ثلاثية نجيب محفوظ
محتويات
نجيب محفوظ
لا يختلف إثنان في كون نجيب محفوظ علما من أعلام الأدب العربي الحديث، وأيقونة ثقافية وفكرية قل نظيرها، فقد أضاف إلى الرفوف العربية ترسانة من الإبداعات الخالدة، من الكتابات الروائية إلى الإبداعات المسرحية والسينمائية، ما أهله بكل جدارة ليوسم بجائزة نوبل للآداب، وبذلك يكون العربي الوحيد الذي ينال شرف هذه الجائزة.
وقفة مع ثلاثية نجيب محفوظ
الثلاثية أضخم مؤلفات نجيب محفوظ نجيب محفوظ، وهي بالترتيب: بين القصرين – قصر الشوق – السكرية ، تشكل في مجموعها أكثر من 1500 صفحة، دشن بها مرحلة الواقعية التسجيلية، من مراحل تطور فكره الاجتماعي، وهو عمل ذو طابع تاريخي، يصور وينتقد الواقع المصري وتطوراته الاجتماعية والسياسية خلال ثلاثة أجيال متعاقبة، تمثل الانتقال من الوعي الفعلي إلى الوعي أو الانتماء الأيديولوجي في المجتمع المصري، كما يلي:
- الوعي الإيجابي: كوعي أحمد السيد وصحبه وياسين، مواقف لا تتعدى حدود الإيمان لا العمل.
- الوعي السلبي: كوعي السيدة أمينة والولي متولي، وهو إما حياد أو ارتهان بالعوامل الخارجية.
- الوعي الممكن: وعي فعلى إيجابي زائد رؤية شمولية تروم الإصلاح، وهو وعي فهمي للطلبة الذين يمثلون جيل الأزمة.
- الانتماء الإيديولوجي: برز عند جيل الأحفاد، حيث اكتملت الرؤية وبزغ في الساحة، مذهبين لكل تصوره وأنصاره: المذهب الماركسي متمثلا في شخص أحمد سوسن، والمذهب الإخواني متمثلا في أخيه عبد المنعم وإخوانه.
نظرات في الثلاثية وسر عالميتها
في دراسة للكاتب المسرحي: نجيب سرور، موسومة ب" رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ "، وضح في البداية، بداية العمل من حيث الزمان، فحدده في أكتوبر 1917م، و في خضم الاحتلال الإنجليزي، تشهد مصر صعودا للبرجوازية (بزيادة عدد المتعلمين) في السعي لتولي الحكم محل النمط الإقطاعي الظالم، ونرى انعكاس الطابع الإقطاعي في المجتمع المصغر ـ الأسرة ـ متمثلة في "أزمة المرأة"، التي يعتبرها سرور مفتاح فهم الرواية، المرأة مجرد شيء، يقول "إن أمينة كائن بلا كينونة، بلا إرادة و بلا ذاتية، كائن مضغوط مقهور"، حتى أن المرأة في الرواية مؤمنة حتى النخاع بأن الرجال أسياد، وأن المرأة مجرد أداة أو في أحسن الظروف تابعة، وقد لفتني إلى ذلك قول خديجة عن سوسن زوجة ابنها أحمد: "إذا كانت العروس لا تحبل ولا تلد فما فائدتها؟"، وقد قارن سرور بين ثورة البيت وثورة 1919م ، واكتشف في ذلك ترميزا ذكيا، إن كانت ثورة البيت قد انتهت بنفي الأم وتثبيت الأب، إلا أن جملة من الأحداث والهزائم تولت بإسقاطه تدريجيا.
وفي الختام عقد سرور مقارنة بين " بين القصرين " و مسرحية " عائلة باريت في شارع وينبول "، حيث وجد تشابهات مذهلة:
- الأب الطاغية أحمد عبد الجواد= الأب الطاغية ميلتون
- أزمة المرأة هنا= أزمة المرأة هناك
- أزمة الحب هنا= أزمة الزواج هناك
- الثورة على سلطة الأب هنا= الثورة على سلطة الأب هناك ..
وهذا في الحقيقة، كما أشار إلى ذلك الدكتور عدنان إبراهيم، سر عالمية الثلاثية، فرغم أنها مغرقة في المحلية، خاصة "بين القصرين"، إلا أنها تتاخم حدود المشترك الإنساني أو جوهر الطبيعة البشرية كما أورد سرور، وهذا كما قلنا سر تألق كل الأعمال العالمية ومن ضمنها :" الثلاثية ".
تجسيد الثلاثية عملا دراميا
تصنف الثلاثية واحدة من أكثر الأعمال الأدبية العربية، التي تم تحويلها إلى عمل درامي سينمائي أو تلفزيوني، حيث فرغت كل من الأجزاء الثلاثة في قالب درامي منفصل، ولعل أشهرها وأكثرها صدى هو فيلم "بين القصرين"، الذي صدر في مصر بتاريخ 2 مارس 1964، من إخراج "حسن الإمام"، وبطولة كل من الممثلين الكبار: يحيى شاهين - آمال زايد - صلاح قابيل - عبد المنعم إبراهيم، والعمل استند -كما يتضح من اسمه- إلى الجزء الأول من الثلاثية، حيث يستعرض الفيلم مسار حياة أفراد أسرة السيد أحمد عبد الجواد، خلال فترة الاحتلال الإنجليزي، وقبيل اندلاع ثورة 1919، مبرزا الحياة المصرية في تلك الفترة المضطربة والمتشنجة، فرب الأسرة يتعامل بقسوة وصرامة بالغتين مع أفراد عائلته، بينما هو يعيش ليلًا حياة من اللهو والانحلال، كما يركز الفيلم على شخصية رئيسية أخرى هي: ابن أحمد عبد الجواد (فهمي) الذي ينضم لأحد التنظيمات السياسية السرية، وكذا الابن الأكبر (ياسين) الذي يخطو خطا والده في ملاحقة النساء والبحث عن المجون.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_1936