هل كثرة الديون غضب من الله؟
هل كثرة الديون غضب من الله؟
- تتجلى رحمة الله عز وجل على عباده وبهذه الرحمة يغفر لمن يشاء، كما أنه سبحانه وتعالى يغفر كل شيء للشهيد عدا الدين، ولقد حثّنا رسول الله صل الله عليه وسلم على التعوذ من الدين قائلا: "اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم"، فسألته السيدة عائشة رضي الله عنها: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فرد عليها رسول الله صل الله عليه قال: أن الرجل إذا غرم حدث فكذب، وإذا وعد أخلف".
- والمغرم هو الدين ولا يعني أن الاستدانة تصل إلى حد التحريم في الإسلام، فهي مقبولة ولكن يلزم أن تكون الاستدانة لأمر قهري أو للضرورة القصوى مثل، المأكل أو المشرب أو المسكن، فهنا الأمر ضروري يتوجب الاستدانة.
- وإذا استدان المرء عليه أن يكون صادق النية والوعد بسداد ما عليه من ديون، لحديث رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "من أخذ أموال الناس يريد أدائها، أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله".
- وبالتالي نجد ان مسألة هل كثرة الديون غضب من الله حقيقية، إذا تمت الاستدانة من أكثر من شخص دون نية برد ما على الشخص من ديون أو أنه سيماطل من استدان منه، أو علمه بنفسه بأنه لا يملك أي موارد تجعله يستطيع السداد، ففي هذه الحالة تصبح كثرة الديون غضب من الله جل جلاله.
حكم من عليه ديون كثيرة ولا يستطيع تاديتها
من كان عليه دين لا يستطيع قضاءه، وعلم إعساره فلا يجوز حبسه ولا استعماله مقابل المال الذي عليه، وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تعالى: "وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا۟ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ".
وقال رسول الله صل الله عليه وسلم: "مطل الغنى ظلم"، ولم يجعل على ذي دين سبيلا في العسرة حتى تكون الميسرة، ولم يجعل رسول الله صل الله عليه وسلم مطله ظلما إلا بالغنى.
فإذا كان معسرا، فهو ليس ممن عليه سبيل إلا أن يوسر، وإذا لم يكن عليه سبيل، فلا سبيل إلا إجارته، لأن إجارته عمل بدنه، وإذا لم يكن على بدنه سبيل، وإنما السبيل على ماله لم يكن إلى استعماله سبيل.
كما لا يُحبس لأنه لا سبيل عليه في حاله هذه، وهذا فيما بينه وبين الناس، أما ما بينه وبين الله، فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أدائها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله".
آيات الدين في القرآن
يتعدد لفظ الدين في القرآن الكريم بأكثر من معنى، ولكن توجد آية تسمي آية "الدين"، وهي أطول آية في القرآن يقول فيها رب العالمين:
"يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰٓ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌۢ بِٱلْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ ۥ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْـًٔا ۚ فَإِن كَانَ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ ۥ بِٱلْعَدْلِ ۚ وَٱسْتَشْهِدُوا۟ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَىٰهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَىٰهُمَا ٱلْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُوا۟ ۚ وَلَا تَسْـَٔمُوٓا۟ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰٓ أَجَلِهِ ۦ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدْنَىٰٓ أَلَّا تَرْتَابُوٓا۟ ۖ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوٓا۟ إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا۟ فَإِنَّهُ ۥ فُسُوقٌۢ بِكُمْ ۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ ۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ". (سورة البقرة: 282).
دعاء الدين والفقر
استكمالا للإجابة على هل كثرة الديون غضب من الله، فلا تبتئس واجعل ملجأك الله تعالى وأكثر من الدعاء، وهذه بعضا من أدعية الدين كما يلي:
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.
اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك.
اللهم ارزقني رزقا واسعا حلالا طيبا من غير كدّ، واستجب دعائي من غير رد، وأعوذ بك من الفضيحتين الفقر والدين، اللهم يا رازق السائلين يا راحم المساكين، يا ذا القوة المتين، ويا خير الناصرين، يا ولي المؤمنين يا غيّاث المستغثين، إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين.
اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء، أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، منزّل التوراة والإنجيل والفرقان، فالق الحب والنوى، أعوذ بك شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، اقض عنَّا الدّين وأغننا من الفقر.
هل الدين ابتلاء من الله؟
تعد حياتنا دار ابتلاء، حيث نُبتلى فيها بالخير والشر لقوله تعالى: "وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ"، لذا فإن ما يصيب المرء من ديون تتراكم عليه هي ابتلاء وقع عليه قد يكون بسبب ذنب منه، أو تفريط، أو تمحيص لرفع درجاته.
ماذا افعل اذا كثرت علي الديون؟
لمن كان عليه ديون كثيرة لا يستطيع سدادها؟ ومنشغلا بأن يعرف هل كثرة الديون غضب من الله أم ابتلاء، فلابد أن يشغل باله بإعانة نفسه على سدادها، فليس شرطا أن تكون غضب أو عقاب من الله، ففي كثير من الأحيان نجد العاصي والمذنب عليه ديون والمؤمن أيضا، لذا من كثرت عليه الديون يتوجه إلى الله عز وجل بالدعاء باسم الله الأعظم، ودعاء ذي النون: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، فلم يدعو بها إنسان إلا واستجيب دعاؤه.
آيات قضاء الدين
- هناك حل سريع لسداد الدين، وهو قراءة سورة الواقعة كاملة يوميا لجلب الرزق وهي من السور التي كان رسول الله صل الله عليه وسلم يداوم على قراءتها، وقد أوصت السيدة عائشة رضي الله عنها النساء بقراءتها، وذلك لفضلها العظيم، كما أنها تمنع الفاقة أي الفقر.
- أيضا قراءة سورة يس فهي لما قُرِأت له، فمن أراد قضاء حوائجه عليه بقراءة يس ثم يدعو الله تعالى بما يشاء، وجاء في الأثر: "يا علي أكثر من يس، فإن فيها عشر خصال".
- قوله تعالى: "فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ إِنَّهُ ۥ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَٰرًا". (نوح: ١0-12).
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_20905