ما هي أضرار الخوف
أضرار الخوف على الإنسان
· وحتى نفهم ما هو الخوف عند الإنسان، يجب أن تكون البداية من لحظة الولادة، بل ما قبل الولادة، حين تتلاقى الجينات مكونة الخلية التي تمت بداية الخلق بها.
· فهناك من الجينات ما هو يجعل الخوف الزائد صفة موروثة من الأجداد إلى الآباء إلى الأحفاد، فينشأ الإنسان في بعض الأحيان على استعداد قوي لتقبل المخاوف والتفاعل معها بشكل سلبي أو إيجابي.
· ولكن هذا لا يعني أن الوراثة شيء حتمي، فالصفات المكتسبة التي يكتسبها الإنسان قد تنجح في تقليل أثر هذا الاستعداد الوراثي للخوف، فبالتدريب تتحقق المعجزات، وبإرادة الإنسان تتحقق الأمنيات.
الخوف والعادات المكتسبة
· هناك علاقة وثيقة بين الخوف وبين التعرف على الواقع المحيط عند الطفل، فكثير من الآباء والأمهات يستخدمون الخوف كوسيلة رئيسية في التربية، ويجعلون الطفل مقيداً بقيد الخوف في تفكيره بأي فكرة من أفكار حياته العفوية.
· فعفوية الطفل ولعبه لهم دور كبير جداً في تنمية ذكائه الفطري وحسن تصرفه باقي حياته، فاللعب هو اللاعب الرئيسي في عقل الطفل الذي يمكنه من اكتشاف البيئة المحيطة أثناء لعبه بل وتنمية مهاراته أثناء لعبه ومعالجة عيوبه أثناء لعبه أيضاً.
· وقد اتجهت العديد من دول العالم المتقدمة إلى استخدام التعلم من خلال اللعب في التعامل مع الأطفال وقد أثبتت نتائج باهرة جعلت من تلك الطريقة حالة أشبه بالمعجزة التي تتكرر مع كل طفل.
· فماذا يحدث عندما يتجه الأبوان إلى استخدام أسلوب العقاب القاسي والخوف منه ومنع الطفل من اللعب، وإجباره على طاعة رغبات الوالدان بطريقة قسرية، يحدث أن يشعر الطفل بأنه لا حاجة لتساؤلاته ولا محاولاته، وأن أبواه سيقومان بتزويده بكل مقومات الحياة دون عناء، فينشأ مستسلماً لرغبات الآخرين، غير راغباً في الانفصال عن شخصياتهم مكوناً شخصيته المستقلة.
· إن مدح بعض المجتمعات للشخصية المسالمة ووصفها بأنها شخصية مثالية، ورفضهم للشخصية المتمردة التي تتمرد على بعض تقاليد المجتمع، كل ذلك يرسخ في عقل الإنسان مخاوف مكتسبة تسيطر عليه، وتجعل من الخوف أسلوب حياة وليس مجرد شعور عابر.
· والحقيقة أن تلك المجتمعات والأسر تدفع الثمن غالياً، حين تواجه مشاكل المجتمع وتحتاج إلى القرارات الجريئة والتصرفات السريعة التي تنقذ المجتمع من المخاطر، حينها يظهر جلياً لكل عاجل أن الخوف يجب أن يكون له حد تبدأ من بعده شجاعة الإنسان، وأن الخوف الزائد عن الحد خوف قاتل يجب محاربته.
· وكم من أم متحكمة وأب متحكم في ابنائه دفع ثمن تحكمه حين وجد ابنه الوحيد قد ألقاه في دار مسنين طاعة لزوجته التي طلبت منه أن تعيش وحدها ولا ترعاهم، فالابن لم يفعل شيئاً إلا أنه أطاع والديه في الصغر ولم يفكر، فنشأ مطيعاً لزوجته أيضاً دون تفكير، ولو أن الأبوان قد شجعا الطفل على اتخاذ قراراته وتدريبه عليها من خلال اللعب والأنشطة لأنقذتهم تلك التربية في الكبر حين يجدون ابنهم قد تحدى العالم من اجل رعاية آبائه.
الخوف وأثره على وعي الإنسان
· يمكنني الجزم بأن الخوف الزائد يشوش على وعي الإنسان بشكل كبير، فيجعل المعلومات الحقيقية التي يبني عليها الإنسان قراراته في أقل معدل لها، وبمعنى آخر، فإن الخائف يرى خيالاته ومخاوفه معتقداً أنه يرى الواقع الحقيقي.
· فالخائف لديه في اللاشعور نظرة سلبية نحو العديد من المثيرات، بحيث أنه يستدعيها بمجرد تكرار نفس الحدث في الواقع الجديد.
· فإذا ما كان قد تعرض لموقف سلبي في لقاء سابق مع الجنس الآخر، كتعرضه للسخرية مثلاً، أو تعرضه للتنمر، فإنه عند تعامله بشكل خاطئ مع هذا الموقف وعدم عبوره نفسياً لتلك الصدمة، فإنه يعتقد أن هذا الموقف يتكرر عند لقائه بأي جنس آخر في المستقبل، فيخاف من تكرار نفس الآلام ونفس التوتر، فيعرض عن خوض التجربة.
· ومهما حاولت بإقناعه بأن الواقع الماضي قد تغير، وأن هناك تطورات كثيرة حدثت له ولمن حوله، فإنه لا يصدق، ويجد نفسه مستسلماً لمعلوماته السابقة عن ذات الواقعة.
المخاوف تضخم بعض الأحداث عن حقيقتها
· والخائف لا يكتفي بقراءة الواقع من خلال خياله فقط، ولكنه أيضاً يقرأ الواقع بخيال يضخم أثر بعض الأشياء البسيطة في الواقع، فقد تراه يضخم من أثر فأر صغير، وينظر له على أنه وحش كاسر، وقد تراه يخاف بشكل هيستيري من المرتفعات.
· وتضخيم أثر تلك المثيرات يحدث بشكل لا إرادي، حيث أنه لا يدرك أنه يفعل ذلك في الشعور، ولكن كل ذلك يحدث في اللاشعور، ولا سبيل لعلاج تلك المخاوف إلا بتفريغ نفسي حقيقي يكشف فيه المريض عن الأسرار الكامنة في اللاشعور، ومحاولة تصحيح الصورة الذهنية التي شوهتها المخاوف بتكوين صورة ذهنية صحيحة عن الواقع وعن النفس.
· فالخائف تتضاءل قدراته أمام نفسه، وتتضخم آثار مخاوفه عليه، وهناك أساليب وطرق علاجيه يمكن للخائف أن يمارسها مع مختص أو مع نفسه لكي ينجح في علاج تلك الآثار النفسية السلبية من المخاوف على نفسه.
تدريبات تساعد على العلاج من أضرار الخوف
· في البداية يجب أن ننوه على أن هناك مخاوف هستيرية يجب أن لا يتم الاكتفاء بتلك النصائح بشأنها ولكن يجب العرض على مختص لعلاجها، ولكن وبشكل عام يمكن للمريض أن يلجأ لتلك التدريبات بشكل مبدئي لحين العرض على مختص.
· في البداية كما ذكرنا يجب أن يكون المريض معترفاً بمرضه، فهذه هي أول خطوة حقيقية نحو العلاج الفعلي، وبعد اعترافه بمرضه يجب أن يكون الاعتراف بشكل إيجابي وليس سلبي.
· بمعنى أن اعترافه لا يكون سبباً لجلد ذاته، ولا لتحقير نفسه، ولكن يعترف بمرضه اعترافه بمميزاته التي يجب أن يوقن من وجودها أيضاً.
· وبعد اكتشافه لمميزاته وعيوبه من خلال تسجيل يومي يقوم به سواء صوتياً أو ورقياً عن طريق الكتابة، يمكنه أن يقوم بتدريب نفسه من خلال الخيال، حيث أن الخيال له دور فعال في مخاطبة اللاشعور عند الإنسان، وذلك بان يتخيل نفسه قادراً على مواجهة مخاوفه، وليس ذلك فحسب ولكن يكون مقتنعاً بأن هذا الخيال قريب جداً من الواقع، وأنه سيحققه لا محالة، ومع تكرار تمرين الخيال وكذلك مع استخدام تمرين التنفس الهادئ ستتحسن الحالة كثيراً، ولكن في بعض الحالات تلك التدريبات لا تغني عن اللجوء لمختص للعلاج.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_6522