كتابة :
آخر تحديث: 23/12/2020

علم الاجتماع والعالم الجديد

قبل التحدث عن علم الاجتماع والعالم الجديد أو علاقتهما ببعضهما يمكننا تعريف علم الاجتماع بأنه علم دراسة السلوك الإنساني والتفاعلات بين البشر فيركز على ما يحدث بين الناس والأنشطة التي يمارسونها والعلاقات التي تتطور وتنمو.
كما أنه العلم الذي يدرس النظام الاجتماعي بدءاً من العلاقات البسيطة كالتعاون إلى العلاقات بين الجماعات التي تشترك في مواقف سياسية وتتحدث نفس اللغة.
علم الاجتماع والعالم الجديد

علم الاجتماع والعالم الجديد

لقد اختلفت المناهج والنظريات في وجهة نظرها بالنسبة للحداثة وما بعد الحداثة ولكن اليوم تعد هذه الرؤية أقل تعصباً وأكثر مصداقية مما سبق كما أنها قابلة للتعميم.

وتنطلق الرؤيا من كون الحداثة هي التكنولوجيا التي تشكل العالم الاجتماعي الحديث أو أن التكنولوجيا تعد محرك التغير عن طريق المعرفة حيث أن الناس في جميع أنحاء العالم يعتمدون على التكنولوجيا في المعرفة والتعلم أو التثقيف أو ممارسة الهوايات أو التفاعلات والصداقات الاجتماعية.

إن ثورة المعلومات جعلت المجتمع يتغير باستمرار وهذه هي إحدى التحديات المعرفية التي تواجه علم الاجتماع الجديد وهي عبارة عن سرعة التغير في المعرفة السيسيولوجيا من جهة وفقدان القدرة على التنبؤ الاجتماعي من جهة أخرى.

حيث يدخل المجتمع في مراحل متعددة من التغير تعرف بالثورة التكنولوجية الدائمة التي على الرغم من كونها مفيدة في حالات كثيرة إلا أنها قد تدمر المجتمع تدميراً شديداً.

والتغيير الذي يحدث في المجتمع بسبب جنون التكنولوجيا يؤثر أحياناً تأثير سلبي على العلاقات بين الأفراد حيث تتم دراسة هذا التغيير وأثره في المجتمع عن طريق العلوم الاجتماعية.

يفتقر علم الاجتماع الجديد إلى سيسيولوجيا الحداثة التي كانت مشروع تنويري يقوم على الوعود التي كانت تشحن طاقات الإنسان، وقد سمي علم الاجتماع الجديد علم بلا وعود فهو يقتصر على ملاحظة الواقع والسبب أن سيسيولوجيا المعلومات تصبح عاجزة عن رؤيته، وهناك من الوعود التكنولوجية ما يجعل علم الإجتماع عاجز عن تصورها.

كان الإنسان دائماً هو محور علم الاجتماع أما الآن وفي العصور الحديثة أخذت التكنولوجيا مكان الإنسان بامتياز فهي الآن التي تشكل المجتمع والعصر المعلوماتي مقارنة بالإنسان الآلي.

وقد تكون الإنسانية لا ترى علم الاجتماع الجديد وبذلك تطغى الرؤية التكنولوجية وتغيب الرؤية التنويرية تماماً.

وكانت التكنولوجيا قديماً عنصر اغتراب في المجتمع ومع ذلك فإن تكنولوجيا المعلومات تحقق بعض وعود علم الاجتماع الجديد التي تتعلق بقيام مجتمع مفتوح خالي من الأعداء ولكن الحقيقة هو عالم تكنولوجي أكثر من كونه عالم انساني.

العالم المعولم حالة غير اجتماعية

هو مجتمع صارت فيه الفردية نظام وحياة، ونظريات علم إجتماع العولمة تختلف في الشكل وتتفق في المضمون حيث أنها لم تعد تتعارك حول إشكاليات القيم والذاتية والأيدولوجيات والموضعية والمنهج والإنسان والطبقات والمساءلة الإجتماعية والحرية،

وبعد أن كان علم الإجتماع إشكالياً ورسولياً وثورياً ومشروع إنساني أصبح براغماتي أي يلاحظ ويحلل ويدرس الأشياء ويهتم بمضمون العولمة أكثر من المنهجية الخاصة بها فهي عولمة دون منهج.

التغير الاجتماعي تحدده التكنولوجيا

التكنولوجيا تعولم الفعل والتواصل بين البشر والتواصل الإفتراضي وتساعد في تكوين فضاء عام ديموقراطي وتحقق العولمة الإفتراضية ما عجزت عنه الثورة الصناعية وهو حقوق الإنسان والثورة الافتراضية.

إن تكنولوجيا المعلومات تحرر المجتمع والفرد من سلطة الدولة وبالتالي فهي تدعم سلطة المجتمع المدني الإفتراضي.

ويقصد بالثورة الافتراضية التعبئة العالمية لبعض القطاعات الواسعة التي لا تجمعها مصالح طبقية بل يجمعها ظروف الحياة الإنسانية وتأتي العولمة لتهدد حياتها وبيئتها وتضيق عليها الحصار مما يجعل العالم يتواصل عبر التكنولوجيا الافتراضية.

بحيث تجمعهم علاقات اجتماعية عابرة محورها الإنسان وحقوقه ومسألة الحقوق المدنية تفرضها المخاطر الناجمة عن العولمة على الإنسان والبيئة والثقافة أولاً، ومستوى وعي المجتمعات الانسانية ثانياً، وقوة الترابط بين البشر.

وقد يلاحظ فقدان الدولة لسيادتها إما عن طريق اندماجها في العولمة أو التفكك الذي صار بها وهذا قد يعني أن الدولة لا يكون أمامها إلا خيارين وهما إما الاندماج في العولمة أو التمزق ومن المتوقع أن تزداد الصراعات على المصالح والحدود والسلطة.

والعالم الجديد هو عالم له فلسفته الخاصة وليست له أي علاقة بالفلسفات القديمة ولقد قطع معها ويشمل علم الاجتماع مواضيع متنوعة تتمثل في الدين والأسرة والجريمة والدولة والانقسامات والطبقات الاجتماعية.

ويبحث علم الاجتماع في الأسباب والعواقب الاجتماعية في كثير من الأمور مثل الهوية والحب والعرقية والشيخوخة والسلوك المنحرف والمشكلات الأسرية، كما يدرس الثروة والفقر والمدارس والتعليم بالإضافة إلى أنه يحلل الظواهر المختلفة مثل الهجرة والنمو السكاني والسلام والحرب والتنمية الاقتصادية.

تطور علم الاجتماع والعالم الجديد

لقد تطور علم الاجتماع من خلال مروره بثلاث مراحل أساسية وهم:

ظهر علم الاجتماع في أواخر القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الأولى وهي الفترة التي حدث فيها نمو إنفجاري.

لقد تطور منهج علم الإجتماع إعتماداً على نظرية داروين وذلك محاولةً من علماء الإجتماع لتأسيس العلم على المنهج العلمي فقاموا بوضع معايير بين الكائنات الحية والبشر وأدخلوا العديد من المفاهيم مثل الاختيار الطبيعي والتباين والميراث.

تم إستبدال نظرية داروين وحلت مكانها أربعة نظريات جديدة وهم النظرية الاقتصادية التي تبين أن التميز الاجتماعي والطبقات في المجتمع نشأ نتيجة العوامل الاقتصادية، والنظرية الجغرافية التي تشير لتأثر المجتمعات بالتغيرات الجغرافية والمناخية

حيث أن المناخ يؤثر بشكل كبير على تطور المجتمعات، والنظرية النفسية ويقصد بها تأثير الذكاء والمزاج والحالة النفسية والغرائز في التطور الإجتماعي، والنظرية الثقافية والتي تثبت أن الإنسان قادر على الابتكار وأن الثقافة من أهم عوامل التطور الإجتماعي.

تطورات العالم الجديد

عندما نقلب في التاريخ الاقتصادي للبلاد وبالدراسة التي يجريها علماء الاجتماع للماضي والمستقبل القريب فنجد أن هناك خطوط واضحة بين كل عصر من العصور التي مر بها العالم.

حيث أن باختراع المسدس والمحرك تحرك العالم من العصور الوسطى للعصور الحديثة وباكتشاف الكهرباء والنفط وبتطوير الديزل والمحرك الكهربائي انتقل العالم للقرن العشرين بكثير من القدرات البشرية وبسرعة اتصالات فائقة.

وعندما ظهرت وتطورت التكنولوجيا أصبح الإنسان قادرا على تطوير أدوات تمكنه من السيطرة على الطبيعة، وهذه التكنولوجيا لا تمزق عالم وتخلق آخر بل إنها سلسلة من المقدمات الهامة والنتائج المنطقية التي تنتهي بميلاد عالم جديد.

وعندما تتطور التكنولوجيا الجديدة فإنها تطور من القدرات الإنتاجية للحائزين عليها وتدفعهم للبحث عن عناصر الإنتاج وتجبرهم على التوسع التجاري وفي ظل البحث الكبير عن الأرباح ينشأ الصراع الاقتصادي الدولي على الأرباح.

ثم يتحول لصراع مسلح ثم يقع العالم في الحروب العالمية وعندما تضع الحروب أوزارها تظهر عوالم جديدة وتتطور تكنولوجيا جديدة ثم تعود السلسلة من جديد.

إذن فالتكنولوجيا هي التي تخلق الأرباح التي تجذب المنافسة التي هي الدافع للحروب وما يوقف هذه الدائرة هي الأمراض والأوبئة والعوامل الطبيعية الخارجة عن إرادة الإنسان والتي تهدد الحياة البشرية.

ولم يكن هذا التدخل الطبيعي وحده كافياً لانتقال العالم من حقبة إلى أخرى بل لا بد من تزامن التطورات التكنولوجية الكافية لهذا الانتقال وبذلك نكون قد أوضحنا علم الاجتماع والعالم الجديد.

وفي النهاية نقول أن علم الاجتماع والعالم الجديد يؤثر كل منهما في الآخر، وتبدوا أهمية علم الإجتماع في كل زمن وفي كل عصر حيث أنه يؤكد على العلاقة بين الظواهر المختلفة ومحاولة معرفة الوظائف الاجتماعية لها كما أنه يحاول بناء النظرية الاجتماعية المأخوذة من واقع التجارب الاجتماعية.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ