كيف أعرف أني مريض نفسياً
كيف أعرف أني مريض نفسياً .. البداية
في البداية يجب عليك أن تدرك أن المرض النفسي ليس عيباً، وأن النفس تمرض كأي عضو في الجسم، مثله في ذلك مثل الصدر والعظام والكلى وغيرها من الأعضاء.
ولكن الفارق بين المرض النفسي والمرض العضوي، أن الأعراض الجسدية تختلف في حالة المرض النفسي من شخص لآخر، فالمرض النفسي ليست أعراضه واحدة على كل المرضى في كل الأحيان، فهناك مريض تظهر عليه أعراض المرض النفسي العضوية في رعشة يدين، أو في حركة لا إرادية في عينيه، أو في تصرف معين أو سلوك يتكرر معه في ظروف معينة.
فعليك عزيزي القارئ أن تدرك تلك الحقيقة تماماً، وأن تعلم أنه كلما كان الاعتراف بالمرض النفسي مبكراً كلما كان الوقت اللازم للعلاج أقل، وكلما كان الاعتراف بالمرض النفسي متأخراً كلما احتاج لوقت أطول.
فسارع عزيزي القارئ في الاعتراف بما تراه في نفسك، ولا تتخذ لك من المبررات الواهية التي تؤخرك عن الحصول على العلاج في الوقت المناسب.
أولى الخطوات .. اجعل لنفسك وقتاً يومياً للمصارحة:
في البداية يجب أن تجلس مع نفسك جلسة مصارحة ومكاشفة نفسية، يجب أن تكون تلك الجلسة في أمان تام، فلا يكون معك أحد ولا تخشى أن يسمع صوتك أي إنسان، يجب أن تشعر بالأمان الكامل في تلك الجلسة.
واعلم أن تلك الجلسة ليست لجلد الذات والاعتراف بالأخطاء، ولا لإهانة نفسك أو غيرك، أو تبادل الشتائم بينك وبين الآخرين، فكل ذلك ليس هدف تلك الجلسة اليومية.
ولكن الهدف هو إعطاء الفرصة المناسبة للتفريغ النفسي، ويفضل أن يكون ذلك في مسجل صوت أو كتابة، لأن ذلك يساعدك في التحليل النفسي لما تقوله بعد ذلك، وهذه الخطوة سنشرحها في السطور القادمة، المهم أنك تحاول أن تمسك بأي وسيلة تسجيل، وإذا كنت لا ترغب في ذلك، فلا يشترط أن يكون ذلك في أول جلسة.
تحدث مع نفسك بالطريقة المناسبة:
عند القيام بتلك الجلسة يجب أن تكون محادثتك لنفسك بطريقة تتسم بالاحترام والحنو والتقدير، حتى في تلك الأوقات التي تعترف فيها بالأخطاء في حق نفسك وفي حق الآخرين.
فأنت في تلك الجلسة لست في محاكمة تنتظر العقاب، ولكن في جلسة تنتظر الكشف عن العلاج، فلا تأخذك مشاعر الخجل والخزي من نفسك لحالة من حالات احتقار نفسك أو تحطيم ذاتك، فهذا غير حقيقي، فيجب عليك أن تدرك أن البشر كلهم معرضون للخطأ ولكن المهم من يكتشف هذا الخطأ ويسارع في العلاج وتدارك الخطأ.
حاول أن تكون صديقاً لنفسك:
في تلك الجلسة ربما وجدت نفسك تقوم بأعمال جنونية، لا تتعجب، ربما تقمصت العديد من الأدوار، ربما وجدت نفسك تنصح نفسك وتلومها، ولكن يجب أن يكون كل ذلك في إطار من الصداقة والود والحب بينك وبين نفسك، فالهدف من هذا الاجتماع بينك وبين نفسك هو الكشف عما بداخلك، وتصحيح الأخطاء التي قد تراها تكشفها في تلك الجلسة.
لا تحاول أن تتخذ القرارات الحاسمة من أول جلسة، فالمعلومات لازالت في بدايتها ولا يوجد ما يمكن بناء قرارات حاسمة عليه، وربما وضحت الصورة من أول جلسة ولكن هذا الأمر لا يتكرر كثيراً في مثل تلك الظروف.
استمع واقرأ جيداً:
في انشغالات الحياة ربما لم يسعفنا الوقت للجلوس مع أنفسنا للنظر فيما حدث لأنفسنا في تلك الحياة، فالضغوط النفسية والمتطلبات الحياتية تأخذنا في صراع مع الوقت والحياة بشكل يجعلنا في حالة عدم اهتمام بصحتنا النفسية.
فاعلم أن معلوماتك التي جمعتها اليوم من تلك الجلسة هي من أهم المعلومات التي تعوضك عن فترات التقصير في حق صحتك النفسية، فتلك المعلومات مثل تحليل الدم والسكر والفحوصات التي يطلبها منك الطبيب في الأمراض العضوية، فبدونها لن تستطيع الكشف عما بداخل الشعور ولا اللاشعور لديك، ولن تستطيع الحكم على صحتك النفسية.
اربط المعلومات ببعضها البعض:
حين تقرأ أو تسمع لتسجيلاتك عن نفسك، حاول أن تربط كلماتك بماضيك، وبمواقفك، ربما احتجت إلى تسجيلات أخرى تحلل فيها معلوماتك بشكل أدق، ربما احتجت إلى استكمال معلوماتك عن نفسك من آخرين عاصروا أحداثاً معينة، أو وجدت علامة استفهام جعلتك تعيد النظر في حكمك على أمر من الأمور.
يحدث ذلك عادة عندما يوضع الإنسان في نفس الموقف الذي ينتقده، فمثلاً نجد الكثير من الآباء يقولون أنهم لم يشعروا بمعاناة آبائهم إلا عند إنجابهم للأطفال، ففي تلك الحالة نجد أن الحكم تغير بشكل كبير عندما تم تزويد الوعي بمعلومات واقعية صحيحة.
ابدأ في الوصول للنتائج عن نفسك:
لا تقم بتلك الجلسة مرة أو مرتين، بل اجعلها عادة يومية لديك، وذلك حتى تتأكد من النتائج التي وصلت إليها في تلك الجلسات، فمع تكرار الجلسات مع نفسك، ستجد أن هناك نتائج تكررت، ونتائج لم تتكرر، وأخرى تطورت، المهم أن تلك النتائج هي التي ستحسم الإجابة عما إذا كنت مريضاً نفسياً، أو لديك بعض الاضطرابات النفسية أو إنساناً طبيعياً يواجه بعض الضغوط الحياتية.
كيف أعرف أني مريض نفسياً.. وعلامات المرض النفسي
وبشكل عام هناك علامات للمرض النفسي، فإذا كنت تعاني من أعراض الاضطراب والقلق أو كنت تعاني من وجود بعض الأفكار التي لا تستطيع التوقف عنها وتفرض نفسها عليك بشكل إدماني، ويكون ذلك بشكل مستمر ولا مبرر له فإن هذا يعني أنك تحتاج لمساعدة مختص لعلاج تلك الأعراض.
وسيحتاج المختص لنتائج تلك الجلسات لكي يجمع معلومات أكبر عنك في سبيل تحقيق العلاج المناسب لك.
هل تستطيع علاج نفسك بنفسك؟
الجلسات التي وصفناها في تلك المقالة ربما ساعدتك على تحقيق ذلك، ففي بعض الحالات لا يحتاج المريض إلا لتحقيق حالة الاستبصار بنفسه وجمع المعلومات الصادقة عن ماضيه وحاضره وعن سلوكياته في بعض الأمور، بحيث أنه بعد ذلك يكون قادراً على تحديد كما من الأخطاء ويكون مؤهلاً لتغيير تدريجي في سلوكياته حسب البرنامج التدريبي الذي سيضعه بنفسه.
والبرنامج التدريبي للعلاج هو ما قد يحتاج فيه المريض لمختص يساعده في صنع هذا البرنامج وقد يساعده ببعض العلاجات الكيميائية، ولكن ربما نجح الإنسان في جمع المعلومات اللازمة عن هذا التدريب لنفسه في بعض الحالات.
للإستفادة من هذا المقال انسخ الرابط
https://mafahem.com/sl_6750