تحليل قصيدة أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس
نبذة عن قصيدة لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ
- كاتب القصيدة: أبو البقاء الرندي
- نوع القصيدة: هجاء
- شكل القصيدة: عمودية
- بحر القصيدة: بحر بسيط
- قافية القصيدة: النون
ملخص عام لقصيدة الرندي في رثاء الأندلس
هناك بعض الدروس المستفادة والموضوعات العامة التي تدور حولها قصيدة الرندي في رثاء الأندلس، وتشمل ما يلي:
- تعبر أبيات قصيدة رثاء الأندلس عن أن الأمور في الدنيا متقلبة ولا تدوم وذلك تأكيدًا على فكرة الزوال، مستشهدة بأمثلة من التاريخ والأمم الماضية.
- تعبر الأبيات عن تغيرات الزمان وانقضاء الأمم والحضارات.
- كما تتناول الأبيات بعض الأحداث التاريخية التي أثرت في الشعوب والبلدان.
- تعبر الأبيات أيضًا عن الأسى والحزن على الحالة الراهنة للأمة الإسلامية، وتوضح الضياع والتخلي عن القيم الإسلامية الأصيلة.
مناسبة قصيدة رثاء الأندلس
- تعتبر أبو البقاء الرندي أحد أبرز شعراء العصر الأندلسي في القرن الخامس الهجري، وقد عاصر الانهيار النهائي للأندلس بعد فترات من الاضطهاد والصراعات.
- وقد نظم أبو البقاء الرندي قصيدة في رثاء الأندلس وزوال المدن والمماليك، خاصة بعد الغزو على الأندلس من قبل الأسبان، وقد أدي هذا الغزو إلى تنازل العديد من أهم الأندلس لبعض المدن والقلاع للعدو، وقد كان يتعجب من أمر أهل الأندلس من تنازلهم عن المدن الذي أدى بالتبعية إلى سقوط دولة الأندلس.
كلمات أبيات قصيدة أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس
نقدم لكم كلمات أبيات قصيدة أبو البقاء في رثاء الأندلس، وتشمل الكلمات ما يلي:
لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ
فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ
هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ
مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ
وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ وَ
لا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ
يُمَزِّقُ الدَهرُ حَتمًا كُلَّ سابِغَةٍ
إِذا نَبَت مَشرَفِيّات وَخرصانُ وَيَنتَضي
كُلَّ سَيفٍ للفَناء وَلَو كانَ ابنَ ذي يَزَن
وَالغِمد غمدانُ أَينَ المُلوكُ ذَوي التيجانِ
مِن يَمَنٍ وَأَينَ مِنهُم أَكالِيلٌ وَتيجَانُ
وَأَينَ ما شادَهُ شَدّادُ في إِرَمٍ
وَأينَ ما ساسَه في الفُرسِ ساسانُ
وَأَينَ ما حازَهُ قارونُ من ذَهَبٍ
وَأَينَ عادٌ وَشدّادٌ وَقَحطانُ أَتى
عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ حَتّى قَضوا
فَكَأنّ القَوم ما كانُوا وَصارَ
ما كانَ مِن مُلكٍ وَمِن مَلكٍ
كَما حَكى عَن خَيالِ الطَيفِ
وَسنانُ دارَ الزَمانُ عَلى دارا
وَقاتِلِهِ وَأَمَّ كِسرى فَما آواهُ
إِيوانُ كَأَنَّما الصَعبُ لَم يَسهُل لَهُ سببٌ يَومًا
وَلا مَلَكَ الدُنيا سُلَيمانُ
فَجائِعُ الدُهرِ أَنواعٌ مُنَوَّعَةٌ
وَلِلزَمانِ مَسرّاتٌ وَأَحزانُ
وَلِلحَوادِثِ سلوانٌ يُهوّنُها
وَما لِما حَلَّ بِالإِسلامِ سلوانُ
دهى الجَزيرَة أَمرٌ لا عَزاءَ لَهُ
هَوَى لَهُ أُحُدٌ وَاِنهَدَّ ثَهلانُ
أَصابَها العينُ في الإِسلامِ فاِرتزَأت
حَتّى خَلَت مِنهُ أَقطارٌ وَبُلدانُ
فاِسأل بَلَنسِيةً ما شَأنُ مرسِيَةٍ
وَأَينَ شاطِبة أَم أَينَ جيّانُ وَأَين قُرطُبة
دارُ العُلُومِ فَكَم مِن عالِمٍ
قَد سَما فِيها لَهُ شانُ وَأَينَ حمص
وَما تَحويِهِ مِن نُزَهٍ وَنَهرُها العَذبُ فَيّاضٌ
وَمَلآنُ قَوَاعد كُنَّ أَركانَ البِلادِ
فَما عَسى البَقاءُ إِذا لَم تَبقَ أَركانُ
تَبكِي الحَنيفِيَّةُ البَيضَاءُ مِن أَسَفٍ
كَما بَكى لِفِراقِ الإِلفِ هَيمَانُ عَلى دِيارٍ
منَ الإِسلامِ خالِيَةٍ قَد أَقفَرَت
وَلَها بالكُفرِ عُمرانُ حَيثُ المَساجِدُ قَد
صارَت كَنائِس ما فيهِنَّ إِلّا نَواقِيسٌ وصلبانُ
حَتّى المَحاريبُ تَبكي وَهيَ جامِدَةٌ
حَتّى المَنابِرُ تَبكي وَهيَ عيدَانُ يا غافِلًا
وَلَهُ في الدهرِ مَوعِظَةٌ إِن كُنتَ
في سنَةٍ فالدهرُ يَقظانُ وَماشِيًا مَرِحًا
يُلهِيهِ مَوطِنُهُ أَبَعدَ حِمص تَغُرُّ المَرءَ أَوطانُ
تِلكَ المُصِيبَةُ أَنسَت ما تَقَدَّمَها
وَما لَها مِن طِوَالِ المَهرِ نِسيانُ
يا أَيُّها المَلكُ البَيضاءُ رايَتُهُ أَدرِك بِسَيفِكَ
أَهلَ الكُفرِ لا كانوا يا راكِبينَ عِتاق الخَيلِ
ضامِرَةً كَأَنَّها في مَجالِ السَبقِ عقبانُ
وَحامِلينَ سُيُوفَ الهِندِ مُرهَفَةً
كَأَنَّها في ظَلامِ النَقعِ نيرَانُ
وَراتِعينَ وَراءَ البَحرِ في دعةٍ لَهُم
بِأَوطانِهِم عِزٌّ وَسلطانُ أَعِندكُم نَبَأ مِن أَهلِ أَندَلُس
فَقَد سَرى بِحَدِيثِ القَومِ رُكبَانُ
كَم يَستَغيثُ بِنا المُستَضعَفُونَ
وَهُم قَتلى وَأَسرى فَما يَهتَزَّ إِنسانُ ماذا التَقاطعُ في الإِسلامِ
بَينَكُمُ وَأَنتُم يا عِبَادَ اللَهِ إِخوَانُ
أَلا نُفوسٌ أَبيّاتٌ لَها هِمَمٌ أَما عَلى الخَيرِ أَنصارٌ وَأَعوانُ
يا مَن لِذلَّةِ قَوم بَعدَ عِزّتهِم أَحالَ حالَهُم
كفرٌ وَطُغيانُ بِالأَمسِ كانُوا
مُلُوكًا فِي مَنازِلهِم وَاليَومَ هُم في بِلادِ الكُفرِ عُبدانُ
فَلَو تَراهُم حَيارى لا دَلِيلَ لَهُم
عَلَيهِم من ثيابِ الذُلِّ أَلوانُ
وَلَو رَأَيت بُكاهُم عِندَ بَيعهمُ لَهالَكَ الأَمرُ
وَاِستَهوَتكَ أَحزانُ يا رُبَّ
أمٍّ وَطِفلٍ حيلَ بينهُما كَما تُفَرَّقُ أَرواحٌ وَأَبدانُ
وَطفلَة مِثلَ حُسنِ الشَمسِ إِذ برزت كَأَنَّما هيَ ياقُوتٌ وَمُرجانُ
يَقُودُها العِلجُ لِلمَكروهِ مُكرَهَةً وَالعَينُ باكِيَةٌ
وَالقَلبُ حَيرانُ لِمثلِ هَذا يَبكِي القَلبُ
مِن كَمَدٍ إِن كانَ في القَلبِ إِسلامٌ وَإِيمانُ
تحليل قصيدة أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس
إليكم تحليل قصيدة أبو البقاء الرندي لكل شيء إذا ماتم نقصان في رثاء الأندلس، ويشمل التحليل ما يلي:
لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ: فَلا يُغَرَّ بِطيبِ العَيشِ إِنسانُ: هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ
- يشير الشاعر في هذه الأبيات إلى حقيقة الواقع أنها ناقصة مهما وصلت لدرجات الكمال، وتقلب الأحوال هي سنة الحياة فلا يعتاد الإنسان على الحياة الرغدة، ويستشهد الشاعر بالدول والأحداث السابقة وما مرت به من تقلبات.
مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ: وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ
- ويسرد ويقول أن من تمتع بوقت جيد سيأتيه أزمان سيئة، ودوام الحال من المحال.
يُمَزِّقُ الدَهرُ حَتمًا كُلَّ سابِغَةٍ: إِذا نَبَت مَشرَفِيّات وَخرصانُ: وَيَنتَضي كُلَّ سَيفٍ للفَناء وَلَو كانَ ابنَ ذي يَزَن
- ويؤكد الشاعر أن الدهر كفيل أن ينهي كل شيء، ويضرب مثل ويقول عندما تنمو الأشياء وتزدهر، يأتي الزمن ويفنيها، كما أن كل سيف ينتظر الفناء، حتى لو كان من الذهب.
وَالغِمد غمدانُ أَينَ المُلوكُ ذَوي التيجانِ: مِن يَمَنٍ وَأَينَ مِنهُم أَكالِيلٌ وَتيجَانُ: وَأَينَ ما شادَهُ شَدّادُ في إِرَمٍن وَأينَ ما ساسَه في الفُرسِ ساسانُ: وَأَينَ ما حازَهُ قارونُ من ذَهَبٍ: وَأَينَ عادٌ وَشدّادٌ وَقَحطانُ
- ويقول الشاعر أين هم الملوك الذين لهم التيجان، يعني الملوك العظماء والأمراء، وأين تيجانهم التي كانت تزين رؤوسهم، ويضر الأمثال للملوك السابقين الذين فانوا، شداد، سداد، عاد، قحطان، ملك قارون.
أَتى عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ حَتّى قَضوا: فَكَأنّ القَوم ما كانُوا وَصارَ ما كانَ مِن مُلكٍ وَمِن مَلكٍ: وَأَينَ عادٌ وَشدّادٌ وَقَحطانُ أَتى
- كأن الناس لم يكونوا شيئاً، وصار ما كان من مملكة وسلطان.
عَلى الكُلِّ أَمرٌ لا مَرَدّ لَهُ حَتّى قَضوا: فَكَأنّ القَوم ما كانُوا وَصارَ ما كانَ مِن مُلكٍ وَمِن مَلكٍ: كَما حَكى عَن خَيالِ الطَيفِ وَسنانُ
- وقد أكد الشاعر أن جميع قصص الملوك والأشخاص السابقين ما هي إلا قصة خيالية، ولكن واقعية في سير الزمان، وأن الزمان يأتي بأمر لا مفر منه حتى يقضى بها.
دارَ الزَمانُ عَلى دارا وَقاتِلِهِ: وَأَمَّ كِسرى فَما آواهُ إِيوانُ: كَأَنَّما الصَعبُ لَم يَسهُل لَهُ سببٌ يَومًا حتى... بيت فَما عَسى البَقاءُ إِذا لَم تَبقَ أَركانُ
- وأشار الشاعر أن الزمن يجتاح الدول وأهلها، وهذا ما يبرر سقوط ملكية الفارسية وتلاشيها، وفناء ملك سليمان، ومصائب وأحزان الزمن متنوعة وعديدة، والحياة لا تسير على وتيرة واحدة فالزمان يأتي بفرح وأحزان.
- كما يشير إلى أن الإسلام جلب الراحة والسلام للأمم، يشير إلى سقوط الجزيرة (العربية) ولا عزاء لهذا السقوط، والذي توالت من بعده الهزيمة واحدة تلو الأخرى بداية من هزيمة المسلمين في معركة أحد وثهلان، ثم الانشقاقات بين صفوف المسلمين.
- يؤكد الشاعر أن أهمية التمسك بالقواعد لاستمرارية الحياة، لأن عدم وجود القواعد يؤدي إلى انهيار البنية الاجتماعية.
تَبكِي الحَنيفِيَّةُ البَيضَاءُ مِن أَسَفٍ: كَما بَكى لِفِراقِ الإِلفِ هَيمَانُ عَلى دِيارٍ: منَ الإِسلامِ خالِيَةٍ قَد أَقفَرَت حتى ... بيت فَقَد سَرى بِحَدِيثِ القَومِ رُكبَانُ
- الحنيفية البيضاء (الإسلام) تبكي من الحزن والأسف، إذ أن المساجد تحولت إلى كنائس، ولا يوجد فيها سوى أجراس وصلبان، حتى المحاريب تبكي وهي صلبة ولا تتحرك، ويقول الشاعر أيها الغافل، لك درس في الدهر إذا كنت مستيقظًا في سنة، فالدهر دائمًا يكون يقظًا ولا يأتي بالفرح إلا لمن يكون مستعدًا.
- ويكمل الشاعر ويقول أن أهل الكفر كانوا يركبون الخيول مستعدين للمعركة، كأنهم في سباق مع الزمن ويحملون سيوف حادة، كأنهم في ظلام الغمام متأهبون.
- ونهاية الأبيات توضح الوضع الحالي للمسلمين والأمة الإسلامية بشكل عام، وتعبر عن الحزن والأسى لما أصابهم من ضعف وتخلف. الشاعر يستغرب من عدم تحرك المسلمين لنصرة المظلومين والمستضعفين الذين يعيشون في ظروف صعبة ومأساوية، مشيراً إلى الانقسامات والتقاطعات داخل الأمة الإسلامية، ونداءاته للوحدة والتكاتف.
- كما يندب انحلال الأخلاق والقيم الدينية السامية، ويبدي أسفه لتحول بعض السلطات والحكام من كانوا ملوكاً إلى عبيد تحت سيطرة الكفر، ويناشد بالبكاء والحزن لما أصاب أمة الإسلام من ضياع وهوان.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_21081