آخر تحديث: 27/03/2023
ما هو الإعلان؟ أنواعه وتاريخه
باتت الإعلانات جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهي تحيط بنا في كل مكان، في التلفاز، في مواقع الويب، على الواجهات واللافتات في الشوارع. فما هو الإعلان؟ ما وسائطه وأشكاله، تاريخه، وتأثيره؟ هذا ما سنتناوله في ثنايا الأسطر المقبلة في موقع مفاهيم، قراءة ممتعة!
ما هو الإعلان؟
- يمكننا القول بأن الإعلان ببساطة، هو بمثابة أسلوب أو طريقة تعتمدها شركة أو علامة تجارية ما للتواصل مع الزبائن، سواء للإعلان عن منتج جديد أو للترويج لصورة الشركة أو ما يعرف ب"البراند".
- أما بشكل رسمي، فقد تم تعريف الإعلان بموجب التوجيه الأوروبي لعام 1984 على أنه "أي شكل من أشكال الاتصال يتم في إطار نشاط تجاري أو صناعي أو حرفي أو ليبرالي بهدف تعزيز توريد السلع أو الخدمات، بما في ذلك العقارات والحقوق والالتزامات..."
- وبالتالي، فإن التعريف القانوني للإعلان هو أوسع من التعريف المقترح تقليديًا في علم التسويق، والذي يفصل بشكل عام بين الإعلان، بمعنى الإعلان الإعلامي، عن تقنيات التسويق الأخرى (التسويق المباشر وترويج المبيعات على وجه الخصوص).
- أما حين يتم الحديث عن الإعلان أو الإشهار في علم التسويق، فيقصد به عملية شراء مساحة تستخدم للترويج لمنتج أو خدمة أو علامة تجارية على إحدى الوسائط الإعلانية الرئيسية (التلفاز - الصحافة - الإذاعة - الإنترنت - الإنترنت - السينما).
- يتميز الإعلان على وجه الخصوص بطبيعته غير الشخصية (أو الفردية). حيث أن أساليب التسويق التقليدية دائما ما تستحضر شخصا وسيطا يؤدي دور المسوق، الذي يتواصل بشكل مباشر مع الزبون، ويحاول إقناعه بشراء المنتج أو الخدمة.
تاريخ الإعلان
بداية فكرة الإعلان تزامنا مع الثورة الصناعية
- شهد 16 يونيو 1836 بداية تاريخ الدعاية الإعلامية. كان ذلك عندما عطلت الثورة الصناعية عالم التجارة، حينها انبثقت فكرة إدراج الإعلانات التجارية الأولى لدى "إميل دوجاردانEmile de Girardin" في صحيفته المدعوة La Presse.
- وبالفعل تبين أن هذه الفكرة العبقرية آتت أكلها، إذ سمحت له هذه الإعلانات بتحسين ربحية صحيفته عن طريق تخفيض السعر واكتساب قراء جدد. ولم يطل الأمر، حتى تم نسخ هذه الفكرة الثورية على الفور من قبل منافسيه من ذوي الصحف الكبرى.
ظهور الملصقات الإعلانية
- ولكن نقطة التحول الكبرى في تاريخ الإعلان، لم تحدث إلا مع بداية القرن العشرين، حيث ارتقت الإعلانات من مجرد ملصقات مدون عليها بضع كلمات بالأسود والأبيض. إلى مرتبة العمل والإبداع الفني.
استخدام الألوان والصور والرسومات في الملصقات
- أصبحت الملصقات الإعلانية تنضح بالألوان والرسومات والحيوية، وكان الفنانون الأوائل الذين ابتدعوا هذا المنهج هم Jules ChéRet وHenri de Toulouse-Lautrec وLoretto Cappiello. حيث بسط هؤلاء الفنانون، كل على طريقته الخاص، أشكال وألوان الملصقات لجعلها أكثر جمالا، وإثارة وجاذبية.
ظهور فكرة العلامات التجارية لكل منتج
- في الوقت ذاته، ظهرت شعارات العلامة التجارية على العبوات وأغلفة وهياكل المنتجات الغذائية والصناعية إلخ..
منافسة التلفاز والإذاعة للإعلانات
- ومن أبرز ملامح هذا التحول هو ظهور وسائط جديدة تخدم الإعلانات.مثل الراديو عام 1922. حيث تم بث الإعلانات التجارية الأولى في الراديو عام 1928. واتخذ الإعلان بُعدًا موسيقي مسموعا للمرة الأولى! أما بالنسبة للإعلانات التلفزيونية الأولى، فقد ظهرت في فرنسا عام 1968، لتضيف البعد المرئي أيضا.
- ونتيجة لذلك، أصبح الإعلان عنصرًا حاسمًا في القدرة التنافسية، مع مجموعات كبيرة تتنافس في الإبداع والميزانية لإطلاق حملات إعلانية إذاعية وتلفزيونية باهظة الثمن.
يشكل متحف الإعلان في باريس مرجعا عالميا لدراسة تاريخ الإعلان، حيث يعرض هناك:
- 50000 ملصق قديم، من القرن الثامن عشر إلى الحرب العالمية الثانية.
- 50،000 ملصق معاصر (من 1950 إلى اليوم)
- أكثر من 20000 فيلم إعلاني، فرنسي أو أجنبي (من الثلاثينيات حتى اليوم)
- الإعلانات الصحفية (أكثر من 30،000)، والبث الإذاعي، والمواد الترويجية، إلخ...
صورة الدعاية الاستهلاكية
- في الوقت الحاضر، تتمتع الإعلانات بصورة مثيرة للجدل إلى حد ما بين عامة الناس. فليس هناك من ينكر أنها موجودة في كل لحظة من حياتنا وأنه من الصعب الهروب منه.
- وغالبًا ما يشتكي الناس من تعرضهم للقصف بالصور الإعلانية، عندما يقودون سياراتهم في المدينة، أو عندما يشغلون التلفزيون أو الراديو، أو عندما يتصفحون الإنترنت.
- يعتقد الكثير من الناس أن الإعلانات تلعب بعقلنا اللاواعي، وتجعلنا نريد أشياء عقيمة لا حاجة لنا بها من الأساس. وكما قال العالم الأمريكي كارل ساجان: "الإعلانات تجعل الناس غير واثقين في أحكامهم؛ أنها تعلمهم أن يكونوا أغبياء".
- على خلاف الرأي السابق، فالكثيرون خاصة أصحاب الميدان، بعتبرون الإعلان على أنه فن الاتصال الذي بلغ ذروته، فقد صار له وجه مختلف تمامًا عن وجه النشرة التي يتم تمريرها من يد إلى أخرى على عجل، وقد جعل احتراف المهنة وإنشاء وكالات الإعلان هذا المجال مطلوبًا للغاية. ويمكن أن نقول تماما بأن المعلنين الجيدين، هم بالضرورة فنانون جيدون، ذوو أفكار إبداعية ومخيلة رحبة.
- بل وأصبحت هناك جوائز عالمية تكافئ الإعلانات الأكثر جمالا وإبداعا. وصارت الشركات تتنافس في هذا الباب أكثر من أي وقت مضى لجذب انتباه العملاء وإنتاج إعلانات مضحكة، مثيرة وجريئة...
الإعلان ظاهرة اجتماعية تعكس الواقع
- بعيدًا عن كونها وسيلة اتصال بسيطة للشركات، فإن الإعلان هو أيضًا ظاهرة اجتماعية حقيقية. يعتقد المؤرخون وعلماء الاجتماع أن مراقبة إعلانات فترة معينة تقول الكثير عن عادات ذلك الوقت.
- في الواقع، يعرف المعلنون أنه يجب عليهم البقاء على مقربة قدر الإمكان من اهتمامات الناس من أجل النجاح في الوصول إليهم. من خلال متابعة الأخبار والمستجدات، يلتزمون بالاتجاهات والمواضيع التي تهم المواطنين.
- فمن خلال التقرب من العملاء يمكنهم بيع منتجاتهم لهم. وبالتالي فإن الإعلان مرآة رائعة لعصر ما في مكان وزمان معينين. وكما قال الصحفي والكاتب الفرنسي كلود ويل "الإعلان هو انعكاس دقيق لاتجاهات الموضة، والعادات، والرغبات، والاحتياجات لجماعة بشرية معينة، خلال فترة معينة".
الإعلان في الأوساط التجارية
- الإعلان حيوي للأعمال التجارية، لو أن الوضع ليس كذلك، لما استمر، ولما رأينا الشركات الصغرى والكبرى تنفق ملايير الدولارات عليه.
- وربما قد يخيل إليك أن الشركات متعددة الجنسيات التي تساوي قيمتها مليارات، بل وتريليونات الدولارات من قبيل غوغل، آبل، ماكدونالد وغيرها الكثير. لا تحتاج إلى القيام بحملات إعلانية على الإطلاق.
- الأمر ليس تماما كما تظن، فمن خلال استمرار هويتها المرئية والمسموعة، فهي تقوم بتذكير العملاء بانتظام بأنهم باقون في القمة، وسيستمرون في ذلك.
- الهدف هو الحفاظ على العلامة التجارية حية ونابضة. ففي مجال الأعمال والتجارة، هذه العلامة أغلى ما يمكن أن تحصل عليه، وأهم ما ينبغي أن تحافظ عليه.
- فالجميع يعرف شعار نايكي أو شعار أديداس على سبيل المثال… كيف حافظوا على هذه العلامة، قد تقول الجودة والأداء، ربما. لكن الفضل أساسا هو لإعلاناتهم وخططهم التسويقية الفذة.
خطوات صناعة الإعلان
الإعلان الجيد ينبني على مفاهيم علم النفس والتاريخ والاقتصاد والفن..قبل كل شيء، المعلنون يتعرفون سلوك الناس، تفضيلاتهم وميولاتهم، ألوانهم المحببة وخلفياتهم النفسية والفكرية. وبناء على هذه المعطيات، تبنى استراتيجية التسويق. فمن أجل أن يصل الإعلان إلى جمهوره (وهذا ما يسمى "الاستهداف")، يجب تطوير استراتيجية تسويق واضحة وقوية.
أولاً، يجب على الشركة إجراء دراسة لتحديد الهدف:
- العمر.
- الجنس.
- الحالة الزوجية.
- مكان الإقامة.
- الدخل.
- بيئة اجتماعية مهنية.
- الأذواق.
- عادات.
وبعد اتضاح الخطة والدراسة التقنية للموضوع، ووضع الخطة للحملة الإعلانية، أتى دور صياغة قالب هذا الإعلان، وهنا يأتي الإبداع في ترجمة رسالة الشركة في قوالب مرئية وموسيقية مثيرة وجذابة. وفي هذه النقطة بالذات لا يمكن إلا لرأس المال البشري أن يخلق الفارق. وقد قال الممثل الأمريكي جيف ريتشاردز: "الإبداع بدون استراتيجية يسمى الفن. لكن الإبداع بالإستراتيجية هو ما يسمى الإعلان".
أشكال وسائل الإعلان المختلفة
هناك عدة أشكال لوسائل الإعلان المختلفة، ومنها ما يلي:
وسائل الإعلام التقليدية
- هذه الوسائل هي التي أسست لثورة الإعلانات منذ البدء، وكانت المنفذ والوسيلة الأمثل لعرض الإشهارات طيلة القرنين المنصرمين.
- اليوم، على الرغم من ظهور الويب، لا تزال وسائل الإعلام المطبوعة وسيلة إعلانية مهمة اليوم. خصوصا الملصقات، التي انتقلت اليوم من طابعها الورقي إلى عرضها على شاشات ضخمة بأحجام تغطي المباني والعمارات. خصوصا في المراكز العالمية مثل مدينة نيويورك ولندن وباريس وغيرها...
- إضافة إلى هذا فالصحف لا تزال خيارا مطروحا لدى المعلنين. حيث يقرأ جزء كبير من البشر الصحف والمجلات... ويتم الإعلان في الصحف من خلال شراء مساحة، ولكن أيضًا من خلال النشرات الصحفية والمقالات الترويجية. إنه نفس مبدأ الراديو والتلفاز. حيث تستثمر الشركات في الفواصل التلفزيونية لعرض إعلاناتها، على سبيل المثال تشتري مساحات إعلانية في الفاصل بين حلقتين من المسلسل المعروض على القناة.
- حيث يعلم المعلنون أن العديد من الأشخاص لن يرغبوا في إيقاف تشغيل التلفاز خوفًا من تفويت الحلقة التالية؛ وبالتالي سيكونون منتبهين تماما، ما يعني أنهم سيشاهدون الإعلان بكامل تركيزهم، وهو لب وجوهر المسألة بأكملها. في عام 2017، بلغ متوسط سعر المساحة الإعلانية لفترة 30 ثانية أثناء مباراة السوبر بول... خمسة ملايين دولار!
الإعلان عبر الإنترنت
- الإنترنت وسيلة رائعة للإعلان. فهي توفر ترسانة هائلة ومتنوعة من الطرق والقوالب لعرض الإعلان: الصور، الصوت، الفيديو إلخ…
- في الوقت الحاضر، أغلب الناس لهم القدرة على الولوج إلى الإنترنت، وبالتالي فإنهم يتعاطون مع الإعلانات أكثر من أي وقت مضى. ويسمح استخدام ملفات تعريف الارتباط واستراتيجيات التسويق الأخرى بتقديم إعلانات مخصصة لكل مستخدم إنترنت. هذا عدى قاعدة البيانات التي يمكن للشركات تجميعها عن مئات الملايين من البشر، ما يتيح لها تطوير وتحسين حملاتها بشكل كبير.
الإيميل أو البريد الإلكتروني
- هو وسيلة استراتيجية أخرى تقوم على تجميع قاعدة عريضة ومهتمة تماما بمجال اشتغال الشركة، ومراسلتهم على نحو مباشر عبر البريد الإلكتروني لعرض آخر المنتجات… ولدى المسوقين والمعلنين مقولة شهيرة: "المال تجده في قائمة البريد الإلكتروني" وبالإنجليزية:The Money Is in the List.
- طبعا ونحن في صدد الحديث عن الإنترنت لا بد من ذكر المواقع الأكثر زيارة من طرف ملايير البشر حول الكرة الأرضية، وبالأخص شبكات التواصل الاجتماعي التي تم استخدامها بشكل متزايد في السنوات الأخيرة من قبل الشركات. فمن المشاريع التجارية الصغيرة وصولا إلى العلامات التجارية العالمية، بات من غير الممكن لأي منها عدم امتلاك حسابات على منصة الفايسبوك، تويتر، إنستغرام وغيرها… وأيضا لا ننسى الموقع الإلكتروني أو قناة اليوتيوب…
- فجميعها تتيح فرصة للشركات لدخول قلوب الناس والحصول على صورة حديثة وودية.
وسائل أخرى للإعلان
- لاشك في أنك قد سبق وشاهدت أحداثا رياضية أو تظاهرات فنية أو غيرها من الوقائع الجماهيرية، ورأيت قائمة الرعاة والمساهمين في هذه الحدث، وتجد علامات تجارية معروفة ربما للمشروبات الغازية مثلا. وتساءلت ما علاقة شركة تصنع المشروبات الغازية بحدث رياضي مثلا.. الأمر هو أن هذه واحدة من طرق الترويج والإعلان غير المباشر، إذ تشكل هذه التظاهرات فرصة مثالية للمعلنين. حيث يتنافسون في ربط أسمائهم بهذا الحدث المثير.
- خذ على سبيل المثال العلامة التجارية لمشروبات الطاقة ريد بول Red Bull. في سنة 2012، قامت برعاية حدث رياضي عالمي بارز بشكل مباشر.
- وهو القيام بأول قفزة بشرية من طرف الغلاف الجوي على مستوى طبقة الستراتوسفير. وقد شكل هذا الحدث ضجة عالمية وحتما ما من مرة يتم فيه الحديث عن هذا الإنجاز، أو يتم تذكره، إلا ويتم ذكر أو تذكر الشركة الراعية له. وهو ما نراه أيضا في سباقات السيارات والرياضات المختلفة.
- يغطى الإعلان العديد من المجالات، ويمثل تحديًا دائمًا للشركات. وليس هناك شك في أن قاعدة المستهلكين المتنامية، والتي يزداد طلبها يوما بعد يوم. تجعل من هذا الميدان غنيا بالمستجدا ومجالا رحبا للتنافس والإبداع والابتكار.
هكذا إذن يتضح مما سلف، أن الإعلان أكبر بكثير مما يتصوره عموم الناس، فهو علم قائم بحد ذاته، وسوق اقتصادية بقيمة مئات الملايين من الدولارات، وانعكاساته الثقافية كبيرة ومهمة. ولا يزال هذا الميدان يتوسع ويتنوع، في وسائطه، أشكاله، وأهدافه مع مرور الأيام.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_3098
تم النسخ
لم يتم النسخ