العلاج النفسي الوقائي
محتويات
العلاج النفسي الوقائي وكيفية الوصول إليه
وقد نجد من يسأل كيف يمكن الوصول إلى الوقاية النفسية والعقلية؟ وما هي الوسائل التي تحقق هذا الهدف على المستوى الفردي وعلى المستوى الجمعي، هذا ما سنحاول إلقاء الضوء عليه في السطور القادمة.
الاطلاع على علامات الإدمان بكافة أنواعه للوقاية منه
إن الوقاية النفسية والعقلية تتحقق بطرق عديدة، منها العلم بعلامات الإدمان، والمتابعة الدقيقة لكل أفراد الأسرة، وعدم الاكتفاء بالمتابعة العابرة السطحية.
ولكن متابعة حقيقية تحقق النجاة من أخطار الإدمان في حالة وجود علامات بالإصابة بها، وسنلقى الضوء على بعض علامات الإدمان بشكل عام والتي تنذر بأهمية المتابعة الدقيقة لمن تظهر عليه.
وجود اختلاف في مواعيد النوم إن من علامات الخطر التي قد تظهر على المدمن اختلاف مواعيد نومه عن المعتاد.
فإذا كان مثلاً يعتاد على الاستيقاظ في مواعيد ثابتة لمدة طويلة ثم يقوم بتغييرها بشكل مفاجئ وسريع بدون مبرر منطقي، أو ظروف تجبره على ذلك، فإن هذا ينذر بأن هناك تغييراً قد حدث يجب متابعته ومعرفة أسبابه الحقيقية.
ولكن إذا كان هناك ما يبرر تغير مواعيد النوم مثل الحصول على عمل ليلي مثلاً، فإنه من الطبيعي أن يتم تغيير مواعيد النوم بما يتوافق مع فرصة العمل المتاحة.
كما أن التغيير المقصود هو تغيير مفاجئ وليس تدريجي، فمواعيد النوم في أيام الدراسة تختلف عن مواعيد النوم في أيام الإجازة الصيفية مثلاً.
ولكن التغيير يحدث تدريجي، فالمعتاد على الاستيقاظ مبكراً في أيام الدراسة سيظل يستيقظ نفس المواعيد في بداية الإجازة ثم تتغير مواعيد نومه بالتدريج، أما إذا حدث التغير بشكل مفاجئ فإن هذا يدعوا للتدخل لمعرفة السبب.
الميل للانعزال وعدم الاندماج مع الأسرة إن من علامات الخطر التي يجب أن تلتف إليها الأسرة في سبيل الوقاية من الوقوع في براثن الإدمان، انسحاب أحد أفراد الأسرة بعيداً عنها، والميل للبقاء وحيداً لساعات طويلة.
وهذا الأمر لا علاقة له بسمات الأساسية للأشخاص، فبعض الأشخاص يميلون للانعزال في بعض الأوقات، وقد يميلون إلى الصمت في بعض الأحيان كسمات شخصية عادية، فهي سمات شخصية عادية، ولكن يجب ان تحافظ الأسرة على مواعيد للتجمع اليومي بينهم.
كتجمعهم في وجبة العشاء مثلاً، وكذلك هناك مناسبات يحرص أفراد الأسرة على معرفتها، كإصابة أحد أفرادها بمرض من الأمراض مثلاً، فحتى إن كان أحد أفراد الأسرة يميل للانعزال فإن هذا الانعزال لا يشمل تلك المواقف.
فإذا ما لاحظت الأسرة أن أحد أفرادها يميل للانعزال بشكل مبالغ فيه، حتى أنه لا يهتم بمواعيد التجمع للأسرة، ولا يهتم بمعرفة أخبار الأسرة.
ويميل للكتمان والتهرب من الإجابة على الأسئلة العادية، فإن هذا نذير لوجود عنصر غير صحي في الصحة النفسية لهذا الفرد يجب التعرف عليه للوقاية من الإدمان.
الحرص في تناول بعض المهدئات والمسكنات
إن من أهم عناصر الوقاية النفسية بل والوقاية الطبية بشكل عام عدم تناول أي عقاقير طبية إلا تحت إشراف طبي متخصص، ذلك لأن تناول بعض العقاقير له تأثيرات سلبية نفسية وعضوية.
فالإسراف في تناول بعض المسكنات والمهدئات يهدد الصحة النفسية لمتعاطيها بخطورة إدمانها، وهو أمر لا يمكن ملاحظته في البداية، حيث أن هناك بعض المسكنات والمهدئات لا يتم تكرارها إلا بأمر من الطبيب النفسي.
التعرف على كيفية التعامل مع الضغوط النفسية
إن من أهم عوامل تحقيق الوقاية النفسية للأسرة والمجتمع، الاطلاع على كيفية التعامل مع المشكلات الحياتية اليومية، وعدم الذهول أمامها، وعدم التصرف حيالها بشكل خاطئ.
فأحداث الحياة لا تسير دائماً على النحو الذي نتمناه، فكثيراً ما يحدث ما يعكر صفو السلام النفسي، مثل الرسوب في الامتحانات الدراسية، أو الإخفاق في مهام العمل، وغيرها من الأحداث التي قد تحدث نتيجة الاحتكاك بالحياة وتحقيق الأهداف بها.
وهنا يجب أن نؤكد على مبدأ نفسي هام جداً يخفف من عبئ الضغط النفسي الناتج عن الأخطاء.
الخطأ حق من الحقوق النفسية من المتعارف عليه نفسياً بأن الخطأ الذي قد يقع فيه البعض ويسبب جلد للذات وفقد للشعور بالثقة بالنفس، هو في الحقيقة حق من الحقوق النفسية، أي أنه لا يعتبر سبباً للانهيار النفسي أو جلد الذات، ولكنه حق من الحقوق التي يجب الحصول عليها لكي ينجح الإنسان في الوصل إلى هدفه.
ولكي نوضح المعنى الحقيقي لهذا الحق، فإننا نؤكد على أن الخطأ جزء لا يتجزأ من خطوات النجاح، وهو حق من حقوق الطفل التي يجب أن يحصل عليها لكي يتم مرحلة اكتشاف الحياة بحرية وينجح في تحصيل المعارف الخاصة به بوعي تام.
وفي حالة منع الإنسان بشكل عام، ومنع الطفل بشكل خاص من حقه في الخطأ، فإن ذلك يؤدي إلى عرقة تنمية معارفة الإدراكية، وتأخر في التحصيل المعرفي لديه، ويؤثر ذلك على سلامته النفسية في المراحل العمرية التالية.
فوقوع الإنسان في الخطأ، ثم محاولة إصلاحه، ثم النجاح في إصلاحه، أو حتى التعرف عليه وعدم تكراره، أفضل ألف مرة من منع الإنسان من التجربة لأن منع الإنسان من التجريب يؤدي إلى عدم تكوين قدرات الإنسان على صنع القرار في اختيارات الحياة.
بمعنى أنه لن يكون في مقدور الإنسان المصاب بهذا العيب القدرة على تمييز الاختيارات التي يجب عليه اتخاذها في الحياة، وهذا ينمي عنده الاعتمادية على الآخرين.
عدم إظهار الخلافات أمام الأبناء
من أهم عوامل الوقاية النفسية عدم إظهار الخلافات أمام الأبناء، فيجب أن يكون الأب الأم أمام أبنائهم متكاملين متفقين، وذلك حتى تقل فرص الإصابة بالأمراض النفسية لدى الأبناء.
وهذا لا يعني أن الآباء لن يختلفوا في الآراء، ولكن يجب أن تكون الخلافات دائماً خلف الأبواب المغلقة، بعيداً عن الأبناء، ويجب أن لا يشاهد الأبناء أحد الشخصيات الوالدية وهو يقوم بذم شخصية أخرى.
لأن هذا الأمر يؤثر في السلامة النفسية للطفل، ويجعله عرضه لما يسمى في علم النفس .. اختلال القيم .. وهي يعني أن القيم التي يحصلها الطفل من شخصية والدية تتعرض للخطر إذا ما شاهد شخصية والدية أخرى تنادي بعكس المبدأ الذي تعلمه.
فمثلاً حين يتعلم الابن وجوب احترام الآباء والأمهات، يجب أن لا يشاهد الأم مثلاً تقوم بمعاملة الأب بمعاملة سيئة لأن هذا يناقض القيمة التي تعلمها الطفل.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_5930