كتابة :
آخر تحديث: 29/02/2024

موضوع عن رقصة أحواش

يعد تراث المغرب الثقافي، بأنماطه وأشكاله المتعددة، كنزا حضاريا شهد له الغرباء قبل الأقرباء بالثراء والغنى، ويمثل التراث الفني شقا واسعا من جملة هذا التراث، حيث يمتزج فيه الفن الأمازيغي بالأندلسي والمغاربي.. وذلك نظرا للتنوع الثقافي الغني الذي يزخر به هذا البلد.. تعد رقصة '' أحواش '' الأمازيغية باللغة الفرنسية: Danse inondée من أكثر مظاهر هذا التراث الفني جمالا وتألقا، وكذا من أشهرها وأوسعها صدى وسمعة.. فما هي رقصة أحواش؟ من هم أطرافها؟ ما مميزاتها ومراسمها؟ كيف تناقلتها الأجيال عبر القرون الماضية؟ وما أبعادها الثقافية والإنسانية ؟ كل هذا وأكثر نتعرف عليه في هذا المقال في موقع مفاهيم، تابعونا.
موضوع عن رقصة أحواش

تعريف رقصة أحواش

  • لغويا كلمة أحواش تحيل إلى الفناء أو الساحة، أما اصطلاحا فيقصد بها الرقص الجماعي التقليدي جنوب المغرب، وأحواش ذَاكرة فنِّيَّةٌ مَغْربيَّةٌ وبالخصوص في المناطق الواقعة على -أو في جوار- الأطلسين الصغير والكبير، هناك حيث تتوطن قبائل الأمازيغ المتحدثة بلهجة "تاشلحيت".
  • رقصة أحواش رقصة جماعية يصطف فيها الذكور والإناث جنبا إلى جنب أو وجها لوجه، ومن الشروط اللازم على الإناث استيفاؤها للمشاركة في الرقصة، هو أن يكن عازبات، في حين لا يسري ذات القيد على الرجال.
  • تبنى رقصة أحواش على تناسق واتساق حركات الراقصين، وهي حركات يختلف إيقاعها ومظهرها، تبعا لاختلاف المناطق والمناسبات التي تقام فيها، والرقصة عموما تتخذ طابعا جماعيا موحدا، فمن النادر أن ينزوي رجل أو امرأة للانفراد بالرقص خارج حلقة المجموعة.
  • وأما عدد الراقصين في أحواش فليس رقما محددا بدقة، بل هو رهين بعاملين أساسين: عامل الحيز المكاني، المسمى '' أسايس'' فيما يتعلق بالسعة والمساحة، إضافة إلى عامل الزمن الذي يتمثل في ظروف المناسبة وطبيعتها، مع ما يلابسها من الملابسات والمستجدات المناخية منها خاصة.
  • تعقد هذه الرقصة في مختلف المناسبات التي يحييها أبناء الأرياف والقرى في هذه المناطق المذكورة، كمناسبات الأعياد الدينية والحفلات الاجتماعية أو الذكريات الوطنية، ولكنها تبقى بالخصوص تعبيرا عن البهجة والفرحة الجماعية، التي توسم دورة الحياة الزراعية البدوية.

رقصة-أحواش

من يشارك في رقصة أحواش؟

لا تستقيم رقصة أحواش إلا بتوفر عناصر يكتمل بها مفهومها في عرف العادات والوعي الأمازيغي، وهي:

الشاعر

  • ويشترط فيه أن يكون حاذق اللسان وحاد الذاكرة، حفاظا للأشعار عن ظهر قلب، علاوة على سرعة البديهة والمكانة الاجتماعية..

الراقصون

  • عماد الرقصة وبناتها، فهم من يشكل اللوحة الرائقة لأحواش، والمنظر العام الذي يثير فضول وإعجاب المشاهدين، ومن الواجب عليهم الاصطفاف، الدقة والانضباط في الموقف والحركة.
  • فقبل الانضمام للمجموعة يكون لزاما أولا على الراقص أن يكون متمرس وله دراية بأنواع الحركات، مع معرفة وافية بالألحان والأوزان والأشعار، فهي مادة الإنشاد والغناء في الرقص..

أعلام (مايسترو أحواش)

  • يترأس المجموعة الراقصة، إذ يكون أكثرهم وجاهة وخبرة بالرقص، ومعرفة بفنونه المتوارثة، ويسمى "أعلام" أي: ملقن الحركات، فهو قائد الجماعة، تصدر منه الإشارات اللازمة خلال الرقص برسم أداء الحركات في دقة وانتباه، وسرعة وذوق.
  • ويشترط فيه أن يكون على معرفة الأوزان والألحان والقاعات، ويتمتع بثقافة وأذن موسيقية رهيفة، يستطيع بها التمييز بين الألحان والأوزان والإيقاعات المتشابهة والمعقدة.
  • وأن يكون كذلك خبيرا بالحركات وفنونها، مما توارثه الناس عن الأولين أو أحدثوه، مع معرفة القياسات الزمنية الإيقاعية وخفة الحركة والتحكم في توازن الجسم.
  • يكلف " أعلام" في أحواش، بدور قيادي مهم، فهو المسؤول أثناء الأداء عن وحدة الحركة وتناسقها الإيقاعي مع الأغاني والأشعار، فيراقب عن كتب أداء الراقصين، وانضباطهم في ملازمة الصف والمجموعة، فهو إذن قائد الإبداع الجماعي.
  • فهو بمثابة مخرج الرقصة، إذ يعتمد عليه في تنسيق الحركات ووضع خطتها وتسلسل أدائها وجودتها، مستندا في ذلك إلى حسن ذائقته الفنية وخبرته المتمرسة، وطول تجربته العملية في المراقص، لكي يمنح لوحة بهية ومتكاملة.

الموقعون

  • أصحاب الآلات الموسيقية كالناي والطبول الصغيرة وغيرها..، لهم دور مركزي، إذ يضفون على الرقصة التي تمتع العين، إمتاع الأذن بأهازيج وألحان مطربة تتناسق مع الأناشيد في منح الرقصة أبهة وجمالا.

رقصة-أحواش

الجمهور

  • هو الحكم الذي يحدد نجاح الرقصة بتفاعله، فله إذن الكلمة الفصل، حيث يعد في رقصة أحواش عنصراً مهما في إغناء المضمون الأدبي والفني والاجتماعي للرقصة، فالجمهور له أثر فعال في إثارة حماس الشعراء والراقصين والموقعين جميعا.
  • ما يساهم في إذكاء روح التنافس والإبداع في تجويد الأداء، سواء على مستوى الحوار الشعري، أو في أداء الرقص والحركات الجماعية، أو إبداع الموقعين في حقل الموسيقى والألحان.
  • وهذه الروح التي تبعث في نفوس المشاركين في أحواش بكافة عناصرها، يعود مرجعها إلى الجمهور ورأيه النقدي وتفاعله التلقائي.

الأزياء المميزة

  • وبجانب القسم البدني في أحواش، من استقامة الصفوف، وتدرج القامات مع ممارسة أنواع الحركات والخفة، نجد عنصر وحدة اللباس وأناقته، حيث يرتدي المشاركون الزي المميز للقبيلة أو أحيانا للفرقة ذاتها.
  • فالرجال عادة يلبسون الجلباب والقميص (تشامير) والبرنس والعمامة البيضاء، دون أن ننسى واحدة من أهم مميزات رقصة أحواش، وهي تقلد الرجال الخنجر الفضي، أما" أعلام " فيتفرد بارتداء المحفظة الجلدية المزركشة بالحرير.
  • في حين تتزين النساء بالحلي التقليدية المؤلفة عادة من الجواهر الفنية المسبوكة واللوبان..

المراسم

  • حسب العرف تنطلق الرقصة بإطلاق صدى الألحان، وذلك بقرع الدفوف، الذي قد يأخذ هنيهة قبل أن يتوحد بشكل كامل، ثم ترديد تدريجي من حيث القوة لأولى أبيات الشعر الأمازيغي، وينبغي أن يكون الرجال قد انتظموا في صفوف مقابلة للنسوة.
  • الرقصة بتحواشت -لفظ تحبيب وتصغير لكلمة أحواش-، وهي المرحلة الأولى التي تضبط فيها الفرقة سيرها الذي ستكمل عليه خلال الرقصة، لتشرع الصفوف بالتوازي مع نقر بطيء للدف، ثم التمايل التدريجي يمنة وشمالا، وتتحرك النسوة في منحى معاكس لمنحى تحرك الرجال.
  • فإن رددوا هم بيت شعر مرتجل أو من وحي التراث، أجبن هن بمقطع آخر، ليستمر الأخذ والرد في محاورة غنائية راقصة جميلة، تتواصل طوال أطوار الرقصة..
  • هذه هي مراسم رقصة أحواش المعروفة، إلا أنها قد تعرف أحيانا إضافات طفيفة، قد تصل إلى تغييرات جذرية، كما نجد مثلا بين رقصة أحواش '' أيت براييم '' مثلا بمقابل رقصة أحواش ''تافراوت''.

الأبعاد الثقافية والإنسانية لرقصة أحواش

إن أحواش ليس مجرد رقصة عادية، إنها الوجه الآخر للحياة النابض والمحفز على لإبداع، إنها إبداع حي يعكس تفاعل الإنسان الأمازيغي، مع محيطه الخارجي الطبيعي والبشري، وذلك يرجع إلى:

  1. وجود تفاعل يفصح وينفس آمالاً وهموما وأحاسيس وتأملات وصوراً مجردة في الخيال ليفرزها عبر أنساق إبداعية فريدة في قالب فني جمالي بديع.
  2. إنها ذلك الإطار الجماعي، الذي تنتعش الحياة الفكرية والوجدانية لأمازيغ الجنوب، في غمرة عادات وتقاليد فنية ثقافية، فهي إن شئنا سهرة موسيقية راقصة وماتعة، وفي ذات الحين لقاء يوطد أواصر التفاهم وروابط المودة والمحبة.
  3. إن رقصة أحواش لمدرسة اجتماعية تلقن قيم النظام التعاون والإحساس بالانتماء الجماعي، كما تنعش الوعي الاجتماعي لدى الناس بما لهم وما عليهم، وتعرفهم بحقوقهم وواجباتهم نحو المجتمع ونحو بعضهم البعض.
  4. كما أنها تهذب الذوق الراقي، وتربي الذائقة الجمالية التي تمقت القبح في السلوك والمعاملات، هذا كله من خلال ما يطرحه الشعراء من قضايا وهموم وأفكار في نسق وحلة جماعية رائعة، تنم عن عراقة ممارسة التقاليد اليومية.

مهرجان أحواش

  • هو عبارة عن احتفالية تنظمها وزارة الثقافة في دولة المعرب وخاصة في مدينة ورزازات بهدف عرض ثقافة طل منطقة في دول المغرب ونسج مزيج من الثقافات في رقصة شعبية يفضلها العديد، تحت شعار “فنون أحواش إرث ثقافي وحضارة عريقة”.
  • وتعود كلمة أحواش إلى القبائل الأمازيغية في جبال الأطلس وتعني الرقص الجماعي المختلط بين الذكور والإناث، ويشترط على الفتيات اللواتي يرقصن في مهرجان أحواش أن يكن عازبات حيث تستبعد النساء المتزوجات.
  • وقد بدأت فعالية هذا المهرجان منذ عام 2003 حتى وقتنا هذا لازال الاحتفال بهذا المهرجان يقام كل عام مع تطورات تدخل على فعالية المهرجان.

ما الفرق بين رقصة أحواش ورقصة أحيدوس؟

هناك أكثر من نوع من أنواع الراقصات الشعبية التراثية المغربية التي يقوم الأفراد بآداءها ولكل رقصة قواعدها وأسلوبها الخاص، ومن أهم هذه الأنواع هي، رقصة الركادة، ورقصة الكناوي، والرقصة الجبلية، ورقصة أحيدوس، ووجه الاختلاف بين أحواش وأحيدوس ما يلي:

رقصة أحيدوس

  • تتميز رقصة أحيدوس بأنها إيقاع الرقص بطيء، كما تختلف الآلات الإيقاعية المستخدمة أثناء العزف لأداء الرقصة، ورقصة أحيدوس هي عبارة عن رقصات وتعابير جسدية جماعية.
  • تعتمد هذه الرقصة على الأكتاف والأقدام، ويقوم الرجال بالضرب على الدفوف، وتتولى النساء الغناء والرقص، لكل قبيلة أسلوبها الخاص في الرقص والتعبير الخاص عن ثقافتها.

رقصة أحواش

  • بينما رقصة أحواش هي رقصة جماعية يشارك في الرقص الرجال والنساء على حد سواء وتتميز بحركاتها وإيقاعاتها السريعة، كما أن التعابير الجسدية تعتمد على حركة كل أجزاء الجسم.
إن رقصة أحواش الأمازيغية، التي تضرب بجذورها في عمق الموروث التاريخي والثقافي، لتعد نموذجا للفن الهادف والراقي، الذي يؤدي الرسالة النبيلة للفن، في التأطير الواعي الذي يقوم الإنسان في حياته وسلوكاته، عبر تفاعله المتبادل والمستمر مع ذاته ومحيطه الخارجي.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ