كيف يكون ظلم النفس وما أنواعه؟
كيف يكون ظلم النفس؟
- يقول الله تعالى في محكم آياته: "وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"، وأيضا قوله تعالى: "وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِن كَانُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"، وهذا يُبيّن أن الله عز وجل لا يظلم الإنسان حاشاه فقد حرّم على نفسه الظلم، لذا حرمه بين العباد حتى بين المرء ونفسه.
- ويختلف ظلم النفس حسب أشكاله وأنواعه وكلًّ من هذه الصور ظلم للنفس الذي يكون في نهاية المطاف إضرار الإنسان لنفسه بسبب قول أو فعل ليس من الدين أو الخُلق يقوم به في حق نفسه.
- مما يعني أن الصورة المأخوذة عن أن الظلم مجرد تعدي على حقوق الآخرين أو مصالحهم ليست بالشكل الكامل، بل يدخل في إطارها ظلم النفس.
- ويكون ظلم النفس بإتيان الذنوب والمعاصي التي تتسبب في إهلاك النفس وتقليل قيمتها عند الله تعالى لقوله تعالى: "وَدَخَلَ جَنَّتَهُ ۥ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ۦ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ ۦٓ أَبَدًا"، فقد ظلم نفسه بفعل الأهواء فأصبح سببا في إضلال نفسه وهلاكها.
- وقال أحد السلف الصالح: "الظلم ثلاثة: ظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره الله، وظلم لا يدعه الله، فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك، وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين الله، وأما الظلم الذي لا يدعه فالمداينة بين العباد".
ما معنى الظلم لغة واصطلاحا؟
- معنى الظلم لغويا هو دلالة على وضع الشيء في غير موضعه، إما بالزيادة أو بالنقصان، وإما بعدول عن وقته أو مكانه، يقال: ظَلَم يَظْلِم ظُلْمًا، فهو ظالم وظلوم وكلمه حقه، أي: منعه حقه بعضه أو كله.
- وقد ورد لفظ ظلم في القرآن الكريم باشتقاقاته المتنوعة في مائتي موضع ويزيد، وأكثرها بصيغة الفعل، كقوله تعالى: "ظلم"، و"أظلم"، و"يظلمون"، و"تظلمون"، و"يظلم"، و"ليظلمهم"، و"ظلمناهم "،وهكذا.
- كما جاءت الكلمة بصيغة اسم مثل، "فبظلم من الذين هادوا"، والاسم المشبه بالفعل كقوله تعالى: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم"، وبصيغة اسم المفعول في قوله: "ومن قتل مظلوما".
خطبة عن ظلم النفس
- استكمالًا لموضوعنا كيف يكون ظلم النفس وما أوجزناه من إجابة مختصرة حول معنى ظلم الإنسان نفسه، حيث وضع الشيء في غير محله وبالتالي يحقق المرء لنفسه الفعل السيء سواء شهوات أو معاصي ليورّثها شقاء دائم بما يجرّه عليها من هلاك يؤدي إلى عقاب.
- ولا يخلو أحدا منَّا من ظلمه نفسه لقوله تعالى: "ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَلَمْ يَلْبِسُوٓا۟ إِيمَٰنَهُم بِظُلْمٍ"، وحين سأل أصحاب النبي صل الله عليه وسلم ، وقالوا: "أينا لم يظلم نفسه؟!،
- فقال صلوات الله عليه وسلم: "ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: يا بُنيَّ لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم، أي أن الظلم درجات أعظمها الشرك، ومن دون ذلك الكبائر والمعاصي".
- وكثيرين من الناس أسرى ظلم أنفسهم، وفي هذا حذر الله تعالى عباده في قوله تعالى: "وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ"، لذلك يجب المبادرة بالتوبة عن ظلم النفس والإشفاق عليها.
- كما جاء في قوله تعالى: "رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ"، فالله عز وجل في كل وقت يقدم للعبد السبيل للتوبة عن ظلم النفس وألا يوقعها في المهالك التي تُسلبه مغانم الرحمات والغفران.
حديث عن الظلم
وردت أحاديث عديدة عن النبي صل الله عليه وسلم تحدث فيها عن كيف يكون ظلم النفس أو عن الظلم عمومًا توضح حرمة الظلم وتحذر منه، نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
- قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشُّح فإن الشُّح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم".
- وقول رسول الله صل الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلومًا، فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره".
الظلم وأنواعه وعواقبه
ينقسم الظلم إلى أنواع عدة وفقا لتقسيم أهل العلم منها:
- ظلم العبد لنفسه وهذا هو حديثنا كيف يكون ظلم النفس وفيه قال رب العالمين: "قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ ۥٓ ۚ إِنَّهُ ۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ".
- ظلم بين العبد والآخرين، بأن يتعدى على حقوقهم حسب نوعها وصورتها.
- ظلم بين العبد وربه، من أنواع ظلم الإنسان لنفسه الشرك بالله أو الكفر أو النفاق لقوله تعالى: "إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ".
وجميع ما سبق يندرج تحت ظلم النفس الذي تكون عواقبه هالكة للمرء فتجعله في شقاء مستمر حتى يتوب إلى الله تعالى ويصدق في نواياه بالتوبة النصوح.
ما هو أشد أنواع الظلم؟
أشد أنواع الظلم الكفر والشرك والنفاق، لقوله تعالى: "إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (لقمان: 13).
هل يغفر الله لمن ظلم نفسه؟
نعم، فعن أبو بكر قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غفر له"، وقرأ هاتين الآيتين: "وَمَن يَعْمَلْ سُوٓءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ۥ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا"، والآية: "وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا۟ فَٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُوا۟ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلُوا۟ وَهُمْ يَعْلَمُونَ".
ماذا قال الله عن ظلم النفس؟
ذكر الله ظلم الإنسان لنفسه في القرآن في مواضع عدة في بدرجات ومراتب مختلفة وهي إجابة عن سؤال موضوعنا اليوم كيف يكون ظلم النفس منها:
- يقول الله تعالى: "فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ". (الروم: 9).
- وقوله تعالى: "وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ". (العنكبوت: 40).
- وقوله عز وجل: "وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ ۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ". (الرعد: 6).
- وقوله تعالى: "مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِى هَٰذِهِ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ". (آل عمران: 117).
متى يظلم الإنسان نفسه؟
لعلنا جميعا ظالمون أنفسنا دون الشعور بذلك أو ربما عن جهل لكن بدرجات مختلفة وصور عديدة، وهنا يكون المرء ظالم نفسه وفق الدرجة التي أوقع نفسه فيها أي: عندما يُحمّل نفسه ما لا تُطيق وتستطيع، وعندما يُخطئ في اختياراته، وأيضا عندما يعصي لله أمرا في صالحه.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_20935