كيف تكون طاعة الوالدين الصحيحة؟
جدول المحتويات
طاعة الوالدين في الدين الإسلامي
طاعة الآباء والأمهات من الواجبات التي فرضها الله علينا، وذكرها في القرآن الكريم، قال الله تعالى في الإسراء:
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).
وقال الله تعالى في سورة النساء:
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً).
وفي سورة العنكبوت قال الله تعالى:
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا).
ولم يقتصر التأكيد على أهم طاعة الآباء والأمهات في القرآن فقط، وإنما في الحديث الشريف والسنة النبوية، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين). رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "رضا الرب في رضا الواد، وسخط الرب في سخط الوالد"، صححه الألباني.
وعليه فإن العقوق من الذنوب الكبيرة، وهي من أسباب عذاب النار، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً، فقال: ألا وقول الزور. قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت) رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث). رواس الألباني، وأحمد، والنسائي، وابن حبان.
هل طاعة الوالدين في الإسلام طاعة مُطلقة؟
الإجابة بالطبع لا، نعم رضا الوالدين مهم جدًا، وهو سبب للبركة، وسبب لدخول الجنة، ولكنها ليست طاعة مطلقة، وإنما بحدود، وتكون هذه الحدود هي عدم المعصية، فلا طاعة لعبد في معصية الرب.
قال الله تعالى في سورة لقمان:
(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَ)
وهذا يدل على أنه لا يجوز للابن طاعة والديه في شيء فيه معصية أو شرك بالله، وهذا يثبت قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري ومسلم.
وفي حديث رسولنا الكريم عن عمران بن حصين رضي الله عنه: "لا طاعة لأحد في معصية الخالق"، وفي رواية أخرى "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
لذا إذا أمر أحد الوالدين أبناءهما في معصية أو منكر فلا يجب أن يطيعهما، بل إذا اطاعهما فقد وقع في معصية، وعلى الولد أن يرفض القيام بهذا الأمر برفق ولين وحكمة، دون أن يُسيء لهما، أو يؤذيهما بالكلام أو الفعل.
ويجب عليه أن يعاملهما معاملة حسنة وكريمة، حتى لو كانا كافرين، أو مذنبين، لقول الله تعالى في سورة لقمان: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).
وفي الحديث الشريف عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصِل أمي؟ قال: نعم، صِلي أمك. رواه البخاري وسلم.
بالإضافة إلى ذلك الأبناء غير ملزمون على طاعة الآباء فيما يتعلق بشؤونهم الخاصة، طالما التزم بالشرع، فلا يحق للآباء والأمهات إرغام الابن على الزواج من فتاة معينة، أو تطليقها، وإذا لم يطعمها في ذلك فلا يأثم.
وكذلك الأمر بالنسبة للفتاة، إذا لم تطع والديها في الزواج من رجل ما أو الطلاق منه، فليست آثمة، فلها الحق في اختيار زوجها، حيث قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد وأنه إذا امتنع لا يكون عاقاً وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى فإن أكل المكروه مرارة ساعة وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه كذلك ولا يمكن فراقه".
كيف تكون طاعة الوالدين؟
هناك أشياء كثيرة يمكن للأبناء القيام بها لبر الوالدين وطاعتهما، ومنها:
- الإحسان إليهم بالقول والفعل والتواضع إليهم، والقيام بكل خدماتهم عندما يكبرون.
- عدم تأنيبهم، أو التحدث إليهم بكلمات فيها نهر أو إساءة وتجنب نهرهم، أو رفع الصوت عليهم، والاستماع إلى حديثهم بالتواصل البصري معهم، وعدم مقاطعة حديثهم، وعدم مجادلة معهم كثيرًا، وتجنب إنكار المحادثة أو نفيها، لقول الله تعالى: "ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما، وقل لهما قولًا كريمًا".
- مقابلتهما ببشاشة وترحاب، وعدم العبوس أو التجهم في وجههما.
- التحبب لهم والرحمة معهم، كالبدء بالترحيب، وتقبيل أيديهم، وفسح المجال لهم في الجلسات والجمعات، والسير خلفهم نهارًا، وأمامهم في الليل.
- احترامهم في المجلس، وتغيير الجلسة، وتجنب الأشياء التي تجعلهم يشعرون بالإهانة، وعدم الرغبة في القيام بالواجب أو القيام بالواجب، وذلك لسوء الأخلاق.
- أن تعطي أمك حقها، وأن تثمنها، وأن تتعاطف معها، وتعاملها معاملة حسنة، لحديث أي هريرة رضي الله عنه قال:" جاء رجل إلى النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: يا رسول الله من أولى النّاس بحسن صحابتي؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أبوك "، رواه البخاري.
- ليس من اللائق رؤيتهم يقومون بالأشياء وعدم تقديم المساعدة لهم، او ترك واقفين وأنت جالس أو إزعاجهم أثناء نومهم وإحداث ضوضاء دون احترام لنومهم.
- عدم إثارة الخلافات والنزاعات أمامهم، وحل مشاكل المنزل والإخوة بعيدًا عن أعينهم.
- التأكد من الرد على مكالماتهم، سواء أكانوا مشغولين أم لا، وأن يتصالح الوالدان ويقربان وجهات نظرهما من بعضهما البعض.
- طلب الإذن قبل الدخول إلى غرفتهم بدخولهم، واستشارتهم في قضايا الحياة.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_13481