كتابة :
آخر تحديث: 23/07/2025

شرح قصيدة لماذا أراك على كل شيء.. فاروق جويدة

تُعدّ قصيدة "لماذا أراكِ على كل شيء؟" واحدة من أروع ما كتب الشاعر المصري فاروق جويدة، حيث تنبض الكلمات بشوقٍ دفين وحبٍّ يتجاوز الزمان والمكان. في هذه القصيدة، يرسم الشاعر صورة لحبيبته التي أصبحت حاضرة في كل تفاصيل حياته، حتى بات يراها في الوجوه والأشياء والذكريات. يجسد النص إحساس العاشق الذي لا يستطيع الانفصال عن محبوبته، مهما ابتعد الزمان أو تغيرت الظروف. وفي هذا المقال في موقع مفاهيم نتعرف على شرح كلمات القصيدة والصور البلاغية.
شرح قصيدة لماذا أراك على كل شيء.. فاروق جويدة

نبذة عن شعر لماذا أراك على كل شيء بقايا

قصيدة "لماذا أراك على كل شيءٍ بقايا؟" هي من روائع الشعر العربي المعاصر، كتبها الشاعر المصري فاروق جويدة، وهي من القصائد التي تنتمي إلى شعر الرومانسية والحزن الوجداني العميق. وتُعد نموذجًا قويًا على الذكاء العاطفي في التعبير عن الحب والفقد والانكسار.

نبذة عن مضمون القصيدة:

في هذه القصيدة، يتحدث الشاعر عن تجربة حب ماضية تملأ حياته حتى بعد الفراق، حيث يرى ملامح الحبيبة في كل الوجوه، ويشعر بحضورها في كل الأمكنة والأشياء. تتحول الذكريات إلى طيف دائم يطارده في يقظته ومنامه، وتبقى صورتها محفورة في تفاصيل حياته، رغم الألم والفقد.

السمات الأدبية للقصيدة:

  • عاطفية عميقة: تُظهر القصيدة مشاعر الشوق والحنين والألم من الحب الذي انتهى.
  • لغة رمزية وصور بلاغية: استخدم الشاعر تشبيهات واستعارات قوية مثل: "تضيء عيونك خلف الغمامة"، "أراك ابتسامة"، "أراك السلامة".
  • الازدواج الشعوري: يجمع الشاعر بين الرغبة في النسيان والتمسك بالذكرى، وبين الهروب والارتماء في الذكرى ذاتها.

الدلالة العامة:

  • القصيدة ترمز إلى الوفاء العاطفي، والارتباط الوجداني العميق، حتى بعد رحيل الحبيب. تعكس صراع الإنسان مع الذكرى، ومع محاولة تجاوزها، دون جدوى.

كلمات قصيدة لماذا أراك على كل شيء

إليكم كلمات قصيدة لماذا اراك على كل شي، وتشمل:

  • لماذا أراك على كل شيء بقايا.. بقايا؟
  • إذا جاءني الليل ألقاك طيفا..
  • وينساب عطرك بين الحنايا؟
  • لماذا أراك على كل وجه
  • فأجري إليك.. وتأبى خطايا؟
  • وكم كنت أهرب كي لا أراك
  • فألقاك نبضا سرى في دمايا
  • فكيف النجوم هوت في التراب
  • وكيف العبير غدا.. كالشظايا؟
  • عيونك كانت لعمري صلاة..
  • فكيف الصلاة غدت.. كالخطايا..
  • لماذا أراك وملء عيوني
  • دموع الوداع؟
  • لماذا أراك وقد صرت شيئا
  • بعيدا.. بعيدا..
  • توارى.. وضاع؟
  • تطوفين في العمر مثل الشعاع
  • أحسك نبضا
  • وألقاك دفئا
  • وأشعر بعدك.. أني الضياع
  • إذا ما بكيت أراك ابتسامه
  • وإن ضاق دربي أراك السلامة
  • وإن لاح في الأفق ليل طويل
  • تضيء عيونك.. خلف الغمامة
  • لماذا أراك على كل شيءٍ
  • كأنكِ في الأرضِ كل البشر
  • كأنك دربٌ بغير انتهاءٍ
  • وأني خلقت لهذا السفر..
  • إذا كنت أهرب منكِ .. إليكِ
  • فقولي بربكِ.. أين المفر؟!

شرح قصيدة لماذا أراك على كل شيء

القصيدة التي قدمتها هي قطعة شعرية وجدانية رائعة، تحمل مشاعر حب غامر، وفقد، وارتباك داخلي، وتدور حول فكرة التعلّق الوجداني العميق بالمحبوبة حتى بعد الفراق، لدرجة أن الشاعر يراها في كل شيء، وكأنها أصبحت جزءًا من كيانه.

فيما يلي شرح وتحليل الأبيات بالتسلسل:

"لماذا أراك على كل شيء بقايا.. بقايا؟.. إذا جاءني الليل ألقاك طيفًا.. وينساب عطرك بين الحنايا؟"

  • هنا يبدأ الشاعر بالتساؤل الحزين: لماذا لا يزال يرى أثرها في كل مكان؟ والليل رمز للهدوء والوحدة، لكنه لا يجلب السكون له بل يحضر طيفها، وعطرها يتغلغل في وجدانه، وكأنها لا تفارقه حتى بعد الغياب.

"لماذا أراك على كل وجه.. فأجري إليك.. وتأبى خطايا؟"

  • كل من يراه يذكّره بها، فيهرب نحوها رغم أن خطاياه تمنعه من اللقاء الحقيقي،"وتأبى خطايا" قد تشير إلى الذنب أو الندم أو الظروف التي تمنع العودة.

"وكم كنت أهرب كي لا أراك.. فألقاك نبضًا سرى في دمايا"

  • رغم محاولات الهروب والنسيان، يجدها متغلغلة في أعماقه، في دمه، في نبضه، وهي ليست ذكرى فقط، بل أصبحت جزءًا من تكوينه الجسدي والنفسي.

"فكيف النجوم هوت في التراب.. وكيف العبير غدا.. كالشظايا؟"

  • تساؤل شعري عن تحول الأشياء الجميلة إلى رماد، والنجوم رمز الأمل والنور، سقطت في التراب. والعبير (العطر) رمز الذكرى الطيبة، صار شظايا... دلالة على الألم بعد الفقد.

"عيونك كانت لعمري صلاة.. فكيف الصلاة غدت.. كالخطايا؟"

  • صورة عميقة: عيناها كانت طهارة ورجاء وسكينة، مثل الصلاة، ولكنه يسأل: كيف انقلبت تلك الصلاة إلى ذنب أو ألم أو حرقة؟ في تحوّل يعكس تناقض الحب والفقد.

"لماذا أراك وملء عيوني - دموع الوداع؟ - لماذا أراك وقد صرت شيئا - بعيدا.. بعيدا.. توارى.. وضاع؟"

  • الشاعر يرى صورتها رغم أنه يودّعها، وأصبحت بعيدة ماديًا، لكنها حاضرة وجدانيًا، والمفارقة القاتلة: يراها في قلبه، لكنه لا يستطيع الوصول إليها.

"تطوفين في العمر مثل الشعاع - أحسك نبضًا - وألقاك دفئًا - وأشعر بعدك.. أني الضياع"

  • المحبوبة مثل الشعاع، تنير حياته حتى وهي بعيدة، يراها دفئًا وطمأنينة، وبدونها يشعر بالضياع والانكسار.

"إذا ما بكيت أراك ابتسامة - وإن ضاق دربي أراك السلامة - وإن لاح في الأفق ليل طويل - تضيء عيونك.. خلف الغمامة"

  • هذا الجزء يعكس الجانب الملائكي في صورتها لديه، حتى في الألم والبكاء، يرى فيها الأمل والفرج، وعيونها كأنها نجوم تهديه حين تضيق الدنيا.

"لماذا أراك على كل شيءٍ - كأنكِ في الأرضِ كل البشر - كأنك دربٌ بغير انتهاءٍ - وأني خلقت لهذا السفر.."

  • يواصل تعبيره عن سيطرتها المطلقة على عالمه الداخلي، كأنها تمثّل كل الوجوه وكل الحياة، وكأن حياته كلها سفر في اتجاهها، لا نهاية له.

"إذا كنت أهرب منكِ .. إليكِ

  • فقولي بربكِ.. أين المفر؟! ختام بديع، يلخّص القصيدة كلها في مفارقة واحدة: يحاول الهروب منها، لكنه لا يجد إلا الرجوع إليها، كأنها قدره المحتوم.

الصور البلاغية في قصيدة لماذا أراك على كل شيء

القصيدة التي أوردتها تنتمي إلى شعر الوجد والحنين، وتحمل صورًا بلاغية مؤثرة تعبر عن الحب العميق، واللوعة، والارتباط الوجداني الشديد بالحبيبة التي تحولت إلى طيفٍ يلاحق الشاعر في كل شيء. إليك أهم الصور البلاغية والتشبيهات والاستعارات في القصيدة:

أولاً: الاستعارات

  1. "أغزوتَ عيني أم غزتك الأماكن؟": استعارة حيث شبه تأثير الحبيبة على الشاعر وكأنها "غزت" عينيه، أو أن الأماكن هي من غزته بسبب وجودها فيها، وهو تصوير جميل للتغلغل العاطفي في الوجدان.
  2. "أراك طيفًا": استعارة شبه فيها الحبيبة بالطيف الذي يتراءى له في الليل، للدلالة على البعد والحنين.
  3. "تطوفين في العمر مثل الشعاع": استعارة شبه الحبيبة بشعاع يطوف في حياته، للدلالة على النور والأمل.
  4. "أنك درب بغير انتهاء": استعارة تعني أن العلاقة بها لا نهاية لها، وكأنها قدر محتوم.
  5. "إذا ما بكيت أراك ابتسامة": استعارة تجمع بين التضاد (البكاء/الابتسامة)، للدلالة على قوة تأثيرها في تهدئة حزنه.
  6. "أحسك نبضًا" و"ألقاك دفئًا": مجازات واستعارات حسية تدل على القرب الروحي، حيث تحولت إلى شيء حيوي لا يفارق الجسد.

ثانيًا: التشبيهات

  1. "كأنك في الأرض كل البشر": تشبيه يوحي بأن الحبيبة أصبحت تمثل كل العالم بالنسبة للشاعر.
  2. "كأنك درب بغير انتهاء": تشبيه يعكس عمق العلاقة وصعوبة الانفصال عنها.
  3. "النجوم هوت في التراب": تشبيه حزين يصور فقدان الأمل أو انطفاء الجمال، وهو تشبيه بليغ ضمنيًا يدل على اختفاء البهجة بعد الفقد.

ثالثًا: الطباق والتضاد

  1. الليل / طيف، بكيت / ابتسامة، ضاق / السلامة، ضياع / دفء
  2. استخدام الطباق يزيد من عمق المعنى ويوضح مدى تأثير الحبيبة في تقلبات مشاعره.

رابعًا: تكرار "لماذا أراك؟"

  • تكرار السؤال البلاغي "لماذا أراك؟" يعبر عن الحيرة والعجز العاطفي في التخلص من الذكرى، ويعزز الوقع النفسي.

خامسًا: الجناس والتوازن الموسيقي

في قول الشاعر:

"لماذا أراك وملء عيوني
دموع الوداع؟
لماذا أراك وقد صرت شيئا
بعيدا.. بعيدا..
توارى.. وضاع؟"

نلاحظ استخدام التكرار الصوتي والجناس الناقص (بعيدا / ضاع) مما يُضفي موسيقى حزينة عذبة.

مؤلف قصيدة لماذا أراك على كل شيء

مؤلف قصيدة "لماذا أراكِ على كل شيءٍ؟" هو الشاعر المصري فاروق جويدة، أحد أبرز شعراء الرومانسية في العصر الحديث.

نبذة عن الشاعر فاروق جويدة:

  • الاسم الكامل: فاروق محمد جويدة
  • الميلاد: 1946، محافظة كفر الشيخ، مصر
  • المهنة: شاعر، وكاتب صحفي، وعمل لفترة طويلة في جريدة الأهرام
  • الأسلوب: يمتاز شعره بالرومانسية، والوجدانية، وصدق العاطفة، إضافة إلى لغته العذبة والصور البلاغية الرقيقة.

من أبرز دواوينه:

  • "في عينيك عنواني"
  • "ويبقى الحب"
  • "لأني أحبك"
  • "دائما أنت بقلبي"
  • "من قال إن النفط أغلى من دمي"
  • "أوراق من حديقة أكتوبر"

وما لي أراك في كل الوجوه؟ أغزوت عيني أم غزتك الاماكن! لماذا أراك في كل شيء ؟ كأنك في الارض كل البشر

هذا المقطع الشعري يحمل طابعًا وجدانيًا عميقًا، وينتمي إلى الشعر العاطفي الصوفي أو الغزلي التأملي، حيث يمتزج فيه الحب بفكرة التجلّي والهيمنة العاطفية الكاملة للحبيب على وجدان المتكلم، دعني أشرح لك الأبيات بيتًا بيتًا:

  • "وما لي أراك في كل الوجوه؟": يتعجب الشاعر من رؤية محبوبه في وجوه كل الناس، وكأنه طارئ على روحه لا يغيب، أو كأن رؤيته أصبحت انعكاسًا نفسيًا دائمًا.
  • "أغزوت عيني أم غزتك الأماكن!": يسأل سؤالاً بلاغيًا: هل اقتحمتَ عيني فصرت أراك دائمًا؟ أم أن الأماكن صارت تحاكيك، فتذكرني بك أينما ذهبت؟ فيه صراع بين الإدراك الداخلي والخارجي، بين "رؤية القلب" و"رؤية العين".
  • "لماذا أراك في كل شيء؟": يواصل تعجبه من هذا التماهي الكلي بين المحبوب وكل ما يراه، في كل الكائنات وكل التفاصيل، كأن وجود الحبيب أصبح مرادفًا للوجود نفسه.
  • "كأنك في الأرض كل البشر": تشبيهٌ بلاغي قوي، يوحي بأن المحبوب اتسع وجوده الرمزي حتى صار يشبه جميع البشر، أو أن الشاعر فقد القدرة على التمييز، فاختزل العالم كله في شخص واحد.
قصيدة "لماذا أراكِ على كل شيء؟" ليست مجرد كلمات حب، بل هي حالة وجدانية عميقة تعبّر عن التعلق الوجداني والانصهار العاطفي في تجربة الحب. بأسلوبه المرهف، يُجيد فاروق جويدة ترجمة مشاعر الحنين والافتقاد في أبيات تلامس القلوب، وتبقى خالدة في ذاكرة الشعر العربي الحديث.

للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط

تم النسخ
لم يتم النسخ