كتابة :
آخر تحديث: 26/08/2021

الجريمة والعقاب في الإسلام والقانون وطرق مكافحة الإجرام

لا بد وأن يرتبط كل من الجريمة والعقاب ارتباطاً وثيقًا، فالجريمة هي ظاهرة اجتماعية وجدت منذ بداية الإنسان على سطح الأرض، وانتشرت بشكل كبير في العصور الحديثة، وتعد واحدة من أبرز المشاكل المزمنة في العالم.
وقد تعددت أشكالها وأصبحت تشكل خطراً يهدد الأمن الاجتماعي، فلا بد أن يكون العقاب كافياً لردع المجرمين، ومن المفترض تكاتف المؤسسات في المجتمع للحد من انتشارها ومواجهتها والوقاية منها.
الجريمة والعقاب في الإسلام والقانون وطرق مكافحة الإجرام

تعريف الجريمة

الجريمة هي سلوك انحرافي عن مسار المعايير الأخلاقية والمقاييس الجمعية، وهي اتخاذ طرق عدوانية دون النظر للحقوق والواجبات ودون احترام القيم الإسلامية والمجتمعية، ويختلف مفهوم الجريمة باختلاف المنظور الذي ينظر لها من خلاله.

الجريمة في الشريعة الإسلامية

عرفت الجريمة في الإسلام بأنها محظور شرعي نهي الله تعالى عن فعله إما بالحد أو بالتعزيز، والأمر المحظور هو فعل نهى الله عنه ووعد المجرمين بالعقاب ووعد الصالحين بالجنة والثواب.

الجريمة من الناحية القانونية

هي عمل يخالف القوانين المشروعة ويكون ناتج عن إرادة جنائية ويقرر لها القانون عقوبة أو تصرف احتياطي.

الجريمة من الناحية النفسية والاجتماعية

تعرف بأنها عمل يتنافى ويتعارض مع الأسس الأخلاقية التي وضعها المجتمع، وحددت الجماعة جزاءات وعقوبات رسمية لكل من اخترق هذه الأسس.

تعريف المجرم

هو الإنسان العاقل البالغ الذي يرتكب أفعال مؤذية في حق شخص آخر وهذه الأفعال تكون ممنوعة في القانون الدولي والاجتماعي الأمر الذي يترتب عليه تطبيق العقوبات المناسبة لحجم الجرم طبقاً لما ورد في الدستور والقانون.

تعريف الردع

يعرف الردع بأنه التهديد بالعقاب للأشخاص المجرمين وغيرهم عن طريق وضع وتطبيق القوانين الدولية للحد من التفكير في الجريمة أو لإخافة المجرمين وإبعادهم عن ارتكاب الجرائم ليقل ويمنع انتشار الجرائم في المجتمع.

ويعتبر الردع واحد من الأهداف الخمسة التي تحققها العقوبة وتتمثل هذه الأهداف في الردع الإدانة والتحجيم والقصاص وإعادة التأهيل.

وتمتلك نظرية الردع الإجرامي فكرتين ممكنتين أولهما أن فرض العقوبة على الفرد المجرم سوف يردعه أو يمنع المجرمين الآخرين من ارتكاب جرائم أكثر، والثانية هي التأثير الرادع النفسي العمومي عندما يعرف الناس بأنهم سوف يعاقبون على الأخطاء أو الجرائم سوف يمنعهم من ارتكاب هذه الجرائم.

أسباب ارتكاب الجرائم

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ارتكاب الجرائم ويمكننا ذكر هذه الأسباب في ما يلي:

  • التربية الخاطئة:
    • إن التنشئة والتربية منذ الصغر هي التي تشكل سلوك وشخصية الإنسان فيما بعد، وتعتبر الخمس سنوات الأولى في حياة الإنسان هم أهم سنوات في عمر الإنسان لتشكيل شخصيته.
    • عندما تكون التربية متزنة وسليمة وفق القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية فإنها تخلق إنسان سليم وسوي أخلاقياً واجتماعياً وسلوكياً ولا يمكن أن يتجه إلى السلوك المنحرف أو الجريمة مهما كان.
    • أما التربية السيئة الغير منطقية وغير سوية والمعاملة القاسية فإنها تنشئ شخص مريض نفسياً وغير سوي أخلاقياً لا يعرف الرحمة ولا يهتم بمشاعر الآخرين ويتخذ سلوكيات منحرفة فيلجأ إلى الإجرام في أغلب الحالات.
  • ضعف الوازع الديني:

من أهم أسباب انتشار الجرائم، فالتمسك بالدين والأوامر واتباع الأوامر التي فرضها الله في القرآن الكريم وتجنب النواهي التي نهى عنها من أهم الأسباب التي تسبب فلاح الإنسان في حياته، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والالتزام بالتعاليم الدينية خير سبيل للنجاح والبعد عن الجرائم.

  • ضعف الوازع الأخلاقي:

أهم ما يميز الإنسان عن الحيوان هو الخلق والرحمة فالوازع الأخلاقي يعد ركن هام من أركان الإصلاح الاجتماعي، لذلك فمن الواجب على المؤسسات التربوية في المجتمع أن تمارس دورها في غرس الأخلاق والقيم عند الأبناء لمنع السلوك الإجرامي.

  • البيئة الفاسدة وأصدقاء السوء:

تؤثر البيئة المحيطة بالإنسان في سلوكياته بشكل كبير وبخاصة إن كان مختلطاً بهذه البيئة ومتفاعل معها بشكل كبير، كما أن أصدقاء السوء يمكنهم أن يتسببوا في هلاك الإنسان وارتكابه الجرائم وضياع مستقبله، ولكن الإنسان صاحب الإرادة القوية والعزيمة يمكنه أن يتجنب الفساد وأن يبتعد عن البيئة الفاسدة قدر المستطاع وأن يتجنب أصدقاء السوء ولا يرافق إلا الصالحين.

  • البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة:

تتسبب البطالة وعدم وجود العمل الذي يشغل وقت الإنسان في وجود كثير من أوقات الفراغ، التي لا يعرف الإنسان السفيه كيف يستغلها، كما تتسبب الظروف الاقتصادية الصعبة أو الفقر في سوء الحالة النفسية للفرد فيضطر لافتعال المشاكل وارتكاب الجرائم بهدف شغل وقته والحصول على الأموال بطريقة غير شرعية لسد احتياجاته.

  • تعاطي المخدرات والكحوليات:

أثبتت الدراسات بأن نسبة 70% من جرائم القتل تكون بسبب تعاطي المخدرات كما أشارت دراسة أمريكية بأن 93% من المجرمين مروا بسوابق إدمان كحول أو مخدرات.

النظريات التي تفسر ارتكاب الجرائم:

عمل علماء الاجتماع على التفكير في السلوك الإجرامي للإنسان ومحاولة تفسيره بشكل دقيق كون ذلك السلوك نتاج المجتمع وبعض العوامل الشخصية والثقافية والاجتماعية، لذلك ظهرت النظريات المتعددة التي تفسر السلوك الإجرامي من جوانب متعددة كما يلي:

نظرية الاختلاط التفاضلي:

  • هي نظرية وضعها عالم أمريكي يدعى إدوين سذرلاند وتنص هذه النظرية على أن السلوك الإجرامي لا ينتقل بالوراثة وليس سلوك خلقي أو نفسي بل هو سلوك مكتسب يعلمه الفرد مثله مثل أي سلوك آخر من البيئة المؤثرة فيه والمحيطة به.
  • محور هذه النظرية يدور حول أن الفرق بين ممارسات الأشخاص يرتكز بصفة أساسية على نوعية المجتمع والأفراد المحيطين به والمختلطين به.

نظرية الوصم:

من أشهر متبنيين هذه النظرية العالم إدوين لمرت الذي تخصص في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، وتفترض هذه النظرية أن الأفراد يمارسون سلوكيات إجرامية نتيجة لردود أفعال المجتمع الذي يعيشون فيه، ويقسم إدوين مراحل تشكيل السلوك الإنحرافي كما يلي:

  • الانحراف الأولي: وهو السلوك الذي يمارسه الفرد كاختبار لردة فعل المجتمع تجاهه.
  • تشكيل رد فعل المجتمع: والتي تتمثل في بعض العقوبات وأشكالها.
  • تكرار الانحراف الأولي: فيبدأ الفرد في زيادة نسبة الانحراف تدريجياً.
  • أخذ المجتمع رد فعل رسمي: وتأتي هذه الردود غالباً على شكل وصم المنحرف بوصمة الإجرام.
  • زيادة الانحراف المباشر: ويأتي نتيجة ردود فعل المجتمع نحوه ووصمه بوصمة المجرم.
  • قبول المنحرف بالوصم الذي وصف به: ويحاول التأقلم مع الوضع الجديد ويتعامل بأنه شخص منبوذ.

نظرية الأنومي:

  • أول من جاء بمصطلح الأنومي هو عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم، وذلك المصطلح يشير إلى وضع تختفي المعايير الاجتماعية فيه، وتكون القواعد والأساسات الموجهة للسلوك البشري منعدمة تماماً.
  • وينسب ذلك العالم الإجرام إلى مفهوم اللامعيارية الاجتماعية واختلال المبادئ التي تنظم حياة الفرد وعدم توازن السلوك وذهاب مفهوم التكافل الاجتماعي.
بعد أن تكلمنا عن الجريمة والعقاب، يمكننا القول أن مكافحة الجريمة أمر لا بد منه، وتشير هذه المكافحة إلى الأساليب التي تتخذها الدول والمؤسسات للحد من الجريمة، وترتكز غالباً على استخدام العقوبات الجنائية لردع الناس عن ارتكاب الجرائم، ويعد انتشار العلم والثقافة والدين هم خير سبيل لنجاح وازدهار وتقدم المجتمعات.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ