كتابة : Reham
آخر تحديث: 13/07/2021

كيف تواجه أحزانك منذ الصغر وتنشئ طفلاً قوياً؟

كيف تواجه أحزانك بدون أن تتسبب في مرض نفسي لديك؟ وكيف تستعد لكي تكون قوياً أمام الأحزان؟
نحاول في تلك المقالة البحث في الإجابة على هذا السؤال.
ولا تعتقد عزيزي القارئ أنك ستخرج من تلك المقالة بإجابة شافية كافية، فدورك في الإجابة لنفسك على هذا السؤال أهم ألف مرة من دوري أنا ككاتب للمقال، فدورك أنت هو الدور الجوهري في تلك المسألة، وعليك أنت أن تساعدني في البدء على إجابة هذا السؤال.
كيف تواجه أحزانك منذ الصغر وتنشئ طفلاً قوياً؟

كيف تواجه الأحزان وتكون مستعداً لها؟

إن الاستعداد لمواجهة الأحزان لا يكون في الكبر فقط، ولكن الاستعداد يكون منذ لحظات التنشئة الأولى.

  • عندما لا نستجيب للطفل عند بكائه، فيربط بين البكاء وبين تلبية رغباته، فيصبح البكاء وسيلة لتحقيق الرغبات وليس لتفريغ الشحنات النفسية فقط.
  • حين يبكي طفلك للحصول على رغبة يريدك أن تحققها له، لا تستجيب له، ولا تحقق له طلبه، بل علمه ألا يبكي، ويطلب طلبه منك بأسلوب آخر مناسب، فإن البكاء حينها يكون وسيلة للضغط النفسي وليس تعبيراً حقيقياً عن المشاعر.
  • وحين يترك الطفل البكاء كوسيلة لتحقيق الرغبات، سيكون البكاء وسيلة فقط للتعبير عن الشحنات العاطفية الكامنة داخل الإنسان، من شوق ولهفة وحزن وفرحة، وحينها ستكون الدموع أكثر صدقاً وأكثر وضوحاً في التعبير عن المشاعر.
  • إن تربية الطفل ليكون مستعداً لتلقى الأحزان، ويكون قوياً أمامها، لا يكون بمنعه من تصنع البكاء فقط، ولكن أيضاً بتعليمه عدة مبادئ مهمة عن المشاعر والحياة.

لكل شيء وقته ولا شيء يبقى للأبد

يجب أن يتعلم الطفل أن هناك وقتاً مخصصاً لكل شيء في الحياة، وأنك لن تستطيع الحصول على كل شيء في الحياة في وقت واحد، فالوقت لا يتسع لكل أمنياتنا، ولكن يتسع لما هو في قدراتنا الفعلية.

  • لذلك يجب علينا ألا نحزن على عدم الحصول على ما ليس في استطاعتنا، فما حصلنا عليه يمكن استغلاله بشكل يحقق لنا بعض السعادة، فمثلاً إذا كنت تريد أن تلعب لعبة رياضية ولديك امتحانات في نفس الوقت وفي نفس الوقت لديك صديق مريض تريد متابعته.
  • إن عدم تلبية كل الرغبات قد يسبب بعض الحزن والندم، فقد تجد نفسك مضطراً بالتضحية برغبة أمام واجب عليك القيام به، وحينها يجب أن يتعلم الطفل من البداية ترتيب الأولويات ومعرفة أهميتها.
  • أعلم أن تلك المفاهيم قد تكون صعبة على الطفل تعلمها من البداية، ولكن يجب علينا أن نستغل أي فرصة لنبسط له تلك المعلومات ونحاول أن نعلمه إياها خطوة بخطوة.

الأطفال الذين زُودوا بتلك المفاهيم من الصغر يكونون أكثر قدرة على عبور الأحزان وعدم الوقوف أمامها كثيراً.

الطفل المنفتح على العالم يكون أكثر قوة

إن الطفل صاحب الاهتمامات المتنوعة والمواهب المتعددة يكون أقدر على عبور الأحزان من الطفل المنغلق الذي لا تتعدى اهتماماته بعض العناصر القليلة.

  • فالأطفال الذين يعانون من الحماية الزائدة من الشخصيات الوالدية، لا يملكون في حياتهم وعالمهم الخاص إلا بعض العناصر القليلة التي يملكون استغلالها، مثل الحاسب الآلي في المنزل، وبعض الألعاب الخشبية، وربما بعض الزيارات القليلة من أصدقائهم المقربين، وهم أيضاً عددهم يكون قليلاً في معظم الأحيان لعدم وجود نشاطات كثيرة خارج المنزل.
  • هذه النوعية من الأطفال الذين يعانون من العزلة معظم الوقت، لا يجدون إلا الخيال ليكون لهم معيناً على عزلتهم، وحين يرتبطون بشخص من الأشخاص أو بعنصر من العناصر المحببة لديهم ويفقدوه مثلاً، فإنهم يكونون في شدة الضعف والحزن في تلك الحالة.
  • لأن تلك النوعية من الأطفال لا يجدون البدائل التي يستعينون بها على عبور أحزانهم، فليس لديهم لعبة رياضية يلعبونها مع أصدقائهم، وليس لديهم عمل فني يشاركون فيه أصدقائهم في نشاطات ثقافية معينة، وليس لديهم أصدقاء كثيرة يحققون لديهم التفريغ النفسي اللازم لعبور الأحزان.
  • أما الأطفال الذين يملكون العديد من النشاطات والهوايات بجانب النشاط العلمي، فإن هذا يؤهلهم لعبور الأحزان بشكل أسرع، ويمكنهم من الاستمرار في الحياة بشكل أفضل، ذلك لأنهم يملكون من الأدوات ما يجعلهم يخرجون سريعاً من حالة الحزن إلى نشاط آخر يحبونه.
  • لذلك يخطئ بعض الآباء وكذلك الأمهات بالاهتمام فقط بالجانب العلمي، ويجعلونه مفضلاً على كافة أنشطة الحياة الأخرى، بل ويضحون من أجله بأي نشاط جانبي يعبر فيه الطفل عن نفسه وعن ميوله وهواياته، فلا يجب التضحية بأي جانب من الجوانب التي تنمي شخصية الطفل وتثقله، سواء كان هذا الجانب أو هذا النشاط ثقافياً أو رياضياً أو حتى عائلياً في زيارات عائلية يتبادل فيها الطفل خبراته مع أقاربه.

الثقافة النفسية تساعد على عبور الأحزان

هناك بعض الشخصيات ترى أن التفكير العملي هو الأصل وأن العلوم القائمة على الحساب والمنطق هي أساس كل شيء، وأن لا حاجة أبداً لتزويد الإنسان بالمعلومات الخاصة بالفلسفة وعلم النفس والمنطقة وباقي العلوم النظرية.

تلك النظرة هي نظرة قاصرة تماماً، فهناك العديد من المشكلات التي يقع فيها الإنسان ولا تملك العلوم القائمة على الحساب والمنطق الرياضي أي إجابة عليها، فالمشكلات النفسية لها تأثيرها وخصوصيتها على الإنسان ويجب على الإنسان أن يكون ملماً بها لكي لا يقع أسيراً للأحزان إذا ما واجهته مشكلة نفسية كبيرة.

فهذا الشخص مثلاً كان ناجحاً بشكل كبير في حياته المهنية، ويعطي الكثير من وقته لعمله، ويعطي لعائلته الوقت المناسب لمتابعة احتياجاتهم المادية من مأكل ومشرب وملبس، ولا يهمل الجانب التعليمي فيتابعه أيضاً.

ولكنه لا يعترف بالجانب النفسي، ولا يعطي لأطفاله التقدير المعنوي اللازم لنمو شخصياتهم وجدانياً، فأي طفل له حقوق نفسية لا تحق أبداً عن الحقوق المادية.

في تلك الحالة ينشأ الطفل فقير معنوياً، ضعيف أمام أي كلمة تقدير يسمعها أو يشعر بها من أي إنسان، ذلك لأن المصدر الحقيقي والرئيسي للدعم المعنوي وهم الشخصيات الوالدية المسؤولة عنه، لم يحرصوا على تزويده بهذه الحقوق، فجعلوه فقيراً من الجانب المعنوي بشكل جعله ضعيفاً جداً أمام الأحزان.

فلا تبخل على ابنك بوقتك ولا تبخل عليه أيضاً بكلمات التقدير وعمل رحلات ترفيهية لأولادك مهما كانت بسيطة التكلفة لكنها عظيمة الأثر على نفوسهم، يتذكرونها نفسياً ومعنوياً ويعتمدون على تلك اللحظات باقي حياتهم، فهي أثمن من أي مكاسب مادية يمكن أن تكسبها في مهنتك، لأنك ربما خسرت أمامها أولادك.

وأخيراً... لكي تواجه الأحزان يجب عليك أن تكون واعياً بذاتك وبقدراتك النفسية، مزوداً لها باحتياجاتها النفسية والمعنوية كحرصك على تلبية الاحتياجات المادية تماماً، فذلك يعطيك عزيزي القارئ قوة أمام الأحزان.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ