كتابة : Zakaria
آخر تحديث: 10/04/2020

مجالات الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي (AI) هو فرع واسع النطاق من علوم الكمبيوتر، يهتم ببناء وتصميم آلات ذكية قادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً تدخل الذكاء البشري. الذكاء الإصطناعي هو علم متعدد التخصصات والتطبيقات.
مع التقدم الحاصل في ما يعرف بالتعلم الآلي والتعلم العميق بات يخلق تحولًا جذريا في كل قطاع في صناعة التكنولوجيا تقريبًا. وهذا تقريبا يعني التحول في كل قطاع للنشاط البشري في العصر الراهن الذي أصبحت فيه التكنولوجيا مزيته الأولى على الإطلاق. فما هو تعريف ومجالات الذكاء الاصطناعي؟ ما أهميته؟ وما مستقبله؟ كل هذه الأسئلة نتناولها في ثنايا الأسطر المقبلة. قراءة ممتعة!
مجالات الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

في الواقع، هناك العديد من التعريفات الشائعة للذكاء الاصطناعي، نذكر منها ما يلي:

  • قدرة الكمبيوتر الرقمي أو الروبوت المبرمج على أداء المهام المرتبطة عادة فقط بالكائنات الذكية.
  • تمكن الآلة من إنجاز مهام تنطوي على درجة معينة من الذكاء كان يعتبر في السابق حكرا على البشر فقط.
  • المحاكاة الرقمية لعمليات الذكاء البشري بواسطة الآلات، وخاصة أنظمة الكمبيوتر، وتتضمن هذه العمليات: التعلم والتفكير والتصحيح الذاتي..
  • قدرة الآلة على تقليد السلوك البشري الذكي.

جميع التعريفات أعلاه صحيحة، وهي تجمع على أن الذكاء الاصطناعي يعكس مدى اقتراب الآلة الرقميةالمبرمجة، من امتلاك وتطويع المهارات الذكية التي ينفرد بها الإنسان.

الجذور التاريخية للذكاء الاصطناعي

بعد أقل من عقد على كسر لغز التشفير النازي المعروف بشيفرة إنغما من طرف العبقري الرياضياتي الفذ آلان تورينج، ومساعدة قوات الحلفاء على الفوز في الحرب العالمية الثانية.

غيّر عالم الرياضيات آلان تورينج التاريخ للمرة الثانية بسؤال بسيط: "هل تستطيع الآلات التفكير؟" وقد حددت ورقة تورينج البحثية -الموسومة بعنوان "الآلات الحاسوبية والذكاء" (1950)- الهدف الأساسي والرؤية الأساسية للذكاء الاصطناعي، ولكن مصطلح الذكاء الاصطناعي لم تتم صياغته إلا عام 1956، وأصبح أكثر شيوعًا اليوم بفضل تطور إمكاناته والإنفجار الحاصل في حجم البيانات والخوارزميات المتقدمة والتحسينات في قوة الحوسبة والتخزين.

ثم في الستينيات من القرن الماضي، اهتمت وزارة الدفاع الأمريكية بهذا النوع من الذكاء، وبدأت في تجهيز أجهزة الكمبيوتر لتقليد المنطق البشري الأساسي. على سبيل المثال، أكملت وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة (DARPA) مشروع خرائط الشوارع في السبعينيات. وأنتجت أيضا مساعدين شخصيين رقميين ذكيين في عام 2003، قبل فترة طويلة من ظهور أسماء أجهزة ذكية شهيرة من قبيل Siri أو Alexa أو Cortana.

رغم أن أفلام هوليوود وروايات الخيال العلمي تصور الذكاء الاصطناعي على أنه روبوتات تشبه الإنسان ستسيطر على العالم، إلا أن التطور الحالي لتقنيات الذكاء الاصطناعي ليس مرعبا - أو حتى ذكيًا - تمامًا.

كيف يعمل الذكاء الاصطناعي

تعتبر أجهزة الكمبيوتر جيدة في العمليات القائمة على تنفيذ سلسلة مرسومة من الخطوات التي يتم تحديدها وبرمجتها من طرف المبرمج. هذه الخطوات ليست سوى خوارزميات. ويمكن أن تكون الخوارزمية بسيطة مثل طباعة رقمين، أو معقدة مثل توقع من سيفوز بالانتخابات في العام المقبل!

لذا، كيف يمكننا تحقيق ذلك؟

لنأخذ مثالًا للتنبؤ بتوقعات الطقس لعام 2021.

بادئ ذي بدء، ما نحتاجه هو الكثير من البيانات، كما هائلا منها!لنأخذ البيانات من 2006 إلى 2020. الآن، لنقسم هذه البيانات. حيث أن 80 بالمائة من البيانات ستكون بياناتنا المختبرة، والباقي 20 بالمائة ستكون بيانات القياس أو الاختبار الخاصة بنا.

ماذا يحدث بمجرد أن نجمع البيانات؟ سنقوم بإدخل البيانات المختبرة، أي 80 في المائة من البيانات الأولية، إلى الجهاز لكي تقوم الخوارزمية بمعالجتها و"هضمها" واستيعاب الأنماط وكل التفاصيل المتعلقة بها.

بعد ذلك، سنحتاج إلى اختبار الخوارزمية. هنا، نقوم بالقياس باعتماد بينات الاختبار، أي 20 في المائة المتبقية من البيانات، في النهاية ستعطينا الآلة المخرجات أو النتائج. وحينها، نتحقق من مدى تطابق واقتراب هذه النتائج المبنية على أسس الخوارزمية البرمجية، مع البيانات الفعلية الحقيقية، وذلك بغرض تقييم دقتها.

و بعدالتحقق من الدقة إذا لم نكن راضيين عن النموذج، فإننا نقوم بتعديل الخوارزمية لتعطينا المخرج الدقيق أو على الأقل الأقرب إلى النتيجة المرجوة.

ثم بمجرد أن نكون راضين عن النموذج، نقوم بتزويد نموذجنا بالبيانات كاملة التي يتطلبها حتى يتمكن من إجراء تنبؤات بتوقعات الطقس لعام 2021. وحينها فقط يمكن أن نثق نسبيا بالنتائج التي يوفرها هذا النظام!

أهمية الذكاء الاصطناعي

يعمل الذكاء الاصطناعي على أتمتة التعلم والاكتشاف المتكرر للأخطاء من خلال البيانات. حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بمهام متكررة وعالية الحجم ومحوسبة بشكل موثوق وبدون تعب، يضيف الذكاء الاصطناعي خدمات جديدة وذات جودة أعلى. ففي معظم الحالات، لن يتم بيع الذكاء الاصطناعيكتطبيق فردي، مثلا كروبوت يقوم بكل المهام.

بدلاً من ذلك، فهو يساهم في تحسين المنتجات التي تستخدمها بالفعل من خلال قدراته، تمامًا مثل إضافة برنامج Siri كميزة لجيل جديد من منتجات شركة آبل العملاقة. إضافة إلى استخداماته في تحسين العديد من التقنيات الصناعية، علاوة على الذكاء الأمني واعتماده في تحليل الاستثمارات...

يتكيف الذكاء الاصطناعي من خلال خوارزميات التعلم التدريجي للسماح للبيانات بتنفيذ أو تعديل البرمجة. فتمامًا مثلما يمكن للخوارزمية أن تعلم نفسها كيفية لعب الشطرنج، يمكنها أن تعلم نفسها كيفية تحليل أسواق البورصة وتقديم التنبؤات. فهذه النماذج تتكيف تبعا للبيانات الجديدة التي تقدم إليها.

يحلل الذكاء الاصطناعي بيانات أكثر عمقًا باستخدام الشبكات العصبية الرقمية التي تحتوي على العديد من الطبقات المخفية. فقبل بضع سنوات كان بناء نظام كشف الاحتيال بخمس طبقات مخفية يكاد يكون مستحيلاً.

كل هذا تغير بقوة الحاسوب الهائلة والبيانات الضخمة. تحتاج إلى الكثير من البيانات لتطوير نماذج التعلم العميق لأنها تتعلم مباشرة من البيانات. باختصار لأنه كلما زادت البيانات التي يمكنك توفيرها للمعالجة، كلما أصبح نظامك أكثر دقة.

أهم مجالات الذكاء الاصطناعي الفرعية

يعمل الذكاء الاصطناعي مع كميات كبيرة من البيانات التي يتم جردها وتصنيفها بفضل المعالجة السريعة التكرارية، والخوارزميات الذكية التي تسمح للنظام بالتعلم من الأنماط داخل البيانات. بهذه الطريقة، يكون النظام قادرًا على تقديم مخرجات دقيقة أو قريبة من الدقة.

كما يبدو، فإن الذكاء الاصطناعي موضوع شائع، يتضمن عمليات معقدة جدا، وبالتالي فإن مجال دراسته يتضمن العديد من النظريات والأساليب والتقنيات. الحقول الفرعية تحت الذكاء الاصطناعي موضحة أدناه:

التعلم الآلي

التعلم الآلي هو حقل يهتم بتجهيز وابتكار آليات وتقنيات لتمكين اآلآلة من التعلم بمفردها من التجارب السابقة التي تمر بها. حيث يكون بإمكان الآلة تغيير أو تصحيح الخوارزمية الخاصة بها عند الاقتضاء.

الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (ML) هما مصطلحان يستعملان عادة على أنهما شيء واحد، بينما هما في الجوهر مختلفان.فالتعلم الذاتي ليس إلا حقلا فرعيا للذكاء الاصطناعي. بينما هذا الأخير يتضمن العديد من الحقول الأخرى التي سنأتي على ذكرها.

الشبكات العصبية

تم استيحاء مفهوم الشبكات العصبية الإصطناعية (ANNs) من الشبكة العصبية البيولوجية، أي الدماغ بلغة ابسط. وتعد هذه الشبكات واحدة من أهم الأدوات في التعلم الآلي، حيث أنها تطور قدرات الآلة في العثور على الأنماط داخل البيانات، وهي من أعقد مجالات الذكاء الاصطناعي على الإطلاق.

التعلم العميق

في التعلم العميق، يتم تحليل كمية كبيرة من البيانات، حيث تقوم الخوارزمية بتنفيذ المهمة بشكل متكرر، وفي كل مرة يتم تعديل الخوارزمية من طرف الآلة قليلاً لتحسين النتيجة أكثر فأكثر. مبدأه إذن هو التكرار والاكتشاف.

الحوسبة المعرفية

الهدف النهائي للحوسبة المعرفية هو محاكاة عملية التفكير البشري في نموذج الكمبيوتر. وهو بالتالي من أعمدة علوم الذكاء الاصطناعي.

الرؤية المحوسبة

تعمل الرؤية المحوسبة على السماح لأجهزة الكمبيوتر برؤية الصور والتعرف عليها ومعالجتها بنفس الطريقة التي تعمل بها الرؤية البشرية، وبناءا على هذه المشاهادات توفر مخرجات مناسبة. وهنا، يجب على الكمبيوتر فهم ما يراه، ومن ثم تحليله، وفقًا لذلك.

معالجة اللغة الطبيعية

تعني معالجة اللغة الطبيعية تطوير طرق تساعدنا على التواصل مع الآلات باستخدام اللغات البشرية الطبيعية مثل اللغة الإنجليزية...

أهم مجالات الذكاء الاصططناعي التطبيقية

حان الوقت الآن لمعرفة مختلف التطبيقات الواقعية للذكاء الاصطناعي

الكشف عن الاحتيال

في كل مرة تجري فيها معاملة بنكية رقمية، باستخدام بطاقة الائتمان أو الخصم الخاصة بك، تتلقى رسالة من البنك الخاص بك تسأل عما إذا كنت قد أجريت تلك المعاملة. ويطلب منك البنك أيضًا الإبلاغ عما إذا لم تكن قد أجريت المعاملة.

يقوم البنك بتغذية نظام الذكاء الاصطناعي الخاص به، بالبيانات المتعلقة بكل من المعاملات الاحتيالية وغير الإحتيالية. ويبدأ بتحليل هذه البيانات ثم يتنبأ بالمعاملات الاحتيالية من غيرها، ومع كل رزمة جديدة من البيانات يتلقاها تتحسن دقته وجودة أدائه.

التعرف على الأذواق

تقوم شبكات ترفيهية بالأخص مثل Netflix وSpotify وPandora باقتراح الموسيقى والأفلام للمستخدمين بناءً على اهتماماتهم ومشترياتهم السابقة. تحقق هذه المواقع ذلك من خلال حشد الاختيارات التي قام بها المستخدمون في وقت سابق وتوفير هذه الاختيارات كمدخلات في خوارزمية التعلم في أنظمتها.

الاستخدامات الاقتصادية المختلفة

من المتوقع أن يصل حجم سوق برامج الذكاء الاصطناعي، إلى ما يصل إلى 390 بليون دولار بحلول عام 2025. وقد تسبب هذا الضجيج في السوق بجذب اهتمام رجال الأعمال نحو الذكاء الاصطناعي. وبالتالي، فإن غالبية الصناعات الكبيرة والصغيرة اصبحت تتبنى أو في طريقها لتبني أدوات الذكاء الاصطناعي بطرق جديدة عبر دورة حياة المنتج بأكملها. بدءًا من مرحلة التجميع وحتى التفاعلات ما بعد البيع مع العملاء.

الطيران

مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، يحتاج قبطان الطائرة فقط إلى وضع النظام في وضع الطيار الآلي، وبعد ذلك ستتم رعاية معظم عمليات الرحلة بواسطة الذكاء الاصطناعي نفسه. وقد أفادت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها بأن سبع دقائق فقط من التدخل البشري (الذي يتعلق في الغالب بالإقلاع والهبوط) مطلوب لمتوسط ​​رحلة طائرة بوينج العملاقة.

مستقبل الذكاء الإصطناعي

هناك مخاوف متزايدة من أن التطبيق الواسع النطاق للذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى انتشار البطالة وتقليص الوظائف البشرية. ليس فقط عامة الناس من يعتقدون هذا، بل حتى رجال الأعمال من مستوى إلون ماسك Elon Musk يعربون عن قلقهم حول وتيرة الأبحاث المتزايدة التي يتم إجراؤها في مجال الذكاء الاصطناعي. كما أنهم يرون أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تمهد الطريق للدمار الشامل في العالم.

في الطرف المقابل، يرى بعض الباحثين بأنه وفي العقود الأخيرة، قد نمت التكنولوجيا بسرعة وبشكل كبير. وخلال هذا النمو المطرد، مقابل كل وظيفة تضيع بسبب التكنولوجيا، كانت هناك دائمًا أدوار وظيفية جديدة وجديدة تظهر. فحتى الإنترنت خلال إنشائه حصل على مراجعات سلبية كثيرة. ولكن من الواضح الآن أنه لا يمكن الاستغناء عنه. وبالمثل، فهذا قد يكون الأمر ذاته بالنسبة للذكاء الاصطناعي.

و حسب فوربس، فمن المتوقع أن تخلق هذه التقنيات الحديثة 133 مليون عمل جديد، في حين ستتسبب في ضياع 75 مليون وظيفة بحلول عام 2022، وذلك فقًا لتقرير جديد صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) ... وهذا يعني أن نمو الذكاء الاصطناعي يمكن أن يخلق 58 مليون وظيفة جديدة صافية في السنوات القليلة المقبلة. لذا فالقلق لا ينبغي أن يصب على أعداد الوظائف بقدر القلق حول طبيعتها.

يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحسين نوعية حياتنا إلى حد كبير. فهي كما يقال سيف ذو حدين.فمن ناحية، قد تكون نعمة للمجتمع إذا تم استخدامها في التحسين أو يمكن أن تصير لعنة إذا وصلت إلى أيد خاطئة. وهذه الازدواجية تسري على كل مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي بدءا بمجال التمويل، الرعاية الصحية، التعليم، والتطبيقات العسكرية إلى آخره..

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ