شرح قصيدة نهج البردة أحمد شوقي كاملة
تعريف الشعر العربي
يُعرف على أنه الكلام ذات الوزن والقافية ، والذي يحمل في ثناياه معنى معينًا والذي لا يكون مباشرًا، فقال ابن منظور عن الشعر : "الشعر منظوم القول غلب عليه؛ لشرفه بالوزن والقافية، وإن كان كلّ علم شعراً" وقال عنه الفيومي: "الشعر العربي هو: النظم الموزون، وحده ما تركّب تركباً متعاضداً، وكان مقفى موزوناً، مقصوداً به ذلك. فما خلا من هذه القيود أو بعضها فلا يُسمى شعراً ولا يُسمى قائله شاعراً ".
ويوجد له أربعة شروط ليكون شعرًا:
- المعنى.
- الوزن.
- القافية.
- القصد.
- وبذلك يكون الشعر هو ديوان العرب، حيث أن ابن عباس رضي الله عنه قال عنه: " الشعر ديوان العرب فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي أنزله الله بلغة العرب رجعنا إلى ديوانها فلتمسنا ذلك".
- فالشعر العربي يعد ذا أهمية كبيرة جدا وذلك يرجع لقدرته على استيعاب خصائص الأصل العربي كافة وأحاط علمه بجميع نواحي مادة العرب اللغوية.
- إن الشعر فنًا فريدًا منذ عصر الجاهلية مما دفع الصحابة والسلف لدعوة العرب للحفاظ على الشعر لما رأوه به من النضج اللغوي.
أغراض الشعر العربي
تتعدد الأغراض ومنها ما الآتي :
- الهجاء: أحد الفنون في الشعر العربي، وهذا النوع من الشعر كانت تتشاءم منه العرب
- الغزل: يعد أقرب الأغراض الشعرية إلى القلب، والأكثر قرباً إلى طبيعة الإنسان، وفي معظم الأحيان تكون المرأة هي موضوع الغزل سواء تناولها الشاعر بوصفها الجسدي أو كحديث معنوي.
- الحماسة: يقصد بهذا الغرض القوة والشجاعة والشدة وحماسة الجنود في القتال، والتغني بالبطولة والرجولة؛ ولذلك الغرض الشعري هذا هو الذي يُصور أنا المُثل العليا للفروسية، ولذلك فإنّ غرض الحماسة كانت في مقدمة الفنون، وأقربها إلى النفس .
- الرثاء: يقترب فن الرثاء كثيرًا من النفس الإنسانية لتعبيره عن القلب المجروح والحزين واللوعة الصادقة وهذا ما جعل الكثير يبدعون فيه.
- الوصف: وهو أن يصف الشاعر الطبيعة من حوله والتي تتمثل بوصف الحيوان والأمطار والنباتات، والأطلال أيضًا.
- الحكمة: وهي تعبر عن ثمرة من التجارب الطويلة التي يعطي فيها الشاعر نظرته الثاقبة للأمور لمن حوله.
قصيدة نهج البردة أحمد شوقي
بالحديث عن الشعر العربي دعنا نلقي نظرة عن أحد شعراء العصر الحديث، والذي قد يكون من أهم شعراء ذلك العصر ألا وهو الشاعر الكبير أحمد شوقي:
- ولد عام 1868م وتوفي عام 1932م.
- حياته كانت مليئة وحافلة بما قدّمه لنا من شعر.
- وبُويع أحمد شوقي كأمير للشعراء في عام 1927م، وذلك لبراعته في كتابة ونظم الشعر.
- كما أن فوزه بإمارة الشعر اعتبرت حافزًا كبيرًا لدعم نظمه المسرحي حيث أن شوقي كان شهيرا بالشعر المسرحي فمن أشهر وأبرز مسرحياته : كليوباترا وعنترة ومجنون ليلى.
- ويعد أحمد شوقي من أبرز الشعراء الملحميين العرب.
- كما أن أحمد شوقي ينتمي إلى مدرسة البعث والإحياء، وهي تدعو للمحافظة على النهج الشعري القديم.
- تمسك أحمد شوقي بأوزان القصيدة العربية الأصيلة والقديمة، وأيضًا بأغراضها ويتضح ذلك لنا في قصيدته لمدح النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث إنه سار على النهج شكلًا ومضمونًا في قصيدة نهج البردة أحمد شوقي.
- فمن خلال هذه القصيدة أفصح أمير الشعراء عن مشاعر فياضة واظهر تعلقًا شديدًا بالإسلام، فقد حاول أن يقدم نفساً حياً خلال قصيدته ، فتطرق إلى ربطها بمشاكل الأمة ، فشخص الداء وقدم الدواء، يرى شوقي في الإسلام دينًا متكاملًا ، يجمع بين كل مقومات الازدهار والتقدم ، فسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو خير من يمثل الدين الإسلامي.
ظروف ومناسبة قصيدة نهج البردة أحمد شوقي
نظم أحمد شوقي قصيدة نهج البردة للأسباب الآتية:
- لكي تكون تذكار لحج حاكم بلاده الخديوي، وقدمها للخديوي فكانت أجمل هدية وتذكار للخديوي خاصة، والعرب المسلمين عامة، حيث أفصحت تلك القصيدة عن مشاعر أحمد شوقي الفياضة تجاه الدين ورسول الله.
- وتعد قصيدة نهج البردة أحمد شوقي واحدة من أطول القصائد التي نظمها أحمد شوقي فهي تتألف من مائة وتسعين بيتًا.
شرح أبيات القصيدة نهج البردة
ونعرض بعض الأبيات ودلالتها كنوع من المعرفة والإيجاز في الشرح.
افتتح شوقي قصيدة نهج البردة أحمد شوقي ببداية رائعه كالشعراء السابقين حيث بدأها كالتالي:
- بمقدمة غزلية سائرا على نهج شعراء الجاهلية فأخد يتغزل بأوصاف محبوبته التي صورها كظبي رشيق حسن المظهر وهي تتنقل بخفة بين الجبال .
ريم على القاع بين البان والعلم * أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
- ثم اتجه بعد ذلك لوعظ النفس وإبداءه الندم على ما بدر منه من ذنوب سابقاً وذلك في أبيات اتسمت بالحكمة
يا نفس دنياك تخفي كل مبكية * وإن بدا لك منها حسن مبتسم
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه * فقوّم النفس بالأخلاق تستقم
- ومن ثم يأخذنا إلى موضوع القصيدة وجوهرها ألا وهو مدح النبي صلى الله عليه وسلم
محمد صفوة الباري ورحمته * وبغية الله من خلق ومن نسم
وصاحب الحوض يوم الرسل سائلة * متى الورود ؟ وجبريل الأمين ظمي
- ثم ينتقل بنا شوقي في الحديث إلى معجزات سيد الخلق فيقول :
لما رآه بحيرا قال نعرفه * بما حفظنا من الأسماء والسيم
سائل حراء وروح القدس هل علما * مصون سرّ عن الإدراك منكتم
لمّا دعا الصحب يستسقون من ظمأ * فاضت يداه من التسنيم بالسنم
وظلّلته فصارت تستظلّ به * غمامة جذبتها خيرة الديم
- ثم ينتقل بنا لمشهد نزول القرآن الكريم ومعجزته كما أن الرسول محمد هو المتمم للرسالات
ونودي اقرأ تعالى الله قائلها * لم تتّصل قبل من قيلت له بفم
جاء النبيّون بالآيات فانصرمت * وجئتنا بحكيم غير منصرم
آياته كلما طال المدى جدد * يزينهنّ جلال العتق والقدم
- ثم يتطرق بالحديث عن بشرى مولد سيد الخلق في أوقات ضغيان وظلم، وكانت من بشائر مولده ذاك التصدع الذي أصاب إيوان كسرى.
سرت بشائر بالهادي ومولده * في الشرق والغرب مسرى النور في الظلم
تخطّفت مهج الطاغين من عرب * وطيّرت أنفس الباغين من عجم
ريعت لها شرف الإيوان فانصدعت * من صدمة الحقّ لا من صدمة القدم
- ذكر معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم - وذلك في أبيات تضج بالجمال والبراعة فتحدث شوقي عن معجزة النبي في الإسراء والمعراج ، وما لحق بها من آيات عظيمة.
أسرى بك الله ليلا إذ ملائكة * والرسل في المسجد الأقصى على قدم
لمّا خطرت به التفّوا بسيّدهم * كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم
- دافع شوقي عن الإسلام وهنا تصدى شوقي للمعاديين لدين الإسلام بقولهم أن الدين انتشر بحد السيف، فيرد شوقي بأبياته بأنها كانت تأتي في المنزلة الأخيرة بعد الدعوة بكل السبل السلمية.
قالوا غزوت ورسل الله ما بعثوا * لقتل نفس ولاجاؤوا لسفك دم
جهل وتضليل أحلام وسفسطة * فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلم
- ومن ثم يذهب الشاعر للفخر والاعتزاز بخلفاء الدولة الإسلامية ويتباهى بأمجادهم والفضل الذي قدموه للأمة
ولا احتوت في طراز من قياصرها * على رشيد ومأمون ومعتصم
من الذين إذا سارت كتائبهم * تصرفوا بحدود الأرض والتخم
خلائف الله جلوا عن موازنة * فلا تقيسن أملاك الورى بهم
- وهنا يصل الشاعر بنا إلي الختام والابتهال بالصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
يا رب صل وسلم ما أردت على * نزيل عرشك خير الرسل كلهم
وصل ربي على آل له نخب * جعلت فيهم لواء البيت والحرم
وأهد خير صلاة منك أربعة * في الصحب صحبتهم مرعية الحرم
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_18959