اثر تعدد الشخصيات الوالدية في حياة الطفل
جدول المحتويات
أثر تعدد الشخصيات الوالدية في حياة الطفل
ولنا أن نتخيل أنك عزيزي القارئ تسير في طريق لا تعرفه، ومعك شخص واحد يقوم بإرشادك للطريق الصحيح الذي يوصلك لهدفك، بالتأكيد ستصل لهدفك بسهولة ولذلك لأن كل ما عليك هو طاعة هذا المرشد أو الدليل للوصول للهدف الذي تريده.
فما هو حالك عزيزي القارئ حين يكون معك شخصان يسيران معك كل شخص منهم له وجهة نظره في الطريق، فحين يرى أحدهما أنه يجب الدخول في هذا الطريق، يرى الآخر وجوب السير في طريق آخر، فأي منهما ستسمع وأي من الرأيين ستختار؟
هذا هو بالتحديد ما يحدث للطفل الذي توجد في بيئته شخصيات والدية كثيرة تقوم بدور ضبط سلوك الطفل، ولا توجد أي مشكلة إذا تعددت الشخصيات الوالدية إذا ما كانت القواعد التي تحكم السلوك واحدة مع أي شخصية.
ولكن الحقيقة أن هذا الافتراض نادر التحقق، فهناك اختلاف كبير في الآراء يحدث بين الشخصيات الوالدية.
سبب اختلاف الطرق بين الشخصيات الوالدية
- إن اختلاف الطرق والأساليب من شخص لآخر في نظرته للحياة أمر طبيعي، وذلك ناتج من أسباب عديدة، منها اختلاف الثقافات والخبرات الحياتية من كل شخص لآخر.
- فاختلاف مستوى التعليم من شخص لآخر يجعل النظر للأمور تختلف عن شخص آخر تلقى مستوى تعليم أعلى أو أقل، فمن حصل على تعليم جامعي يختلف عن آخر تلقى تعليماً متوسطاً، وآخر تلقى تعليماً يصل لدرجة الماجيستير أو الدكتوراه.
- واختلاف المستوى الاقتصادي يسبب تباين الآراء وطرق تناول الأمور، فمن تمكن من الحصول على مستوى اقتصادي راقي يختلف عن شخص آخر لا يملك نفس الامكانيات الاقتصادية، فحل بعض المشكلات يتوقف على المستوى الاقتصادي.
- فمثلاً المشكلات الصحية إذا ما توفرت الإمكانيات الاقتصادية تتجه للمستشفيات الاستثمارية، بينما في حالة تواضع القدرات الاقتصادية فإن الحلول تنحصر في الحلول الأقل تكلفة، فنظرة هذا تختلف عن نظرة ذاك.
- اختلاف التجارب الحياتية، فمن حصل على رعاية نفسية سليمة في الصغر يختلف عن آخر لم يحصل على نفس الرعاية في صغره، فمثلاً هناك بعض التجارب الحياتية الصعبة التي أثرت بشكل سلبي على صاحبها، فجعلت تناوله لبعض المشكلات ليس كمن تعامل مع نفس الصعاب بحكمة وفهم ووعي.
أثر تعدد الشخصيات الضابطة على شخصية الطفل
الطفل الذي يعاني من تعدد الشخصيات الضابطة له تظهر عليه بعض السمات التي تتضح في عدة أوجه، ويجب التنويه أنه لا يجب أن تظهر جميعها في نفس الطفل، ولكن يمكن أن تظهر بعضها دون البعض الآخر.
فالطفل الذي يعاني من تعدد الشخصيات الوالدية الضابطة لتصرفاته في بيئة تربيته تظهر عليه مظاهر الغضب والاعتراض بشكل كبير، فهو عند رفض أحد الشخصيات الوالدية لفعل أو سلوك يحتمي بشخصية والدية أخرى توافق على هذا التصرف.
كما أن هناك حالة من اهتزاز المعايير وعدم فهم بعض القواعد التي يتعلم بعضها من شخصية والدية ثم يجد شخصية والدية أخرى تقوم بتعليمه عكس المبدأ الذي تعلمه من الشخصية الأولى، وبذلك لن يتعلم الطفل أي مبدأ ثابت، فما يتعلمه من شخصية والدية يتعلم ما يناقضه من شخصية أخرى.
فهذا الاهتزاز في المعايير قد يصل بالطفل إلى محاولة الهروب من تلك المعايير الغير واضحة محاولة تعلم معايير أخرى من مجتمع آخر موازي، مثل تعلم المعايير الحاكمة من الأصدقاء أو من دور العبادة.
وقد تتوحد المبادئ الأساسية الحاكمة للأسرة المتواجد بها عدد من الشخصيات الوالدية ولكن يكون هناك اختلاف في أسلوب التربية، فما من خلاف على أن الكذب غير مقبول، وأن التعلم وحب العلم أمر مرغوب عند كل الشخصيات، ولكن المشكلة تكمن في اختيار أسلوب الاستذكار وتوقيتاته، فهو أمر يختلف من شخصية والدية لأخرى.
محاولة فرض سيطرة بعض الشخصيات الوالدية
- تكمن المشكلة هناك في محاولة بعض الشخصيات الوالدية فرض سيطرتها على باقي الشخصيات الوالدية، وهو أمر ينذر بالعديد من الصراعات في الأسرة التي لا يتحملها الطفل بل لا تتحملها الأسرة بأكملها.
- وهناك بعض الأسر التي لم تتحمل الصراعات الموجودة في الشخصيات الوالدية المتعددة، فكم من حالات الطلاق والانفصال تمت نتيجة الخلاف بين جد الطفل والأب أو جدة الطفل والأم، فهو صراع غير متكافئ.
- ففي الأغلب الأعم يكون الجد أو تكون الجدة هي صاحبة المنزل الذي يضم الطفل وأبويه، ويكون للجد اليد العليا في العديد من التصرفات، الأمر الذي لا يقبله الأب أو لا تقبله الأم، فيحدث الصراع الذي ينتهي برغبة الطرف الرافض ترك المنزل.
- ولكن تظل القدرات المادية مانعاً قوياً من تحقيق الاستقلال المكاني للأسرة، فيكون للأب أو الأم خياران لا ثالث لهما، إما التنازل عن السلطة لصالح الجد، أو قرار الطلاق وإنهاء تلك الحالة الصعبة التي لا يملك فيها الأب أي سلطات حقيقية للسيطرة على مقدرات أسرته.
- ـ أثر الصراعات على شخصية الطفل
- حين يرى الطفل تلك الصراعات أمامه لا ينشأ بشكل سوي، حيث يرى الإهانات المتبادلة بين والديه من جهة وبين الجد أو الجدة، أو العم والعمة، أو الخال والخالة في حالة وجودهم في نفس المنزل، فتلك الإهانات المتبادلة بينهم لا تعلمه إلا زوال الوقار المفترض بين كل منهم.
- كما أنه يعلمه أن لا مكان لصلة الرحم والحب والتراحم بين الأقارب، فالأقارب يتصارعون أمامه على السلطة الأسرية، ويتبادلون الإهانات والاتهامات، فما الرسالة التي من المفترض تعلمها في تلك الحالة إلا أن صلة الرحم وهم لا أساس له.
هل هناك من حل لهذه المشكلة؟
أكيد هناك حلول ممكنة لتلك المشكلة، ومنها محاولة وضع حدود وأدوار لكل فرد من أفراد العائلة من بداية الطريق، حدود واضحة يلتزم بها كل طرف، وهذه الحدود والأدوار تتم بالاتفاق والتراضي.
من الحلول أيضاً السعي على تحقيق الاستقلال المكاني بأسرع وقت ممكن، وبأي ثمن، فلا يجب أن يكون المكان المنشود حائزاً على كل المزايا متلافياً كل العيوب، فما دام حائزاً على الأساسيات المطلوبة فلا مانع من الانتقال له.
وأخيراً ..
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_12649