كتابة : الاء محمدي
آخر تحديث: 14/02/2022

كيف اقوي يقيني بالله ومعنى اليقين ؟

قبل الإجابة عن سؤال كيف اقوي يقيني بالله فإن من المهم معرفة أن اليقين هو غاية كل مؤمن، ومطلب كل مسلم لأنه يجد في رحابه راحة نفسه، وطمأنينة قلبه، وسعادة رُوحه.
إن راحة وسعادة الإنسان مغزاها أنه قد عرَف في ظله مَن خلَقه، ولماذا خلقه، وما هو مصيره بعد الموت، لذلك يرتاح عقله من الفكر، وقلبه من الشك، وعندها يتوجه إليه بالعبادة، ويخصه وحده بالطاعة.
كيف اقوي يقيني بالله ومعنى اليقين ؟

كيف اقوي يقيني بالله وتعريف اليقين ؟

إن اليقين في اللغة هو :

  • العلم الذي لا شك معه، واليقين بالله عز وجل هو الاعتقاد الجازم بوجوده اعتقاد لا يخالطه أي شك، ولا يتطرق إليه أدني وهم، فهو اعتقاد ثابت، وراسخ رسوخ الجبال؛ لذا تتحطم عليه معاول الشبهات، وتنكسر دونه مطارق الشكوك.
  • إن أكثر ما يشوش على الإنسان عقله وقلبه هو ألا يكون على معرفة بخالقَه، ولا لماذا خلقه؛ لذلك يظل يتيه في أودية من الشكوك، ويتردد في متاهات من الظنون.
  • وهذا ما تجده عند الملحد الذي أنكر وجود ربه، وجحد نعمه عليه، فيظل في صراع مع الشك والقلق إلى أن تكون نهايته في كثير من الأحيان إلى الانتحار.
  • لذلك كان أكثر ما يحرص عليه المؤمن أن يبحث عن الوسائل التي تقوي يقينه بربه، وتملأ قلبه إيمان به وتصديق.

وسائل تقوية يقيني بالله

هناك وسائل عديدة يمكن من خلالها يمكن تقوية يقيني بالله، ومن أهمها ما يلي:

التفكر في مخلوقات الله :

  • إن من أعظم الدلائل على وجود الله عز وجل هو مخلوقاته التي أبدعها، ونسجها على أكمل وصف، ومن يتأمل في هذا الكون بشموسه وأقماره، وبحاره وأنهاره، ونباتاته وأشجاره، ويتأمل كل ما فيه من تنوع المخلوقات، وتباين الكائنات، يدرك أنه لا محالة أن من وراء هذا كله إله عظيم وخالق مدبر حكيم، خلق هذا الكون بعلمه وقدرته، ونظمه بحكمته ومشيئته، فكل شيء فيه بحساب، وكل ذرة فيه بمقدار، وله قوانين تحكمه، وتسيره من الذرة إلى المجرة، وأنه من المستحيل أن يكون هذا الكون كله متواجد من لا شيء كما يزعم أهل الكفر.

قراءة القرآن الكريم بتدبر :

  • تدبر القرآن الكريم، وبخاصة الآيات التي تناولت وتتحدث عن موضوع توحيد الله سبحانه وتعالى وعظمته؛ فمعرفة الله سبحانه وتعالى وتعظيمه من أهم الأسباب والوسائل التي تقوّي اليقين بالله سبحانه تعالى.
  • إن إعجاز القرآن لا يقتصر أثره البالغ في النفوس فقط على هذا، بل إنه يمتد إلى ما هو أكثر من ذلك، فالقرآن الكريم فيه جواب لكل سؤال، وحل لكل معضلة، وهدي لكل سالك، وراحة لكل قلق، وسكينة لكل خائف، فيه المواعظ والقصص، فيه التشريع والأحكام، فيه بيان حقيقة الكون والإنسان ولماذا خلق، وما الهدف من خلْقه، وإلى أين يسير، فيه الجدل والحجاج، فيه الحجة والمنطق.
  • فيه كل ما يحتاجه الإنسان في أمر دينه وتطهير نفسه وقلبه، وتنظيم شؤون حياته، وصدق الله إذ يقول: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 38]

قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم

  • إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بدلائل نبوته، ناطقة بصدق رسالته، فهي رسم تفصيلي لأحداث حياته، ومجريات دعوته، فمن يتأمَّلها بصدق قلب، وصفاء نفس، يجد أنه رسول الله حقًّا، وأمينه على وحيه صدقًا، فيها كفاحه في سبيل توطيد أركان دعوته في الأرض، وجهاده لرفع لوائها، وإعلاء منارها، وفيها بيان لحسن أخلاقه الذى أسر القلوب، وفيها عبادته وتبتُّله لربه، وفيها معجزاته،.
  • وفيها تأييد الله عز وجل له ونصرته في وقت الضَّعف، حتى أتم الدين، وبلَّغ الرسالة، وبعدما كان فردًا وحيدًا مات وعدد أصحابه ما يقارب مائة ألف نفس، ومازال العدد يتكاثر، إلى أن وصل الآن مليار ونصف المليار مسلم.
  • إن أحداث هذه السيرة العطرة تنطق بلسان الحال، أن كل هذه الأمور مجتمعة لا يمكن أن تكون إلا لنبي مؤيد من السماء، محفوف بالعناية من ربه ومولاه، وأنه لا يمكن أن يكون موفقًا في دعوته، مسددًا في رسالته، إلا بمعونة قدرة فوق قدرة البشر، وحكمة تعلو حكمة البشر، ومن هنا يزداد يقين قارئ سيرته، ويعلم أن هناك قدرة إلهية عبَّدت له الطريق، وذلَّلت له السبيل، حتى نصر الله به الدين، وأتم به الرسالة.

الاطلاع على قصص الأنبياء :

  • إن قراءة قصص الأنبياء تُثبت اليقين في القلوب، وتغرسه في النفوس، كما تملأ الروح بالأنس والطمأنينة، وقال تعالى: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود: 120]،
  • فإذا كانت قصص الأنبياء فيها تثبيت لقلب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فما بالنا نحن مع ضَعف إيماننا وقلة يقيننا.
  • إن العيش مع الأنبياء في كفاحهم مع أقوامهم المعاندين، وصبرهم على ما لاقوه من عنت وأذى، يدرك أنهم ما صبروا كل هذا الصبر إلا إرضاءً لربهم بتبليغهم لرسالته، وأن أي إنسان لا يمكن أن يتحمَّل كل هذا العنت والمشقة، إلا إذا كان له ربٌّ يرجوه، ويطلب رضاه.
  • وعندما نقرأ عن معجزاتهم التي أيدهم الله عز وجل بها، ندرك مدى القدرة الإلهية التي لا يعجزها شيء، والتي خرقت لهم القوانين، وخالفت من أجلهم الأسباب، فكل هذا له أكبر الأثر في تقوية اليقين بالله عز وجل، وترسيخه في النفس والقلب.

قراءة الكتب العلمية المتعلقة بالكون :

  • هناك كتب علمية مبسطة لغير المتخصصين، تتحدث عن الكون والظواهر الطبيعية فيه، وتشرح بأسلوب علمي سهل مدى دقة قوانينه وانضباطها من أصغر ذرة إلى أكبر مجرة، كما توجد كتب تتحدث عن أسرار الكائنات الحية وخاصة الإنسان، وتشرح عمل خلاياها ووظائف أعضائها، وتظهر مدى الدقة المتناهية، والتناغم المدهش بين كل هذه الأعضاء.
  • كما تظهر أسرارًا يعجِز العقل عن تصورها وإدراكها، فقراءة مثل هذه الكتب تجعلك تشعر بعظمة الخالق عز وجل، وتدرك مدى قدرته وحكمته التي أبدعت هذه الكون وكائناته على مثل هذا النظام الدقيق، والإبداع المحكم.

قراءة سير الصالحين :

  • عندما نقرأ سير الصالحين ونتعرف على أخبارهم، نجد أنهم كانوا خاشعين في محراب العبودية، وكانوا يلهجون بذكر الله، ويستبشرون بالثناء عليه، فقراءة أخبارهم ومطالعتها من روافد اليقين إلى القلوب.
  • وهو بابٌ من الأبواب الموصلة إلى تقوية اليقين في النفوس، ولا تقتصر قراءة سير الصالحين ومعرفة أخبارهم على الكتب فقط، بل هناك أيضًا علماء صالحون كُثُر يعيشون بيننا.

مجالسة الصالحين :

  • إن مصاحبة الصالحين، وحضور مجالسهم، لها أثر كبير في تقوية اليقين بالله عز وجل؛ لأن الإنسان بطبعه يتأثر بمن حوله، ويتعلق قلبه بمن يُكثر من مصاحبتهم والجلوس إليهم؛ لذلك عندما تجالس الصالحين، فإنك تتأثر بهم، وتتعلم منهم، وعندها يقوى إيمانك ويزداد يقينُك.
  • لأنك ترى أمامك مُثُلًا حية رسَخ اليقين في قلوبهم، واطمأنت إليه نفوسُهم، ترى قلوبهم تتعطش للقاء الله، فلا يجلسون إلا لمدارسة قرآنه، ولا يسيرون إلا للصلاة له، ولا يجتمعون إلا محبة فيه، فمجالسة أمثال هؤلاء كلها خير وبركة، وبها يزداد اليقين، ويرسخ الإيمان.
لكل شخص يتسائل كيف اقوي يقيني بالله عليه أن يعلم أن اليقين مثله مثل النبتة الصغيرة المغروسة في الأرض، إن تعهدتَها بالسقي والرعاية، والوقاية من الحشائش الضارة، والحشرات التي قد تُهلكها، فإن هذه النبتة الصغيرة سوف تتعمق جذورها في الأرض، وتبسُق فروعها في السماء، أما إذا أهملتها وتركتها فريسة لما يضرها، فسوف تموت في مهدها، وتُجتَثُّ من أصلها.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ