ما الفرق بين نظرات الحب والإعجاب؟
ما الفرق بين نظرات الإعجاب والحب؟
في البداية يجب أن نعرف ما هو الحب، وقبل أن نعرف ما هو الحب، وجميعنا يعلم أن الحب يكون بالقلب، ولكننا يجب أن نعلم أولاً ما هو القلب الذي نحب به، وتتمثل فيما يلي:
- فالقلب المقصود في مقالتنا تلك ليس هو القلب بمعناه الطبي الذي يقوم بدوره في تنقية الدم المغذي لجسم الإنسان، ولكن المقصود به هو لفظ جامع لكل ما يعتقده الإنسان ويؤثر في سلوكياته ووعيه وطريقة نظرته للحياة.
- وبذلك فالحب يتأثر تأثراً كبيراً بما يجمعه القلب من معتقدات على مدى سنوات العمر، فما جمعه أي إنسان يختلف عن أي إنسان آخر، وبذلك فكل إنسان له بصمته في الحب والعاطفة كبصمة أصابعه تماماً، فبصمة الحب لا تتكرر مع أي إنسان.
- كذلك فإن الحب يتأثر بكافة الأمراض النفسية والعصبية التي تصيب الإنسان على مدى سنوات عمره، لذلك كانت التربية النفسية السليمة لها أكبر الأثر في التعبير عن الحب بشكل سليم، ورؤية المحب بشكل سليم.
- فالشخصيات العصابية والهستيرية والمصابة باضطرابات نفسية تؤثر في عواطفها تلك الأمراض، فينشأ الحب مريضاً لا يسلم صاحبه ومن يحبه إلا للمتاعب الشديدة.
نظرات الإعجاب ووعي الإنسان
كما ذكرنا في الفقرة السابقة، فإن الحب يتأثر تأثراً كبيراً بوعي الإنسان، ولكن المشكلة أن هناك الكثير من الأحداث التي قد تؤثر سلباً على وعي الإنسان، وذلك من خلال الآتي:
- فالصدمات النفسية وسوء التفاهم وتشوش الفهم بين أفراد الأسرة الواحدة مثلاً قد يؤدي إلى الغلط في فهم المشاعر والأحاسيس.
- فعندما يشعر الإنسان بميل وانجذاب لشخص معين، فهذا لا يعني بالضرورة أنه حباً بالقلب، ولكن قد يعني أن هناك احتياج عاطفي نشأ نتيجة غلط في الأحاسيس والمفاهيم التي اكتسبها الإنسان.
- فالأب القاسي الذي يعامل زوجته بقسوة أمام أولاده، يتعلمون مفاهيم خاطئة عن العاطفة، حيث قد يتلقون مفاهيم تعني أن العواطف مجرد كلمات لا قيمة لها ولا تحقق الأمان لأحد، فهي لم تحقق الأمان للأم التي يتم ضربها من الأب.
- كذلك فالأب ضعيف السيطرة على أسرته الذي تنهار سطوته أمام سيطرة الأم، يتعلمون مفاهيم خاطئة عن العاطفة والحب، وتجعل سلوكيات الأولاد تتخبط في علاقاتهم العاطفية باقي حياتهم، إن لم يتم التعامل السليم مع آثار تلك المفاهيم الخاطئة نفسياً.
الإعجاب الزائف
المتأمل في الفقرات السابقة قد يصل في النهاية إلى أن صاحب تلك التجارب القاسية لن يميل بقلبه لحب صادق، بل لإعجاب ببعض الصفات التي تشوهت بفعل تلك الأخطاء في الفهم والوعي والإدراك، وذلك من خلال:
- فالسيدة التي عانت من ضعف سيطرة الأب على الأسرة وقسوة الأم، قد تميل إلى رفض سيطرة الزوج وممارسة نفس الدور الذي كانت تلعبه الأم مع الأب.
- فنجدها تعجب بالشخصية الضعيفة التي تشعر معها بالسيطرة والنفوذ العاطفي، فرغم وجود تجاذب وانسجام بينهما، إلا أن تلك العلاقة المرضية لا تسلم إلا إلى متاعب شديدة.
- والبنت التي عانت من تمييز سلبي لها بمعاملة الأسرة للذكور بمعاملة أفضل من معاملة الإناث مثل معاملة بعض القبائل في البيئة الصحراوية، أو في البيئة والمجتمعات الريفية، فإنها قد تلجأ إلى طمس أنوثتها والانجذاب لبعض الشخصيات المريضة نفسياً.
كيفية تقويم الذات للوصول للحب الصادق؟
نعم عزيزي القارئ فتطهير الذات من رواسب الأغاليط وسوء الفهم شرط أساسي للوصول للحب الصادق، الحب السليم لا يصدر إلا من قلب سليم من الأخطاء، من خلال:
- وليس المقصود أن نصبح ملائكة بلا أخطاء، ولكن المقصود هو محاولة فهم الإنسان لذاته وسعيه الدائم لإصلاح أخطاؤه في الوعي والإدراك.
- فالوعي السليم مثل النور الذي نرى به أجداث حياتنا، فكيف ترى أعيننا الحياة بعين سليمة إلا بوعي سليم ونور صادق.
قصة توضح الفرق بين الإعجاب والحب
- هي فتاة رومانسية منذ بداية تعرفها على نفسها، ولكنها ترى نفسها قليلة الحظ في الحب، حيث أنها رغم جمالها الشديد إلا أنها كانت لا تملك أي حرية في اختيار حبيبها، فأجبرها أبوها من الزواج بمن لا تحبه وترك من كانت تحبه.
- وقعت البنت في مشكلة نفسية تسمى الإنكار وعدم الاعتراف بالسلبيات، حيث أنها كانت تهرب دائماً من الاعتراف بالمشكلات التي واجهتها، فكانت تتظاهر بالرضا عن زوجها الذي لم تختاره، وتتظاهر برضاها عن كل ما تم فرضه عليها، فقد تم إجبارها على عدم استكمال دراساتها العليا بعد حصولها على الشهادة الجامعية، كما تم إجبارها على عدم العمل بشهادتها والاكتفاء بالبقاء في المنزل.
- حين يتم سؤالها عن قصة زواجها بزوجها، تقول أنها معجبة به، فقد جمعهم الزواج، وأحبته بعد الزواج، ولكنها مع ذلك كانت تشعر بالاكتئاب الشديد، اكتئاب وصل بها لدرجة شعورها بالإعياء الشديد من أبسط مجهود تقوم به.
- ذهبت للطبيب النفسي، وعند سؤالها عن أي تفصيلة من تفصيلات حياتها تتظاهر بالرضا التام عن كل شيء، ولكن وبعد جلسات مصارحة ومكاشفة اعترفت بأنها فقدت الاختيار، فرضيت وأعجبت ما يعرض عليها.
- ولكن الاكتئاب زادت حدته حيث حاولت الانتحار أكثر من مرة، ولم تجد سبيلاً للنجاة من هذا الاكتئاب إلا بالاعتراف بالسلبيات التي عانت منها طوال حياتها ومواجهتها ومحاولة معالجة المفاهيم الخاطئة التي اكتسبتها منها، حينها تحولت من مجرد الإعجاب الزائف بحياتها إلى الحب الحقيقي لكل تفصيلة لحياتها.
كيف نفرق بين الحب والإعجاب بشكل جيد؟
يمكن التفرقة بين الحب والإعجاب من خلال تصحيح المسار المتبع في التعامل مع الآخرين، من خلال الآتي:
- نعم عزيزي القارئ، فتصحيح المسار ومصارحة النفس لا يحتاج بالضرورة لمتخصص في علم النفس لكي تقوم به، بل يجب أن يتوفر شرط واحد فقط، ألا وهو الصدق في الحديث مع النفس، والحرص على عدم اتهام النفس بالنقائص عند مواجهة العيوب، بل يجب توافر أقسى درجات قبول الذات.
- فقبول الذات شرط أساسي لإصلاح المفاهيم الخاطئة، ويقين الإنسان من أنه مخلوق قد يخطئ وقد يصيب، ولكن مع الخطأ يسعى للإصلاح.
- والشرط الأساسي في تصحيح المسار هو الاستمرار ثم الاستمرار وعدم التسرع باليأس والتراجع، فمواجهة النفس بعيوبها أمر ليس بالسهل البسيط ويحتاج إلى قوة نفسية كبيرة جداً، قوة قد يحتاج بعدها الإنسان للراحة بعض الوقت لكي يجمع قوته ويكمل الطريق.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_16528