كتابة :
آخر تحديث: 11/02/2022

الشعور بالاكتئاب

المزاج الاكتئابي هو اضطراب نفسي يصاب فيه الإنسان بشعور مستمر غير مبرر بالحزن الشديد وتوقع الأحداث السلبية بشكل دائم، وهو من الأمور التي يعاني منها بعض الناس.
لكي نكتب عن هذا النوع من المزاج بشكل مفصل يجب أن نعرف في البداية السبب الحقيقي وراء هذا المزاج، ولماذا يشعر به الإنسان، حيث أن هذا المزاج لا يصاب به الإنسان فجأة ولكنه نتاج تطور العديد من العوامل التي سلمت لتلك الحالة النفسية والتي تحتاج إلى وعي في التعامل معها، وعدم الإهمال في علاجها، لأن المزاج الاكتئابي لا يسبب المتاعب لصاحبه فقط ولكن يسبب المتاعب أيضاً لكل المحيطين والمتعاملين مع الإنسان المصاب به، وسندرس هذا الموضوع أكثر على موقعنا مفاهيم.
الشعور بالاكتئاب

المزاج الاكتئابي المؤقت والدائم

هناك فارق كبير بين الشعور بالحزن العارض وبين الشعور المستمر بالحزن الشديد، حيث أن الشعور بالاكتئاب يكون طبيعياً في بعض الأحيان ولا يشكل مشكلة ولا يعتبر مرضاً، مثل الشعور بالاكتئاب عند موت صديق عزيز، فإن هذا الشعور بالحزن الشديد أمر طبيعي جداً ولا يشكل أي مرض نفسي، لأن هناك ما يبرره.

ولكن المهم أن يكون الشعور بالحزن شعور وقتي غير مستمر أو دائم، حيث أن استمرار الشعور بالحزن لفترات طويلة جداً يعد مؤشراً هاماً على احتمالية وجود مرض نفسي يجب التعامل معه بشكل متخصص من مختص.

مسببات هذا النوع من المزاج

هناك أسباب كثيرة لحدوث اكتئاب في المزاج وهي تختلف من شخص لآخر ومن بيئة لأخرى، ولكن هناك أسباب شائعة تتكرر كثيراً تتسبب في المزاج الاكتئابي سنذكرها في السطور القادمة.

ولكن وقبل ذكر تلك الأسباب فإننا نؤكد على أن صاحب هذا المزاج قد لا يعترف بتلك الأسباب، ولا يعتبر نفسه في مشكلة أصلاً، حيث أنه يرى نفسه شخصاً سليماً لا مرض نفسي لديه، ومع ذلك فإننا نؤكد على أهمية سعي المحيطين به لعلاجه من هذا المزاج الاكتئابي.

حيث أن المزاج الاكتئابييسبب العديد من الأمراض العضوية، فحالة الحزن الدائم تجعل الجسم عرضة للأمراض نتيجة تأثر مناعة الجسم بالحالة النفسية للإنسان، حيث أنها تكون في أقل معدلاتها في حالة الحزن.

التعامل الخاطئ مع الصدمات

من أهم عوامل تكوين المزاج الاكتئابي عدم التعامل السليم مع الصدمات النفسية حيث أن صاحب المزاج الاكتئابي يكون قد تعرض للعديد من المواقف السلبية التي لم يتمكن من عبورها ولم يستطع أن يحصل منها على الدروس المستفادة.

حيث أن الصدمة النفسية تمر مع أي إنسان بأربعة مراحل، أولى المراحل الحزن الشديد عند سماع الحدث السلبي وثاني المراحل وهي مرحلة إنكار الحدث السلبي، حيث يكون الإنسان في حالة عدم تصديق للحدث، أما المرحلة الثالثة فإنها تكمن في المساومة، حيث يتجه الإنسان إلى تصديق بعض عناصر الحدث السلبي وعدم تصديق البعض الآخر.

أما رابع الخطوات والتي يجب أن يصل إليها كل إنسان وهي مرحلة قبول الصدمة والتعامل معها بشكل عادي، مثل التعود على فقد عزيز أو التعود على حدث سلبي ومواصلة الحياة بشكل طبيعي.

ماذا يحدث عند عدم عبور الصدمة؟

نسمع دائماً عبارات تمنع البعض عن التعبير عن مشاعرهم، مثل القول بأن الرجال لا يبكون، وهو تعبير خاطئ، فالتفريغ النفسي الآمن للمشاعر الإنسانية أمر في غاية الأهمية لتحقيق السلام النفسي، فيجب على الإنسان عدم إنكار أي حزن يشعر به، بل يجب عليه أن يقوم بالتعبير عنه بشكل صحي وسليم مع صديق أو حتى في شكل دعاء أو في شكل بكاء، وهناك من يفرغ مشاعره في شكل قراءة الكتب السماوية مثل القرآن الكريم.

ولكن عند كبت المشاعر وعدم التعبير عنها، تترسب تلك المشاعر في اللاشعور في العقل الباطن لدى الإنسان، ولكي نبسط تلك الحالة يجب أن نفرد بعض السطور الشارحة للاشعور عند الإنسان.

ما هو اللاشعور وعلاقته بالاكتئاب الخاص بالمزاج

اللاشعور هو مساحة في عقل ووعي الإنسان يخزن فيها تلك المواقف التي لم يستطع عقله الواعي حسمها، مثل الرسوب في الامتحان مثلاً أو وجود خلاف شديد بين الأب وابنه، وغيرها من المواقف التي لم يتم حسمها في العقل الواعي، فتنتقل إلى اللاوعي واللاشعور لتظهر في صور أخرى مثل الحركات اللا إرادية أو زلات اللسان أو غيرها من صور التعبير النفسي.

وفي حالة هذا المزاج يكون اللاشعور مزدحماً بالأحداث والمواقف السلبية الغير محسومة والتي تؤثر بشكل لا إرادي على الإنسان، حيث أن الإنسان يجد نفسه مجبراً على التفكر الاكتئابي والمزاج الاكتئابي بشكل يخرج عن سيطرته.

وليس هناك أي طريقة في تلك الحالة إلا الاعتراف بوجود مشكلة ومحاولة عمل تفريغ نفسي يتم من خلاله الكشف عن المواقف السلبية التي ترسبت في اللا شعور وإخراجها إلى مساحة الوعي مرة أخرى لمناقشتها وحسمها.

وتلك الخطوة ليست سهلة خاصة إذا كان المريض لا يعترف بمرضه، حيث أنه لا يستجيب في معظم الأحيان إلى النصائح الخاصة باللجوء لمختص، ولكن المريض قد يقتنع بجدوى تلك الخطوة إذا ما شعر بأضرار تلك الحالة على الجانب العضوي الخاص به.

أثر الاكتئاب على الإنسان

هناك آثار وعلامات نلاحظها على صاحب هذا المزاج حيث أننا نجده دائماً يتوقع حدوث الأحداث السلبية من نفسه ومن الآخرين، كما أننا نجده يبحث دائماً عن الكمال، ويرى في النقض دائماً سبباً للحزن، فلا يعترف بالضعف الإنساني ويهرب منه ويريد أن يرى نفسه دائماً بلا أخطاء، لأن مشاهدة نفسه في حالة الخطأ تسبب له الحزن الشديد جداً.

كما أننا نجده بفعل جلد الذات وعدم دعمها بالعبارات التشجيعية من ذاته، نجده دائماً منهك القوى، لا يملك الطاقة النفسية اللازمة لتحقيق النجاحات، لذا نجده يميل للكسل وتأجيل المهام الروتينية، وهو أمر غير ثابت ويختلف من شخص لآخر.

أثر هذا المزاج على المحيطين بالمصاب

إن صاحب هذه الحالة لا يعاني وحده من آثار الاكتئاب، ولكن يعاني من آثاره كافة المحيطين به، حيث أنه يجد في تصرفاتهم سبباً قوياً للحزن والخلاف، ويرى أن المحيطين به لا يقدرون نصائحه الغالية ورؤيته الثاقبة في أمور الحياة، فيتخذ من هذا مبرراً قوياً للحزن والاكتئاب.

كما أن صاحب هذه الحالة لا يقتنع أبداً بأي عبارات تشجيعية أو عبارات تطمين، حيث أن صوت الحزن لديه أكبر من أي عبارات تطمين، لذا قد نجد صاحب المزاج الاكتئابي دائماً ما يرى الجانب السلبي في أي موقف إيجابي.

علاج صاحب الاكتئاب المزاجي

إن هناك وسائل متعددة لعلاج صاحب المزاج الاكتئابي منها ما هو سلوكي ومنها ما هو كيميائي، ويعتمد الجانب السلوكي على دراسة التاريخ المرضي النفسي للمريض، وتحليل المواقف الخاصة به، واستنباط العلاقة السببية بين تلك المواقف والصورة الذهنية السلبية الراسخة في عقل المصاب عن نفسه وعن الحياة.

وقد يكون العلاج كيميائياً وذلك بتحفيز المخ عن طريق بعض العقاقير على إنتاج هرمونات السعادة والاطمئنان لديه.

وأخيراً..فإن صاحب المزاج الاكتئابييجب عليه الاعتراف بمشكلته والإسراع في علاجها وذلك حتى يستطيع أن يشعر بالسعادة والاطمئنان ويحققها لنفسه وللمحيطين به على حد سواء.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ