تعريف وآثار التوتر وسبل علاجه
محتويات
مفهوم التوتر
بشكل أساسي، يتم تعريف التوتر على أنه طريقة استجابة أجسامنا للضغوط الناجمة عن موقف أو حدث ما في الحياة.
ما يساهم في خلق التوتر يمكن أن يختلف اختلافا كبيرا من شخص لآخر ويختلف وفقا لظروفنا الاجتماعية والاقتصادية، والبيئة التي نعيش فيها وتركيبنا الجيني.
من الأمور الشائعة التي يمكن أن تجعلنا نشعر به هي تجربة شيء جديد أو غير متوقع، شيء يهدد شعورنا بالذات، أو الشعور بأننا لا نملك إلا القليل من السيطرة على الموقف.
عندما نواجه ضغطا نفسيا، يتم تحفيز جسمنا لإنتاج هرمونات التوتر التي تؤدي إلى استجابة ``الهروب أو الهجوم'' واستنفار نظام المناعة لدينا. تساعدنا هذه الاستجابة على التصرف بسرعة في المواقف الخطرة.
في كثير من الأحيان، يمكن أن يكون التوتر أمرا مفيدا للغاية. إذ يمكن أن يساعدنا الشعور الناتج عن "الضغط" في تجاوز المواقف العصيبة، مثل الجري في ماراثون، أو إلقاء خطاب أمام جمهور كبير..
وغالبا ما يمكننا العودة سريعًا إلى حالة الراحة دون أي آثار سلبية على صحتنا إذا كان ما يضغط علينا قصير الأجل، وغالبية الناس قادرون على التعامل مع مستوى معين من الإجهاد دون أي آثار نفسية أو بدنية.
ومع ذلك، قد تكون هناك أوقات يصبح فيها الضغط مفرطًا ويتطلب الكثير للتعامل معه. وإذا أصبح الأمر يحدث لدينا بشكل متكرر، أو بشكل متصل ومستمر خلال فترة زمنية طويلة نسبيا.
يمكن أن ينعكس بشكل سلبي على الجسم، ويمكن أن يجعلنا نشعر وكأننا في حالة استنفار بشكل دائم. فبدلاً من مساعدتنا على المضي قدمًا، يمكن أن يجعلنا هذا الضغط نشعر بالإرهاق أو عدم القدرة على التأقلم.
غالبًا ما يُطلق على الشعور بهذا الضغط والتوتر الشديد لفترة طويلة من الزمن توترا مزمنًا أو طويل الأمد، ويمكن أن يؤثر بشكل بالغ على الصحة الجسدية والعقلية.
أسباب التوتر
هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن تؤدي إلى التوتر: وفاة أحد الأحباء، الطلاق أو الانفصال، فقدان العمل، والمشاكل المالية غير المتوقعة هي من بين الأسباب العشرة الأولى للإجهاد وفقًا لمسح أجري مؤخرًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن ليست فقط أحداث الحياة السلبية هي منبع التوتر النفسي، بل حتى التغيرات الإيجابية، مثل الانتقال إلى منزل أكبر، أو الحصول على ترقية وظيفية أو الذهاب في عطلة يمكن أن تكون مصادر للتوتر.
علامات التوتر
تغييرات عاطفية
عندما تحس بالتوتر قد تشعر بالعديد من المشاعر المختلفة، بما في ذلك القلق والخوف والغضب والحزن والإحباط. قد تتغذى هذه المشاعر أحيانًا على بعضها البعض وتسبب أعراضًا جسدية.
مما يجعلك تشعر بأنك تهوي من السيء إلى الأسوء. بالنسبة لبعض الناس، يمكن أن يصل بهم الأمر إلى الاكتئاب.
التغييرات السلوكية
عندما تكون متوترا فقد تتصرف بشكل مختلف. على سبيل المثال، قد تصبح انهزاميا، مترددا، أو غير مرن. قد لا تتمكن من النوم بشكل صحيح. قد تكون سريع الانفعال أو البكاء. وقد يحدث تغيير كبير في عاداتك اليومية.
ربما قد يلجأ بعض الأشخاص إلى التدخين أو استهلاك المزيد من الكحول أو تعاطي المخدرات. كما أن التوتر يمكن أن يجعلك تشعر بالغضب أو العدوانية أكثر من المعتاد. كما قد يؤثر أيضًا على الطريقة التي نتفاعل بها مع عائلتنا وأصدقائنا المقربين.
التغييرات الجسدية
في حالة التوتر، يبدأ بعض الأشخاص في الشعور بالصداع والغثيان وعسر الهضم. ربما قد تتنفس بسرعة أكبر، أو تتعرق أكثر، أو تلاحظ خفقانا غير طبيعي. في الغالب فكل هذه الأعراض ستمر مرور الكرام بعد انقضاء ما يسبب التوتر.
لكن إذا كنت تعاني من الإجهاد بشكل متكرر على مدى فترة طويلة، فقد تلاحظ تأثر نومك وذاكرتك،حتى أن عاداتك الغذائية قد تتغير، كما ستشعر برغبة غير طبيعية في النوم والخمول، والنفور من الحركة لإنجاز أي شيء.
ربطت بعض الأبحاث أيضًا الإجهاد على المدى الطويل ببعض أمراض الجهاز الهضمي مثل متلازمة القولون العصبي (IBS)، أو قرحة المعدة، بالإضافة إلى حالات مثل أمراض القلب والأوعية الدموية..
من يتأثر بالضغط؟
ربما يمكننا جميعًا التعرف على الأقل على بعض المشاعر الموصوفة أعلاه، وجميعنا شعرنا ونشعر بالتوتر والإرهاق بين الفينة والأخرى. لكن يبدو أن بعض الناس يشعرون به أكثر من غيرهم.
ففي حين قد يكون المرور أمام زملائك في العمل وإلقاء التحية أمرا طبيعيا، وربما حتى محببا لديك.
فإن هناك من سيجد هذه التجربة مسببة للتوتر والإرهاق الشديد! فلكل منا قدرة طبيعية على التعامل مع التوتر، ويمكن تشذيبها وتطويرها مع تجارب الحياة،وتعاملنا مع كل تجربة.
وقد تكون بعض الفئات المحددة أكثر عرضة للأحداث والمواقف الحياتية المجهدة من غيرها. على سبيل المثال:
- الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من الديون، أو انعدام الأمن المالي هم أكثر عرضة للإجهاد والتوتر المرتبط بالمال..
- أيضا، الأشخاص من الأقليات العرقية أو ذوي البشرة المختلفة يعانون من التوتر بسبب التحيز الاجتماعي والتمييز العنصري.
- والأشخاص الذين يعانون من إعاقات أو مشاكل صحية، قد يكونون أكثر عرضة للتوتر المرتبط بنظرة المجتمع إليهم.
سبل العلاج
هناك بعض الإجراءات التي يمكنك اتخاذها كفرد لإدارة التوتر وتحديد عوامله والحد منها، وإذا كان الأمر يناسبك، فمن الجيد أن تنتخب صديقا أو زميلا مقربا لك ليساعدك في حل هذا المشكل ومناقشته معك.
إعرف متى تقع المشكلة وحدد الأسباب
من الخطوات المهمة في معالجة التوتر هو إدراك متى يصبح مشكلة بالنسبة لك، وحينها قم بإنشاء علاقة بين العلامات الجسدية والعاطفية التي تعانيها والضغوط التي تواجهها.
من المهم عدم تجاهل علامات التحذير الجسدية مثل شد العضلات واضطرابات المعدة والتعرض للصداع أو الصداع النصفي.
بمجرد أن تعرف أنك تعاني من التوتر، حاول تحديد الأسباب الكامنة وراءه. قم بفرز الأسباب المحتملة لتوترك إلى تلك التي لديها حل عملي، وتلك التي ستتحسن على أي حال مع الوقت.
وتلك التي لا يمكنك فعل أي شيء حيالها. وحاول تحسين الأمر من خلال اتخاذ خطوات صغيرة تجاه الأشياء التي يمكنك تحسينها.
فكر في خطة لمعالجة الأشياء القابلة للعلاج. قد يتضمن ذلك مثلا ألا تضع أهدافا يومية غير قابلة للتحقيق، لأن عدم القدرة على القيام بها يوما بعد يوم، يولد لديك توترا بين ما تتوقعه، وبين ما يمكنك حقا فعله.
وبدلا من ذلك قم بوضع أهداف وتوقعات، ضمن غلاف زمني واقعي، وتأكد من أنها على مستوى قدراتك الذهنية والنفسية والبدنية.
مراجعة نمط حياتك
هل تضغط على نفسك أكثر من اللازم؟ هل هناك أشياء تفعلها يمكن تفويضها لشخص آخر؟ هل يمكنك القيام بالأشياء بطريقة أكثر أريحية؟
قد تحتاج إلى إعادة تنظيم حياتك حتى لا تحاول القيام بكل شيء في وقت واحد. وأن تقوم بإعطاء الأولوية للأشياء المهمة حقا.
بناء علاقات داعمة
يمكن أن يساعدك العثور على الأصدقاء المقربين أو العائلة الذين يمكنهم تقديم المساعدة والمشورة العملية في إدارة التوتر. يمكن أن يكون الانضمام إلى ناد رياضي أو فني، أو التسجيل في دورة تدريبية.
أو التطوع في الأعمال الاجتماعية، طرقًا جيدة لتوسيع شبكاتك الاجتماعية، ويشجعك على القيام بشيء مختلف. وبالمثل، يمكن لأنشطة مثل مساعدة الآخرين أن يكون لها تأثير مفيد جدا على مزاجك، وبالتالي على صحتك النفسية بشكل عام.
تناول الطعام الصحي
سوف يقلل النظام الغذائي الصحي من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي، بما في ذلك الأمراض النفسية.
احرص على تناول طعام صحي متوازن، من خلال ضمان توفير كميات كافية من العناصر الغذائية المختلفة، بما في ذلك الفيتامينات والمعادن الأساسية، وكذلك الماء.
ابتعد عن التدخين أوالخمور أو المخدرات
حاول الابتعاد ما أمكنك عن التدخين والخمور والمخدرات، فهي سلاح دمار شامل على الأمد المتوسط والبعيد.
عند استعمالها قد يبدوا أنها بالفعل فعالة في تقليل آثار التوتر، ولكنها في الحقيقة تهوي بك من السيء إلى الأسوء.
مارس الرياضة
يمكن أن يكون التمرين البدني استراتيجية ممتازة لإدارة آثار التوتر. إذ يمكن أن يوفر المشي والأنشطة البدنية الأخرى "تعزيزًا طبيعيًا للمزاج" من خلال إنتاج هرمون الإندورفين.
حتى القليل من النشاط البدني يمكن أن يحدث فرقًا في نمط حياتك، على سبيل المثال، يعد المشي لمدة 15-20 دقيقة، ثلاث مرات في الأسبوع بداية رائعة.
خذ وقتك واسترخ
إحدى الطرق التي يمكنك من خلالها تقليل التوتر هي من خلال تخصيص وقت للاسترخاء وممارسة الرعاية الذاتية، حيث تقوم بعمل أشياء إيجابية لنفسك مثل ممارسة هواياتك. يعد تحقيق التوازن بين الاعتناء الآخرين والاعتناء نفسك، أمرًا حيويًا في تقليل مستويات التوتر.
إحصل على قسط كاف من النوم
مشاكل النوم شائعة عندما تعاني من التوتر. إذا كنت تواجه صعوبة في النوم، يمكنك تقليل كمية الكافيين التي تستهلكها، وتجنب مشاهدة الشاشات الالكترونية قبيل النوم.
ويمكن أن تكون كتابة قائمة المهام لليوم التالي مفيدة في مساعدتك على تحديد الأولويات والشعور بأنك مستعد تماما لليوم الموالي.
لا تشدد على نفسك
حاول أن تبقي الأمور في نصابها ولا تكون شديدًا على نفسك. ابحث عن الإيجابية في حياتك واكتب الأشياء التي تجعلك تشعر بالامتنان.
إذا كنت لا تزال تشعر بالإرهاق بسبب التوتر، فإن طلب المساعدة الطبية يمكن أن يساعدك في التوصل إلى أسباب وحلول أكثر تحديدا بالنسبة لحالتك. لا تخف من طلب المساعدة المهنية إذا شعرت أنك لم تعد قادرًا على إدارة الأشياء بنفسك.
يشعر الكثير من الناس بالتردد في طلب المساعدة لأنهم يشعرون بأنها اعتراف بالفشل. ليس هذا هو الحال، ومن المهم الحصول على المساعدة في أقرب وقت ممكن حتى تتمكن من الشعور بالتحسن، ولا تترك الحصا الصغيرة، تتحول إلى جبل مثل الاكتئاب والأمراض النفسية الصعبة الأخرى.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_4936