تحديثها خلال الثمانينات والتسعينات.

ويشمل هذا القطاع صناعات النسيج: القطنية والحريرية والصناعات الحديدية كالصلب والفولاذ والميكانيكية كالآلات الفلاحية ومختلف وسائل النقل والمواد الكيماوية كالاسمنت والأسمدة، وأيضا الكهربائية والالكترونية كالفضائية والنووية والالكترونيك وغيرها الكثير. وتتبوأ الصين مركز الصدارة عالميا في انتاج الصلب والاسمنت والأسمدة وأجهزة التلفاز إلخ..

التجارة الخارجية

بفعل الانفتاح على العالم الرأسمالي، تطورت المبادلات الخارجية الصينية بشكل كبير وحققت فائضا تجاريا واضحا لتساهم في ارتفاع نصيب القطاع الثالث في الناتج الوطني الخام. وترتكز أساسا على تصدير الآلات والمعدات الميكانيكية والكهربائية والمواد الاستهلاكية المصنعة.

مشاكل وتحديات الاقتصاد الصيني

التحديات الخارجية

يظل الاقتصاد الصيني مرهونا باستقرار السوق العالمية، ومدى ضمان التزود بمختلف المواد الأولية التي تستهلك منها البلاد حصصا كبيرة من الإنتاج العالمي، حوالي ربع انتاج الالمنيوم وثلث انتاج الحديد في العالم يذهب إلى الصين.

كما يرتبط الاقتصاد الصيني أيضا إلى الحاجة الدائمة للسوق العالمية إلى كميات الانتاج الصيني الضخمة، فضلا عن المنافسة الأجنبية على مستوى جودة السلع، مما يرغم الدولة على تنويع شركائها وتوقيع اتفاقيات مشتركة.

التحديات الاجتماعية

رغم النمو الاقتصادي مازال مستوى التنمية البشرية متوسطا في الصين، وساهم تضخم عدد السكان في تواضع متوسط الدخل الفردي خاصة في الأرياف حيث ترتفع نسبة الفقر وتكثر التحديات الاجتماعية.

التباين الإقليمي والتحديات البيئية

يمكن التمييز، بين 3 مناطق متباينة في الصين: فالصين الساحلية أكثر ازدحاما بالسكان وأكثر دينامية وانفتاحا على العالم الخارجي، بفضل أهمية المبادلات الخارجية واستقطاب الرساميل الأجنبية. والصين الداخلية متميزة بارتفاع كثافة سكانها وتنوع أنشطتها الفلاحية والصناعية وتحولاتها الاقتصادية.

أما الصين الغربية فتعرف الظروف الطبيعية الوعرة، وضعف الكثافة السكانية وتواضع الأنشطة الاقتصادية. وفي الوقت الذي تعرف فيه المناطق الغربية شحا في المياه، تشهد بعض المناطق الشرقية أمطارا موسمية غزيرة تتحول أحيانا إلى حمضية بفعل التلوث الصناعي.

بفعل الإصلاحات والتحولات السريعة، اعتبرت الصين نموذجا لدولة نامية حققت إقلاعا اقتصاديا كبيرا مكنها من منافسة القوى الاقتصادية العالمية وفرض مكانتها على الساحة العالمية، سواءا على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو العسكري.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ