آخر تحديث: 18/02/2022
ما هو مفهوم التفكير عند الأطفال؟؟
قال أحد الأساتذة حين سأله البعض عن سر استيعاب التلاميذ للدرس وآخرون لا يستوعبون نفس الدرس، فقال أنه لا يوجد طفل ذكي وآخر غبي، ولكن هناك طفل فهمنا أسلوب تفكيره وطفل آخر لم نفهم أسلوب تفكيره، لذلك سنتحدث في هذه المقالة عن مفهوم التفكير.
إن المتأمل في تلك الإجابة سيدرك تماماً أن هناك فروق كبيرة في أساليب التفكير بين كل إنسان وآخر، تلك الفروق التي تجعل البعض يطلق بطريق الخطأ مسميات معينة على بعض الأساليب، وذلك لعدم فهمها وعدم إدراك أسرار وأدوات رؤيتها للحياة.
فالتفكير هو طريقة التحليل للمعلومات التي تجمعها الحواس، ذلك التحليل الذي يحقق إدراكاً للبيئة المحيطة.
مفهوم التفكير .. بداية التكوين
- يبدأ الإنسان حياته وهو لا يدرك معظم ما يراه في البداية، فمعظم معلوماته عن تلك الحياة يتلخص في بعض الأصوات التي كان يسمعها وهو في رحم أمه.
- فهو يسمع دقات قلبها ويسمع أصوات والده بحيث أنه عندما يسمعها بعد الولادة يمكنه التعرف عليها والاطمئنان لها، ومن هنا يمكن للطفل المولود حديثاً التعرف على والدته، لأنه ببساطة سمع قلبها من قبل، وسمع صوتها سابقاً حين كان في رحمها.
- ولكن وبعد الولادة يجد الطفل أمامه العديد من الصور الحديثة التي لم يتعرف عليها من قبل، فيحاول فهمها بالتجريب، والملامسة، والإشارة وبكافة وسائل التواصل المتاحه له.
فهناك العديد من المعلومات التي قد تصل لملايين المعلومات التي يجمعها الطفل في الدقيقة الواحدة، ومنها ما يلي:-
- معلومات عن البيئة والمناخ ودرجات الحرارة فهو يشعر بحرارة المناخ وبرودته، هذا المناخ المختلف عن المناخ الذي تعود عليه في رحم أمه، وهو بذلك يحاول استيعاب المعلومة الجديدة ومعرفة سببها.
- معلومات عن الأثاث والأدوات الجديدة التي يراها الطفل لأول مرة، فهو لم يتعرف في رحم أمه على الملابس ولا الألعاب ولا كافة الأدوات التي تسلي الأطفال، فهو يحاول التعرف عليها وإدراك أدوارها في البيئة الجديدة التي يعيش فيها.
- معلومات عن الضوء الذي يراه لأول مرة، فهناك أضواء خافته وأضواء صاخبة، وليل ونهار وأشياء يراها لأول مرة من خلالها.
- معلومات عن الألوان المتنوعة التي يراها الطفل لأول مرة، فهذه الألوان المتنوعة يراها الطفل لأول مرة.
- إضافة إلى الأشخاص التي يراها لأول مرة، ويحاول فهم طبيعتهم وطبيعة تصرفاتهم معه، فهناك من ينظر إليه وهناك من يبتسم له.
- ولكن هناك أشخاص يعرف أصواتهم، وهناك أشخاص سمعها من قبل على النحو الذي ذكرناه في بداية المقالة.
كيف يحلل الطفل المعلومات؟
ولكي نبسط للقارئ العزيز مفهوم التفكير لدى الأطفال، نحاول وضع أنفسنا مكان الطفل للحظات، والسؤال.. كيف يجمع الطفل كل تلك المعلومات، وهل يملك الطفل من الذاكرة ما يؤهله لتخزين تلك المعلومات؟
- الإجابة ببساطة وبطريقة قاطعة، أن الطفل يملك من الذاكرة وقوة الملاحظة ما يجعله يخزن ملايين المعلومات في الثانية الواحدة، وليس هذا فقط.
- بل إنه يملك من الذاكرة ما يجعله يخزن الحركات والهمسات والإيماءات التي يراها في كل ما حوله، لدرجة يتعجب منها البعض.
- وكثيراً ما نتعجب من طفل يتذكر بعض التفاصيل التي لا يتذكرها الكبار، مثل تذكره لبعض الأماكن التي مر على زيارته لها سنوات عديدة، ولم يزرها إلا مرة واحدة، ومع ذلك تجده قادراً على وصف أدق التفاصيل.
- إن الطفل قادر أيضاً على حفظ نتائج تجاربه التي قام بها، فهو يدرك جيداً أنه عندما لمس النار شعر بألم شديد، ويدرك جيداً أنه عندما جرى مسرعاً تعرقلت قدماه.
أنواع تحليل بعض المعلومات لدى الأطفال
هناك أنواع لطريقة تحليل المعلومات التي جمعها الطفل في تلك الحياة من لحظة ولادته وحتى مراحل طفولته المتأخرة، تلك الطريقة التي تختلف من طفل لآخر ومنها:
طريقة التحليل الشعورية:
- وهنا يعتمد الطفل في المقام الأول على حفظ المشاعر التي شعر بها في المقام الأول، فهو يخزن مشاعر الخوف والأمان، ومشاعر الثقة وغيرها من المشاعر قبل أي طريقة أخرى من أنواع التخزين.
- وهذا الطفل تجده ينشأ متأثراً جداً بالعبارات والمشاعر بخلاف طفل آخر يهتم بالأعداد مثلاً، فتجده يتذكر جيداً المواقف التي تحمل شحنات عاطفية كبيرة، مثل الغضب الشديد أو الفرح الشديد.
- بينما ينسى أو بمعنى أدق يجعلها في آخر أولوياته، تلك المعلومات العددية أو التفاصيل العملية.
الطفل المشغول بالصور:
- وهنا نجد الطفل يهتم بشدة بالألوان، وتجد نظره متابعاً بشكل كبير للألوان المختلفة التي يراها حوله، وبذلك تكون طريقة تخزينه للعناصر المحفوظة في ذاكرته معتمدة على جاذبية الصور له.
- فالصور المتحركة تجذبه أكثر من الصور الثابتة، والصور المتلونة تجذبه أكثر من الصور المحتوية على اللون الأسود والأبيض فقط.
الطفل المهتم بالمواقف والحركة:
- وهو طفل يرى أن الأشياء الأولى بالاهتمام تلك الأشياء المعتمدة على الحركة والتجريب والتعرف على الواقع المحيط، فتجده يتحرك دوماً نحو التعرف على ما لم يتعرف عليه من قبل.
- بخلاف الطفل المعتمد على المشاعر تجده لا يتحرك إلا عندما يشعر بالأمان والثقة تجاه الأشياء المطلوب منه التحرك لها.
التنوع في أساليب الفهم والتفكير عند الأطفال
وهنا نؤكد على أن التنوع في أساليب تحليل وفهم الواقع من طفل لآخر يؤدي للتكامل والتناغم وليس للتسابق والتنافر.
- فأساليب التعليم المعتمدة على الحفظ والتلقين لا تقيس إلا مهارة واحدة فقط لدى الطفل وهي مهارة الحفظ لبعض المعلومات النظرية.
- وهذه المهارة ليست هي المقياس الوحيد الدال على كفاءة الطفل الفكرية، فقد تجد طفلاً قادراً على حفظ بعض المعلومات، لكنه لا يملك مهارة التحرك السليم في المواقف الصعبة.
- من الضروري جداً الكشف عن أساليب التفكير لدى الطفل مبكراً، وعدم إجبار الطفل على نمط دراسي معين لا يناسبه، لأن الإجبار لا ينتج عنه إلا النفور والتمرد من الطفل.
قصة وعبرة عن مفهوم التفكير عند الأطفال
- يروى أن مفتشاً دراسياً كان في طريقه إلى الذهاب للمدرسة التي ينوي تفتيشها.
- وهو في الطريق تعطلت سيارته التي كان يركبها، فقام طفل بمساعدته بأن قام بالكشف عن السيارة وإصلاح ما بها من عيب وعادت سيارة المفتش للعمل مرة أخرى.
- تعجب المفتش من صغر سن الطفل وكذلك من كفاءته رغم صغر سنه.
- وعندما سأله المفتش عن سبب تواجده في هذا المكان في ذلك التوقيت وعدم تواجده في المدرسة.
- قال الطفل أنه يعتبر من أقل التلاميذ في مستواه الدراسي في المدرسة، وأمره معلمه بأن لا يحضر للمدرسة حتى لا يعطي سمعة سيئة للمدرسة.
- وهنا نلمس جلياً أن المشكلة لم تكن في الطفل، فالطفل يملك مهارات كبيرة في التفكير ولكن المشكلة كانت في أساليب فهم هذا الطفل، وأساليب التدريس المتبعة معه.
وأخيراً ... فإن تعرفنا على مفهوم التفكير عند الأطفال يعتمد في المقام الأول على متابعتنا الصادقة للطفل، وعدم التسرع بإلصاق الاتهامات للطفل دون فهم لمميزاته الفكرية والعقلية التي من السهل اكتشافها بمتابعة صادقة وواعية له.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_12239
تم النسخ
لم يتم النسخ