كتابة :
آخر تحديث: 13/04/2025

من هي المجادلة ومن هو زوجها؟

في رحاب القرآن الكريم، تتجلّى مواقف عظيمة لنساء خلدهنّ الوحي، ومن بينهنّ امرأة عظيمة نزلت فيها آيات تُتلى إلى يوم القيامة، إنها خولة بنت ثعلبة، الصحابية التي جادلت النبي ﷺ في أمر زواجها، فاستجاب الله لشكواها وأنصفها من فوق سبع سماوات. نزلت في قصتها سورة المجادلة، التي حملت اسمها وصفها، لتكون رمزًا للمطالبة بالحق والحوار الراقي والإيمان العميق. فمن هي المجادلة ومن هو زوجها الذي ظهرت قضيته في صدر السورة؟ تابعونا في موقعكم مفاهيم لمعرفة التفاصيل.
من هي المجادلة ومن هو زوجها؟

من هي المجادلة ومن هو زوجها؟

  • المجادلة هي خولة بنت ثعلبة، وهي صحابية جليلة ذُكرت قصتها في سورة المجادلة في القرآن الكريم، حيث جادلت النبي ﷺ في أمر زوجها، فنزل الوحي يؤيد موقفها.
  • خولة كانت متزوجة من أوس بن الصامت (أخو عبادة بن الصامت)، وحدث بينهما خلاف، فقال لها زوجها: "أنتِ عليّ كظهر أمي"، وهو نوع من الطلاق في الجاهلية يُعرف بـ"الظهار".

فذهبت خولة إلى النبي محمد ﷺ تشتكي وتجادله في شأن ما قاله زوجها، وتطلب منه الحكم، فقالت:

"يا رسول الله، إن أوسًا ظاهر مني، وقد شقّ ذلك عليّ، ولي منه صبية إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليّ جاعوا".

فنزل الوحي من الله عز وجل:

"قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ..." (سورة المجادلة، الآية 1)

  • وبهذا نُسخ حكم الظهار الجاهلي، وشرّع الله الكفارة له، وجعل قصة خولة بنت ثعلبة مثالًا يُحتذى في الصبر واليقين والرجوع إلى الله.

من هي الصحابية التي نزلت فيها سورة المجادلة ومن زوجها؟

  • الاسم الكامل: خولة بنت ثعلبة بن عسر بن فهد بن ثعلبة بن غنم بن عوف
  • نسبها وقبيلتها: من قبيلة الأوس، وهي من الصحابيات الجليلات، عُرفت بحكمتها، وقوة حجّتها، وجرأتها في قول الحق، وكانت ذات عقل راجح وخلق كريم.
  • زوجها: أوس بن الصامت، وهو: من كبار الصحابة، وأخو الصحابي الجليل عبادة بن الصامت.
  • قصة الظهار ونزول الوحي: حصل بينها وبين زوجها خلاف، فقال لها: "أنتِ عليّ كظهر أمي"، وهو ظهار، وكان يُعد في الجاهلية طلاقًا لا رجعة فيه، وفذهبت إلى النبي ﷺ لتجادله وتشكو إلى الله.

فأنزل الله في شأنها الآيات الأولى من سورة المجادلة، وقال:

"قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا..." (سورة المجادلة، الآية 1) فشرّع الله كفّارة الظهار، وأبطل ما كان عليه أهل الجاهلية.

  • فضلها ومكانتها: أصبحت خولة رمزًا للمرأة المؤمنة المدافعة عن حقها، ضربت مثالًا في الحوار مع النبي ﷺ بكل احترام وقوة حجة.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنها: "هذه امرأة سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أفلا يسمعها عمر؟"

  • في كتب السيرة: ذكرت قصتها كتب التفسير والسيرة، مثل: تفسير ابن كثير، سيرة ابن هشام، الطبقات الكبرى لابن سعد
  • أقوال العلماء عنها: قال الإمام القرطبي: "في قصة خولة دليل على أن المرأة لها أن تجادل وتراجع العالم والفقيه في الأمور الشرعية إذا كان معها دليل".

سبب نزول سورة المجادلة بالتفصيل

سبب نزول سورة المجادلة هو قصة الصحابية الجليلة خولة بنت ثعلبة مع زوجها أوس بن الصامت، والحدث الذي أدى إلى تشريع أحكام الظهار، وكان هذا الموقف سببًا في نزول أول آيات السورة، إليك تفاصيل قصة سورة المجادلة الكاملة:

ما هو الظهار؟

  • الظهار كان من عادات الجاهلية، وهو أن يقول الرجل لزوجته: "أنتِ عليّ كظهر أمي" أي: يجعلها محرّمة عليه كتحريم أمه، دون أن يطلقها رسميًا.

الحدث:

  • كان أوس بن الصامت زوج خولة بنت ثعلبة، شيخًا كبيرًا سيء الخلق.
  • في أحد الأيام أغضبته، فقال لها: "أنتِ عليّ كظهر أمي".
  • ثم ندم، وأراد أن يعود إليها، لكنها رفضت حتى يُفتي النبي ﷺ في المسألة.

موقف خولة:

  • ذهبت خولة إلى النبي ﷺ وهي تقول:

"يا رسول الله، إن أوسًا ظاهر مني، وقد شق ذلك علي، ولي منه صبية، إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليّ جاعوا".

  • فكان النبي ﷺ يقول:

"ما أراك إلا قد حرمتِ عليه".
(أي على ما كان من أمر الظهار في الجاهلية)

  • وواصلت خولة مجادلتها للنبي ﷺ ودعاءها إلى الله حتى نزل الوحي.

نزول الوحي:

نزل قول الله تعالى:

"قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"
(سورة المجادلة، الآية 1)

ثم نزلت الآيات 2 و3 و4 التي بينت حكم الظهار وكفارته.

الكفارة التي شرعها الله:

إذا قال الرجل مثل هذا القول (الظهار) وأراد الرجوع، فعليه:

  1. عتق رقبة (وكان هذا شائعًا آنذاك).
  2. فإن لم يجد: صيام شهرين متتابعين.
  3. فإن لم يستطع: إطعام ستين مسكينًا.

وهذا هو المذكور في الآية 4 من السورة:

"وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ... فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ... فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا..."

لماذا سميت سورة المجادلة بهذا الاسم؟

  • سُمّيت سورة المجادلة بهذا الاسم نسبةً إلى المرأة التي جادلت النبي ﷺ، وهي الصحابية الجليلة خولة بنت ثعلبة، حين جادلت النبي في أمر زوجها أوس بن الصامت بسبب الظهار، وسمع الله شكواها من فوق سبع سماوات، فأنزل فيها أول آية من السورة.
  • فهي السورة الوحيدة في القرآن التي بدأها الله ببيان أنه سمع حوار امرأة تجادل نبيّه، وهذا شرف عظيم لخولة بنت ثعلبة.

أسرار سورة المجادلة الروحانية؟

ورة المجادلة من السور المدنية العظيمة التي تحمل أبعادًا روحانية وشرعية، ولها مكانة خاصة بين سور القرآن، إذ بدأت ببيان أن الله يسمع حتى همس المؤمنين وشكواهم، وهي أول سورة ذُكر فيها اسم "الله" في كل آية منها.

فيما يلي أسرار سورة المجادلة الروحانية كما وردت في كتب التفسير والتجارب الروحانية لدى بعض العلماء والمتصوفة:

1. إظهار قرب الله واستجابته لعباده

  • تبدأ السورة بقول الله:

"قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا..." ما يدل على أن الله قريب يسمع همّ كل مكلوم، ويعلم حاجات عباده، ويرد عليهم مباشرة.

السر الروحاني: تقوّي صلة العبد بربه، وتمنحه يقينًا بأن الله مطّلع على أحواله ويستجيب له.

2. حماية من التجسس والنميمة والطاقة السلبية

  • ذكرت السورة النهي عن النجوى والتناجي بالإثم والعدوان.
  • يقول بعض أهل التصوف إن المواظبة على قراءتها تحفظ الإنسان من طاقة الحسد والنميمة ومكائد الناس.

3. فيها ذكر اسم الله في كل آية (22 آية = 22 مرة)

  • سورة المجادلة هي الوحيدة في القرآن الكريم التي يُذكر فيها اسم الله في كل آية.
  • وهذا يدل على شدة ارتباط السورة بذكر الله، والنور الإلهي، ويُقال أن من قرأها بنية التقرب والذكر، نزلت عليه السكينة.

4. سلاح للمظلومين

  • لأنها نزلت في امرأة مظلومة (خولة) رفعت شكواها إلى الله، فأنصفها.
  • من معانيها الروحانية: رفع الظلم والفرج القريب.

ينصح بعض العلماء بقراءتها للمرأة التي تشعر بالضيق في حياتها الزوجية، أو من يُعامل بظلم ولا يجد من يُنصفه.

5. تهذيب النفس وإصلاح السلوك

السورة تناولت موضوعات مثل:

  • أدب الحديث
  • تنظيم المجالس
  • النهي عن التناجي
  • طاعة الله والرسول
  • الولاء لله والبراءة من أعدائه

لذلك، قراءتها بشكل مستمر تُعين على تهذيب النفس والاتزان الروحي.

6. في التجربة الروحانية:

  • يقول بعض أهل الذكر أن تلاوة السورة: بعد صلاة الفجر 7 مرات، مع الدعاء، تساعد في تفريج الهم والكرب، وفي قراءتها بنية الستر والحماية من الحساد والمنافقين مفيدة جدًا.

7. فضل الآيات الأخيرة – الولاء والبراء

قوله تعالى: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ..." (الآية 22)

  • تُقرأ هذه الآية كثيرًا في الرُقى الشرعية لما فيها من قوة في الولاء لله، وتُظهر أعلى درجات الإيمان والتمسك بالحق.

الدروس المستفادة من سورة المجادلة

إليكم أهم الدروس المستفادة من سورة المجادلة، وتشمل ما يلي:

  1. قرب الله من عباده: "قد سمع الله قول التي تجادلك..." الله يسمع الشكوى ولو كانت همسًا، ويستجيب لدعاء المظلوم.
  2. حرمة الظِّهار وظلمه للمرأة: الظهار ليس طلاقًا، بل قولٌ باطل يُحرِّم الحلال، ويُهين المرأة.
  3. وجوب الكفارة لمن أخطأ: من ظاهَر زوجته عليه كفارة (عتق رقبة أو صيام أو إطعام)، وهذا دليل على رحمة الإسلام وتنظيمه للعلاقات.
  4. تحريم التناجي بالإثم والمعصية: أدب الحديث والتواصل مهم، ويُنهى عن الهمس الذي يضر بالمجلس أو يُثير الريبة.
  5. أدب المجالس: وجوب التفسّح في المجالس وعدم التزاحم، واحترام من يدخل بعدك.
  6. التحذير من المنافقين وأعداء الدين:المنافقون يتخذون الدين ستارًا، والله يحصي أعمالهم ويجازيهم عليها.
  7. الولاء لله والبراءة من أعدائه: لا يصح أن يوادّ المؤمن من يُحارب الله ورسوله، ولو كان قريبًا.
  8. الله مطّلع على كل شيء "يعلم ما في السماوات وما في الأرض...: وهي تربية على مراقبة الله في السر والعلن.
ختامًا بعد معرفة إجابة سؤال من هي المجادلة ومن هو زوجها، تُعد قصة خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت، لم تكن مجرد خلاف أسري، بل كانت بداية تشريع قرآني يُنصف المرأة، ويؤكد أن الله يسمع صوت الضعيف ويقيم العدل. لقد أصبحت خولة رمزًا لكل من يرفع صوته بالحق، وجعل الله من قضيتها درسًا خالدًا في الحوار والصبر والإيمان. إنها المجادلة التي سمع الله قولها، وخلّد ذكراها في كتابه العزيز.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ