أساسيات الصحة النفسية المدرسية
أساسيات الصحة النفسية المدرسية
الصحة النفسية المدرسية لا تتحقق إلا بتحقق عوامل مهمة جداً وتتمثل في:
الإلمام بالطبيعة النفسية لطلبة المدرسة، فطلبة المدرسة في المنطقة الريفية تختلف طريقة التعامل معهم عن المجتمع القبلي الصحراوي، وغيرها من أنواع المجتمعات التي تختلف باختلاف العناصر البيئية الجغرافية.
الأفكار والمعتقدات المنتشرة في مجتمع من المجتمعات لها أثرها الكبير في نفسية الطفل والمعلم على حد سواء،
ففي بعض المناطق في صعيد مصر تنتشر بعض الأفكار التي لا تشجع تعليم الإناث وتكتفي بتعليم الذكور، وترى أن الزواج المبكر للأنثى هو الأفضل لها من الاستمرار في التعليم.
كذلك من الضروري والجوهري أن يكون المعلم ملم بالمعلومات التربوية والنفسية، وأن لا يكون مكتفياً بالجانب الأكاديمي فقط لمادته الدراسية، بل يجب أن يكون ملماً بعلامات الاضطراب النفسي التي قد تظهر على بعض الأطفال، وأن يكون مدرباً على التعامل مع الشخصيات العصابية وخلاف ذلك من المعلومات الهامة التي لا غنى عنها.
الفروق الواسعة بين كل طفل
هناك فروق نفسية واسعة بين كل طفل وآخر، فالطفل المنطوي يختلف عن الطفل الحالم يختلف عن الطفل الاجتماعي، وكل طفل له طريقة تعامل خاصة جداً لجذبه.
فهناك قول مأثور يقول أنه لا يوجد طفل ذكي وآخر غبي، ولكن يوجد طفل عرفنا طريقة تفكيره وطفل آخر لم نصل لطريقة تفكيره.
فيجب أن لا يتسرع أي معلم بالحكم على طفل بأنه ذكي أو غبي، ولكن يجب أولاً أن يتعرف على الملامح النفسية والشخصية له قبل أن يحكم أي حكم عليه.
وقد نجد طفلاً فشل في تحصيل المعلومات في مدرسة من المدارس بينما نجح في مدرسة أخرى، وقد نجد نفس الطفل المتفوق في فصل من الفصول الدراسية فشل عندما نقل إلى فصل دراسي آخر, لذا كان من الضروري متابعة الوعي النفسي داخل المدرسة ولدى المعلم على حد سواء.
أهمية الوعي النفسي لدى المعلم
لنا أن نتخيل أن طفلاً كان يشعر بالأمان بين أبويه ثم فجأة يترك أبويه لينضم لمجتمع جديد، فكيف سيلاقي هذا المجتمع دون شعور بأمان جديد يصدره له معلم واعي بنفسية هذا الطفل وما يعانيه من صعوبات نفسية في تلك اللحظة.
إن الوعي النفسي لدى المعلم يعد من الأمور الجوهرية لنجاح مهمته التعليمية، فالوعي بمشاعر الطلاب عند شرح معلومة من المعلومات، ووجود وسائل متعددة لجذب الانتباه والحصول على أكبر تركيز ذهني معه من الطلاب أمر لا يحصل بعشوائية ولكن هناك تدريبات ومعلومات خاصة يحصل عليها المعلم لكي يحقق هذا مع طلابه.
المعلم والرسائل العلاجية
ربما لا يعلم كثيرين أن المعلم له رسائل علاجية لطلابه يمكنه من خلالها علاج العديد من الأعراض المرضية لدى الطلاب وذلك في حالة كسب المعلم ثقة الطالب ونجح في استغلال تأثيره عليه بشكل إيجابي.
فمثلاً عند الطفل قليل الثقة بنفسه، والذي تظهر عليه علامات قلة ثقته بنفسه من خلال التلعثم في التحدث والتردد عند الإجابة حتى وإن كانت صحيحة، وعدم الإقدام على رفع اليد للإجابة وغيرها من العلامات، فمن الممكن أن يقدم المعلم رسائل تشجيعية للطالب بكلمات تحفيزية تزرع الثقة في قلب الطالب.
وكم شاهدنا العديد من العظماء حين تحدثوا عن سر اخيارهم لمجال من المجالات أنهم كانوا يحبون المعلم الذي كان يشرح المادة الدراسية المختصة بهذا المجال.
إن نجاح المعلم نفسياً مع الطالب يعد من أهم عوامل نجاح مهمته في شرح المعلومات الأكاديمية لمادته العلمية، فإن الأزمات النفسية تشتت ذهن الطالب وتجعله يعجز عن تحصيل المعلومات العلمية.
تجهيز البيئة النفسية داخل المدرسة
من أهم مقومات المدرسة الناجحة نجاحها في توفير المناخ النفسي الإيجابي في المدرسة، ولن تنجح المدرسة في توفير هذا المناخ إلا من خلال أدوات ومناهج تساعدها على تحقيق ذلك.
فإن من أهم العوامل التي تساعد الطلاب الاستجابة بإيجابية مع المدرسة، شعورهم بأن المدرسة ليست دار ثواب وعقاب، ولكن دار لاكتشاف المواهب وتنمية القدرات.
ففارق كبير بين أن تكون المدرسة دار يخافه الطالب، وبين أن تكون المدرسة دار يشتاق إليه الطالب ويملك فيه ذكريات إيجابية، ففي ملاعبه نجح في تسجيل الأهداف، وفي مسرح المدرسة غنى ومثل فيه قصته الجميلة، وهنا قابل المعلم الذي علمه درساً مهماً في الحياة بعد موقف صعب.
إن تلك الأدوات التي تستغلها المدرسة في توفير بيئة نفسية إيجابية تساعد بشكل أكيد في تنمية مهارات الطلاب واكتشاف مواهبهم واكسابهم القدرات النفسية التي تساعدهم على الحياة في المجتمع بصحة نفسية جيدة.
تعاون المدرسة مع الجهات المختلفة لتحقيق الوعي النفسي
إن المدرسة ليست في معزل عن باقي مؤسسات المجتمع، بل هي في الحقيقة تتكامل معها وتتعاون مع تلك المؤسسات لتحقيق أهدافها التربوية والمجتمعية.
فأولى المؤسسات والكيانات التي يجب أن تتعاون مع المدرسة هي الأسرة الخاصة بالطالب، فيجب أن يكون هناك وسائل اتصال وترابط بينهما للوصول إلى التكامل في الدور فيما بينهما.
وفي بعض الأحيان يغيب هذا التواصل بين المدرسة وبين ولي أمر الطالب وذلك لأسباب عديدة منها انشغال الأب والأم في الأمور الحياتية، ومنها عدم مقدرة ولي الأمر على تفهم مشكلات الطالب وجعل المدرسة دائماً في حالة الاتهام وتبرئة الابن أو البنت من أي نقص.
تعاون المدرسة مع الجهات الثقافية
إن تعاون المدرسة مع الجهات الثقافية يسهم في تحفيز الطلاب نفسياً حيث أن علاقات المدرسة بالجهات الثقافية يعطي للطالب حافزاً قوياً بأنه من الممكن أن يستغل مواهبه الثقافية والفنية على مستويات أكبر خارج حدود المدرسة.
فعمل الندوات الثقافية بالتنسيق مع المدرسة، واختيار الطلاب الموهوبين لتقديم مواهبهم بتلك الندوات من شأنه تدعيم نفسية الطالب وتقوية صلته بمجتمعه، وتحقق أكبر قدر من الانتماء للمدرسة والوطن على حد سواء.
وهناك العديد من الفنانين أكدوا في تصريحاتهم الصحفية أن مواهبهم تم اكتشافها في عرض مسرحي مدرسي حضره فنانين كبار، فقد كانت المدرسة سبباً في اكتشاف العديد من المواهب ووضع الطلاب على الطريق الصحيح.
فمن يستغل مواهبه وينميها تجده حريصاً عليها ولا يقدم على ما يهدم نفسه من إدمان للمخدرات أو الانتماء لأقران سوء يقدمون له الأفكار المشوهة عن نفسه وعن الحياة، ولكن تجده مشغولاً دائماً بتنمية موهبته وتنمية ذاته والحرص على دخول المجال العلمي الذي ينمي موهبته.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_7146