الأهداف السياسية الإستراتيجية.. تعريفها وشروطها
ما تعريف الأهداف السياسية الإستراتيجية؟
تعتبر الاستراتيجية كمفهوم من أكثر المفاهيم إثارة للجدل في المجال السياسي، وخاصة الاختلاف حول صحة المعنى الذي يمكن استخدامه في نطاقه، وقد تم استخدامه في مجالات مختلفة، رغم أن هذا المفهوم ولد وتطور في العلوم العسكرية، حيث قصده في البداية الإشارة إلى:
- فن إدارة الجيوش في المعركة، أو حتى فن إدارة الحرب نفسها، من حيث القدرة على تحقيق الأهداف التي تطمح إليها الدولة في الحرب.
- لذلك فإن نفس الهدف الذي يتمحور حوله هدف تحقيق سلطة الدولة، فهو بالطبع ليس معنىً شاملاً للاستراتيجية؛ لأن مفهوم القوة لا يقتصر على العمل العسكري، بل القوة هي التكامل بين مجموعة من العناصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. إلخ.
الاستراتيجية هي:
- كلمة تنطبق على جميع المواقف، بغض النظر عما إذا كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو عسكرية،
- ولكن بشكل عام فإن الأهداف السياسية الإستراتيجية تنبع من السياسة وتعتمد عليها؛ وذلك لأن السياسة هي وسيط يبرز فيه العمل الاستراتيجي كغاية وخطة ووسيلة.
- كما لا توجد استراتيجية بدون سياسة تتحكم في إيقاعها وتقيم اتجاه حركتها وتعمل على تنظيم أدائها الموجه والفعال.
- عن طريق تحليلات ودراسات يقدمها الخبراء والفنيون للسياسيين الذين يصبحون اعتبارات السياسيين ويؤثرون على تفكيرهم في اتخاذ القرارات.
أيضًا فإن الاستراتيجية تخضع للسياسة، حيث عرّف الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي ريمين آرون العلاقة بين السياسيين والاستراتيجيين بقوله:
"التفكير الاستراتيجي تحدده المشاكل السياسية والاستراتيجية تهتم بالوسائل وليس بالغايات فقط، أما الاستراتيجي فهو يحدد واجباته ومسؤولياته لتعبئة الموارد المختلفة المتاحة لتحقيق تلك الأهداف دون تحديد المصلحة الوطنية في حالة معينة، وبالتالي فإن إخضاع الاستراتيجية للسياسة هو أحد المبادئ المعترف بها للتفكير الاستراتيجي."
- بالإضافة إلى ذلك فإن التخطيط الاستراتيجي يقوم على أساس تطويع الوسائل لتحقيق الهدف، وذلك من خلال التخطيط والبحث عن عنصر القدرة والإرادة، وتوجيه الوسائل وتسخيرها لتحقيق الهدف.
الفرق بين الهدف والاستراتيجية والسياسة
كما ذكرنا سابقًا فإن الهدف والاستراتيجية والسياسية مصطلحات تكمل بعضها البعض، ولكن في الحقيقة هناك فرق بينهم، لذا إليك الفرق بين الهدف والاستراتيجية والسياسة:
الهدف
هو نتيجة محددة يجب تحقيقها، تحددها المعايير حتى نتمكن من قياس ما إذا كنا قد حققناها أم لا، وإذا لم نحققها، فإلى أي مدى ابتعدنا عن الهدف؟ ما هو السبب وما إلى ذلك؟، لنأخذ مثالًا بسيطا عن الهدف، فمثلًا شركة ما هدفها زيادة في المبيعات خلال 3 سنوات، ولتحقيق هذا الهدف هناك قواعد تكون كالتالي:
- أن يكون الهدف محددًا، مثل زيادة المبيعات.
- كذلك أن يكون الهدف قابل للقياس، ويتم وضع معايير لقياس الهدف.
- أن يكون الهدف قابل للتحقيق، ومناسب لإمكانيات الشركة أو الدولة وتوجهاتها.
- أيضًا أن يكون الهدف واقعي ومعقولًا بالقياس.
- وأن يكون الهدف محددًا بمدة زمنية، ولا يجب أن يكون فضفاضًا.
- بالطبع، يتم تقسيم الأهداف وفقًا لعدة معايير، أبسطها هو الوقت، والأهداف قصيرة المدى التي تقل عن عام واحد، والأهداف المتوسطة لمدة تصل إلى 3 سنوات، والأهداف طويلة المدى لمدة 5 سنوات.
الاستراتيجية
هي الخط العام الذي تتبعه الشركة أو الدولة لتحقيق أهدافها الكبيرة، وهذا الخط العام ليس من السهل تغييره ويتعلق بمدى طويل جداً، وهو على الأقل 20-30 سنة، ولنأخذ مثالًا على الاستراتيجية:
- هناك بعض الاستراتيجيات المعروفة مثل استراتيجيات خفض التكلفة وهنا تعمل الشركة\ الدولة بكل توجهاتها لتقديم منتجات بأسعار أقل والتي هي أساس المنافسة ولا تولي المزيد من الاهتمام للجودة.
- لا يمكن تغيير الاستراتيجية بسرعة لأنها تتطلب إعادة هيكلة، فقد تحتاج لأكثر من 10 سنوات لكي تتمكن من تغيير استراتيجية معينة.
السياسة
السياسة هي منهجية عمل دائمة نشير إليها من أجل معرفة كيفية معالجة القضايا التي تهمها، فيما يتعلق بالسياسات مثل القواعد التي نتبعها دائمًا، ويحدث ذلك من خلال:
- على سبيل المثال تتطلب سياسة التسريب في الشركة فصل كل موظف يقوم بتسريب بيانات العميل إلى أطراف خارجية.
- هذه قاعدة دائمة ويتم تطبيقها دائمًا مع كل الحالات، بالطبع يمكن تغييرها، لكنها قاعدة نعود لنراها في كل مرة نقع فيها في نفس الموقف.
- وكذلك سياسات العمل اليومية، على سبيل المثال يجب استكمال إدخال البيانات مع رفع جدول الفواتير حتى الظهر.
- وبعد ذلك يقوم المحاسب بنقل البيانات إلى برنامج المحاسبة وإنشاء التقارير المطلوبة وإرسالها إلى القسم، فكل يوم يجب تطبيق هذه القاعدة كما هي.
شروط وضع الاستراتيجية السياسية
يفترض تطوير ووضع الاستراتيجية البحث عن أفضل الأساليب والأدوات من قبل السياسيين لتحقيق أهدافهم المرجوة، ولكي ينجح السياسيون في ذلك هناك شروط وضع الاستراتيجية السياسية التي يلتزمون بها وهي كالتالي:
وضوح الأهداف وتكاملها
- بما أن الإستراتيجية هي عملية اختيار أفضل الوسائل والخطط لتحقيق أهداف الدولة على المستوى الوطني، يجب أن تكون هذه الأهداف واضحة وصحيحة ولا لبس فيها.
- كما يجب أن تتميز الأهداف بالاتساق المنطقي وعدم التناقض في إطار استراتيجية واحدة، أو بين استراتيجيات مختلفة في إطار المجتمع ككل.
أهداف واقعية ومعقولة
- إن اختيار طريقة ناجحة لتحقيق الأهداف المرجوة يتطلب وجود أهداف واقعية يمكن تحقيقها، وبالتالي أهمية تكافؤ القدرات والموارد مع الأهداف.
- ويؤدي إلى عملية واضحة للأهداف، وتقييم الاحتياجات اللازمة، وتحديد القدرات والإمكانيات والموارد المتاحة مقارنة الإمكانيات والاحتياجات وتقييم إمكانية تحقيق الأهداف بالإمكانيات المتاحة.
العقلانية والتخصص
- بمعنى آخر، عملية تطوير الاستراتيجية إنها عملية تتضمن اختبارًا عقلانيًا في العلاقة بين الوسائل والغايات.
- والعقلانية في هذا المجال تعني العقلانية والبراغماتية المبررة، أي أن عملية الاختيار من بين عدة وسائل وطرق مختلفة تتم على أساس عقلاني محسوب، وتتحدد من خلال فعالية هذه الطريقة في تحقيق الهدف.
- كما أن عملية اختيار الوسائل التي تؤدي إلى الهدف وليس فقط لتقييم أنفسهم، وبالتالي فإن العقلانية تعني الدراسة العملية للواقع والبدائل المختلفة والعلمية.
- بالإضافة إلى الاختيار بين البدائل وذلك لأن هذه العملية تتضمن معرفة الأهداف ودراسة الطرق البديلة لتحقيقها وتحديد التكاليف النسبية لجميع الطرق ومقارنة الطرق مع بعضها البعض وتحديد الطريقة المثلى أو مجموعة الطرق لتحقيق الاستراتيجية.
الاستمرارية
- تتميز الاستراتيجية أيضًا بالثبات والاستمرارية طالما أن الأهداف التي تسعى إليها هذه الدولة ليست محدودة ومستدامة مع استمرار وجودها.
- كما تتميز عملية التخطيط الاستراتيجي بالاستمرارية؛ لأن الاستراتيجية لا تعالج قضايا الحياة اليومية، بل تشمل عدة مراحل، كل منها يعتمد على ما يسبقها من جهة والحاجة إلى الاستمرار من جهة أخرى.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_14575