كتابة : حوريه
آخر تحديث: 31/03/2022

كيف يكون الطريق إلى احتواء الحبيب وتفهمه

فهناك تشابها كبيراً بين التعلق المرضي وبين الحب الحقيقي، فهناك فوارق كبيرة بين الحالتين رغم أن هناك كثيرين يقعون في التعلق المرضي ويعتبرونه حب عمرهم، فالحبيب لكي ننجح في احتوائه يجب أن نتأكد من شفاء القلب الذي يحب من الأمراض التي تصيبه، وحين يصفو القلب ينجح الحبيب في التأثير على حبيبه واحتوائه، ولكن هل هناك أمراض تصيب القلب؟ وما هي تلك الأمراض؟ لذلك يناقش موقع مفاهيم تلك المسألة لأهمية نشر الوعي بها.
كيف يكون الطريق إلى احتواء الحبيب وتفهمه

بداية الطريق إلى احتواء الحبيب

في البداية يجب أولاً أن نفهم ما هو الحب؟ وما هو تعريفه وما هي طبيعته وبعد ذلك نحاول أن نتفهم تلك المشاعر وكيفية التعامل معها وذلك عن طريق:

  • الحب هو طاقة كبيرة جداً من المشاعر والأحاسيس، تلك الطاقة من الممكن أن تبعث على البناء والدعم، ومن الممكن أن تبعث على العذاب والهدم، طاقة لا يمكن وصفها لأي إنسان مهما كان.
  • ولكن تلك الطاقة يجب أن يتم توجيهها لمكانها الصحيح بعد فهم الواقع الداخلي للإنسان والواقع الخارجي للإنسان والشخصية التي يتم توجيهها إليه، فكثير من المشاعر يتم توجيهها بشكل خاطئ للشخص الخاطئ بالطريقة الخاطئة، ثم يشكون بعد ذلك من عدم قدرتهم على احتواء الحبيب، إذ كيف يتم احتواء الحبيب وهو في الأصل غير مؤهل لتلك الصفة من الأساس.

أنواع من أمراض القلوب في الحب

هناك أنواع كثيرة من أمراض القلوب في حالة الحب، يجب أن نتعرف عليها لنصل إلى الطريق إلى احتواء الحبيب:

  • فهناك الحب المتسرع والحب الواهم والحب الصادر من شخصيات مريضة بأمراض نفسية مثل الشخصية المفرطة في النرجسية أو الشخصية المصابة بالوسواس القهري أو المصابة بالاكتئاب.
  • وفي كل الأحوال يجب أن يعرف الإنسان أن الحب الصادق لا يأتي إلا من نفس صادقة، وبصفة عامة يجب أن يراعي الإنسان سلامته النفسية جنباً إلى جنب مع سلامته الجسدية، فالسلامة النفسية تزيد من احتمالات نجاح وعي الإنسان في التعبير عن عواطفه ونجاحه ووعيه في توجيه عواطفه بشكل سليم للشخص السليم.

الفارق بين الحب الزائف والحب الحقيقي

الحب الحقيقي له مواصفات واضحة لا جدال عليها وغياب أحد تلك المواصفات يعني أن هذا الحب يقع في خانة الحب الزائف لذلك:

  • فالحب الحقيقي يدفع الإنسان إلى الإيمان بقوته وذاته الراسخة القوية، فالحب الذي يعاني فيه أحد الأطراف من سيطرة الطرف الآخر واستنزاف قدراته ومقدراته وعجزه عن تنمية مهاراته ليس بحب، ولكنه في الحقيقة علاقة مريضة يجب التخلص منها أو العمل على تعديلها بأي شكل.
  • والطرف الضعيف قد يشعر في أحيان كثيرة بأنه عاجز عن احتواء الحبيب رغم كل ما يقدمه له، وهو شعور طبيعي، حيث أن هذا الطرف يشعر بشكل مستمر بأن ما يحصل عليه من الحبيب لا يتناسب مع ما يعطيه إياه من عطاءات لا حدود لها.
  • وهنا يجب أن يقوم الطرف الضعيف بإعادة فهم نفسه وفهم الواقع الذي يعيش فيه، وهنا سيكتشف الطرف الضعيف أنه ليس بحاجة إلى احتواء الحبيب، بل سينظر في طريقة أخرى يستمد بها قوة عاطفته تجاه حبه لنفسه أولاً، فمن لم يحب نفسه أولاً لا يستطيع تبادل الحب مع الآخرين.
  • والمشكلة التي يواجهها الطرف الضعيف أنه ربط صورته الذهنية عن نفسه وذاته برضا الشخصية الحاكمة، وهنا يقوم المحب في الطرف الضعيف بمحاولة الاستقلال عن تلك الشخصية الحاكمة بتوفير مقومات الحياة بعيداً عنه، فهو ليس في حاجة لتقديره واهتمامه، وليس في حاجة إلى سيطرته ومتابعته.

الحب الحقيقي يدفع للنجاح في الحياة والوصول لاحتواء الحبيب

وهنا نؤكد على أن الحب الحقيقي الذي ننشده هو حب يدفع الإنسان إلى تنمية مهاراته وزيادة خبراته في الحياة، فنجد أن لكل رجل عظيم امرأة، وأن المرأة الناجحة تعيش في نجاحها مع رجل يدفعها للأمام لهذا:

  • العلاقات التي تبني حبها على شخصية تزيدها شعوراً الضعف أمام الحياة، وأنها لا تستطيع الحياة بدونها، وأنها تعتمد عليها في كل متطلباتها، فهي بدونه غير قادرة على تنمية مهاراتها أو النجاح في الحياة، هي شخصية تحتاج إلى إعادة نظر.
  • والشخصية المحبة التي لا تنمي مهاراتها في الحياة ولا تنجح في تحقيق أهدافها، هي في الحقيقة تشعر دائماً بأنها غير قادرة على احتواء حبيبها، وتشك دائماً في قدرتها على الحفاظ على مستويات حبها في مستويات آمنة.
  • والسبيل إلى احتواء الحبيب هنا هو تنمية المهارات والنجاح في الحياة، فالحب الحقيقي يبدأ بحب الذات ورعايتها، والإنسان الذي يشعر بعجزه عن تحقيق النجاح هو إنسان يشعر بعجزه في التعبير عن الحب بل عجز قلبه عن الحب في الأساس.

الحب يدفع للاستقلال وليس الاعتمادية

نعم عزيزي القارئ، فالحب الحقيقي حب يساعد صاحبه على الاستقلال المادي والمعنوي والمهني، حب يشعر فيه الإنسان بأنه قادر على الوصول لأهدافه، أما الحب المبني على أن أحد المحبين يعتمد على الآخر بشكل كامل حب لا يسلم لعلاقة سليمة راسخة لذلك:

  • فلنا أن نتخيل أن محباً هو الذي يقوم بكل الأدوار الهامة في الحياة، أما الطرف الآخر لا يقوم إلا بالقليل جداً، فما هي النتيجة المرجوة من تلك العلاقة؟
  • أغلب الظن أن الشخصية التي تقوم بكل الأدوار ستشعر بالإرهاق في نهاية المطاف، بل ويقل الحب في القلب بسبب الإجهاد الشديد، أما الشخصية الأخرى قد تشعر بالدونية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية بسبب عدم الاعتماد عليها في أي دور حقيقي في الحياة.
  • والاحتواء هنا يعني أن يقوم كل محب بدوره في الحياة، فالشخصية الاعتمادية يجب أن تقوم بدورها في بناء الحياة جنباً إلى جنب مع الطرف الآخر، وحين يشعر الأطراف بأن كل طرف يقوم بدوره في إصلاح العلاقة ربما نجح الطرفان في احتواء كل منهما للآخر.

الطريق إلى احتواء الحبيب بالفهم والوعي

إن احتواء الحبيب ليس بالأمر الصعب العسير ولا هو بالرموز الغير مفهومة، بل إنه من الأمور التي يمكن لأي إنسان الوصول إليها إذا ما بدأ بنفسه وحاول علاج السلبيات والعقبات التي تعيق رؤيته للحياة بشكل سليم لذلك:

  • كم من المحبين الذين نجحوا في احتواء أحبائهم بشكل جميل بعد فهم عميق لما يقوم به كل طرف في الحياة، وكيف أن هذا المحب يقدر ما يفعله الحبيب من أجله.
  • إن الوعي والفهم والاعتراف بالأخطاء وتصحيحها وتطوير الذات كلها أمر مهمة جداً في فهم الحبيب واحتوائه، فبدون الوعي لن يستطيع أي شخص احتواء الآخر بشكل سليم، بل سيكون الأمر بجد مسكنات لبعض الآلام التي تتجدد مع تجدد الأخطاء الناتجة من الأمراض النفسية الراسخة التي يهرب الإنسان من مواجهتها.
ختاماً.. فإن الحديث عن الطريق إلى احتواء الحبيب جعلنا نتطرق لمعان كثيرة تتعلق بمعنى الحب وأنواع القلوب والفارق بين الحب الحقيقي والحب الزائف، فكلها معاني مهمة جداً وأساسية لتحقيق الاحتواء الحقيقي للحبيب في هذا الزمان الذي يصعب فيه وجود عواطف صادقة في زمن زاخر بالمادية المفرطة.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ