شرح قصيدة بان الخليط كاملة مع كلماتها
نبذة عن قصيدة بان الخليط
- نوع القصيدة: حزن وألم من فراق الحبيب
- شكل القصيدة: عمودية
- القافية والوزن: النون
- البحر الشعري: بحر البسيط
- مؤلف القصيدة: جرير من شعراء العصر الأموي
معنى بان الخليط
- "بان الخليط" هو تعبير يستخدمه الشعراء العرب للإشارة إلى فراق الأحبة أو انفصالهم. كلمة "بان" تعني "ابتعد" أو "افترق"، وكلمة "الخليط" تعني "الأحبة" أو "الرفاق". إذن، "بان الخليط" تعني "افترق الأحبة" أو "ابتعد الرفاق".
- هذا التعبير يُستخدم في الشعر العربي للتعبير عن مشاعر الحزن والألم الناتجة عن الفراق، وهو موضوع شائع في القصائد الغزلية والوجدانية.
شرح قصيدة بان الخليط
كتب الشاعر جرير هذه القصيدة من أجل مهاجاة الشاعر الأموي الأخطل، ولكنه في بداية هذه القصيدة قام بكتابة شعر يدل على حزنه على فراق محبوبته، والتغزل بها، وتذكر كل المواقف التي كانت تجمعهما سويا.
من ضمن أبيات هذه القصيدة:
بان الخليط ولو طوعت ما بانا وقطعوا من حبال الوصل أقرانا
- وشرح هذا البيت الذي هو يهتم بداية قصيدة بان الخليط هو أن الشاعر يشعر ببعد حبيبته عنه، وهي التي تمنى أن تظل بجواره طوال الوقت.
- ويقول في قرارة نفسه أنه لو كان قادرا على منع محبوبته من الابتعاد عنه لفعل ذلك، ولا يتركها تذهب إلى مكان آخر هو غير متواجد به.
- ويرى أن هذا البعد قد قطع كل أحبال الود والوصال بينه وبين محبوبته، ويشعر أن حزنه على هذا الفراق يوجع قلبه، ويشغل عقله من كثرة التفكير في المحبوبة.
- ففي هذا البعد لم يعد الشاعر قادرا على التواصل والاتصال مع محبوبته، ومخاطبتها مثلما كانت يفعل في الماضي.
حي المنازل إذ لا نبتغي بدلا بالدار دارا ولا الجيران جيرانا
- هنا يقول الشاعر أنه يلقي التحية على المنزل والمكان الذي كانت محبوبته تسكن به، ولا يريد أن يسكن أحدا آخر في هذا المنزل بدلا من محبوبته، ولا يكونوا له جيرانا بدلا عنها.
- وهو من خلال هذا البيت يصف مدى حب ومكانة هذا المنزل بالنسبة له، لأنه يذكره بالحب والعشق الذي يكنه لحبيبته، وهو لا يريد سوى أن يقف أمام هذا المنزل مهما كانت الظروف، ومهما كانت الأسباب.
قد كنت في أثر الأظعان ذا طرب مروعا من حذار البين محزانا
- هنا يقول الشاعر أنه كان يمشي خلف القافلات المسافرات وهو حزين، وقلبه مكسور لأنه كان يحمل هم هذا اليوم الذي ستهجره فيه حبيبته.
- وكان يشعر بخوف عميق تجاه هذا اليوم، وعلى الرغم من ذلك إلا أن خوفه وظنه قد تحقق، حيث بعدت عنه حبيبته، وكسرت قلبه وظهره بهذا الفراق والغياب.
يا رب مكتاب لو قد نعيت له باك وآخر مسرور بمنعانا
- يقول الشاعر في هذا البيت أنه إذا أصابه شر أو موت بسبب حزنه على حبيبته التي فارقته فإن ذلك سيكون له أثر سلبي وسيئ على محبين هذا الشاعر.
- وفي نفس الوقت سيفرج الكثيرون بخبر موت الشاعر بسبب كرههم له.
- وهنا يقول الشاعر أنه يشعر بأن أعدائه وكارهينه كثر، وأنه يشعر بالأسى على كل شخص يموت ويكون له أحباب يحزنون لموته وفراقه، وفي نفس الوقت يكون لديه أعداء يشمتون ويفرحون لموته.
لو تعلمين الذي نلقى أويت لنا أو تسمعين إلى ذى العرش شكوانا
- هنا يقول الشاعر لمحبوبته أنها لو كانت تعلم مدى حزنه وحاله السيء بعد غيابها لرجعت مرة أخرى إلى ديارها حتى يراها الشاعر، ويستأنس بها.
- ويقول لها الشاعر أنها لو علمت وسمعت شكواها لرب العالمين بسبب فراقها عنه لكانت رجعت، وأنهت هذا الفراق.
- ويتمنى الشاعر في هذا البيت أن ترجع وتعود محبوبته مرة أخرى لديارها لما أصابه من مرض وحزن ووهن جراء هذا الغياب والفراق الذي أحزنه وأمرضه.
كصاحب الموج إذا مالت سفينته يدعو إلى الله إسرارا وإعلانا
- ويصف الشاعر هنا حاله بعد غياب حبيبته عنه، حيث يقول أنه مثله مثل الشخص الذي يركب البحار، ويعلق بين أمواج هذه البحار حتى توشك سفينته على الغرق.
- ويدعو هذا الشخص العالق ربه لينجيه من هذه الشرور وهذا الابتلاء، ويقول الشاعر لمحبوبته في هذا البيت أنه يدعو الله كل يوم حتى يرفع عنه هذا الحزن الذي أصابه بعد غياب وفراق محبوبته.
- والذي تسبب له في الكثير من الأوجاع والآلام التي ستقتله في النهاية.
يا أيها الراكب المزجي مطيته بلغ تحيتنا لقيت حملانا
- وهنا في هذا البيت يُحمل الشاعر سلامه وحبه وشوقه للأشخاص الذين يقودون قافلة المحبوب للسفر به.
- ويقول لهم أنه ربما يجازوا على هذا الأمر من خلال بعض الهدايا والأموال التي قد تنهال عليهم نتيجة جبر خاطر قلب عاشق مكسور، وحزين على فراق حبيبته.
بلغ رسائل عنا خف محملها على قلائص لم يحملن حيرانا
- وهنا يقول الشاعر للأشخاص الذين يقودن قافلة المحبوبه للسفر بها بعيدا أنهم يبلغوا عنه حبه واشتياقه لمحبوبته.
- وأنه ظل كاتما لهذا الحب في قلبه لفترة طويلة، ولم يستطيع أن يظهره لها قبل أن ترحل عنه وتفارقه.
- ويقول لهم أنه ربما تعود الجمال التي تقود المحبوبة إلى مكان بعيد لديارها عندما تعلم مدى حب وولع الشاعر بهذه المحبوبة.
- حيث تشفق عليه هذه الجمال من العذاب الذي سيلاقيه بعد هذا الفراق الأليم.
تهدى السلام لأهل الغور من ملح هيهات من ملخ بالغور مهدانا
- يقول الشاعر أنه سيهدي أشعاره ورسائله التي كتب وعبر فيها عن حبه واشتياقه للذين سكنوا في الغور من قوم ملح.
- حيث يقول أن هذا المكان بعيدا جدا عنه، وهو المكان الذي تسكن فيه محبوبته.
- ويصف مدى شعوره بالعجز على عدم قدرته للسفر لتلك الأماكن من أجل رؤية محبوبته.
أحبب إلى بذاك الجذع منزلة بالطلح طلحا وبالأعطان أعطانا
- يقول الشاعر أن هذا المكان هو من الأماكن المحببة إلى قلبه وعقله، والخضرة والعشب الموجودة في هذا المكان هي الأشياء المفضلة إلى قلبه في هذا المكان.
- كما يقول أن مواليد الجمال التي تنقل محبوبته إلى مكان بعيد هي من الكائنات المحببة إلى قلبه أيضا.
- ويقول أن أي أمر أو كائن يخص الحبيب فإنه يتعلق به ويحبه مثل الحبيب تماما، ويعتبره شفائا له من آلامه الناتجة عن بعد محبوبته عنه.
يا ليت ذا القلب لاقى من يعلله أو ساقيا فسقاه اليوم سلوانا
- هنا يتمنى الشاعر أن يجد من يداوي له جراح وآلام قلبه الناتجة عن بعد فراق محبوبته عنه.
- أو يجد من يعطي له دواءا لهذا الألم المستمر حتى ينسى محبوبته، وتنتهي أوجاعه وآلامه بسبب اشتياقه لها.
أَو لَيتَها لَم تُعَلِّقنا عُلاقَتَها وَلَم يَكُن داخِلَ الحُبُّ الَّذي كانا
- يتمنى الشاعر لو لم يقع في حبها ولم يشعر بتلك المشاعر العميقة التي تسببت له بالألم.
هَلّا تَحَرَّجتِ مِمّا تَفعَلينَ بِنا يا أَطيَبَ الناسِ يَومَ الدَجنِ أَردانا
- يتساءل الشاعر لماذا لا تشعر المحبوبة بالحرج مما تفعله به، ويناديها بأطيب الناس، ويشير إلى أنها كانت السبب في سقوطه في حالة من الألم.
قالَت أَلِمَّ بِنا إِن كُنتَ مُنطَلِقاً وَلا إِخالُكَ بَعدَ اليَومِ تَلقانا
- تقول المحبوبة للشاعر أن يأتي إليها إذا كان يرغب في الرحيل، لكنها تشك في أنه سيلتقي بها مرة أخرى بعد هذا اليوم.
يا طَيبَ هَل مِن مَتاعٍ تُمتِعينَ بِهِ ضَيفاً لَكُم باكِراً يا طَيبَ عَجلانا
- يسأل الشاعر المحبوبة إذا كان هناك أي شيء يمكن أن تهديه له كضيف لها، ويصف نفسه بأنه ضيف بائس ومستعجل.
ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا
- يشير الشاعر إلى أنه ليس الأول الذي اشتاق واهتز طربًا، فقد جلب له فراق المحبوبة الكثير من الأحزان.
يا أُمَّ عَمروٍ جَزاكِ اللَهُ مَغفِرَةً رُدّي عَلَيَّ فُؤادي كَالَّذي كانا
- يناشد الشاعر المحبوبة، ويدعو لها بالمغفرة من الله، ويطلب منها أن تعيد له قلبه كما كان من قبل.
أَلَستِ أَحسَنَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ يا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانا
- يتغزل الشاعر في جمال المحبوبة، ويصفها بأنها أجمل من يمشي على الأرض وأحسن الناس.
يَلقى غَريمُكُمُ مِن غَيرِ عُسرَتِكُم بِالبَذلِ بُخلاً وَبِالإِحسانِ حِرمانا
- يقول الشاعر إن الشخص الذي يتعامل مع أهل المحبوبة يجد منهم البخل بدلاً من الكرم والحرمان بدلاً من الإحسان.
لا تَأمَنَنَّ فَإِنّي غَيرُ آمِنِهِ غَدرَ الخَليلِ إِذا ما كانَ أَلوانا
- يحذر الشاعر من الثقة في المحبوبة، ويعبر عن خوفه من غدر الصديق عندما يكون متلونًا.
قَد خُنتِ مَن لَم يَكُن يَخشى خِيانَتَكُم ما كُنتُ أَوَّلَ مَوثوقٍ بِهِ خانا
- يتهم الشاعر المحبوبة بالخيانة، ويشير إلى أنه لم يكن الأول الذي خانته بعد أن وثق بها.
لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا
- يعترف الشاعر بأنه حاول كتم حبه ولكنه لم يستطع، وأصبح مغرماً بشدة.
كادَ الهَوى يَومَ سَلمانينَ يَقتُلُني وَكادَ يَقتُلُني يَوماً بِبَيدانا
- يصف الشاعر أن الحب كاد يقتله في يوم سلمانين، وكاد يقتله في يوم ببيدانا.
وَكادَ يَومَ لِوى حَوّاءَ يَقتُلُني لَو كُنتُ مِن زَفَراتِ البَينِ قُرحانا
- يشير الشاعر إلى أن الحب كاد يقتله في يوم لوى حواء، خاصة لو كان يعاني من جراح الفراق.
لا بارَكَ اللَهُ فيمَن كانَ يَحسِبُكُم إِلّا عَلى العَهدِ حَتّى كانَ ما كانا
- يدعو الشاعر على من يظن أن المحبوبة كانت ملتزمة بالعهد، حتى وقع ما وقع من الفراق والخيانة.
مِن حُبَّكُم فَاِعلَمي لِلحُبِّ مَنزِلَةً نَهوى أَميرُكُمُ لَو كانَ يَهوانا
- يخاطب الشاعر المحبوبة بأن الحب له مكانة عظيمة، ويقول إنه كان سيحب أميرها لو كان يحبهم.
لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا
- يتمنى الشاعر ألا يبارك الله في الدنيا إذا انقطعت صلات المحبوبة بعالمه.
يا أُمَّ عُثمانَ إِنَّ الحُبُّ عَن عَرضٍ يُصبي الحَليمَ وَيُبكي العَينَ أَحيانا
- يخاطب الشاعر أم عثمان ويقول إن الحب قد يجذب العاقل ويبكي العين أحيانًا.
ضَنَّت بِمَورِدةٍ كانَت لَنا شَرَعاً تَشفي صَدى مُستَهامِ القَلبِ صَديانا
- يصف الشاعر كيف أن المحبوبة منعت عنه موردًا كان يمكن أن يروي عطشه، ويشفي قلبه المتيم.
كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا
- يتساءل الشاعر كيف يمكن أن يلتقيا إذا لم يكن مكان المحبوبة قريبًا منه في الصيف ولا مكان بدايتها بدايةً له.
نَهوى ثَرى العِرقِ إِذ لَم نَلقَ بَعدَكُمُ كَالعِرقِ عِرقاً وَلا السُلّانِ سُلّانا
- يعبر الشاعر عن حبه لتراب العرق، ويقول إنه لم يجد بعدهم شيئًا يشبه العرق أو السلان.
نبذة عن كاتب قصيدة بان الخليط جرير
- جرير بن عطية الكلبي اليربوعي التميمي، المعروف باسم جرير، هو أحد أبرز شعراء العصر الأموي. وُلد في بادية نجد حوالي سنة 653 ميلادية (33 هـ)، وتوفي حوالي سنة 732 ميلادية (110 هـ).
- يُعد جرير واحدًا من أعظم شعراء العرب في العصور الإسلامية المبكرة، واشتهر بنقده اللاذع والهجاء القوي، وشارك في العديد من المعارك الشعرية مع معاصريه، خصوصًا مع الشاعرين الفرزدق والأخطل.
- جرير شخصية بارزة في المجتمع الأموي، واشتهر بقدرته الفائقة على السخرية والهجاء. على الرغم من شدة هجائه، كان يتمتع أيضًا بمهارات في المدح، حيث كتب قصائد مدح في حق الخلفاء والأمراء.
- أهم أعماله: نقائض جرير مع الفرزدق واحدة من أشهر الأعمال الأدبية في الشعر العربي. هذه النقائض كانت قصائد هجائية يرد فيها كل شاعر على الآخر بأسلوب شعري بليغ ومعقد.
- كما كتب جرير العديد من القصائد في مدح الخلفاء الأمويين والأمراء، مثل قصائده في مدح الخليفة عبد الملك بن مروان.
كلمات أبيات قصيدة بان الخليط
إليكم أهم كلمات أبيات قصيدة بان الخليط لجرير، وتشمل:
بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا
وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا
حَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلاً
بِالدارِ داراً وَلا الجيرانِ جيرانا
قَد كُنتُ في أَثَرِ الأَظعانِ ذا طَرَبٍ
مُرَوَّعاً مِن حِذارِ البَينِ مِحزانا
يا رَبُّ مُكتَإِبٍ لَو قَد نُعيتُ لَهُ
باكٍ وَآخَرَ مَسرورٍ بِمَنعانا
لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا
أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا
كَصاحِبِ المَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ
يَدعو إِلى اللَهِ إِسراراً وَإِعلانا
يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَتَهُ
بَلِّغ تَحِيَّتَنا لُقّيتَ حُملانا
بَلِّغ رَسائِلَ عَنّا خَفَّ مَحمَلُها
عَلى قَلائِصَ لَم يَحمِلنَ حيرانا
كَيما نَقولُ إِذا بَلَّغتَ حاجَتَنا
أَنتَ الأَمينُ إِذا مُستَأمَنٌ خانا
تُهدي السَلامَ لِأَهلِ الغَورِ مِن مَلَحٍ
هَيهاتَ مِن مَلَحٍ بِالغَورِ مُهدانا
أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ الجِزعِ مَنزِلَةً
بِالطَلحِ طَلحاً وَبِالأَعطانِ أَعطانا
يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ
أَو ساقِياً فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا
أَو لَيتَها لَم تُعَلِّقنا عُلاقَتَها
وَلَم يَكُن داخِلَ الحُبُّ الَّذي كانا
هَلّا تَحَرَّجتِ مِمّا تَفعَلينَ بِنا
يا أَطيَبَ الناسِ يَومَ الدَجنِ أَردانا
قالَت أَلِمَّ بِنا إِن كُنتَ مُنطَلِقاً
وَلا إِخالُكَ بَعدَ اليَومِ تَلقانا
يا طَيبَ هَل مِن مَتاعٍ تُمتِعينَ بِهِ
ضَيفاً لَكُم باكِراً يا طَيبَ عَجلانا
ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ
هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا
يا أُمَّ عَمروٍ جَزاكِ اللَهُ مَغفِرَةً
رُدّي عَلَيَّ فُؤادي كَالَّذي كانا
أَلَستِ أَحسَنَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ
يا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانا
يَلقى غَريمُكُمُ مِن غَيرِ عُسرَتِكُم
بِالبَذلِ بُخلاً وَبِالإِحسانِ حِرمانا
لا تَأمَنَنَّ فَإِنّي غَيرُ آمِنِهِ
غَدرَ الخَليلِ إِذا ما كانَ أَلوانا
قَد خُنتِ مَن لَم يَكُن يَخشى خِيانَتَكُم
ما كُنتُ أَوَّلَ مَوثوقٍ بِهِ خانا
لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني
لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا
كادَ الهَوى يَومَ سَلمانينَ يَقتُلُني
وَكادَ يَقتُلُني يَوماً بِبَيدانا
وَكادَ يَومَ لِوى حَوّاءَ يَقتُلُني
لَو كُنتُ مِن زَفَراتِ البَينِ قُرحانا
لا بارَكَ اللَهُ فيمَن كانَ يَحسِبُكُم
إِلّا عَلى العَهدِ حَتّى كانَ ما كانا
مِن حُبَّكُم فَاِعلَمي لِلحُبِّ مَنزِلَةً
نَهوى أَميرُكُمُ لَو كانَ يَهوانا
لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت
أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا
يا أُمَّ عُثمانَ إِنَّ الحُبُّ عَن عَرضٍ
يُصبي الحَليمَ وَيُبكي العَينَ أَحيانا
ضَنَّت بِمَورِدَةٍ كانَت لَنا شَرَعاً
تَشفي صَدى مُستَهامِ القَلبِ صَديانا
كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم
مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا
نَهوى ثَرى العِرقِ إِذ لَم نَلقَ بَعدَكُمُ
كَالعِرقِ عِرقاً وَلا السُلّانِ سُلّانا
ما أَحدَثَ الدَهرُ مِمّا تَعلَمينَ لَكُم
لِلحَبلِ صُرماً وَلا لِلعَهدِ نِسيانا
أَبُدِّلَ اللَيلُ لا تَسري كَواكِبُهُ
أَم طالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا
يا رُبُّ عائِذَةٍ بِالغَورِ لَو شَهِدَت
عَزَّت عَلَيها بِدَيرِ اللُجِّ شَكوانا
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ
وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
يا رُبُّ غابِطِنا لَو كانَ يَطلُبُكُم
لاقى مُباعَدَةً مِنكُم وَحِرمانا
أَرَينَهُ المَوتَ حَتّى لا حَياةَ بِهِ
قَد كُنَّ دِنَّكَ قَبلَ اليَومِ أَديانا
طارَ الفُؤادُ مَعَ الخَودِ الَّتي طَرَقَت
في النَومِ طَيِّبَةَ الأَعطافِ مِبدانا
مَثلوجَةَ الريقِ بَعدَ النَومِ واضِعَةً
عَن ذي مَثانٍ تَمُجُّ المِسكَ وَالبانا
بِتنا نَرانا كَأَنّا مالِكونَ لَنا
يا لَيتَها صَدَّقَت بِالحَقِّ رُؤيانا
قالَت تَعَزَّ فَإِنَّ القَومَ قَد جَعَلوا
دونَ الزِيارَةِ أَبواباً وَخُزّانا
لَمّا تَبَيَّنتُ أَن قَد حيلَ دونَهُمُ
ظَلَّت عَساكِرُ مِثلُ المَوتِ تَغشانا
ماذا لَقيتُ مِنَ الأَظعانِ يَومَ قِنىً
يَتبَعنَ مُغتَرِباً بِالبَينِ ظَعّانا
أَتبَعتُهُم مُقلَةً إِنسانُها غَرِقٌ
هَل يا تُرى تارِكٌ لِلعَينِ إِنسانا
كَأَنَّ أَحداجَهُم تُحدى مُقَفِّيَةً
نَخلٌ بِمَلهَمَ أَو نَخلٌ بِقُرّانا
يا أُمَّ عُثمانَ ما تَلقى رَواحِلُنا
لَو قِستِ مُصبَحَنا مِن حَيثُ مُمسانا
تَخدي بِنا نُجُبٌ دَمّى مَناسِمَها
نَقلُ الحَزابِيِّ حِزّاناً فَحِزّانا
تَرمي بِأَعيُنِها نَجداً وَقَد قَطَعَت
بَينَ السَلَوطَحِ وَالرَوحانِ صُوّانا
يا حَبَّذا جَبَلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ
وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا
وَحَبَّذا نَفَحاتٌ مِن يَمانِيَةٍ
تَأتيكَ مِن قِبَلِ الرَيّانِ أَحيانا
هَبَّت شَمالاً فَذِكرى ما ذَكَرتُكُمُ
عِندَ الصَفاةِ الَّتي شَرقَيَّ حَورانا
هَل يَرجِعَنَّ وَلَيسَ الدَهرُ مُرتَجِعاً
عَيشٌ بِها طالَما اِحلَولى وَما لانا
أَزمانَ يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي
وَكُنَّ يَهوَينَني إِذ كُنتُ شَيطانا
مَن ذا الَّذي ظَلَّ يَغلي أَن أَزورَكُمُ
أَمسى عَلَيهِ مَليكُ الناسِ غَضبانا
ما يَدَّري شُعَراءُ الناسِ وَيلَهُمُ
مِن صَولَةِ المُخدِرِ العادي بِخَفّانا
جَهلاً تَمَنّى حُدائي مِن ضَلالَتِهِم
فَقَد حَدَوتُهُمُ مَثنى وَوُحدانا
غادَرتُهُم مِن حَسيرٍ ماتَ في قَرَنٍ
وَآخَرينَ نَسوا التَهدارَ خِصيانا
ما زالَ حَبلِيَ في أَعناقِهِم مَرِساً
حَتّى اِشتَفَيتُ وَحَتّى دانَ مَن دانا
مَن يَدعُني مِهُمُ يَبغي مُحارَبَتي
فَاِستَيقِنَنَّ أُجِبهُ غَيرَ وَسنانا
ما عَضَّ نابِيَ قَوماً أَو أَقولَ لَهُم
إِيّاكُمُ ثُمَّ إِيّاكُمُ وَإِيّانا
إِنّي اِمرُؤٌ لَم أُرِد فيمَن أُناوِئُهُ
لِلناسِ ظُلماً وَلا لِلحَربِ إِدهانا
أَحمي حِمايَ بِأَعلى المَجدِ مَنزِلَتي
مِن خِندِفٍ وَالذُرى مِن قَيسِ عَيلانا
قالَ الخَليفَةُ وَالخِنزيرُ مُنهَزِمٌ
ما كُنتَ أَوَّلَ عَبدٍ مُحلِبٍ خانا
لَقى الأُخَيطِلُ بِالجَولانِ فاقِرَةً
مِثلَ اِجتِداعِ القَوافي وَبرَ هِزّانا
يا خُزرَ تَغلِبَ ماذا بالُ نِسوَتِكُم
لا يَستَفِقنَ إِلى الدَيرَينِ تَحنانا
لَن تُدرِكوا المَجدَ أَو تَشروا عَباءَكُمُ
بِالخَزِّ أَو تَجعَلوا التَنّومَ ضَمرانا
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_10452