آخر تحديث: 08/10/2021
بين التمحور حول الذات والتواصل بالآخر
بين التمحور حول الذات والتواصل بالآخر، تعتبر من المفاهيم التي يجب أن نتفهم معناها، لهذا سنتناول هذا الموضوع من الجانب النفسي، وذلك لأن التأثيرات النفسية تؤثر بشكل كبير على هذا المفهوم، وما الذي قد يؤدي إليه وكيف يمكن التعامل معه.
فكما أن عدم تقدير الذات وعدم الاعتداد بالذات مشكلة نفسية كبيرة، فإن الإفراط في تقدير الذات أيضاً مشكلة كبيرة، حيث أن الإفراط أو التفريط في دعم الذات يؤدي إلى مشكلة كبيرة جداً في التعامل مع الذات والتواصل مع الآخرين بشكل كبير.
فالمهتم بنفسه بشكل زائد يطلق عليه في علم النفس المتمحور حول ذاته، وقد يطلق أيضاً على من يعاني من مشكلة داخلية تخصه يظل مستغرقاً فيها لدرجة تجعله غير متواصلاً بأي شيء سوى ذاته فقط.
بين التمحور حول الذات والتواصل بالآخر.. البداية
تبدأ القصة دائماً في مساحة الراحة التي يختارها الإنسان، أو يستخلصها من معظم تجاربه، وتتمثل في:
- إنها مساحة قد تكون صحية جداً، لا غضاضة فيها ولا رياء، فمن منا لا يحتاج لمساحة الراحة، تلك المساحة التي يشعر فيها بالأمان.
- فأنا وأنت وكل إنسان يحتاج لمساحة الراحة دائماً لكي يجدد نشاطه ورؤيته ويحدد ما لم يستطع أن يحدده وهو منهك القوى أنهكته مشكلات الحياة، ولكن كل المشكلة حين تكون تلك المساحة من الراحة متكونة بشكل غير صحي، غير سليم.
- والمتمحور حول ذاته يعتبر مساحة الراحة بالنسبة له هو شعوره بأنه لا مثيل له، وأنه الأهم والأعلى في تلك الحياة، وأنه لا يجد الوقت إلا لكي يفكر في نفسه فقط.
- قد يفكر أي قارئ ويقول، أنه لا مشكلة أبداً من شعور الإنسان بذاته، وبشعوره بأنه مركز اهتمام نفسه، ولكن الفكرة كلها أن هناك فارق بين هذا وذاك، وهذا ما سنحاول مناقشته في الفقرة التالية.
أهم الفروق بين التمحور حول الذات والثقة بالنفس
الفيصل في تلك المسألة يكمن في :
- القدرة على العطاء وتقدير الآخرين، فهناك فارق كبير بين أن تكون واثقاً من نفسك وقادرا على العطاء لنفسك وللآخرين، وبين أن تكون قادراً على العطاء لنفسك فقط.
- فالمتمحور حول ذاته يرى أنه من حقه أن يحصل على كل اهتمام وتقدير، وأنه من الطبيعي أن يهتم به كل الناس.
- ولكنه لا يرى أهمية ولا تقدير لكل من حوله، فهو يرى أن كل من حوله أقل منه في كل شيء، ولا يستحقون أن يعطيهم ما يأخذه منهم.
- هذا الشخص يشكل مشكل كبيرة لمن حوله، فهو دائماً في حالة من حالات الزهو بنفسه، ويرى أنه من الطبيعي أن يحتقر الجميع في مقابل أن يظل هو متألقاً أمام ذاته.
التفريط في تقدير الذات مشكلة نفسية
نعم فالتفريط في الشعور بأهمية الذات ووجودها هو الطرف الآخر من نقطة التوازن النفسي، وذلك يرجع إلى :
- فالإنسان إما أن يكون مهتماً بنفسه اهماماً مرضياً بحيث أنه لا يجد المساحة داخل نفسه للاهتمام بالآخرين.
- وإما أن يكون متلاشياً أمام ذاته، بل أنه قد لا يرى نفسه إلا من خلال امتداح الآخرين له، وهناك بعض الأشخاص يعانون من ضعف شعورهم بذواتهم حتى وإن شكرهم الناس واعترفوا بفضلهم.
- فلا البقاء في طرف التفريط في الشعور بالذات صحيح نفسياً، ولا البقاء في طرف التضخيم للذات صحيح نفسياً، ولكنها مسألة توازن نفسي يجب على الإنسان أن يسعى للحفاظ عليها.
طريقة تحدث المتمحور حول ذاته
إن المتمحور حول ذاته لا تجده إلا متحدثاً عن :
- إنجازاته في الحياة، فهو صاحب الدور الأول في إنقاذ العالم من الانهيار في كل شيء، إنه الأساس في كل الإنجازات، بل أن هناك العديد من الكوارث التي حدثت نتيجة أن هناك من لم يستمع إليه.
- كذلك قد تجده يحب عاطفياً من هو دائماً يشعره بأنه كل شيء في الحياة، فهو في الحقيقة يحب الشخصية التي تشعره دائماً بقوته، لذلك قد تجد الشخصية المناسبة له في بعض الأحيان بعض الشخصيات التي لا تشعر بقيمتها الذاتية، فهو يشعر بذاته جداً بين من هم أضعف منه نفسياً.
- الصداقة بالنسبة له أمر لا قيمة له، فالبشر بالنسبة له مستوى أقل منه، كل التقدير والعرفان بالجميل استحوذ بهم جميعاً وجعلها موجهة لنفسه فقط، فلا صديق قريب يستحق التقدير والاهتمام، ولا مجموعة تستحق أن ينتمي إليها.
العلاج والحل لهذه المشكلة
- إن العلاج دائماً يبدأ من حيث اقتناع الإنسان أنه في مشكلة كبيرة، فالمريض الذي لا يعرف أنه في مشكلة، نحتاج لوقت ليس بالقليل معه لإقناعه بأنه في مشكلة.
- والمتمحور حول ذاته حياته ليست مثالية، فهناك العديد من المشكلات التي يواجهها في العديد من الجوانب، منها أن علاقاته بالآخرين بها العديد من علامات الاستفهام التي تشكل له مشكلة كبيرة.
- فطبيعة الحياة هو تبادل المعرفة، وتبادل المنفعة، وتبادل الاهتمام بين البشر، أما أن يوجد إنساناً يحاول دائماً أن يكون محل الأخذ دون أن يكون مصدر عطاء، فهذا الأمر يشكل حالة نفور كبيرة في الحياة.
بداية العلاج من تلك المشكلة
- يكمن العلاج دائماً بعد الاعتراف بالمشكلة من جانب المريض بالعلاج السلوكي أو المعرفي في البداية، حيث يعترف الإنسان بأنه في حاجة للعلاج، وأنه تسبب في الأذى لكثير ممن حوله.
- فهو كأب لا يعطي اهتماماً يذكر بأولاده، وهو كزوج لا يعطي اهتماماً يذكر بزوجته، وفي مجال العمل لا زميل له يمكن أن يتبادل معه الخبرة أو العلم، فكل ذلك يؤدي للعديد من المشكلات العاطفية والاجتماعية والنفسية له بشكل لا مثيل له.
- ولكن تلك المساحة من الراحة تفقد بريقها مع كثرة المشكلات، ويحتاج الإنسان المتمحور حول ذاته إلى مساحة جديدة يرى فيها نفسه متصلا بمن أحبهم، عاملاً على الحفاظ على أصدقائه.
كيف يتم تغيير مساحة الراحة؟
هناك طرق عديدة لتغيير مساحة الراحة المرضية لهذا الشخص، وتحدث من خلال الآتي:
- فبداية تغيير مساحة الراحة بتنمية الاستبصار بالذات، فالاهتمام بالنفس بالنسبة للمتمحور حول ذاته هو اهتمام مريض وزائف، فهو في حاجة لمعرفة المواقف الحقيقية التي أثرت على حياته.
- فمن الممكن أن يتوجه هذا الشخص المريض للمختص لعمل جلسات تحليل نفسي سلوكي يعرف من خلالها مكامن التشوه في الفكر لكي يحاول اتخاذ خطوات صادقة نحو تكوين وعي وإدراك طبيعي.
- وبعد عمل جلسات نفسية مع هذا المريض يكون قد جمع مع المختص المعلومات اللازمة لبدء الخطوة التالية، وهي خطوة التدريب والتطبيق للمبادئ الجديدة التي يجب أن تحل محل المبادئ القديمة التي اكتشفها أثناء التحليل النفسي.
دور أسرة المريض في تحقيق الشفاء
- إن المريض يكون في حاجة ماسة إلى مساندة أسرته بشكل كبير، حيث أن أسرته هي التي تتحمل المراحل المبكرة الصعبة في بداية العلاج، حيث يكثر الخطأ وتزيد الحاجة للمساحة المريضة من الراحة.
- ولكن الدعم النفسي الذي يتلقاه المريض من أسرته تجعله في حالة استقرار نسبي تساعد على تحقيق التدريب أثره المطلوب على المدى الطويل.
وأخيراً... فإن هناك ارتباط وثيق بين التمحور حول الذات والتواصل بالآخر، حيث أن ضعف العلاقات الاجتماعية لهذا الشخص يكون في قمته بشكل ملفت للنظر، ويمكن القول بأن أولى علامات العلاج في اتصال صحيح من صاحب هذا المرض بالناس.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_12903
تم النسخ
لم يتم النسخ