مفهوم النقد الذاتي في الفلسفة والسياسة وأهم أهدافه
جدول المحتويات
توجيه النقد
- يتفاوت الانتقاد الذاتي للمؤسسة عنه للشخص، ففي الشركة يكمل البصر إلى السلبيات بأسلوب موضوعي بعيداً عن انتقاد الأشخاص لشخصهم، في حين في الانتقاد الذاتي ينظُر الواحد لأخطائه التي يلزم أعلاه تصحيحها لتطوير جوانب بصحبتيّنة في شخصيّته.
- •حتى يكون الانتقاد الذاتي ناجحاً لا بد أن يكون ذلك الانتقاد بعيداً عن الأفكار الهدّامة التي من الممكن أن تُؤدي إلى تصاعد المُشكلة بديلا عن حلها.
- يتفاوت مفهوم الانتقاد الذاتي تبعاً للجهة التي تريد البصر في ذلك الانتقاد، ففي الفلسفة يكون مفهوم الانتقاد الذاتي مُختلفاً سادّا هو في السياسة، وسوف نُعلل هذا عن طريق موضوعنا.
النقد الذاتي في الفلسفة
- يُعتبر الانتقاد الذاتي في الفلسفة واحد من أكثر أهمية مكونات سلامة ذهن الواحد، فهو يُنبئ عن شخصيّة سليمة تُبال وتنتقد ذاتها لأجل أن تتعلم من أخطائها.
- بالإضافة إلى أن من الجوهري الذهاب بعيدا عن المبالغة في ذاك الانتقاد، لأنه سوف ينعكس سلبياً على شخصيّة الشخص.
النقد الذاتي في السياسة
أمّا في السياسة فهناك قليل من الأحزاب التي تُجبر أعضاءها على قدوم جلسات للنقد الذاتي، حتى ينهي حوار الأخطاء التي يحدث فيها الحزب والتي تُبعدهم في بعض الأحيانً عن الغايات الموضوعة لذا الحزب السياسي، وقد يبلغ الموضوع إلى فصل عدد محدود من المستخدمين من الحزب الذين تعدت أخطاؤهم الحد المسموح، أو الذين قاموا بمخالفة مبادئ الحزب بشكل ملحوظ.
نُلاحظ أنّ مفهوم الانتقاد الذاتي في كُل من السياسة والمؤسسات يرجع على المجتمع بالنفع، في حين في الفلسفة فإنّ الانتقاد الذاتي يقتصر على انتقاد الشخص لنفسه، أيما كانت طبيعة عمل ذلك الواحد، خسر يكون طالباً أو عاملاً غير أنه بحاجة للقعود مع ذاته ومصارحتها بما فيها من سلبيّات لتجنّبها وتصويبها سواء من خلال الاعتماد على النفس في هذا أو من خلال جدال الموضوع مع فردٍ مرخص به أو أكثر.
أهمّية النقد الذاتيّ وأثره في إصلاح الفرد
- تتنامى أبرزّية الانتقاد الذاتيّ، وفاعليّته بمدى تكليف نتائجه في الحياة العمليّة، واستدراك الأخطاء بتصحيحها، والمباشرة في المُضيِّ بخطوات واثقة صوب مجرىٍ ناضج، وقويم، وكما ينطبق ذاك الشأن على الواحد، فإنّه ينطبق على المجتمع، وهنا يجيء تفصيل الخطوات التي يجدر بنا المغزى إليها في حديثنا عن الانتقاد الذاتيّ، وأكثر أهمية في صيانة الشخص، والمجتمع.
- فالنقد الذاتيّ للواحد يبدأ برصد النفس في حاضرها، وماضيها، مُنشغِلاً بأخطائها عن تتبُّع أخطاء الناس، ليتمكَّن من محاسبتها، وتصحيح مسارها، ولذا بالإنصاف، والتعقُّل، والمُلاطَفة، فليس لنا قصد في المحاسبة، والتوبيخ؛ لأنّ الغرض هي تصحيح التصرف، والفِكر، والارتقاء بمستوى الشخصيّة الآدميّة بجميعّ أبعادها.
- ومن الجدير بالذكر أنّه لا مَهربّ من وجود التحدّيات والصعاب في سبيل المَهمّات الكبيرة جدا، حيث تكمن صعوبة الانتقاد الذاتيّ الفرديّ في كونه واحد من أنواع محفل الفشل، وهنا قد يحدث الإنسان في فخّ اليأس والاستسلام، ولكي يحصدَ ثمار مسعى نقده لذاته، فإنّ فوقه أوّلاً أن يَقِيَ ذاته من السقوط في اليأس؛ حتى يتابع المسير باتجاه تصليح نفسه، وتنميتها.
- علماً بأنّ في الانتقاد الذاتيّ إمكانية للمصارحة، وتجربة لمدى صدق المرء مع نفسه، فمواجهة رغبات الإنسان، وشهواته، ونقاط ضعفه، ولحظات خذلانه، ليس بالأمر الهَيِّن، ولذا يقوم بقيادته إلى اكتساب الشجاعة، والإصرار في تحمُّل متولي مسؤليةّته الذاتيّة، مُغلِقاً الأساليب في مواجهة الإحباط، والمماطلة، ولذلك لا بُدّ قَإلا أن الطليعة بالنقد الذاتيّ من ثناء الأحوال المحيطة بك جيّداً، ومعرفة مجال تأثيرها في الأحكام الشخصيّة، مثلما لا بُدّ من الاتّصاف بالرأفة واللين في التصرف مع الذات في لحظات الحنق، وفي لحظات العتاب، حتى لا يُفقَد الأمل من المساعي، فيصبح الإنسان ممّن ظَلَم ذاته.
دور النقد في إصلاح المجتمع
- العتاب حتى لا يُفقَد الأمل من المساعي، فيصبح الإنسان ممّن ظَلَم ذاته! في تصليح المجتمع لا يتفاوت اثنان على مجال صعوبة الانتقاد الذاتيّ وتأثيره في الواحد، ممّا قد يمنعه من خَوض تلك المحاولة، وبصرف النظر عن النتائج المُبشِّرة، والتجارب الشاهدة اتفاقية تجارية فائزة مع الذات، إلّا أنّ مسعى الانتقاد الذاتيّ للمجتمع توضح أكثر صعوبة، وتعقيداً.
- لذا لارتباطها عقبّة أسباب أساسيّة يتشاركها شخصيات المجتمع، ومُثقَّفيه، وقادته المُؤثِّرين فيه؛ فالثقافة، والخطاب الإعلاميّ المُوجَّه للشعوب كلّها أسباب مُؤثِّرة بقوّة في كيفية نظرة المجتمع لواجباته، وحقوقه، وأسلوب تعامله مع ما يعترض سبيله من تحدّيات، ومواقف، فتزايُد الدراية، وثقافة المجتمع، وتحضُّره، يشارك فورا في فَهم المُتغيِّرات الطارئة فوق منه، ممّا يأخذ دورا في استطاعته على التعامُل برفقتها بمستوىً حضاريّ يلائم مستواه الثقافيّ.
- وهنا يدعَّى الشغل على النُّخبة الثقافيّة، ورؤساء الافتراض العامل داخل المجتمع، وأسلوب الكلام المُوجَّه إليه من قِبَل الميديا، فإن كان البيان تغلب فوق منه نبرة التحشيد، والشَّحن الرومانسيّ، والتحريض الطائفيّ، أو القَبَليّ، دون مُسوِّغات منطقيّة أو براهين مُثبَتة.
- فإنّ ذاك الوضع يُنبِئ عن معدّلً مُتواضع من الثقافة؛ حيث إنّ التوجيه للمجتمع الذي يظهر مُبرّراً للميديا، وزعماء رأيه يظهر جَلَيّاً وقتها، وذلك الوضع يُعطِّل فاعليّة المجتمع، وقدراته الفِكريّة، والإنتاجيّة، والإبداعيّة، ممّا يُنزيل إلى مَهمّة الانتقاد الذاتيّ عِبئاً يحمله المُثقَّفون في استقلالهم عن موجة التحشيد السطحيّ، والتوجيه الغوغائيّ، وتَصدِّيهم لها.
- مثلمايضيف عِبئاً أحدث إلى المجتمع، إذ يتمثّل ذاك الجهد في استرجاع إيمانه بكيانه، وإمكانيّاته (المُعطَّلة)، فيتحلّى بمسؤوليّة الحملة، لتصنيع حاضره، والنزاع؛ لإنشاء مستقبله، ولذا على العكسّ ممّا كان يُملى فوق منه.
النقد في المجتمعات النرجسية
تجدر الإشارة أنّ المجتمعات النرجسيّة تأبى أن تتقبَّل الانتقاد الذاتيّ؛ فهي تتخيل أنّها أعلى من التقدير، والمحاسبة، وكأنّ لها نصيباً من العصمة، والعجيب أنّ المجتمعات الأقلّ مرتبةً، وثقافةً، وتحضُّراً، تشتركُ مع تلك المجتمعات في عدم تقبُّلها للنقد الذاتيّ، بفارق الدوافع.
فالأخيرة لا تتقبَّل الانتقاد الذاتيّ عَجزاً منها وتثاقُلاً عن التصرف، ومجابهة الذات، وفَقْد الإمكانيّات لإرجاع المنزلة المأمولة لها، علماً بأنّ تقبُّل الانتقاد الذاتيّ، والحملة نحوه، إنّما هو علامة من إشارات تحضُّر المجتمع، ومُؤشِّرٌ على قابليته لترميم ماضيه، وإصلاح حاضره، والنهوض بمستقبله.
مثلما أنّ الانتقاد الذاتيّ للمجتمع هو أولى إشارات الانتعاش التي لا تخلو من قليل من الأوجاع، وهو علامة على سلامة قلب المجتمع الخافق بشبابه، ورُوّاده، ووسائل إعلامه الواعية الحُرّة، ويظهر ما في وقت سابق واضحاً، إذ يشهد الزمان الماضي بهذا.
فألمانيا عقب هزيمتها في المعركة العالَميّة الثانية، انكفأَت على ذاتها مُنعزِلة عن التنافُس في قطار التقدُّم المتحضرّ، إلّا أنّها عاجلا ما انتفعت من تلك العُزلة لتصحوَ من غفوتها، وقد انتفعت من هذا الدرس الذي دفعت سعرَه المفرط، وأيضا اليابان التي حقَّقَت مُعجزة حضاريّة في دواء جراحها.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_10197