كتابة :
آخر تحديث: 21/11/2021

أسباب غلاء الأسعار في الدول وموقف الإسلام منها

تعد ظاهرة غلاء الأسعار أحد الظواهر الشائعة في هذا العصر والتي تسبب الكثير من الإزعاج للمواطنين، حيث أن هذا الأمر قد اثر سلبيا على حياة الكثير من البشر.
وسوف نتناول عزيزي القارئ في هذا المقال أسباب ظاهرة غلاء الأسعار وما موقف الإسلام من الغلاء بالإضافة إلى توضيح الحالات التي يمكن فيها لجوء ولي الأمر إلى التسعير، فتابع معنا هذا المقال لتتعرف المزيد حول هذا الموضوع.
أسباب غلاء الأسعار في الدول وموقف الإسلام منها

أسباب غلاء الأسعار

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة غلاء الأسعار بشكل رهيب ومن أبرز هذه الأسباب ما يلي:

كثرة الذنوب والمعاصي وبعد الناس عن دينهم:

يعد هذا السبب من أكثر الأسباب التي ساهمت في ظهور هذا الوباء وذلك لأن كثرة الذنوب تؤدي الي هلاك الحرث والنسل كما إنها تساهم في انتشار الفساد في البحر والبر وذلك وفقا لما قاله الله تعالي في كتابه العزيز:

"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ](الروم:41)، وقوله:[وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ](الشورى 30 )

والله سبحانه وتعالى يرسل البلاء على عباده بسبب مما كسبت أيديهم وذلك من أجل أن ينتبهوا الى ما يفعلوه ويراجعوا أنفسهم.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر المهاجرين خصال خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم"

ففي هذا الحديث قد وضح رسول الله صلى الله عليه وسلم مدى تأثير الذنوب على الأمة الإسلامية بشيء لا يرجوه.

حب المال والإكثار منه:

فقد كثر في هذا الأيام حب الناس للمال حتى ولو تم الحصول عليه بطريق غير مشروع، فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:

"وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً"

وعنما يطغي حب المال على الناس يصبح هذا الأمر خطيراً جداً وذلك لأنه يتسبب في إحداث الكثير من الأمور التي تعد مخالفة لشريعة الإسلام، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:

"فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم"

تلاعب التجار والمحتكرين بالسلع التي يحتاج إليها الناس

فيقوم هؤلاء التجار بتخزينها من أجل إخفائها، وذلك ليقوموا برفع ثمنها لتحقيق أكبر المكاسب لهم وهذا الأمر فيه الكثير من إلحاق الضرر بالناس وخاصة طبقة الفقراء وأصحاب الحاجات.

وهذا الأمر منهي عنه شرعا لأنه يعد من الظالم الجلي الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى بالبعد عنه وقد قال الله تعالى في حديث قدسي:

"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا..)(رواه مسلم).

وقال صلى الله عليه وسلم:

"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"

فمن كان إنسانا مؤمنا بالله يتحلى بالصدق والأخلاق الكريمة يجب عليه ألا يضيق على الناس ويمنع عنهم ما فضل الله به عليهم من خلال احتكاره للسلع التي هم في أشد الاحتياج إليها.

تقليل الكميات المرسلة من بعض الدول المصدرة للسلع الضرورية:

وذلك من أجل رفع سعرها على التجار المستوردين لها وذلك بغرض تحقيق الكثير من المكاسب ثم ينتهج التجار نفس النهج لتعويض خسائرهم من قلب المستهلك.

موقف الإسلام من غلاء الأسعار

يقر الإسلام في نظامه المالي حرية الملكية للأفراد ما دام صار تملكها بطريقة مشروعة كما انه يقر للفرد حرية التصرف في أموالهم ما دام ذلك التصرف يتماشى مع روح الشريعة الإسلامية وما دام مصلحة الفرد لا تطغى على مصلحة الجماعة.

وقد أوجد الإسلام القواعد الضرورية لحفظ درجة التوازن بين الفرد والمجتمع وبين الحاكم والمحكوم وذلك من خلال ما ورد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تقضي على الظلم والفساد والغش والاحتكار وفي ضوء هذه القواعد كانت الأحاديث الشريفة التي تحث على التسعير للسلع كما أنه قد وضح أهمية التسعير في وضع الحدود من أجل عدم غلاء السلع بني الناس وعدم الاحتكار لها من قبل التجار.

كما أن الغلاء يحتاج إلى معالجة من جهة ولي الأمر وذلك من أجل العمل على حفظ الناس لحاجتهم الضرورية التي لا غنى لهم عنها ولا يكون ذلك إلا بالنظر إلى هذه القضية والتعرف على أسبابها وكيفية معالجة هذه القضية بالطرق السليمة التي ليس فيها ظلم لأحد أو إجحاف لحقوقه.

رأي الشريعة الإسلامية في التسعير

قد حددت الشريعة الحالات التي يمكن فيها التسعير من قبل ولي الأمر والتي منها ما يلي:

  • حاجة الناس إلى السلعة: فيجب على ولي الأمر أن يقوم بتسعير السلع التي هي لا غنى للناس عن استخدامها وذلك خوفا من جشع التجار واستغلالهم لحاجة الناس فيزيون من سعرها.
  • حالة الاحتكار: يعد الاحتكار هو عبارة عن حبس الناس للسلع عن البيع والتداول لها فترة من الزمن بهدف غلاء سعرها يعد الاحتكار أمر منهي عنه شرعا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشريف" لا يحتكر إلا خاطئ" ووقوله صلى الله عليه وسلم:

(من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ، وقد برئت منه ذمة الله)

وقال أيضاً:

(من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالى وبرئ الله منه) وذلك لأن الاحتكار فيه ظلم للمستهلكين.

  • حالة الحصر: وهي عبارة عن حالة تقوم بها الدولة من أجل حصر البيع في ناس محددين وذلك بعض النظر من حصول المنفعة والضرر الذي يمكن أن يلحق بالمستهلك فيجب على ولي الأمر تسعير السلع في هذه الحالة ذلك تجنبا للظلم الذي يمكن أن تقع على كثير من الناس.
  • حالة التواطؤ: تتمثل هذه الحالة في تواطؤ البائعين وعمل مؤامرة من اجل التحكم في بعض السلع من أجل زيادة أسعارها على الناس وذلك بهدف تحقيق الربح الفاحش أو العكس وهو تواطؤ المشترون في شراء سلعة معينة بسعر موحد وذلك من أجل إلحاق الضرر ببعض التجار.
ختاما تعد ظاهرة غلاء الأسعار إحدى الظواهر التي تسبب الكثير من الإزعاج للأفراد وخاصة الفقراء، ولذلك حاول الإسلام القيام بوضع ضوابط لذلك.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ