كتابة :
آخر تحديث: 01/05/2020

اضطراب الشخصية التجنبية

يعد اضطراب الشخصية التجنبية من بين أبرز الاضطرابات النفسية انتشارا بين الناس، والتي يظهر فيها الشخص شعورا بعدم الكفاءة وفرطا في الحساسية والانزعاج تجاه التقييم والنقد السلبي الموجه له، وتخوفا كبيرا من رفض الناس له، مما يدفعه إلى اجتناب كل المواقف الاجتماعية كيفما كانت.
اضطراب الشخصية التجنبية

اضطراب الشخصية الاجتنابية

اضطراب الشخصية الاجتنابية أو التجنبية Avoidant Personality Disroder عبارة عن نمط مستقر وثابت من التثبيط الاجتماعي الشديد، والشعور بالدونية والعجز والحساسية الشديدة المبالغ فيها تجاه النقد والتقييم السلبي، ما يولد حالة من الخجل والخوف تجاه المواقف الاجتماعية التي قد تسبب الإحراج للمصاب بهذا الاضطراب، فيلجأ بذلك إلى تجنب مثل هذه المواقف الاجتماعية بشكل تام.

أعراض اضطراب الشخصية الاجتنابية

أغلب المصابين باضطراب الشخصية الاجتنابية يعانون من القلق والخوف الدائمين من التعرض للنقد والرفض من قبل الآخرين، فالرفض والنقد بالنسبة لهم مؤلمان للغاية، إلى جانب أنهم يحاولون بشكل مستمر ودائم تجنب مختلف الأنشطة أو المهن التي تنطوي على الاتصال مع الآخرين، فيضطرون بذلك إلى فرض العزلة الاجتماعية على ذواتهم.

وإلى جانب هذا، فهنالك مجموعة من السمات والصفات الأخرى المشتركة بين أولئك الذين يعانون من هذا الاضطراب، ومن أبرز هذه السمات نجد:

  • الميل إلى تضخيم المشاكل البسيطة والتافهة.
  • الحساسية الزائدة تجاه النبذ أو النقد السلبي أو الملاحظات ولو كان ذلك على سبيل المزاح.
  • الخجل الشديد والزائد في المواقف الاجتماعية.
  • سرعة الشعور بالحزن بمجرد التعرض للرفض أو الانتقاد.
  • تدني احترام الذات والشعور بأنهم أقل شأنا من الآخرين.
  • الشعور الدائم بالعجز.
  • الشك وقلة الثقة بالآخرين.
  • الخوف من الانخراط في صداقات وتجارب جديدة.
  • اللجوء الدائم للخيال كشكل من أشكال الهروب من الواقع.
  • رهاب الأماكن العامة وتفادي مخالطة الناس.
  • تجنب الاحتكاك الجسدي، ليصل الأمر إلى التحفظ حتى في العلاقة الزوجية.

والجدير بالذكر أن المصاب بالشخصية التجنبية هذه غالبا ما تظهر عليه مجموعة من الاضطرابات النفسية الأخرى المصاحبة لهذا الاضطراب، من قبيل؛ الاكتئاب، الرهاب الاجتماعي، اضطراب الشخصية النرجسية، اضطراب الشخصية الحدية، اضطراب الشخصية الاتكالية، متلازمة المحتال.

أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الاجتنابية

لحد الآن لم يتم تحديد السبب الرئيسي الذي يقف وراء الإصابة باضطراب الشخصية الاجتنابية، ولكن يعتقد أن السبب عبارة عن مزيج من العوامل الاجتماعية، البيئية، النفسية، الوراثية، المحيطة بالفرد.

تجارب الطفولة المبكرة

فتجارب الطفولة المبكرة يمكن أن تكون السبب في الإصابة بالشخصية التجنبية، فتلقي الطفل للرفض من أبويه أو من أقرانه، أو التقليل المستمر من قيمته الذاتية وتعرضه للنقد السلبي من طرف أهله، وتوجيه اللوم له بشكل مستمر، قد يؤثر على تقدير هذا الطفل لذاته واحساسه بقيمته، مما يجعله يطور شخصية تجنبية لمثل هذه المواقف.

عامل العمر

فاضطراب الشخصية الاجتنابية مثله مثل أي اضطراب من اضطرابات الشخصية الأخرى، يظهر في مرحلتي الطفولة أو المراهقة على وجه التحديد، وهذا الاضطراب في هاتين المرحلتين يتصف بالتثبيط السلوكي، مما يجعل الشخص دائم الخجل والخوف مما يضطره إلى تجنب مختلف المواقف الاجتماعية.

عامل الوراثة

فاضطراب الشخصية الاجتنابية، قد ينتقل أحيانا في بعض العائلات عبر الجينات الوراثية.

المظهر الخارجي

فالأشخاص الذين لا يملون من المقارنة بينهم وبين غيرهم، فإن أي عيب في شكلهم ومظهرهم، حتى لو لم يكن موجودا من الأساس، يمكن أن يتحول إلى عقدة تجاه مظهرهم وشكلهم، مما يقودهم إلى دوامة من العزلة والانطواء على أنفسهم، وغالبا ما يؤدي بهم هذا الانطواء والعزلة إلى حالة من الاكتئاب.

آثار اضطراب الشخصية التجنبية

إن الآثار المترتبة عن هذا الاضطراب يمكن أن تكون خطيرة للغاية, حيث أن الأصل في هذا الاضطراب هو الابتعاد عن التجمع وتجنب المواقف الاجتماعية والتجارب المختلفة، بسبب الخوف من الرفض، وهذا الخوف من الرفض سيجعل المصاب بالشخصية التجنبية يجد صعوبة كبيرة في الكثير من الأحيان في التواصل مع الآخرين.

وهذا حتما سينعكس سلبا على حياته اليومية وعلى مهامه الأسرية، وعلى حياته المهنية بدورها، ليصل به الأمر إلى درجة الامتناع عن الجنس نتيجة تجنبه التام للاحتكاك الجسدي.

تشخيص اضطراب الشخصية التجنبية

بما أن هذا الاضطراب يظهر عادة أنماط محددة من السلوكيات والأعراض، فالتشخيص يتم اعتماد على هذه الأعراض التي تظهر أثناء سنوات البلوغ، لأنه من النادر أن يتم تشخيص هذه الحالة النفسية في مرحلة الطفولة أو المراهقة، حتى لو أن أولى بوادر هذا الاضطراب تظهر في هاتين المرحلتين على وجه الخصوص، فالطفل أو المراهق في هاتين المرحلتين يميلان بشكل طبيعي إلى الخجل وإلى الانطواء، ولديهما تغيرات وتطورات في الشخصية وفي النضج، لكن حالهم هذا قد يتغير بعد بلوغهم سن الرشد.

علاج اضطراب الشخصية التجنبية

فمن دون العلاج، فالمصابون بالشخصية التجنبية، سيستسلمون حتما لواقع حياة العزلة والانطواء وسيتعايشون معها، وفي محاولتهم للتعايش معها يمكن أن يتعرضوا لاضطرابات نفسية أخرى من قبيل الاكتئاب والإدمان على الكحول، لذا فمن الضروري علاج هذا الاضطراب، ومن بين الخيارات العلاجية الممكنة، نجد:

العلاج الدوائي

فبعد أن يتأكد الطبيب من إصابة الشخص باضطراب الشخصية الاجتنابية، فغالبا قد يصف له مثبطات الأنزيم المؤكسد لأحاديات الأمين التي تستعمل لعلاج حالات الاكتئاب، مثل الفينيلزين الذي يمكن أن يعمل على زيادة ثقة المريض بنفسه.

العلاج النفسي والسلوكي

فهذا العلاج النفسي والسلوكي قد يجدي نفعا على الأشخاص الذين لديهم القدرة على الارتباط بالآخرين، ويشمل هذا العلاج؛ العلاج المعرفي، التدريب على المهارات، العلاج الجماعي لممارسة المهارات الاجتماعية، والغرض من هذا العلاج هو محاولة جعل الأفراد المصابين بالشخصية التجنبية يتحدون اعتقاداتهم السلبية والمبالغ فيها عن أنفسهم.

نصائح للتغلب على اضطراب الشخصية الاجتنابية

وتتضمن بعض النصائح التي من شأنها ان تعمل على التغلب والتخلص من هذا الاضطراب، ما يأتي:

تغيير نمط التفكير

فالمصاب بالشخصية التجنبية لا بد أن له أن يتوقف عن التفكير في أن الناس لا يحبونه وينبذونه، وعليه أن يغير أفكاره السلبية تلك والتي تسمم حياته يوميا، ويعمل على إقناع نفسه بتقبل الآخرين ومحبتهم له.

الابتعاد عن التجنب

وذلك عن طريق قيام المريض بتحديد مختلف المواقف التي يميل إلى تجنبها والانعزال عنها، فيحدد بعدها قائمة بجميع المواقف الاجتماعية التي يود أن يشعر فيها بالراحة، ثم بعد ذلك يمكن له البحث عن بعض الطرق السهلة التي يمكن بها مخالطة الناس والدخول في التجمعات والأنشطة الجماعية بالتدريج.

الحصول على الدعم

فقبل البدء في العلاج لا بد للمريض من استشارة طبيب نفسي قصد تشخيص حالته، حيث أن هذا الاضطراب عادة ما ترافقه اضطرابات نفسية أخرى كالاكتئاب واضطراب الشخصية الحدية وكذا النرجسية.

الشخصية التجنبية، اضطراب نفسي طويل الأمد، وعدم علاجه في الوقت المناسب قد يؤدي إلى تدهور الأداء الاجتماعي والمهني لدى مريض هذا الاضطراب.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ